المديريات التعليمية تستعد لعقد اختبارات الشهادة الإعدادية بالفصل الدراسي الثاني    تنطلق الأربعاء 15 مايو.. جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي الأزهرية 2024 بالمنيا    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    مجلس الدولة: على الدولة توفير الرعاية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة    وزير الأوقاف: لنقف صفًا وسطيًا حقيقيًا في مواجهة أي محاولة اختراق لمنهج الأزهر الوسطي    حصاد القمح، توريد 206,467 طن لصوامع وشون المنيا (صور)    التنمية المحلية: 50 ألف طلب تصالح على مخالفات البناء خلال أسبوع    بمشاركة 110 شركة.. نقيب الزراعيين يفتتح معرض الوادي لتقنيات الزراعة الحديثة بالأقصر    وزر النقل: لا استيراد لأي مهمات خاصة بالسكك الحديدية، وتصنيعها محليا    توريد 75 ألف طن قمح بالقليوبية    وزيرة الهجرة تبدأ جولة في بني سويف ضمن مبادرة «مراكب النجاة»    سامح شكرى يترأس وفد مصر باجتماع مجلس الجامعة العربية بالبحرين    متحدثة أممية: 450 ألف فلسطيني دون مأوى بسبب النزوح القسري    البنتاجون يرفض التعليق على القصف الأوكراني لمدينة بيلجورود الروسية    كوريا الجنوبية تعزز جاهزية الجيش للرد على جميع التهديدات    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل تجاه وسط رفح    أول تعليق من مبابي حول إعلان انتقاله لفريقه الجديد    وفاة ملاكم بريطاني في أول نزال احترافي له    إبراهيم حسن يوضح حقيقة تصريحات شقيقه الصادمة بخصوص لاعبي المنتخب    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    "وش السعد".. ألقاب الأهلي على ملعب رادس قبل نهائي دوري الأبطال    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية الهندسة    درجة الحرارة الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 14-5-2024 (تفاصيل)    خلال 24 ساعة.. ضبط 14028 مخالفة مرورية متنوعة على الطرق والمحاور    تكثيف أمني أمام جلسة محاكمة 57 متهما بقضية اللجان النوعية للإخوان    إلغاء العام الدراسي لطالب ورسوبه بسبب الغش واستخدام الهاتف المحمول في الجيزة    «التعليم»: لجان مراقبة داخل لجان امتحانات الثانوية العامة 2024    «تشويش بالتهميش».. يوسف زيدان يكشف سبب اعتراضه على مناظرة عبدالله رشدي وإسلام البحيري    بمناسبة يومها العالمي، وزارة الثقافة تفتح أبواب المتاحف مجانا عدة أيام    من الكليبات لعضوية لجنة التحكيم بمهرجان كان، نادين لبكي قصة نجاح    أنور وجدي.. أبرز صُناع السينما المصرية في تاريخها.. حلم بأن يكون النسخة المحلية من شارلي شابلن.. أول أجر حصل عليه قرشان.. وهذا هو اسمه الحقيقي    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    تنظيم مقابل الخدمات بالمستشفيات الأبرز، تعرف على توصيات لجنة الصحة بالبرلمان    طريقة عمل وافل الشيكولاتة، لذيذة وسهلة التحضير    جامعة القاهرة تقرر زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين    مصر تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في محافظة صلاح الدين بالعراق    الطاهري: مصر تباشر دورها وحرصها الدائم على إيقاف نزيف الدماء الفلسطينية    مفتي الجمهورية يتوجَّه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى «كايسيد» للحوار العالمي    5 أبراج تتميز بالجمال والجاذبية.. هل برجك من بينها؟    تطورات أزمة شيرين عبد الوهاب ضد روتانا |تفاصيل    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية الهندسة    يوسف زيدان يهدد: سأنسحب من عضوية "تكوين" حال مناظرة إسلام بحيري ل عبد الله رشدي    الأنبا يواقيم يرأس صلوات قداس عيد استشهاد الأم دولاجي وأولادها الأربعة بالأقصر (صور)    الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانًا بمدينة حدائق أكتوبر    قرار عاجل من «الداخلية» بشأن آخر مهلة لتوفيق أوضاع الأجانب و«ضيوف مصر» (الموعد)    ارتفاع معدل التضخم في إسبانيا إلى 3.3% خلال أبريل الماضي    تعرف على إرشادات الاستخدام الآمن ل «بخاخ الربو»    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    الحكومة التايلندية توافق على زيادة الحد الأدنى الأجور إلى 400 باهت يوميا    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشباح بروكسل: الحنين إلي أرض للملائكة
نشر في أخبار الأدب يوم 22 - 06 - 2019

فن الرواية فن واسع العطاء، يستطيع أن يقدم المبدع من خلاله وجبات فنية وفكرية وسياحية وتوثيقية.. يتحمل تقديم الأشخاص كما يتحمل تقديم الأماكن.. يمكنه أن يستقل بشكله السردي.. ويمكنه أن يندمج مع الفنون الأخري مستفيدا منها.
تبدو رواية »أشباح بروكسل»‬ للكاتب محمد بركة -الصادرة عن هيئة الكتاب 2019- كأنها فترة صمت طويلة للكاتب يتملي فيها لحظات كثيرة وعميقة تصلح للمقارنة، بحثا عن النقاط البيضاء في الحياة من وجهة نظر الراوي في رحلة تتنقل بين مصر وروما وبلجيكا، ينطلق السرد بسيطا وسلسا علي طول الرواية، حتي التقسيمات الداخلية في شكل عناوين وأرقام لا توقف هذا التدفق الذي يسير في اتجاه غايته. تتوزع الشخصيات والأماكن والتصرفات لتمثل مصريين وعربا وإيطاليين وبلجيكيين وآخرين، ربما ليمثل السرد حضارات متنوعة فلا تأتي وجهة نظر الكاتب منحازة أو شوفينية رغم حرص الكاتب علي التمييز بين المصري ابن الحضارات الموغلة في التاريخ وبين العربي ابن الصحراء - (ألا يكفي أنكِ أنتِ وصديقك العربي خالفتما التعليمات المرسلة إليك عبر بريدك الالكتروني ولم تحضرا كاباً أو قبعة.
- أولاً هو ليس عربياً، هو مصري ينتمي إلي حضارة كليوباترا التي ركع أمامها قادة روما، ثم أنه.....) كما أن الكاتب لم يقع في فتنة الغرب وغبن الشرق بالعكس هو يري التجاوزات في كل مكان ففي رده علي الإيطالي الذي يحاول أن يظهر نفسه عادلا فلم يتهمه بالإرهاب واحتقار النساء كونه مسلما عربيا يقول (- وأنا أيضا لم أقل أنك شاذ رغم أن البعض قد يري ذلك كون شريكك في البيزنس مثلي الجنس يشتري ملابسه الداخلية من أشهر الماركات النسائية!)
لكنه يري الأوربيين يسعون للحياة والمغامرة (الأغلبية متقاعدون. ما إن بلغوا الستين حتي قالوا: الآن تبدأ المتعة الحقيقية وننتقل في علاقتنا بالحياة من مرحلة جس النبض إلي خلع آخر قطعة من الملابس، بينما خلّفتُ ورائي نظراءهم ببلادي ما إن يبلغوا تلك السن حتي يغلقوا الأبواب والنوافذ ويقولوا: أقبل يا ملاك الموت).
يستمر الكاتب في مسيرته الناقدة، ولكنه لا يقع في الافتتان فهو كما يعرض صورا لاحتيال المغاربة العرب علي قانون الضمان الاجتماعي للحياة علي بدل البطالة مستغلين ثغرات الفكر الغربي
(أن يكون لديك سيستم يتم التلاعب به أفضل من اللاسيستم، فالنظام المثالي لم يٌخلق بعد.)
مقابل حب الأوربيين للعمل (عدة دقائق تمضي قبل أن أستوعب الموقف وأدرك أنني رحلت إلي أوروبا حيث دقات الكعب العالي التي سمعتها لم تكن أضغاث أحلام، بل إعلان النفير العام لدي مواطنين يسجدون في الصباح الباكر أمام إله العمل في مكاتبه المتناثرة بكثرة حول محل إقامتي)
رغم هذا لا يغفل الراوي عن العنصرية الكامنة بين أبناء أوربا متمثلة في نظرة كل من جنوب بلجيكا ذي الطابع الفرنسي وشمالها ذي الطابع الهولندي إلي بعضهم البعض، أو العنصرية تجاه العرق الأسود في أمريكا التي تملؤها المغالطات عن العرب حتي إنهم لا يصدقون أن في بلادنا سيارات وبيوتا غير الخيام؟
لم يستسلم الراوي أيضا للمقارنات العملية والأخلاقية والفكرية وتفاوت وجهات النظر في الأحداث لكنه أعطي اللحظات الإنسانية مساحة واسعة من عمله.. فهو المشغول بالجميلات وفيوضات الجمال ما بين كلارا الإيطالية التي لا يروضها إلا الاستحواذ الجنسي علي رجل تراه يستطيع ترويض أنوثتها، وبين البائعة الأمريكية ذات الملامح الشرقية التي يتمناها ولو ساعة وتماطله دون تحديد ميعاد العطاء ورغم أنه يمكن ترميز العلاقات الجنسية في الرواية؛ فأبناء الحضارات القديمة أكثر تواصلا معا بعمق إنساني، عكس أبناء الحضارات الحديثة فهم أقل تفاعلا في العلاقات الإنسانية خاصة مع الغرباء، فعلاقة الراوي ابن الحضارة المصرية ب »‬كلارا» بنت الحضارة الإيطالية الرومانية جاءت أكثر تبادلا للعطاء علي المستوي العملي والإنساني، بعكس علاقته ببنت أمريكا التي جاءت محددة ومرهونة بمصلحتها ووقتها.
ولا ينسي الراوي وهو مغموس في فيض الغيب المادي والفكري ان يتذكر الحياة الروحية في الشرق ويحلم بمجنون القرية التي يتبرك به ذوي الحاجات (مرت السنوات دون إجابة شافية ثم حدث أن زارني في المنام. فوق حصان أبيض يرتدي خوذة فضية تلمع في ضوء الشمس. سيف عريض يتدلي من جبينه وهذا الخيلاء المميز للقادة الواثقين من النصر يعلو جبينه. أعدت عليه سؤالي القديم. أضاءت وجهه ابتسامة كالبدر ودعا الله أن ينير قلبي بالإيمان. هل أنار الله قلبي بالإيمان... من أنا وأي شيء جئت أبحث عنه في أوروبا؟) والحق أن الرصد لما هو إنساني صار شبه غاية يريد توثيقها الراوي حتي إنها ولدت أبعادا أخري سياسية في العمل فقد أفرد فصلا يرصد فيه هروب اللاجئين علي لسان أحدهم، والذي وهو يحكي قصته قد تكتشف أبعادا إنسانية ودولية في أزمة العالم المعاصر.
لا توجد في العمل شخصية درامية أو تراجيدية محورية، لكن الروائي المحايد استعاض عنهما بالتوثيق فقدم أكثر من قصة لا تخلوا من درامية فصراع »‬كلارا» الأوربية من أجل هويتها المتمثلة في دخول حرب مع الفساد هناك من أجل إبطال حيله لهدم منزلها القديم لاستغلاله في مشاريع رأسمالية، هو نفس صراع العراقي الذي أنكر عراقيته وادعي أنه سوري للنجاة بأسرته من مهالك الشرق التي أدخلته فيها بخبث الرأسمالية العالمية لتحقيق أهدافها..لكن ظل سؤال دار حوله الكاتب كثيرا ولم يقدم له إجابة: هل ستجدد أوربا شبابها باللاجئين من الشرق أم سيكون هؤلاء هم القصاص العادل لاستعمارها لهم ويدمرون مكتسباتها الحضارية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.