سودان ثالث ؟ وضعت حكومة الخرطوم نفسها في مواجهة مبكرة مع المسلحين الموالين للحركة الشعبية لتحرير السودان/ قطاع الشمال في جنوب كردفان والنيل الأزرق بلجوئها للقوة المسلحة لنزع سلاحهم وتحدثت عن انتصار ساحق من السابق لأوانه التحقق من صحته, وأخطأت الحركة بإشهارها السلاح في وجه الحكومة استعجالا لنيل مطالبها معولة علي دعم الخارج وحكومة الجنوب في محاولتها لي ذراع الخرطوم فكانت النتيجة إعلان حالة الطواريء وطرد مالك عقار والي النيل الأزرق من منصبه واستبداله بحاكم عسكري ومطاردة أفرادها في الجبال. اتفاقية نيفاشا التي أوقفت رحي الحرب الأهلية في الجنوب عام 2005 تنص علي حكم ذاتي موسع لما عرف بالمناطق المهمشة بتطبيق مبدأ المشورة الشعبية في النيل الأزرق وجنوب كردفان لأخذ رأي سكانهما فيما اذا كانت الاتفاقية تلبي طموحاتهم في تقاسم السلطة والثروة, وكذلك منح أبيي حق تقرير البقاء مع الشمال أو العودة للجنوب في استفتاء لم يتم. لكن الخلافات عطلت التنفيذ.. فبينما يقول قادة الحركة ان المشورة ترقي الي حق تقرير المصير وملزمة للحكومة يقول قادة حزب المؤتمر الحاكم في الخرطوم انها مجرد استطلاع رأي غير ملزم. هنا زادت مخاوف أبناء تلك المناطق من أن تضيع هويتهم الثقافية والدينية الأقرب الي ثقافة الجنوبيين منها الي الشماليين أو أن تطبق أحكام الشريعة الإسلامية عليهم. وبدأ البعض يهدد بالمطالبة بحق تقرير المصير إذا تم إجراء أي تعديلات علي الدستور أو اتخاذ أي إجراءات لا يوافق عليها أهالي الولايتين الملاصقتين لدولة الجنوب. وبدلا من العمل لتهدئة المخاوف حظرت حكومة الخرطوم نشاط الحركة ردا علي إعلان قادتها اعتزامهم العمل مع المعارضة لإسقاط حكم البشير, الأمر الذي قد يدفعها للعمل السري مستخدمة المسلحين المنتشرين في الولايتين عوضا عن السياسة والحوار لتحقيق أهدافها.والقلق الآن من أنه اذا استمر تباطؤ الخرطوم في تلبية المطالب المشروعة لأهالي الولايتين وتحركت جهات خارجية لمساعدة المتمردين فمن المحتمل أن يتحالفوا مع متمردي دارفور مكونين جبهة عريضة تطالب بتقرير المصير مهددة بانقسام السودان مرة ثانية, خاصة أن دارفور ملاصقة لجنوب كردفان. المزيد من أعمدة عطيه عيسوى