جاء البيان الصادر عن الرقابة الإدارية ليؤكد القبض علي شرف متلبساً بالصوت والصورة أثناء حصوله علي 30 ألف جنيه كجزء من مبلغ الرشوة البالغ 140 ألف جنيه، نظير ترسية مشروع مليون جنيه لصيانة وحفظ المومياوات بالمتحف المصري ومتحف الأقصر علي صاحب شركات خاصة في مجال صيانة وحدات عرض المومياوات. وأكد البيان أنه عقب إجراء التحريات الميدانية، تأكدت صحة المعلومات الواردة بشأن الرشوة ، وتم استصدار إذن من النيابة العامة باتخاذ الإجراءات القانونية لضبط الواقعة، وتمكن أعضاء الهيئة من رصد عدد من اللقاءات والاتفاقات بين المتهمين وضبطهما بمقر عمل الأول بديوان وزارة الآثار عقب تسلمه 30 ألف جنيه كجزء من مبلغ الرشوة المُتفق عليه، والعديد من المستندات التي تؤيد تحريات الهيئة بقيام رئيس قطاع المتاحف بالإضرار بالمال العام من خلال عدد من التعاقدات بوزارة الآثار. أما التساؤلات التي لا يمكن إغفالها في هذه القضية فتكمن أولا في المستندات التي تسربت إلي الصحافة بشأن طلب شرف من وزير الأثار ترسية عدد 29 فاترينة من فتارين المتحف الإسلامي التي تحطمت في انفجار مديرية الأمن حيث طلب ترسيتها بالأمر المباشر علي شركة موروس التي يمثلها "بترو"، وقد وصلت المستندات إلي ايدينا بتوقيع شرف فقط بينما ظهر بوضوح علي جانبها السفلي يمين الورقة أثار كشط لتوقيع أو توقيعات أخري لم يشأ من سرب المستندات أن تظهر، وهو مايشير إلي أنه علي الأقل هناك توقيعا آخر لمسؤول يبدو أنه "سلطة أعلي" كان موجودا علي هذا المستند!، التساؤل الأهم: هل شرف جهة موافقة أواعتماد لأي مناقصات أو صرف أموال لمقاولين ؟ والإجابة بالقطع لا ، فهو جهة ربما يمكن ان نسميها " جهة تسهيل أو تدليس" بمعني أن مهمته قد تنحصر في حالة ثبوت التهمة في العرض الذي يمكن ان يكون عرضا ينطوي علي التدليس للحصول علي الموافقة علي مايريد بالأمر المباشر " وهو ليس تشكيكا علي الإطلاق في التحريات والتسجيلات وخاصة اننا كنا أصحاب السبق في الكتابة عن عمليات الترسية المشبوهة لفتارين المتحف الإسلامي بالأمر المباشر " ففي حالة ان تكون ترسية العملية بالأمر المباشر يكون قطاع المشروعات هو الجهة الفنية التي تتابع وتنفذ تعليمات الوزير للترسية بالأمر المباشر لأن قطاع المشروعات الذي يرأسه اللواء محمد الشيخة هو القطاع المسؤول عن التوقيع علي المستخلصات وهو من يقوم بالمعاينة الفنية للفتارين المضارة وتحديد التلفيات وتقييم السعر الذي تم عرضه من المقاول هل هو مناسب أم مغالي فيه ، ويصبح السؤال هل هناك مستفيدون آخرون من الأعمال التي تتم عن طريق تدليس رئيس قطاع المتاحف ؟ ومع من يتم تقاسم اموال الرشاوي التي يتفق عليها مع أي شخص خاصة ، أنه قد نما الي علمنا من مصادرنا الخاصة أنه تم التفاوض بين اكثر من طرف من بينهم بيترو الذي اتفق معه عبر الهاتف "كان وقتها خارج القاهرة الكبري "، أنه بعد الانتهاء من الأوراق الرسمية لفتارين المتحف الإسلامي سيتم خفض قيمة السعر الذي قدمته الشركة لتصليحها بما يقرب من مليون جنيه لصالح 3 أطراف منها شخصية كبيرة جدا في الاثار بينما سيبقي التعاقد صوريا كما جاء في عرض الأسعار الذي قدمته "موروس" بمبلغ 2 مليون و700 ألف . ويتجلي انعدام الشفافية في قضية الفتارين في ان أحدا لم يسمع عن مشروع "صيانة وحفظ المومياوات بالمتحف المصري ومتحف الأقصر" فيما يبدو انه مشروع سري للوزارة!! حيث تظل المعلومات دائما سرية فيما يخص الفاترينات القديمة .. ماذا اصابها ومن الذي قرر عدم صلاحيتها..أو إمكانية تنفيذ اعمال الصيانة بالجهود الذاتية للوزارة من عدمه، ومع التأكيد علي ان الفتارين هي السبوبة الكبري للفاسدين إضافة إلي عمليات النجارة واعمال الحدادة وهي عمليات يمكن ان تقوم بها الورش المركزية بكل سهولة، وقد قدمت دراسة للوزير أعدها المكتب الفني للورش المركزية في 26 أغسطس 2014 أكد خلالها المكتب الفني قدرته علي تصنيع كافة أنواع ودرجات الفتارين مرفق بها تصميمات وماكيتات مجسمة أعجب بها الوزير في ذلك الوقت ثم اختفت الدراسة واختفت الورش المركزية كلها.. قد يندهش القاريء إذا ما علم أن صيانة المومياوات هي عملية تتم من خلالها متابعة نسبة الرطوبة ودرجة الحرارة ونسبة التأكسد في الجزء المغلق المعزول من الفاترينة عن الهواء الخارجي، وهو مايتم بأجهزة وعدادات لا تحتاج الي مهارات خاصة و يمكن للأثار شراؤها ببساطة ، أما المفاجأة فتكمن في ان الورش المركزية التي دمرها الدماطي هي من قامت بتصنيع الهيكل الخشبي والقفص الزجاجي المعزول خاصة بعشر فتارين لعشر مومياوات موجودة حاليا في المتحف المصري في القاعة الغربية علوي .. وأن اخصائيي الترميم هم من قاموا بعملية سحب الأكسجين والحقن بالغازات الخاملة بأيد مصرية مائة بالمائة تحت اشراف الدكتور نصري اسكندر خبير المومياوات العالمي سنة 2007. بينما تتعمد الشركات التي تصدر لنا فتارينها وضع ألغازها لعدم التمكن من صيانة الفتارين إلا عن طريقها ومن ذلك وجود فاترينة في المتحف القومي بالإسكندرية لا تفتح نهائيا لأن صانعها احتفظ لنفسه بسر تصنيعها وفتحها يفسدها، علي الرغم من ان مابها ليس مومياء أو قطعا قابلة للتلف، وقد خالف الوزير الدماطي النشرة التي اصدرها الدكتور محمد ابراهيم سنة 2013 بعدم جواز طرح أو ترسية اي اعمال إلا بالعودة إلي الورش المركزية، وقد أصبحت الورش فعليا بدون إدارة او مكتب فني أو رئيس أو هيكل بعد عدة قرارات للوزير قيل أنها ناتجة عن عرض من اللواء محمد سليمان الشيخة، ونتساءل لماذا تغفل الوزارة دور الإدارة العامة للترميم التابعة لقطاع المشروعات بشأن ترميم المومياوات المحفوظة فعلا ، والتي أصبحت صيانة فتارينها وصيانتها محلا للرشوة .. وكيف يمكن الوثوق بشركات تمنحنا الفتارين وتقول انها ضد الانفجار والكسر ثم تتحول إلي شظايا زجاج بحدوث انفجار في مبني مجاور "ليس انفجارا مباشرا" كما حدث في فتارين المتحف الإسلامي وبابه المصفح الذي دمر تماما.. وفي كل الأحوال سنكتشف اننا ندور في حلقة مفرغة واحدة .. اسمها قطاع المشروعات ..القطاع المسؤول أولا وأخيرا عن كل أعمال الترميم والصيانة والمناقصات والمزايدات وعمليات الاستلام من المقاولين.. والذي لن نتوقف عن التساؤلات بشأن دور رئيسه ودور وزير الاثار في كل ما يحدث.