اختار الزميل أحمد عبداللطيف أن يبدأ مجلة الترجمة، بمجموعة من المقالات، التي تنشر للمرة الأولي عن ألف ليلة وليلة، وهي جزء من موسوعة عن الليالي تأليف أورليش مارزوف أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة جورج أوجست بجونتجن بألمانيا وريتشاردفان ليفن أستاذ الدراسات الدينية بجامعة أمستردام بهولندا، ونقلها للعربية المترجم القدير سيد إمام، الذي كتب مقدمة طويلة عن قصة الليالي وإشكالياتها عبر الحقب المختلفة. هذه الموسوعة تكشف عن مدي سحر الليالي وتأثيرها في الثقافة الأوروبية، منذ أن قام بترجمتها للفرنسية انطوان جالان بين 1704 و1717، ومن وقتها أثرت الليالي المخيلة الغربية وتوالت الترجمات إلي مختلف اللغات، كما كانت مادة خصبة لعوالم عدد من الأدباء العالميين. يظل هذا النص - بلا شك - كنزا لم نكتشف كل خباياه، وكلما تقرأه تشعر أنك تطلع علي نص جديد، ولم.. لا.. وهو النص الإبداعي الأبرز في تاريخ الثقافة العربية، وهو نص ملهم.. أدركت ذلك في الأربعينيات الدكتورة الراحلة سهير القلماوي، فقامت بتشجيع من عميد الأدب العربي د.طه حسين بإعداد أول رسالة جامعية عن هذه الليالي، ومن هنا بدأت الدراسات الأكاديمية تتجه نحو "الليالي" في محاولة للوصول إلي أعماقها. قيمة هذا النص أنه يتجاوز محتواه، بمعني أنك تستطيع قراءة صعود وهبوط مؤشرات الحريات من خلال الاحتفاء بهذا النص أو التصادم معه فقد خاضت "الليالي" معارك عديدة ضد مصادراتها ومحاولات طمسها، بل صدر حكم قضائي من احدي المحاكم المصرية في الثمانينيات بمصادرتها، لكنه تم الالغاء بحكم آخر، وكانت معظم الطباعات من نصيب دور النشر الخاصة، إلي أن أصدر الروائي جمال الغيطاني وقت أن كان رئيسا لتحرير سلسلة الذخائر التي تصدر عن هيئة قصور الثقافة، الطبعة الكاملة من الليالي مرتين، المرة الأولي في عهد حسين مهران، والثانية في فترة تولي د.أحمد مجاهد رئاسة هيئة قصور الثقافة وفي هذه المرة قدمت العديد من البلاغات للنائب العام لمصادرة الليالي، لكن انتهت بقرار من المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام آنذاك بحفظ البلاغات، لصدور حكم قضائي نهائي بتداول الليالي. في الثقافة العربية كان هناك صراع دائم بين الليالي ومصادراتها، أما في الثقافة الأوروبية فقد احتفت بالليالي وتم ترجمتها العديد من المرات، ودراستها من قبل متخصصين في كافة مناحي المعرفة، وهو ما نلقي الضوء عليه في هذا العدد من مجلة الترجمة، التي تحوي عددا من الدراسات بالغة الأهمية، إذ تستكشف الليالي من كافة النواحي.. تتابع مصادرها الرئيسية وطبعاتها المختلفة ولغتها وتأثيرها في المخيلة العربية والعالمية والأعمال السينمائية التي استقت مادتها من الليالي. بالتأكيد لقد نجحت هذه الموسوعة التي تقترب صفحاتها من الألف صفحة - وننشر مقالات منها - من أن تقيم نصا علميا موازيا لهذا النص الابداعي الخالد علي مر العصور.