تعتبر قنا من أكبر محافظات الوجه القبلي من حيث كثافة سكانها, مسلمين وأقباطا, يعملون معا من قديم الأزل في الزراعة والتجارة والصناعة, وكل الحرف والمهن الأخري, ويعيشون حياة المشاركة اليومية في جميع جوانب أمورهم الحياتية, ويتعلم أبناؤهم معا بداية من مرحلة الطفولة, ومراحل التعليم المختلفة حتي الجامعات, ويشتركون معا أيضا في إحياء احتفالاتهم الدينية والاجتماعية, واستطاعت قنا علي مدي تاريخها الطويل أن تقدم للوطن نجوما في السياسة, والقانون, والفكر, والشعر, والأدب كانوا يؤمنون جميعهم بأن الثقافة هي الطريق الأوحد للتقدم, وتنمو الثقافة وتزدهر في قنا تدريجيا بمساعدة ومشاركة جهتين هامتين اولها هيئة قصور الثقافة في القاهرة, وثانيها رعاية محافظ قنا للثقافة ثم دور مدير الثقافة في هذا الشأن, تتضافر جهود الجميع من أجل إقامة نهضة ثقافية مرتقبة بالمحافظة, وقد أعادني ذلك التلاحم بين كافة هذه الجهات للحكمة التي كان يرددها دائما كاتبنا الكبير الراحل سعد الدين وهبة, الذي شهدت الثقافة الجماهيرية أزهي فترات تألقها في عهده, بأن ازدهار الثقافة وإخفاقها في الأقاليم يرتبط بمدي حماس وحب المحافظين للثقافة من عدمه, فهناك محافظ يضع الثقافة علي رأس قائمة اهتماماته الأولي, ويري أنها مفتاح التنمية في الأقاليم, وبدونها لا تتحقق, وأن الإنسان الذي يملك قدرا كبيرا من الثقافة هو وحده القادر علي الإسهام في بناء مجتمعه, وجيلنا لا ينسي قرار سعد الدين وهبة الشجاع عندما ألغي مشاركة الثقافة الجماهيرية في احتفال إحدي محافظات الوجه البحري بعيدها القومي, وهو في طريقه علي رأس وفد يضم نحو ثلاثين أديبا وناقدا وإعلاميا وفنانا بعد أن علم, وهو علي مشارف المدينة, أن المحافظ أغلق قصر ثقافة أحد المراكز واستبدله بجمعية استهلاكية لبيع اللحوم المستوردة والمواد الغذائية, فعاد بالوفد إلي القاهرة فورا, وتسبب هذا الموقف في فشل الاحتفال, وأستطيع من خلال زيارتنا الأخيرة لقنا ووقوفنا علي الحركة الثقافية أن نعرض ملاحظاتنا عليها مع بعض مقترحاتنا أيضا, بهدف تحقيق انطلاقة أوسع لثقافة الأقاليم بصفة عامة في المرحلة المقبلة: في البداية يمكن القول, وبكل أمانة: إن محافظة قنا زاخرة بمبدعين واعدين شبان في كتابة القصة, والرواية, والأدب, والشعر, والرسم, والموسيقي, والغناء, ويحتاجون لمن يأخذ بأيديهم إلي عالم الشهرة والأضواء لتحقيق طموحاتهم, فبرغم من حصولهم علي جوائز وشهادات تقدير في المناسبات والأعياد القومية التي تقيمها المحافظة, فإنهم يشعرون بنوع من الإحباط وفقدان الأمل في وصول إبداعاتهم إلي القاهرة, ولديهم إحساس دائم بأن مواهبهم ستبقي حبيسة داخل حدود قنا حتي آخر العمر. هؤلاء المبدعون يحتاجون لاختيار نماذج من مصنفاتهم الأدبية في القصة والشعر والرواية وغيرها لكي تصدر في كتيبات أو دواوين شعر ضمن مطبوعات هيئة قصور الثقافة, أو هيئة الكتاب لتكون بين أيدي القراء والنقاد لتحليلها, بحيث لا يعامل هؤلاء المبدعون معاملة المبتدئين, فهم كتاب وشعراء لهم مكانتهم في الساحة الثقافية والأدبية, لكن ظروفهم هي وحدها التي وضعتهم بعيدا عن الأضواء. ليلة جنوبي: ليلة جنوبية قنائية بدار الأوبرا في القاهرة تتضمن عرضا للفنون الشعبية القنائية, ومعرضا للفن التشكيلي, وعرضا لكورال أطفال قنا205 أطفال مسلمين ومسيحيين, وتختتم الليلة بأمسية للشعر للمقيمين في قنا, وأخيرا: أن يصدر وزير الثقافة تعليماته بتوفير الاعتمادات المالية والفنية اللازمة لإعادة افتتاح مسرحي قصر ثقافة قنا ونجع حمادي, وكان قد تم إغلاقهما عقب حادث حريق قصر ثقافة بني سويف يوم5 سبتمبر2005, وتوقف العمل بهما نهائيا لحين استكمال اشتراطات الدفاع المدني. المزيد من مقالات مصطفى الضمرانى