ولدت كيلي شيري في ولاية لويزيانا، ونشأت في نيويورك ثم عاشت في ولاية فيرجينيا. درست الفلسفة ونالت شهادة الدكتوراة من جامعة نورث كارولينا. وقامت بالتدريس في جامعة ويسكنسون ماديسون لمدة عشرين عاماً، وعملت كأستاذ زائر في عدد من الجامعات الأمريكية قبل أن تتقاعد في عام 1999 وتعيش مع زوجها في مزرعة صغيرة في فيرجينيا. كتبت شيري أكثر من عشرين كتاباً، ومن مجموعاتها الشعرية: "أغنيات لمؤلف موسيقي سوفيتي" عام 1980، و"يد الله العليا" عام 1993"، و"بطرفة عين" 1983، ومن مجموعاتها القصصية: "يمكن أن نظل أصدقاء" عام 2003، و"المرأة التي.." عام 2010. كما نشرت مذكراتها بعنوان "القلب المنقي" عام 1991. كما نشرت العديد من المقالات والترجمات عن اللغة اليونانية القديمة. ونالت شيري العديد من التكريمات والجوائز، من أهمها لقب "أميرة شعراء فيرجينيا"2010- 2012 كتبت شيري عن تجاربها الحياتية، وتتناول عالمها الحميم، بداية من والدها الذي احتل مساحة هامة في حياتها وأعمالها الأدبية، إلي والدتها التي أطلقت عليها اسم البجعة البلورية في إحد القصائد. وكتبت عن غرامها الأول، وزواجها الأول من النحات جوناثان سيلفر ثم طلاقها منه وحنينها إليه. وكتبت أيضاً عن تجربة إجهاضها القاسية، وعن موت والديها وشعورها بفقدهما. ويُمكن أن نعتبر أعمالها سيرة ذاتية تُهيمن عليها روح الأنثي، يحتل الصراع الجنوسي بين الرجل والمرأة مساحة فيها، إلا أن السمة الغالبة لهذه الروح الأنثوية هي ذلك الرصد الدقيق العميق للجسد البشري، والعلاقات الإنسانية من جانب امرأة تدخل التجارب بحساسية مُفرطة، وتعيد صياغة خبراتها في شكل فني، شعري في الغالب. وتتجلي هذه الروح في اهتمامها بتفاصيل المنزل من الداخل والخارج، ووصفها الدقيق له من الداخل والخارج، وتشهد قصائدها عن عمق ارتباطها بالمنازل التي سكنتها، والمحيط التي عاشت فيه. وتمتلك الكاتبة الأمريكية القدرة علي تجميع الشذرات، شذرات حياتها، لتصنع منها قصيدة، كما تنتقل بتجاربها الحياتية المُباشرة إلي أفق وجودي رحب. فعن موت أبويها تكتب "كم يستغرقنا العالم/ كم يغوينا ويستهوينا/ سماء صافية تهيمن عليها شمس بديعة/ هذه الصورة تستدعي أبي/ مثلما تسحبك عبارة وتأخذك إلي حيث لا تتوقع/ وتزرع فيك الرغبة في الخلود). كما حولت علاقتها بزوجها السابق إلي ملحمة متعددة المراحل، من روعة الحب الأول والغرام القوي إلي اكتشاف الحقيقة واجترار مرارة الفقد والخسارة. ارتبطت كيلي بوالدها منذ طفولتها، وكان عازفاً للكمان، التصقت به وعرفت معه سطوة الموسيقي علي الروح، وتأثرت بإصراره وتفانيه. ويظهر شغفها بوالدها في سيرتها الذاتية بعنوان "الكهل الذي عرفته" تحكي فيه تفاصيل كثيرة عن والدها حتي وفاته. كما كتبت عنه قصيدة "الزهايمر" ترصد فيها لحظة خروجه من المستشفي وعدم قدرته علي تذكر زوجته، وعدم قدرته علي العزف مرة أخري. تشبعت كيلي بالموسيقي، وحين كتبت الشعر، حملت خبرتها القديمة معها؛ حيث اتسمت قصائدها بقوة الموسيقي. الموسيقي التي تنبع من القافية أحياناً، ومن الاعتماد علي الجناس، والإيقاع السريع للقصيدة. كما كتبت بعض قصائدها باستخدام التفعيلة الانجليزية القديمة علي غرار شكسبير، ولجأت لهذا الأسلوب في بعض القصائد ليضفي دفعة موسيقية قوية، ما تلبث أن تخبو. وتجيد كيلي لعبة الصمت والكلام، والتوازن بينهما، فهي غالباً ما تترك فجوات لكي ينفذ منها القارئ إلي قصيدتها، معتمداً علي معارفه وخبراته في تفسير النص، وتحديد مساره. فهي تقتصد في الكلمات إلي حد بعيد، وتعتني باختيار المفردات الشفافة البسيطة المعبرة، والبعيدة عن التأنق. تبذل جهداً في اختيار كلماتها، وتعرف كيف تخلق جمالاً من المفردة الوظيفية مُحددة المعني والدلالة حين تضعها في سياق حاكم، وتمزج بين الكلمات العامية المُبتذلة، وبين الكلمات المُعجمية الراقية ببساطة مُدهشة، كما تكتب بعض المفردات بأخطاء إملائية كي تناسب الحالة التي يتناولها النص؛ كما في قصيدة ألزهايمر. وتعرف كيلي كيف تجاور بين الكلمات وتستفيد من توتر الحروف المتقاربة، حيث تتعامل مع الكلمة باعتبارها وحدة موسيقية مُستقلة، وتصنع منها، عبر نسق مُعين، لحناً مميزاً لترقص علي إيقاعه، كما كانت تحب أن ترقص مع والدها وهي طفلة.