للأسبوع الثالث تستمر فعاليات مهرجان الفنون المعاصرة بوسط البلد المعروف باسم "دي-كاف". وتتوزع فعاليات المهرجان بين أماكن متعددة في وسط البلد بالقاهرة، في حين تستضيف الإسكندرية عددا من العروض الخاصة. هذا العام يبدو "دي-كاف" كأنما يدخل دائرة الأحداث الاعتيادية حيث يقام المهرجان للعام الثالث علي التوالي، بذات الإدارة وذات الأشخاص القائمين علي اختيار البرامج الفنية المختلفة. لذا فالنتيجة الطبيعية هي تكرار الكثير من العروض التي قدمت الأعوام الماضية وإعادة استخدام ذات الفنانين الذين ظهروا في دورات سابقة. شيئاً فشيئاً يقترب "دي-كاف" من فعاليات وزارة الثقافة الرسمية حيث ذات الرؤية الفنية تتكرر للعام الثالث، وهو ما ترك أثراً واضحاً علي تفاعل الجمهور وإقباله علي عروض هذا العام. أول برامج المهرجان التي جاءت مخيبة للآمال هذا العام هو البرنامج الموسيقي، وككل عام أعده محمود رفعت مدير استديو مائة نسخة، حيث بدأ البرنامج وكأنه انعكاس لتوجهات الأستديو ومحاولة للترويج لاختياراته وتجاربه الإنتاجية. فبرنامج "دي-كاف" الموسيقي هذا العام جاء مقتصراً علي نجوم المهرجانات الشعبية خصوصاً الذين ظهروا في ألبوم استديو مائة نسخة الأخير "فرحة محمود مطبعة". واقتصرت الحفلات الموسيقية علي مسرح ملهي شهرزاد، باستثناء حفلة "أوكا وأورتيجا" التي أقيمت بالمبني اليوناني التابع للجامعة الأمريكية بوسط البلد. يذكر أن "أوكا وأورتيجا" كانوا نجوم المهرجان في دورته الأولي حيث أقام المهرجان حفلة لهم بسينما مترو بوسط البلد. غاب عن المهرجان أي موسيقيين أو مغنيين من أنواع فنية آخري غير الموسيقية الالكترونية الشعبية. وجاءت حفلة فريق الدخلاوية التي أقيمت الخميس قبل الماضي بشهرزاد مخيبة للآمال سواء من حيث الاستعدادات أو حضور فريق الدخلاوية الذي لم يكن علي القدر المتوقع مفتقداً للكثير من الطاقة والحيوية. أما بقية البرنامج فقد شمل نجوما وموسيقيين أوروبيين وألمان أقل كثيراً من المستوي الذي شهده المهرجان في الأعوام الماضية. حيث جميعهم منسقو أغاني DJ)) للموسيقي الإلكترونية قادمون من عالم نوادي الترفيه الليلي، بدت عروضهم كأنها محاكاة للنوادي الليلية في شرم الشيخ أو الغردقة. أبرز المشاركين الأجانب "بوريس بريتشا" وهو واحد من الأسماء التي بدأت تحتل مكاناً محدوداً في عالم النوادي الليلية في أوروبا ويقدم خليطا بين الموسيقي "المينيمال والالكترو" ومنذ عام 2006 وحتي الآن أصدر أربعة ألبومات ولديه شركة إنتاج تعمل في مجال تنظيم الحفلات والسهرات. الاستثناء في البرنامج الموسيقي كان الحفل الذي أقيم لمغني الراب الفلسطيني القادم من رام الله والمعروف باسم "المقاطعة". وهو أحد مؤسسين مجموعة "رام الله اندر جراوند" وهي مظلة تجمع العاملين في مجال إنتاج الموسيقي البديلة في الضفة الغربية، وعضو سابق في عدد من الفرقة الموسيقية الفلسطينية التي قدمت تجارب متميزة خلال العام الأخير منها فريق "تشويش". برنامج العروض المسرحية شهد تكرارا لفرق وعروض شاركت قبل ذلك في المهرجان، حيث أصبحوا بمثابة ضيوف دائمين علي المهرجان. أبرزهم العرض الذي قدمته فرقة "مائة يد" الأحد الماضي في مبني القنصلية الفرنسية بوسط البلد. فرقة المائة يد مكونة من مصممي العروض مويرا فوحيلنيك شكيرلي، وجاسبر دزوكي جيلين المقيمين بأمستردام، ويقومان في أعمالهما باستكشاف العلاقات الإنسانية، الحميمية والتعاون بشكل جسدي مكثف، ومن خلال دمج خلفياتهما الفنية في الرقص المعاصر وفنون القتال والرياضة والمعمار، يخرجان عروضًا راقصة للمسرح ولأماكن خاصة. عروض "دي-كاف" هذا العام شهدت اهتماماً بالعروض التفاعلية كعرض التاريخ "المختصر" لاقتصاد العالم الذي أخرجه باسكال روميير. يقدم روميير عرضه في كل مدينة يزورها بأشكال مختلفة وبممثلين مختلفين. فمن منطلق اهتمامه بالأزمة المالية العالمية، يقوم مؤسس ومخرج العمل، باسكال رومبير، بجمع 50 مشتركًا عشوائيًا من المدينة ليشاركوا في مجتمع.متنوع من الأفراد الذين يقومون بالتعبير عن أنفسهم من خلال اقتباس حركات الحياة اليومية في عرض راقص. وإلي جانب الممثلين المتطوعين الذين صعدوا علي الخشب للمرة الأولي وتنوعوا بين أطفال وشباب وفتيات وسيدات فقد شهد العرض مشاركة كل من طارق دويري (الفيلسوف)، نورهان خالد، شذي علي، سهيلة الطيبي، وأسماء عزوز. عرض تفاعلي آخر تحت عنوان المكتبة للمخرجة الفرنسية "فاني دو تشيليه" حيث نظمت سلسلة من ورش الكتابة المفتوحة مع 12 مشتركا للخروج بنص تفاعلي قدمه المشتركون في المبني اليوناني بالجامعة الأمريكية أمس السبت (والجريدة ماثلة للطبع). الجديد في مهرجان "دي كاف" هذا العام كان التوسع في برنامج روح المدينة والذي يهدف إلي تقديم الفنون المسرحية والاستعراضية في الساحات العامة والأماكن غير المعتادة. وشمل البرنامج هذا العام احتفاءً بالفنون ذات الأصول الأفريقية، بعرض الكابويرا الراقص African Export والذي قدم في محيط المنطقة بمباني الجامعة الأمريكيه. وبالتعاون مع المعهد الثقافي الإيطالي في القاهرة، قدم سيرك توني كليفتون عرض المهمة روزفلت والذي يتم من خلاله وضع عدد من الجمهور علي الكراسي المتحركة، ويتجولون جميعاً في منطقة وسط البلد ابتداء من الساعة 3 عصراً في الأمسية الأولي للمهرجان، ومن ثم ينطلقون في شوارع وسط البلد، محتلين المدينة كفرقة تجري علي عجلات. وقامت مؤسسة الحسن لتأهيل مصابي العمود الفقري بالتبرع ب 20 كرسيا متحركا للمشاركين في العرض. مؤسسة الحسن تكرس نشاطها لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتساعد في تخفيف وطأة التحديات التي يواجهونها بينما يعيشون في القاهرة. وفي منطقة العتبة حيث مبني صيدناوي يقدم مصمم الرقصات النمساوي كريستان يو بو. إل عرضه "كم؟" يوم 8 أبريل القادم والذي يستخدم فيه راقصين من مركز القاهرة للرقص المعاصر، كما يعرض أيضًا بالاسكندرية في 16 ابريل في إفتتاح الدورة الخامسة لمهرجان نسيم الرقص، وهو مهرجان للرقص المعاصر في الأماكن الحضرية. أما برنامج الفنون المعاصرة والذي أقيم في مبني القنصلية الفرنسية بشارع طلعت حرب فقد أشرفت علي تنسيق منسقة الفنون البصرية المعاصرة مي أبو الدهب والتي تعيش في بروكسل منذ عام 2007 وشاركت في تنظيم العديد من المعارض والفعاليات الفنية أبرزها تنظيم الدورة الثامنة لبينالي ليفربول والتي أقيمت العام الماضي تحت عنوان "إبرة في كومة قش". مي أبو الدهب اختارت لمعرض هذا العام عنوان "خدع عظيمة من مستقبلك". شارك في المعرض باسل عباس (فلسطين) وروان أبو رحمة (الولاياتالمتحدة/ فلسطين) وتوزع عرضهما علي حجرتين في الأولي قدم الفنانان محاكاة لاستديو عملهما حيث يقومان بغزل نسيج من الأحداث الواقعية والخيالية. معتمدين علي تراث أدبي من الروايات التي تصور مسيرة الجماعات السرية والهامشية الثورية. نلمح في غرفة الاستديو كتبا ومقاطع من روايات روبرتو بولانيو، وصنع الله إبراهيم وكتابات سولافيك جيجك. وفي الغرفة الثانية يعرض بالتتابع فيلمان لباسل وروان يتجول فيه الفنانان في أماكن مهجورة تبدو كمسارح لأحداث منسية في مناطق مهجورة من الأراضي الفلسطينية. يشارك باسم مجدي في المعرض والذي يعتبر بمثابة عودة له إلي القاهرة بعد فترة من الإقامة في سويسرا وإقامة العروض الفنية حول العالم. تخرج باسم في كلية الفنون الجميلة عام 2001 وبدأ في عرض أعماله بجاليري التاون هاوس وعدد من المعارض الدولية المختلفة حتي انتقل للإقامة في سويسرا عام 2007 يقام "دي-كاف" مثل كل عام بدعم من عدد من الشركات التجارية الراعية والمراكز الثقافية الأجنبية. وتعتبر شركة الإسماعيلية العقارية أبرز الداعمين الأساسيين للمهرجان حيث تفتح كل عام الكثير من المباني التاريخية التي تمتلكها للمهرجان وإداراته وفعالياته.