وفد من طلاب جامعة حلوان يزور بانوراما حرب أكتوبر احتفالاً بذكرى النصر    بيع 59.265 سيارة خلال ال 8 أشهر الأولى من 2024    ما الأهداف التي قد تهاجمها إسرائيل ردا على هجوم إيران الصاروخي الأخير؟    ظُلمت لحسابات شخصية.. لاعب الزمالك يعلن فسخ تعاقده    وزير الرياضة يطمئن على جاهزية استاد القاهرة لاستضافة مباراة مصر وموريتانيا    أحلام ممرض المنيا انتهت بكابوس.. حكاية مقتل مينا موسى والتمثيل بجثته    ضمن مبادرة بداية جديدة.. فعاليات متنوعة لهيئة الكتاب في معرض دمنهور السابع    الفنان محمد الطوخي يقدم ليلة طرب في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    توافد أعضاء حزب العدل للتصويت في انتخابات الهيئة العليا    "بسبب تأجير الملعب".. إلغاء مباراة في الأسبوع الأول لدوري السيدات (مستند)    محافظ بيروت: حجم الأضرار في العاصمة اللبنانية وضاحيتها الجنوبية كبير جراء العدوان الإسرائيلي    الأمين العام السابق لحلف الناتو ينس ستولتنبرج يتحدث عن أوكرانيا    6 أكتوبر فخر الأمة المصرية    رئيس وزراء ولاية بافاريا يزور منطقة الأهرامات    مركز التأهيل الشامل بشربين يستضيف قافلة طبية مجانية متكاملة    النجمة الفرنسية ماريان بورجو : محمود حميدة عملاق وأنا من جمهوره    الطب البيطري بدمياط: ضبط 88 كيلو لحوم مذبوحة خارج المجازر الحكومية    شركات عالمية ومصرية وإماراتية.. تفاصيل إطلاق شراكة لتعزيز الابتكار في المركبات الكهربائية الذكية    المرصد العربي يناقش إطلاق مؤتمرًا سنويًا وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    «الداخلية» تحرر 591 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة».. وتسحب 1536 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    مستوطنان إسرائيليان يقتحمان المسجد الأقصى ويؤديان طقوسا تلمودية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عسكريين اثنين في معارك جنوب لبنان    «الجمارك» تكشف موقف سيارات المعاقين الجديدة غير المفرج عنها    أعضاء حزب العدل في المحافظات يتوافدون للتصويت في انتخابات الهيئة العليا    حياة كريمة ببنى سويف: مبادرة بيع اللحوم بأعلى جودة وأقل سعر تحارب الجشع    رهبنة مار فرنسيس للعلمانيّين في لبنان... منتسِبة تروي اختبارها الروحانيّ    واعظ بالأزهر: الله ذم الإسراف والتبذير في كثير من آيات القرآن الكريم    الشوط الأول.. الأهلي يتقدم على الزمالك في أول قمة تاريخية لكرة القدم النسائية المصرية    الأنبا توماس يستقبل رئيس وزراء مقاطعة بافاريا الألمانية    جيفرسون كوستا: أسعى لحجز مكان مع الفريق الأول للزمالك.. والتأقلم في مصر سهل    «وما النصر إلا من عند الله».. قافلة دعوية ببني سويف تزامنًا مع احتفالات أكتوبر (صور)    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    وزارة الثقافة تحتفي بنصر أكتوبر على مسرح البالون    قناة السويس تكشف حقيقة بيع مبنى القبة التاريخي    «العمل» تعلن 4774 فُرصة عمل تطبق الحد الأدنى للأجور في 15 محافظة    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بالغربية    «جولة مفاجئة وتفتيش بالمخازن».. وكيل صحة مطروح يحيل مشرفي تمريض بمستشفى للتحقيق    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    سليمان: زيزو أيقونة زملكاوية.. وبنتايك مثقف جدا    عادل حمودة: أحمد زكي كان يندمج في التمثيل إلى درجة المرض النفسي    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    بالصور- ضبط 4.5 طن لحوم ودواجن فاسدة بالمنوفية    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    تراجع أسعار الحديد اليوم الجمعة 4-10-2024 بالأسواق.. كم يسجل الطن الآن؟    ضمن «حياة كريمة».. فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    فحص 1703 مواطنين في قافلة طبية ببني سويف    في يوم الابتسامة العالمي.. 5 أبراج تحظى بابتسامة عريضة ومتفائلة للحياة    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    تحقيق عاجل في مصرع وإصابة 7 في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق مصر إسكندرية الصحراوي    اللجنة الأولمبية الجزائرية: ما يحدث مع إيمان خليف حملة ممنهجة    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    سعر السمك والجمبري بالأسواق اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024    لازم يتجوز.. القندوسي يوجه رسائل إلى كهربا لاعب الأهلي (فيديو)    هل يجوز الدعاء للزواج بشخص معين؟ أمين الفتوى يجيب    دعاء أول فجر في ربيع الثاني.. «اللهم بارك لنا في أعمارنا»    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة الاجتماعية المنسية

يستنكر الكثيرون الاضرابات المطلبية التي تدعو إلي تحسين الأحوال المعيشية لفئات عديدة في المجتمع المصري‏,‏ ويطالبون القائمين علي هذه الإضرابات بتأجيلها إلي أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية للبلاد‏,‏ ويفوت هؤلاء أن هذه الإضرابات تأتي تعبيرا عن عدم قدرة فئات عديدة في المجتمع علي مواصلة الحياة بدخولهم المتواضعة التي لا تمكنهم من تلبية الحاجات الأساسية والضرورية لأسرهم من مأكل وملبس وسكن وعلاج وتعليم.
وهي فئات متنوعة للغاية لا تقتصر علي العمال والموظفين بل تشمل أيضا الاطباء والمعلمين والصيادلة وغيرهم, كما أن السلطة الجديدة بعد ثورة يناير لا تعطي البعد الاجتماعي اهتماما يذكر فأصبحت العدالة الاجتماعية وهي احد المطالب الأساسية لثورة يناير منسية أو علي أحسن الأحوال مؤجلة, رغم ما أشار إليه الدكتور محمد البرادعي من أن نسبة 90% ممن قاموا بالثورة ثار لأنه لا يعمل ومش لاقي يأكل وماعندوش سكن, وأن المواطن العادي يشعر بقلق شديد لأنه لم يسمع شيئا عن أسبقيات السكن والغذاء والرعاية الصحية والتعليم عند السلطة الجديدة. فضلا عن أن هؤلاء المواطنين يغضبهم كثيرا الفوارق الطبقية الهائلة في البلاد, حيث لا يزيد دخل كثير من الأسر عن مائتي جنيه في الشهر بينما هناك من يتقاضي مليون جنيه مرتبا شهريا, ناهيك عن دخول كبار الملاك الصناعيين والزراعيين, وهو ما لخصه بكل بلاغة الدكتور أحمد كمال أبو المجد أن البلد موزعة بين الفقر المذل والثراء المضل. وهكذا فإنه من العدل أن نطالب السلطة الجديدة التي تولت إدارة البلاد بعد ثورة 25 يناير أن تتخذ إجراءات عاجلة لتحسين أوضاع الأغلبية التي تعاني صعوبات الحياة, بدلا من أن نطالب هؤلاء بالتوقف عن المطالبة بحقوقهم الضائعة في وقت ينعم فيه الآخرون بالرفاهية وما هو أكثر.
ونحن عندما نطالب بوضع العدالة الإجتماعية ضمن الأولويات إنما نعني اتخاذ ترتيبات تضمن أن يتمتع كل من يولد علي أرض مصر بفرصة متكافئة في الحياة بصرف النظر عن الوضع الاجتماعي أو الدين أو النوع وتقوم هذه الفرصة المتكافئة علي أعمدة أساسية ستة هي: التغذية والصحة والسكن والتعليم والعمل والأجر أو المعاش, هذا هو المقصود بالعدالة الاجتماعية التي لا يمكن أن يستقر المجتمع بدون فتح الباب أم ترجمتها عمليا من خلال الموازنة العامة للدولة ومن خلال التشريعات المنظمة لعلاقات العمل ولأحوال الناس.
يكفي هنا للتدليل علي أهمية هذا المطلب الإشارة إلي الأوضاع الظالمة الموروثة من العهد البائد التي يعيش في ظلها معظم المواطنين وخاصة سوء توزيع الدخل القومي حيث لا يزيد نصيب العاملين بأجر وهم أغلبية الشعب علي 20% من الدخل القومي, بينما يحصل الملاك, وهم أقلية, علي أكثر من 80% من الدخل القومي, وفي هذا الإطار فإن أفقر 20% من السكان يستحوذون علي 8% فقط من الدخل القومي, بينما يستحوذ أغني 20% من السكان علي 45% من الدخل القومي, وقد ارتفعت نسبة الفقراء في مصر إلي ما يقرب من نصف السكان, والمقصود بالفقر هنا هو مستوي الدخل الذي لا يعتبر كافيا للاحتياجات الأساسية اللازمة لبقاء الفرد بما يشمله من تغذية مناسبة, وإمكانية الوصول إلي مياه شرب صحية والحماية من الأمراض غير الضرورية ومن الموت والحماية من الجهل. ويضاف إلي الفقراء الفئات المهمشة الذين يتجاوز عددهم 15 مليون نسمة يسكنون مناطق عشوائية لا ينعمون بالعمل المنتظم أو السكن الصحي أو المرافق العامة. هذه الفئات هي المصدر الأساسي لعمالة الأطفال وأطفال الشوارع بكل ما يترتب عليه من مشاكل يضاف إلي هؤلاء جميعا العاطلون عن العمل والذين يزيد عددهم علي ثلاثة ملايين شاب وفتاة معظمهم من المتعلمين خريجي الجامعات والمدارس الثانوية.
من أهم النتائج المترتبة علي هذه الظواهر وغياب العدالة الاجتماعية أنه أصبح هناك سوقان للعمل, السوق الأولي للأغنياء وأبنائهم حيث يجدون فرصهم في البنوك وقطاع البترول والشركات الاستثمارية والبورصة والشركات متعددة الجنسية. والسوق الثانية للفقراء وأبنائهم حيث لا يجدون فرص العمل غالبا وإذا توافرت فهي في القطاع الحكومي والإدارة المحلية والقطاع غير المنظم.
من هنا فإن الحكومة مطالبة بإعطاء أولوية لمعالجة هذه الأوضاع الظالمة من خلال:
إعادة توزيع الدخل القومي علي أسس عادلة بما في ذلك وضع نظام عادل للأجور يتضمن حدا أدني للأجور يكفي لمعيشة كريمة لأسرة من أربعة أفراد لا يقل عن 1200 جنيه شهريا, وحدا أقصي لا يتجاوز خمسة عشر ضعف الحد الأدني, وزيادة الإنفاق في الموازنة العامة علي الصحة والتعليم والإسكان وتطوير نظام التأمينات الاجتماعية ليشمل كل الفئات الضعيفة.
خفض الإنفاق غير الضروري في الموازنة العامة مثل الإنفاق علي الأمن المركزي والحرس الجمهوري والعلاقات العامة.
زيادة الاستثمار بما يكفي لتحقيق معدلات نمو لا تقل عن 6% سنويا.
رفع المستوي المهاري للداخلين الجدد إلي سوق العمل, وإعادة النظر في سياسة التدريب لربطها بفرص العمل الجديدة وإنشاء مجلس أعلي لتنمية الموارد البشرية يشرف علي هذه العملية.
إعطاء أولوية في البرامج الاستثمارية والاجتماعية لاستئصال الفقر. وقبل هذا كله بإمكان الحكومة تنظيم لقاءات مع ممثلي الفئات المختلفة للتعرف علي مطالبهم ووضع جدول زمني بالأولويات ليطمئنوا علي أن مشاكلهم في طريقها للحل عبر فترة زمنية مناسبة, وهنا يطرح السؤال الذي يتصور أصحابه أنهم يوجهون به الضربة القاضية إلي أنصار العدالة الاجتماعية من أين تأتي الموارد التي تكفي لتمويل هذه الإجراءات. والإجابة ببساطة تأتي بها من القادرين, لأن هذا المجتمع لن تستقر أوضاعه ما لم يقم الأغنياء بمسئوليتهم الاجتماعية, ولن تكون ثرواتهم بأمان مالم يتحقق لهذا المجتمع الاستقرار بأن يمولوا من فائض أموالهم ما يكفي لسد الاحتياجات الضرورية لأغلبية الشعب. وهناك العديد من الإجراءات التي يمكن أن تحقق هذا الغرض مثلا:
فرض ضريبة علي الأرباح علي المعاملات الرأسمالية التي لا يبذل فيها جهد مثل الاستثمار العقاري في شراء وبيع أراضي البناء وعلي المعاملات في البورصة, وفرض شرائح جديدة تصاعدية في الضريبة العامة تتجاوز عشرين في المائة لتصبح 25%,30%,35%, بالنسبة للأرباح التي تتجاوز ملايين الجنيهات سنويا.
مراجعة اعتمادات الدعم, وخاصة دعم الطاقة التي يتمتع بها القادرون.
مراجعة عقود استخراج وتصدير البترول والغاز.
بهذه الإجراءات لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير التمويل الكافي لها من الأغنياء ومن خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية يمكن أن نوفر للمجتمع قدرا كبيرا من الاستقرار ونفتح الباب في نفس الوقت لتأهيل الإنسان المصري لمتطلبات العصر بحيث يصبح عنصرا منتجا قادرا علي الإضافة إلي ثروات البلاد.
المزيد من مقالات عبدالغفار شكر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.