بداية لا بد من الإشارة إلي دور معارض الكتب العربية التي انتظمت إقامتها في السنوات الأخيرة في معظم الدول العربية في إيجاد حل جزئي لمشكلات انتقال الكتاب. غالباً ما يتم تداول الكتب بدون رقابة صارمة خلال فترة إقامة المعارض وتسمح السلطات الرقابية للناشرين بإدخال الإصدارات الجديدة دون اجراء عملية الرقابة وذلك بسبب تدفق عدد كبير جداً من العناوين من مختلف دور النشر في الأقطار العربية خلال فترة إقامة المعرض، هذا لا يعني أنه لا تجري أحياناً، حتي بعد وصول الكتب إلي أرض المعرض، من قيام الجهات الرقابية بمنع أو مصادرة عناوين معينة، تشكل بنظرها بضاعة محظور تداولها. من هنا فإن الرقابة علي المطبوعات، ومنها الكتب، تشكل عائقاً في وجه انتقال الكتاب العربي لا سيما بالنسبة لدور النشر التي تصدر الكتب الحداثية والمعاصرة والتي تخترق التابو المثلث الدين والجنس والسياسة ولعل انتشار استخدام الانترنت وتوفر المعلومة للقارئ بسهولة ويسر، وقيام العديد من المواقع الالكترونية بوضع محتويات الكتب في تصرف المستخدم، قد جعلت مهمة الرقابة دون كيشوتية، ومع ذلك هناك إصرار في عدد من الدول العربية علي مراقبة الكتاب والتشدد مع المؤلفين، وإحالة بعضهم إلي المحاكمة والمماطلة المستمرة في إعطاء الناشر أو المؤلف الموافقة أو عدمها في تداول كتابه والتأخير في قرار السماح في ذلك. من المشاكل الأخري التي تعوق مسألة انتشار الكتاب العربي عدم وجود شركة أو شركات كبيرة تأخذ علي عاتقها مسألة توزيع الكتاب وملاحقة الديون المترتبة علي التوزيع، واتباع وسائل لترويج الكتاب، وإعلام القارئ في كل مكان بصدور العناوين الجديدة، والتعريف بالكتب والمؤلفين. معظم دور النشر في البلاد العربية، دور محدودة الإمكانيات وتصدر عدداً محدداً من العناوين كل عام مما يجعل تكلفة السفر ومتابعة تحصيل الديون والترويج للكتب الصادرة أمرا مكلفاً لا تقوي عليه لوحدها، من هنا فإن تأسيس شركة كبري للتوزيع تأخذ علي عاتقها المهام الموكلة إليها لحل جزء من مشكلة انتقال الكتاب العربي من المشاكل التي تعوق حركة انتقال الكتاب، أيضاً الارتفاع المتزايد في تكلفة الشحن من بلد عربي إلي آخر، وذلك نتيجة عوامل اقتصادية عديدة، منها ارتفاع أسعار المحروقات، والقيود والعوائق المفروضة علي حركة الشحن بين بلد وآخر وارتفاع الرسوم علي وسائط النقل وكلها عوامل تزيد من مشاكل انتقال الكتاب بين بلد عربي وآخر. بعض الدول العربية تشهد أزمات اقتصادية تتمثل في تدني مستوي الدخل الفردي (السودان، اليمن وغيرها) وهذا أيضاً يضيف إلي مشكلة انتقال الكتاب. إن دولة نفطية كبيرة كالعراق ونتيجة ظروف سياسية معينة، وعدم الاستقرار الأمني، وانخفاض القوة الشرائية انتقلت من كونها دولة مستهلكة للكتاب إلي دولة غير مرتبطة بالعصر وأصبح الكتاب يشكل عبئاً مالياً كبيراً علي المواطن، وانعكس ذلك علي حركة النشر والتوزيع في السنوات الأخيرة، ونتيجة الحروب المتواصلة يندر أن تشهد بغداد معرضاً للكتاب كما كان الأمر في العقود السابقة. إن النهوض بمستويات المعيشة وزيادة الاهتمام الجاد بالمواطن كفيلة بحل العديد من المشكلات ومنها مشكلة انتقال الكتاب.