"في النهاية بشرتُ جدتي أنني قررت دراسة لغة أخري بعد اليدشية: العربية. "العربية"؟ أدارت جدتي عينيها. "العربية" أكدتُ. "مالك والعربية؟" طلبتْ المعرفة. "هي اللغة الأم لأبي"، قلت لها. "أبوك ولد في إسرائيل"، كررت. "صحيح" أجبت، "ولكن أمه ولدت في دمشق وهو يتحدث معها حتي اليوم بالعربية، حتي عندما يتحدث العبرية، فلديه القليل من اللكنة العربية". "ليست هناك أية لكنة عربية"، ثارت جدتي"، أنت تتخيل فقط." كان هذا جزءاً من مقال كتبه الشاعر الإسرائيلي موشيه سقال ردا علي شمعون بيريز، وكان الرئيس الإسرائيلي قد أشار في المنتدي الأدبي الشهري الذي يعقده ببيته إلي موت لغة الييدش، لغة يهود شرق ووسط أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، وانتصار العبرية الحديثة عليها في إسرائيل، وهو ما يشكل واحدة من أطول وأهم المعارك الثقافية داخل إسرائيل، منذ نشأتها وحتي اليوم بين العبرية والييدشية. وهو ليس مجرد صراع لغوي، وإنما صراع سياسي بالأساس. فالييدشية في الفكر الصهيوني هي لغة اليهودي المحتقر بالمنفي بينما العبرية هي لغة اليهودي الصهيوني المعتز ب"أرضه". جاء دفاع الشاعر موشيه سقال عن لغة الييدش، وهو القادم من أصول مصرية وسورية، بصفته واحدا من مؤسسي معهد "أوديسا للثقافة العبرية الكوزموبوليتانية". يبشر سقال بالابتعاد عن الانغلاق الإسرائيلي التقليدي، الذي استبعد جميع لغات اليهود في "المنفي"، في قوله: "الانشغال الشاب والعاصف اليوم بالييدشية يحدث بعيدا عن جلسة الكنيست وبيت الرئيس: يتم في الجامعات بأنحاء العالم في تل أبيب، نيويورك، باريس ومدن أخري، يتم في بيوت خاصة، احتفالات، علي الإنترنت، في أي مكان تظهر فيه شهوة حياة غير منغلقة. من هذه الناحية فليس هناك فارق اليوم بينهم وبين الشباب الذين يختارون دراسة العربية، البولندية، الروسية، اللادينو أو الألمانية. جميعهم بشكل معلن أو غير معلن يفعلون هذا احتقاراً للقوموية، وانفصالاً عن الاستعلاء الإسرائيلي الحالي."