مصادر بالمركزي: انتظام خدمة إنستاباي بعد إصلاح عطل بسيط في السيستم    غارة إسرائيلية جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت    خرجت عن السيطرة، وسائل إعلام أمريكية تكشف المستور بين الولايات المتحدة وإسرائيل    بالأدلة، وكيل القندوسي يدافع عن تصريحات اللاعب ضد الأهلي    مدير سيراميكا عن – مفاوضات الزمالك مع أحمد رمضان.. وتفضيل عرض بيراميدز على الأبيض ل أوجولا    "شكوى ستؤدي لإيقاف القيد".. مصدر يكشف ليلا كورة خطوة جديدة من أشيمبونج ضد الزمالك    وفاة جورج قرداحي في القصف الإسرائيلي على لبنان.. ما حقيقة الأمر؟    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    لبنان.. غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية بعد إنذار لإخلاء مبان في برج البراجنة    قصف إسرائيلي على غزة يسفر عن استشهاد 6 فلسطينيين وإصابة آخرين    آخر تطورات الوضع في لبنان.. استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية وتجمعات جنود الاحتلال    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تراجع أسعار الذهب في محلات الصاغة بنهاية تعاملات الجمعة.. هل يواصل الانخفاض؟    ميدو: تصريحات القندوسي غير منضبطة وتحرك الأهلي «هايل»    ميدو: عدم الاستعانة ب سام مرسي في المنتخب أمر غير منطقي    ميدو يفجر مفاجأة بشأن مفاوضات الزمالك مع ماييلي    اندلاع حريق داخل مصنع بالمرج    فيسبوك ينفي شائعة "من زار بروفايلك" ويعلن عن تحديثات جديدة    حبس تشكيل عصابي متخصص في سرقة أسلاك الكهرباء واللوحات المعدنيه بالأأقصر    إجراء تحليل مخدرات لسائق أتوبيس تسبب في إصابة 8 أشخاص بالسلام    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    جثة على رصيف 10 بمحطة مصر.. والشرطة تحدد هويته    عطل يصيب خدمات تحويل الأموال ل"إنستاباي وفودافون واتصالات" عبر الموبايل    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    «شكِّل حلمك».. أعمال فنية تدعو للسلام    دينا ريحان تمثل مصر في معرض "روسيا وأعضاء بريكس في بعد ثقافي" - (صور)    دعاء قبل صلاة الفجر لقضاء الحوائج.. ردده الآن    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    الجيش الأمريكي: نفذنا 15 غارة جوية على أهداف مرتبطة بجماعة الحوثي اليمنية    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    عبداللطيف: طه إسماعيل قام بالصلح بيني وبين محمد يوسف بعد إصابتي في سوبر 94    إعلام إسرائيلي عن مسؤولين أمريكيين: يبدو أن الهجوم الإسرائيلي على إيران بات "وشيكا"    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    هيغضب ويغير الموضوع.. 5 علامات تدل أن زوجك يكذب عليكي (تعرفي عليها)    لمدة 5 أيام.. موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2024 وحقيقة تبكيرها (تفاصيل)    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    عز يرتفع من جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 5 أكتوبر 2024    «بيضة في اليوم».. عمرو أديب: «لو عندك 3 عيال محتاج 600 جنيه في الشهر بيض بس»    المصرية للاتصالات: جاهزون لإطلاق خدمات شرائح المحمول eSim    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    تناولت مادة غير معلومة.. طلب التحريات حول إصابة سيدة باشتباه تسمم بالصف    «هدوء ما قبل العاصفة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم حتى الخميس (تفاصيل)    المرصد السوري: انفجاران منفصلان يهزان مدينة تدمر بريف حمص الشرقي    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    تفاصيل الحلقة الأولى من "أسوياء" مع مصطفى حسني على ON    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    حقيقة إلغاء الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية.. التعليم تحسم الجدل    واعظ بالأزهر: الله ذم الإسراف والتبذير في كثير من آيات القرآن الكريم    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناع الخيامية في القاهرة

فى منطقة الخيامية ثلاث سنوات قضاها كيم بيمش المخرج الاسترالي للانتهاء من فيلمه الوثائقي الطويل "صناع الخيام في القاهرة"، تلك الفترة التي اقترب فيها من حياة فناني الخيامية بل غاص بعمق في أدق تفاصيلها وتفاصيل حرفتهم التراثية التي يجاهدون للحفاظ عليها والاستمرار فيها بعد أن هجرها كثيرون بسبب ما تعانيه من مشكلات، من بينها تلك الأزمات المالية التي كادت تعصف بأصحاب الصنعة نتيجة الركود الاقتصادي.
ولكن فيلم كيم لا يمكن اعتباره فيلما وثائقيا عن حرفة الخيامية، وإنما هو بالأحري فيلم اجتماعي سياسي يسرد تفاصيل ثلاث سنوات من الاضطرابات التي عاشها المجتمع المصري بداية من ثورة يناير، ملقيا الضوء علي قصة الصراع من أجل تحقيق الديمقراطية التي تجلت في شعار "عيش.. حرية .. عدالة اجتماعية" وذلك من خلال حياة مجموعة من الحرفيين الفنانين، لتتحول منطقة الخيامية إلي نموذج حي يعكس نبض المجتمع المصري في فترة هامة من تاريخه بداية من ثورة يناير وكل ما تلاها من أحداث مرورا بتولي محمد مرسي الرئاسة ، ثم أحداث 30 يونيو وانتخاب السيسي رئيسا لجمهورية مصر العربية.
يبدأ الفيلم بحديث أحد الشخصيات الرئيسية عن تلك الضائقة المالية التي يمر بها نتيجة ركود حركة البيع عقب ثورة يناير وتلك المسئوليات الملقاة علي عاتقه والطلبات المتزايدة يوما بعد يوم . إن أبطال الفيلم- إن جاز التعبير - أو الشخصيات الرئيسية يظهرون علي الشاشة بأسمائهم الحقيقية، ليمارسوا حياتهم اليومية بتلقائية شديدة وكأن الكاميرا لم تكن موجودة وعندما سألت كيم عن ذلك أجابني: لقد عشت وسطهم أكثر من ثلاث سنوات فأصبحت واحدا منهم، وكان أطفالي يلعبون مع أطفالهم، وكنا نتبادل الزيارات، بعد بعض الوقت اعتادوا وجودي ولم تعد الكاميرا تسبب لهم إزعاجا.
كانت تلك المساحة التي خلقها كيم مع أهل المنطقة هي سر نجاح الفيلم، حيث شعرت فعلا بالدهشة أن يناقش صناع الخيامية تفاصيل الصنعة بأسرارها، بل وأن تدخل الكاميرا بيوتهم، ليخرج الفيلم شديد الواقعية، وتتحول المناقشات السياسية إلي جزء لا يتجزأ من حياة هؤلاء الناس اليومية، وهو ما كان يحدث بالفعل داخل كل البيوت المصرية.
وربما تسمع في الخلفية صوت مشاجرة، أو تشاهد لقطات من الميدان في شاشة التلفاز الموجودة بمحل حسام الفاروق، الذي يعمل بالمهنة منذ أكثر من عشرين عاما والذي تعلم علي يد أخيه الأكبر إكرامي .
ويمكنك أن تتعرف علي أي من أبطال الفيلم إذا تجولت بمنطقة الخيامية، حيث قابلت حسام يجلس بالمحل كما شاهدته أثناء عرض فيلم "صناع الخيام في القاهرة" الشهر الماضي بمركز درب 1718 بمنطقة مصر القديمة، وسألته إذا ما كان شاهد الفيلم فأجابني بنعم، وعندما سألته عن سر تلك التلقائية في الحديث أمام الكاميرا أخبرني أنهم أحيانا كانوا ينسون أن كيم يقوم بالتصوير حيث كان يمكث ساعات طويلة حاملا الكاميرا ولابد أنه سجل عشرات الساعات انتقي أهمها .
كان محل حسام من المحلات الملفتة المليئة بالقطع البديعة والتصميمات التي تنوعت بين الفرعوني والإسلامي، كما قدم حسام أيضا القصص بقطع القماش مثل قصة جحا، وراقصي المولوية وكذلك اللوحات البديعة كلوحة الحصان بالخط العربي، وحسام واحد من القلائل الذين يملكون محلا وكذلك يمارس الحرفة بيده، ففي الغالب يلجأ أصحاب المحلات للحرفيين الذين يعملون من بيوتهم ويبيعون انتاجهم للمحلات.
ومع توالي الأحداث السياسية يجد المشاهد نفسه منتقلا بين تلك الأحداث وتأثيرها علي رجل الشارع، وبين حرفة الخيامية وتفاصيلها وتلك المشكلات التي يتعرض لها العاملون بالمهنة، وكذلك المعارض الخارجية التي أقيمت لفن الخيامية في الخارج ومدي إقبال الأجانب عليها، حيث يقول حسام: لقد ساعدتنا المعارض الخارجية والطلبيات في الاستمرار وتجاوز الأزمة المالية .
والخيامية كانت ولا تزال واحدة من أهم الحرف التراثية المرتبطة برمضان، حيث تسعي الكثير من الفنادق والمطاعم السياحية إلي إقامة الخيم الرمضانية وتزيينها، إلا أنه ومع ظهور القماش المطبوع وزيادة أسعار الخيامية اليدوية أصبح الكثير من الزبائن يسعون لشراء الأقمشة المطبوعة ..
سنوات طويلة قضاها حسن كمال في المهنة .. حيث يقول: الأصل في الشغل يدوي، ولكن زبون اليدوي قل خاصة مع ظهور الأقمشة الطبع، وهو ما دفع الكثير من المحلات إلي الإغلاق خاصة بعد ثورة يناير وغياب السائح وربما لهذا السبب هناك انخفاض في الأسعار، ويضيف حسن أن السعر يتغير حسب العرض والطلب، مستطردا أن المصريين بدأوا في العودة لشراء الخيامية اليدوية خاصة العرائس اللائي يسعين لعمل ركن عربي ببيوتهن، أو تزيين أحد الجدران بلوحة فنية من الخيامية، وهو ما دعم صناعة الخيامية وساعدها علي الاستمرار خاصة في ظل الهزة القوية التي تعرضت لها الصنعة مع غياب السائح.
أما محمد يحيي الذي حول محله تقريبا لعرض منتجات القماش الطبع فيقول: إن الطباعة هي الرائجة في رمضان، وخلال هذا العام ظهرت العديد من المنتجات الرمضانية التي يتم تنفيذها باستخدام قماش الخيامية المطبوع وبفكر جديدة ومنها الفوانيس المصنوعة من القماش الطباعة، والأطباق والعياشات، والطبالي والبوف جميع لوازم القعدة العربية، وهو ما يقبل عليه الزبون نظرا لرخص سعره.
إن جولة بمنطقة الخيامية كفيلة بأن نعيد التفكير في نظرتنا لفنوننا التراثية، فماذا لو لجأ من تبقي من أصحاب المحلات لمنتجات الأقمشة المطبوعة بدلا من المنتجات اليدوية حفاظا علي مصدر دخلهم، ماذا لو هجرها من تبقي من الحرفيين المخضرمين هربا من تلك الضغوط المادية التي يتعرضون لها، لا سيما وهي مهنة مجهدة تحتاج صبرا ووقتا وروجا خلاقة .. هل يمكن أن نفقد حقا فنا بديعا مثل الخيامية لأننا لم ننتبه جديا لذلك الكنز الذي بين أيدينا؟ ماذا لو أن دعمنا لهؤلاء الفنانين قد يبدأ من شراء قطعة صغيرة من آن لآخر بدلا من الهدايا التقليدية المستوردة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.