بعد عودة العمل بقانون 2008.. أبرز ضوابط البناء الجديدة    جامعة الأزهر تحتفي بالقيادات النسائية وتبرز دور المرأة في المجتمع    وزير الخارجية: نرفض أن تكون هناك دولة فوق القانون    بعد نزوله مباشرا| ناصر منسي يسجل الهدف الأول للزمالك في شباك الأهلي    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام أتلتيكو مدريد في الدوري الإسباني    مقاول يتهم رئيس مجلس مدينة أوسيم بخطفه واحتجازه والاعتداء عليه والأمن يحقق    أخبار الفن، مذيعة قناة الحياة تتعرض لحادث مروع،وفاة الممثلة ماجي سميث،تعرض والدة ريم البارودي لحادث سير    "مش هفتي في قانون الكرة".. مراد مكرم يعلق على مباراة الأهلي أمام الزمالك في السوبر الأفريقي    كيف علق نبيل الحلفاوي على أحداث الشوط الأول من مباراة الأهلي والزمالك؟    حماس تندد بخطاب نتنياهو في الأمم المتحدة    إصابة طفلة بحروق نتيجة صعق كهربي بالواحات البحرية    حادث غامض.. سقوط طفلين من سيارة بالطريق السريع في العياط    جامعة كفر الشيخ تستعد لاستقبال طلابها في العام الجامعي الجديد    الجيش الروسي ينفذ 33 ضربة مشتركة على مؤسسات صناعية عسكرية أوكرانية    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية على مدار يومين بقرية دكما    إقبال جماهيري كبير على مركز شباب الجزيرة لمشاهدة مباراة الأهلي والزمالك    شهيد فلسطيني وإصابتان في قصف جوي للاحتلال الإسرائيلي على رفح وزوارق حربية تستهدف صيادي غزة    رئيس المصريين الأحرار: المواطن غير راض عن الدعم العيني    وزير الخارجية الجزائري يجري بنيويورك محادثات ثنائية مع العديد من نظرائه    نظام دولي.. وزير التعليم يكشف سر تعديل نظام الثانوية العامة    «مياه مطروح» تنظم الندوة التوعوية الثانية بالمسجد الكبير    بعد زلزال إثيوبيا بقوة 5 درجات.. عباس شراقي يكشف تأثيره على سد النهضة    في أول ظهور لفرقة تفاكيك المسرحية.. حسام الصياد: «وشي في وشك» تكسر القوالب المعتادة للعمل المسرحي    كولر: متفائل بتحقيق الفوز على الزمالك.. ونسعد جماهير الأهلي في السوبر    القاهرة الإخبارية: أعداد النازحين إلى بيروت تتغير بين ساعة وأخرى    الوزارة فى الميدان    "الصحة" تطلق تطبيقًا لعرض أماكن بيع الأدوية وبدائلها    أبرز لقطات حفل زفاف هاجر الشرنوبي على المنتج أحمد الجابري.. كاجول وطلبة وبحر    حقيقة إضافة التربية الدينية للمجموع.. هل صدر قرار من وزارة التعليم؟    سون مهدد بالغياب عن توتنهام في قمة مانشستر يونايتد    توقعات عبير فؤاد عن مباراة الأهلي والزمالك.. من يحسم الفوز بكأس السوبر؟    في يوم السياحة العالمي.. أسعار تذاكر المتاحف والمناطق الأثرية    منظمة "أنقذوا الأطفال": 140 ألف طفل اضطروا للفرار من منازلهم بجنوب لبنان    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    عودة لقانون 2008.. إجراءات جديدة لتسهيل استخراج رخص البناء بدءًا من الغد    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    «حياة كريمة» توزع 3 آلاف وجبة غذائية ضمن مبادرة «سبيل» بكفر الشيخ    سياسية المصرى الديمقراطى: نحن أمام حرب إبادة فى غزة والضفة    استشاري تغذية: الدهون الصحية تساعد الجسم على الاحتفاظ بدرجة حرارته في الشتاء    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    آس: راموس لم يتلق أي عرض من الزمالك    محافظ أسوان يؤدي صلاة الغائب على شهيد الواجب معاون مباحث كوم أمبو    انتصارات أكتوبر.. "الأوقاف": "وما النصر إلا من عند الله" موضوع خطبة الجمعة المقبلة    محافظ الفيوم يعلن نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طامية المركزي    انطلاق فعاليات ماراثون الجري بالزقازيق    فتح شواطئ وأندية الإسماعيلية بالمجان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسياحة    أيمن بهجت قمر: «تامر حسني بيحب يغير في كلمات الأغاني» (فيديو)    بدء تطبيق المواعيد الشتوية لغلق المحلات.. الحد الأقصى العاشرة مساءً.. زيادة ساعة يومي الخميس والجمعة.. وهذه عقوبة المخالف    مصرع تلميذة سقطت من أعلى مرجيحة أثناء لهوها بقنا    الكاف يستعرض مشوار الأهلي قبل انطلاق السوبر الإفريقي    توجيهات لوزير التعليم العالي بشأن العام الدراسي الجديد 2025    رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية يبحثان مستجدات منحة دعم التأمين الشامل    غلق الدائري من الاتجاه القادم من المنيب تجاه المريوطية 30 يوما    ولي عهد الكويت يؤكد ضرورة وقف التصعيد المتزايد بالمنطقة وتعريضها لخطر اتساع رقعة الحرب    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»أميرة الأدهم« في ديوانها الأول عذرية مهدرة بين موتين ومكافأة
نشر في أخبار الأدب يوم 12 - 03 - 2013

انتفاضات متعددة بين موتين ومكافأة ، يمكنها بين حين وآخر أن تراودك عن نفسك ، فتصير مأخوذا برغبة مكتملة ، تجاه شعر يعودك فقد العذرية بحركات دائرية تصدر من كائنات هشة ، هذا تماما ما يمكن أن تطالعه وأنت تراوغ صفحات ديوان اتفقد عذريتها علي مهلب للشاعرة أميرة الأدهم ، والصادر حديثا عن دار ميريت للنشر ، تجربة شعرية أولي تنتزع بتأن وحسم كاملين ، بين ألم مهترئ يسكن الفراغات ، وانتكاسات تبتلع الفواصل ، تظهر الإضاءات الباهتة لتردد شيئا ذا حسم وثقة ، لا يمكنك إذن التوقع أمام ارتباكات تقودك لمنتصف الدائرة ، وتردد لك علي مهل كل أنواع الخيبات المؤجلة .
ستنتظر كثيرا ما يشعرك بيقين متوقع في القصيدة ، ستهبك الذات الشاعرة معطيات كثيرة لجدال محموم بخيبات متأنية ولذات أخري، تبدو مؤجلة افليحترق مسلسل الاستنزاف» علي الحائط، ويتركني ألعن رخاوة النائمين بقبلة، وغطاء، ودعوة بعدم الاستيقاظ للذي يسهر معي فيري فساد أخلاق الصيف، «للأحد الأبيض الشفاف»، حتي وان انتظرها هذا الشتاء بذكريات محرجة، وبتحد لكل ماتستطيع أن تبدده، فهو يعلم تماما أن جسدها الفائر ، مهما انتفض وحيدا، لا يقوي علي طرد الحلم . تلمح طوال الوقت انكفاءات معلقة حتي ولو بدت متبرئة من كل المبررات، عمق التفاصيل منهك بالحد الذي يحيطك بأرق متقن، لا غبار في صانعه .
كل الأسباب المنطقية لن تقودك إلا لنتائج مقتضبة شائكة، مادامت أن االكتابة لا تحتمل براعة الأصوات»، فلن تصبح المعطيات الدلالية إلا نقيضها الذي يصفق في دهشة مملوءة بالتحدي، بينما الحبيب أصبح بلاشك اأغاني لم أعد أسمعها»، ملابس باهتة ، فواكه عطنة، محبرة يابسة، سيجارة مبتلة، لمبة محترقة، ربع كيلو جبنة تعوم فوق الفطريات ، حبيبي الآن، ممتلئ وقديم وفي كامل بهائه العاطفي، غير صالح للاستهلاكبوكشاعرة نثر في درس العروض ، تتلوي عندما تسمع أقدام الجديد اأرتعد كما الرحيق في فم النحلة الدؤوب، أرتعش كامرأة تتفاني في الأورجازمب ولكنها مرتاعة تبدو ويائسة لأنه لن يبادلها الخوف، هو حقا ايحب وأنا لا استطيع رؤية الطرف المتدلي»، تسير الذات الشاعرة بكامل انكفاءاتها وحسمها المتقن إلي مراوغات أكثر عنفا ، إلي التكشف الذي لا مجال فيه للهروب ، إحاطات كاملة لكل الثغرات التي يمكنك منها الوصول ، فتجد نفسك في كل الأحوال بين اسم الأوقات» ، «وكلما حاولت السير ستكتشف» في النهاية أن لك ا قدم منكمشةب .
كل هذه المعطيات الأولي تجعل الذات الشاعرة لا تؤجل بيع مأساتها، كما أن السارق يمكنه أن يهدي مأساته اللذين أحببتهم حتي التفوا حول أنفسهم، ونظرت إليهم في عطش مخيف فخافواب فتبدو الذات عنيدة لا تؤرقها المحاصرة، لا يقلقها المحيطون حتي وإن كان هناك، معان متعددة للإدمان .
ورغم أن االكتابة لا تحتمل براعة الأصوات»، فقد سارت الذات الشاعرة ببراعة مؤقتة طاردة للشوائب ، سارت فوق تنويعات تبدو غير مقصودة ، لصيغ مسترسلة شفافة التوهج، منسدلة الأركان، لتؤكد لنا في مواضع عدة، أن االقرية الفقيرة لا تحتاج للأجراس»، وأنه حقا لا داعي لاكتشافات، لأن االمنسية في الباص، اللاهي في الزحام، الوحيد في المهجر، المحترق بالتبعية، ليس عليه أن يكتشف شيئاب.
لا تستطيع إذن القبض بإحكام علي تنويعات يزينها الأرق، صياغات حيكت علي أمزجة شتي، بين الحين والآخر يباغتك النص بتفاصيل لا تحتمل التأجيل، تتمازج ليكتمل التشظي النافذ في الصور، علائق بين الأشياء مرتاعة من فضول زائغ لقارئ، بينما تطالع القصيدة في شغف، تلاحقك لعنات الوقوف طويلا، علي حافة معطيات مهترئة لموجودات متأرجحة، تلك الجملة الطويلة المسترسلة تسلمك للقصيرة البائسة، وتلك الإجابات القاطعة الحاسمة تسلمك للأسئلة المبتورة، وتلك الشفرات الغامضة المدسوسة تقودك إلي عناوين صادمة اليلي قبل القتل وبعده»، ليلي التي رفضت أن تنزل في ثورة الغضب الثانية ، وفضلت أن تموت في كنيسة مرتين، مرة علي يد مسيحي لأنها أسلمت، ومرة علي يد مسلم لأنها مسيحية، وستشعل من شظايا الانفجار شموعا ليست لمريم العذراء في أفئدة كل متديني هذا الوطن، ليلي أيضا، فقدت عذريتها علي مهل متقن المشهد، لا يمكننا إلا التصديق ، بينما حواف الموت ممتدة وطويلة ، متسعة للإحاطة بكل الأوجاع المرتبكة، الموت العميق المكتمل التفاصيل، الموت الذي لا يبرح الأشياء تصل، مادام لم ينج شيء .
وباستراحة رمزية كالأطفال الذين يشبهونها، تنتقل بك الذات الشاعرة لأفق مختلف، مخادع التفاصيل، لتقنعك تماما بذلك االغائب من الجدول»، في خفة تقتضي الإنصات، وعبور يقتضي التحديق، تنصت للرمز اأدخل البيت، والأمس يجلس أمام التلفاز، كزوج، لامرأة عاملة، لا يستحم، ويزداد، وزنا واتساخا»، تلمح الإيقاع السريع المتجاوز حدود الموت، خاصة عندما تقرر اسأدخل الجنة ، حينما، أظل معك، وأنا لا أحبك»، كانت قصيدة االغائب من الجدولب هي تلك القصيدة التي حولت الأمس رجلا والغد ورقة، دون قصد ، فصار الرمز بطلا يلمع في منتصف الديوان برشاقة المنتصر، بينما الذات الشاعرة، تؤجل البريق .
إقرار البريق يحتاج دوما للعديد من التجاوزات، يحتاج للتضحية والتفويت المتقن الرائق، تنتقل بين القصائد متسامحا مع تفاصيل فائتة لن تسمح لك بالزهو، حتما أنت مجبور علي اتجاوز الماذ»، يمكنك ساعتها الوقوف علي بزوغ يقين ما اأنت لا تحتاج الآلهة في شيء، فقط حكك اليتم فصليت، والمثير للشفقة أنك دوما تكفر بحجة الحقيقة، وتتعلل بالحيرة، لأنك لم تتعلم بعد لغة الموتي»، مخارج آمنة تبحثها معك القصيدة، مبررات جديدة لتتجاوزا معا أي شيء، حتي وإن طلبت منك الذات الشاعرة أن تعشقها بعيدا عن القصائد، وأن تقتنع تماما بحب كالسقوط في حضن غريب بالمطار يبتسم لك متفهما لحاجتك، أكثر من الذي قال عن نفسه حبيبك .
كل المقدمات الفائتة لا يمكنها غير صناعة قصائد أكثر حسما وأكثر ضراوة ، لا وقت إذن لزوائد مرهقة، لشوائب تمنعنا من الصدق، لا حاجة إلا للتكشف الصادم، ومحاولات أكيدة للتخلص اساق مبتورة وأنوية قاسية»، تلك الساق المبتورة التي تقودنا إلي نهاية تجربة شعرية مزدحمة المعطيات، «لا أحب أن أبقي في المنزل، ففي الشارع، أتربة عظام تقبل قدمي، أدعية مدفوعة الأجر، رزم السجائر المتراكمة عند الباعة، أطفال مدارس لا يفكرون في الموت، أطفال شوارع لا يفكرون إلا في الموت، أسفلت يحفظ تواريخ الحوادثب.
الآن فقط، يمكن لتلك الساق المبتورة أن تقودك لذلك البريق المؤجل، حتي وإن كان بريقا زائفا هو الآخر، كاشفا عن وجه آخر لتناقض مخبأ بين التفاصيل، وخصوصا اعندما عرفت، أن سبب نعومة شعر عبد الحليم في أواخر أيامه، أستروجين تليف الكبدب يمكننا بكل وضوح تأكيد المعاني الناقصة، مباغتتها، الانقضاض عليها بلا هوادة، قتلها وقتلنا معها، بعد قراءة تجربة شعرية تسير علي هوادة كافية لإزاحة العقبات الزائفة، لغة صدامية وصورة تحاول الوصول عبر معطيات مختلفة، رمز يحاول منفردا النفاذ إلي المعني العميق المتشظي بداخل الدوائر، ليعبر عن قصيدة أخري، شائقة تماما، ككل القصائد التي تفقد عذريتها علي مهل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.