جامعة الأقصر تفتتح مركزًا للطلاب ذوي الإعاقة    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    تفاصيل التاكسى الكهربائى بالعاصمة الإدارية المقرر تشغيله غدا    إنفوجراف| 5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر    .. ومازالت أمريكا- لا ترى-!!    الجنائية الدولية تصدر قرارا من الجنائية الدولية بشأن ليبيا    قائمة بيراميدز – تواجد أحمد الشناوي لمواجهة سيراميكا كليوباترا    كان راجع من الدرس.. مصرع طالب ثانوي في حادث تصادم بالفيوم    ضبط شخص بالمنوفية لقيامه بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب    ميريل ستريب وجوليت بينوش على السجادة الحمراء لمهرجان كان ال77 (صور)    تعرف على القطع الأثرية المميزة لشهر مايو بالمتاحف.. صور    رئيس «تليفزيون فلسطين» بالقاهرة: الإعلام المصري لعب دوراً كبيراً في نقل قضيتنا للعالم (حوار)    الزعيم يضىء شاشات العرب| احتفالية سينمائية بأعمال عادل إمام    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    وزير الصحة يزور مستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»    وزير الصحة يشيد بالدمج بين الخدمات الطبية والتكنولوجيا المتطورة بمستشفى «كليفلاند كلينك أبوظبي»    أسهل طريقة لعمل الكرواسون بالجبنة في المنزل.. وجبة خفيفة للفطار والعشاء    قبل البيرة ولا بعدها؟..تعليق علاء مبارك على انسحاب يوسف زيدان من تكوين    بعد تصدره مؤشر جوجل.. أعمال كريم قاسم الفنية    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    مفاجأة كبرى.. ديبالا في مدريد هذا الصيف    الاتحاد الأوروبي يوسع عقوباته على إيران بسبب روسيا    جيش الاحتلال ينشر خريطة يطالب فيها سكان أحياء بشمال غرب غزة بالإخلاء    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    بعد تصدرها التريند.. تعرف على آخر أعمال فريدة سيف النصر    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    محافظ القاهرة يبحث مع وزير الرياضة عددا من ملفات العمل المشترك    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    حيوان يثير الرعب.. الحكم على 3 مُدانين بقتل شاب في بورسعيد    أشرف عطية يتفقد الأعمال الجارية بمشروع محور بديل خزان أسوان الحر    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    «الزراعة»: مشروع مستقبل مصر تفكير خارج الصندوق لتحقيق التنمية    الشيبي يظهر في بلو كاست للرد على أزمة الشحات    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    انعقاد مؤتمر الأوقاف الدولي الخامس والثلاثين.. أغسطس القادم    العراق يؤكد استمرار دعم "الأونروا" لتخفيف معاناة الفلسطينيين    «صحة النواب» توصي بزيادت مخصصات «العلاج على نفقة الدولة» 2 مليار جنيه    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    «أبوالغيط»: مشاعر الانتقام الأسود تمكنت من قادة الاحتلال    رسميا مانشستر يونايتد يعلن رحيل نجم الفريق نهاية الموسم الحالي    وزير الدفاع البريطاني: لن نحاول إجبار أوكرانيا على قبول اتفاق سلام مع روسيا    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    موقف الخطيب من رئاسة بعثة الأهلي في نهائي دوري أبطال افريقيا    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خير الله الجبل: رواية العلاقات الإنسانية بين سكان العشوائيات

»خير الله الجبل»‬ رواية تتناول قضية العلاقات الإنسانية لطبقة المهمشين وسكان العشوائيات، عن طريق سرد أدبي لحياة سكان عزبة خير الله، وتحديدا بطلة القصة »‬صالحين» وإخوتها الذكور الأربعة الذين يعيشون حالة من التأهب والانتظار الدائم لحياة أفضل.
تأتي الرواية، وهي الأولي للكاتب علاء فرغلي، في وقت تُعد فيه قضية مصير العشوائيات المحيطة بمدينة القاهرة من القضايا الشائكة والمثيرة للجدل، فالرواية تمزج الخيال بالواقع وتتخللها الكثير من الحقائق الواقعية.
يصف الكاتب روايته –الصادرة عن دار العين- بأنها قصة مكان »‬ليس بقرية ولا بمدينة ولا بمجتمع بدوي صحراوي». وتحكي الرواية عن نشأة منطقة عزبة خير الله في قلب القاهرة القديمة، بداية من تسعينيات القرن العشرين وحتي لحظة تقسيم العزبة إلي جزئين بواسطة الطريق الدائري الذي يصل بين مدينة الجيزة والقاهرة الجديدة. ويشبّه الكاتب سكان العزبة ب »‬البطل القومي». إذ يحكي كيف عاني السكان من تحوّل العزبة من منطقة بعيدة مهمشة، إلي منطقة عشوائية مدمرة خربة.
تتكون الرواية من سبعة وعشرين فصلا، منقسمة إلي ثمانين جزءًا يسرد خلالها الكاتب اثني عشر عاما من تاريخ العزبة.
ويأخذ فرغلي القاريء في رحلة يسبر فيها أغوار التركيبة السكانية لأهالي العزبة، ومن خلالها يتّحد القاريء مع أبطال الرواية من أبناء هذه الطبقة المهمّشة، وبالأخص جيران الشخصية الرئيسية بالرواية »‬صالحين».
كما يغوص القارئ في عناصر هذا العالم، السكان، والحكومة الممثلة في الشرطة، وشركة البناء والمقاولات، وشركة الكهرباء، وقنوات التلفاز، ووسائل الإعلام الحكومية والمعارضة، والسكان الأقباط المحافظين، والسكان المسلمين المحافظين، والتلاميذ، وتجار الأعضاء البشرية وتجار المخدارت أيضا.
ويلاحظ القاريء تصاعد الأحداث والتوتر والاشتباك بين أهل العزبة من جهة والحكومة من جهه أخري. وعلي الرغم من استمرار حالة التوتر هذه، إلا أن العلاقة التي تتسم بالشد والجذب لا تصل إلي درجة العداء المعلن الصريح. فسكان حي »‬صالحين» ليسوا مع الحكومة، ولكنهم أيضا ليسوا ضدها في المطلق. والخلاف المحوري بين الطرفين سببه الرئيسي اتجاه الحكومة لإنشاء طريق دائري يشق العزبة إلي جزءين، وليس خلافا مبدئيا أو قضية في حد ذاته.
فالحكومة لا تبدو عازمة علي إزالة العزبة وإخلائها من السكان، ولكنها تعتزم إزالة المساكن التي تعوق إنشاء الطريق الجديد. ومن جهه أخري، لا يعارض السكان فكرة حفر الطريق طالما لن يتسبب في إخلاء وهدم المساكن التي تؤويهم وأسرهم.
ومن وجهة نظر الكاتب، تعتبر الحكومة وجود السكان في العزبة يصب في مصلحتها، وذلك لأن وجود تلك الأعداد الهائلة من البشر في المنطقة ينفي الطابع التاريخي والأثري للمكان، ويحول بين طلب الهيئات العالمية حماية الأماكن الأثرية بالمنطقة.
والحكومة دائما ما تتلاعب بشعبها، وتعتمد علي جهل تلك الطبقة المهمشة وعلي اعتقادهم في الخرافات والشعوذة، فخوف السكان من وجود الجان والعفاريت في الأماكن الأثرية العتيقة، كفيل بأن يبعدهم عن تلك الأماكن، مما يثبت أن للسكان رادع روحاني وديني حتي عندما يغيب الضمير، فعندما تغضب صالحين من إخوتها الذكور، فإنها تبرر ذلك بخوفها من »‬العين والحسد»، وحتي لا يحسدهم الجيران علي تعايشهم في سلام و سعادة، وعندما يمرض أخوها فإنها تستدعي الشيخ يونس، إمام المسجد لطرد الجان من جسده،
وكما يتضح من الرواية، فإن الحكومة تستغل مسألة التديُّن الفطري والبسيط لدي السكان لحماية مصالحها، فتدفع الشيوخ يقنعون السكان بالصبر علي الفقر والأذي والإهمال، وذلك بدعوي أن الله يرزق من يشاء وإن شاء الله لرفع عنهم الفقر، وكأنهم كمواطنين ليست لهم حقوق، وكأن الفقر قد كتب عليهم للأبد كقدر لا يمكن تغييره.
كما أننا نري الشيخ أبو عصام يطلب من »‬أبو ياسين» أن يطيع »‬أميره» الضبع. الضبع ذلك الفتوّة الذي أمر الشيخ يونس بجمع السكان في المسجد الرئيسي ووعدهم بأن يبذل كل جهده لإلغاء قرار إزالة وهدم المساكن. كما أن الكاتب يوضح في الكثير من التفاصيل كيف ينظر سكان العزبة لأهل السلطة والمال وكأنهم أناس في مرتبة أعلي من البشر.
ويوضح الكاتب أن الحكومة لها الأفضلية علي الشعب عبر ثلاثة محاور:
1- عن طريق فهم عقليه السكان وتركيبتهم النفسية وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية.
2- تمتلك الحكومة الموارد الضخمة التي تمكنها من تحسين وتجميل مظهرها العام وصورتها في أعين الشعب.
3- تلجأ الحكومة أحيانا لطرف ثالث لتحقيق أهدافها وفرض السيطرة علي سكان العزبة.
وخلال الرواية تتضح الكثير من الأمور للقاريء وذلك عن طريق الراوي أحيانا أو عن طريق مفكر العزبة أو حكيمها »‬حسن الكتبي». فالراوي يوضح أن أهل القرية يطمعون في الحصول علي مساعدات ومنح دولية لتحسين ظروفهم المعيشية، فيذهبون لتسجيل أسمائهم في قوائم انتظار قد تدوم للأبد، فالانتظار والتوقع تجربة ساحقة ولكنها متوارثة عبر الأجيال المهمشة والمطحونة.
ومن ناحية أخري فإن »‬حسن الكتبي» يقول إن الحكومة لا تستغني عن الطبقة المهمّشة، فهي تحتاج إلي استمرار الفقر والجهل والمرض حتي تصبح هذه الطبقة في لهاث دائم وراء لقمة العيش وتظل في حالة خوف دائم من الجريمة، وبالتالي لا تتبقي لديهم أية طاقة أو قُدْره علي محاسبة الحكومة أو التمرد علي الظروف، فيظل أفراد هذه الطبقة علي هامش المواطنة. وهناك من السكان من يدرك أن الحكومة تريد لهم ذلك المصير مع سبق الإصرار، وبالتالي فهي لا تحرك ساكنا لتحسين ظروف المعيشه للعزبة.
وعند بدايه المواجهة بين الحكومة والسكان حين تشرع الأوناش والبلدوزرات في هدم المساكن، يشتبك الأهالي مع العمال و يهاجمونهم بالحجارة والأسلحة البيضاء، ما يؤدي إلي هرب العمال والسائقين، وعندها تقوم الدنيا و لا تقعد. إذ تنشر جريدة الأهرام الرسمية الموالية للحكومة وصفا لسكان عزبة خير الله بأنهم خارجون عن القانون ومتمردون.
وبعد هذه المواجهة يبدأ الكثير من المهمشين من خارج العزبة التوافد علي خير الله، ظنا منهم أنها منطقة خارج نطاق السيطرة الأمنية. فتكتظ العزبة بالمجرمين والمسجلين الخطرين. كما يدرك السكان أن الضبع، فتوة العزبة، عميل للحكومة ولا يهتم لأمر السكان. كما يتحد أقباط العزبة مطالبين بإنشاء كنيسه كبيرة ومركزا للأقباط في نفس مكان إحدي الطواحين الأثرية.
وقد برع الكاتب في تمثيل كل أطياف العزبة. فهناك الشيخ يونس خادم المسجد وأحيانا خادم الضبع، وهناك الوصوليون أمثال الشيخ أبو عصام، خادم الحكومة. وهناك المعتدلون مثل الشيخ عجمي الذي يكرّس وقته لعمل الخير ومساعدة الآخرين، وهناك من هم ضد الحكومة مثل الشيخ عدوي. وهناك حربي الذي يسرق ويتعاطي المخدرات بينما يتظاهر بالتدين والصلاح.
وبعد موقعة البلدوزر، قام السكان بمواجهة الحكومة مرتين، في المرة الأولي عندما لجأوا لمقاضاتها، وظلوا في حالة ترقب وانتظار حتي أصدرت المحكمة حكمها. وفي المرة الثانية حين أدرك السكان أنهم سيحصلون علي تعويضات بقيمه ألف جنيه فقط عن كل مسكن يتم هدمه فطلبوا من المحامي السلاموني رفع قضية، عندها قامت الحكومة برفع التعويضات لخمسة آلاف جنيه حتي يتسني لهم العثور علي مساكن بديله. ويتضح للقاريء علي لسان الكتبي أن جميع »‬حسنات» الحكومة مثل توزيع المواد الغذائية، هدفه المنّ علي السكان ومحاولة إلهائهم.
وعندما يحين موعد الانتخابات يمر الضبع علي المنازل بصحبه الشيخ يونس ويستحلف السكان علي المصحف الشريف، بأن ينتخبوا الدمام ويدفع لكل فرد 20 جنيها، بينما يحصل الشيخ يونس علي 50 جنيها باعتباره إمام المسجد.
كما تسعي الحكومة إلي خلق وعي جماعي مزيف عن طريق إنشاء معسكرات الشباب. وعندما ينضم »‬علي» شقيق صالحين إلي عضوية الحزب الحاكم، أصبح يتمتّع بعضوية معسكر الشباب، بل يحصل علي وظيفة خلال أشهر الصيف بالمعكسر، ويحصل علي وجبات مجانية ويستخدم صالة ألعاب الفيديو وملعب كرة القدم.
وعندما يتضح له فساد الإدارة في المعسكر يقوم بتمزيق كارنيه العضوية في المعسكر، وفي الحزب السياسي أيضا.
يصف الكاتب عن قرب حياة صالحين بما تحتويه من تفاصيل تعكس تدني الأخلاق والحالة العامة لأهل العزبة. وعلي الرغم من ذلك، فصالحين وأسرتها قد تأقلموا سريعا علي حياة العزبة بعد انتقالهم إليها واندمجوا سريعا مع الجيران، وأصبح الشيخ يونس المرشد الروحي لهم، وأصبح الكتبي بمثابه الأب، كما أصبحت بطرسة القبطية صديقة صالحين الحميمة. كما أن الشيخ العجمي وعائلة خليل وأبو ياسين دائما في خدمتهم.
وتلعب صالحين دورا محوريا في الأحداث اليومية للعزبة، ويتجلي ذلك للقاريء في ثلاثة مواقف:
1-في مواجهه الضبع.
2-في مواجهه أوناش الهدم.
3- في زيادة قيمة التعويضات.
فصالحين تقول لأخيها »‬علي» أنها ألحقته بكلية الإعلام حتي يساعد أهل العزبة وأهله وتحسين ظروف معيشتهم، وقد بكت صالحين فرحا عندما بشر »‬علي» السكان بزيادة التعويضات وقد أصبحت له مكانة بين السكان ولقبوه بالأستاذ.
وتظهر صالحين علي مدار الرواية كشخصية مستقلة، لا تأخد من كلام الشيوخ إلا ما يتناسب مع قناعاتها الشخصية، كما أنها ترفض أن تخضع لأي شخص حتي لو كان »‬الضبع». كما أنها شخصية متسامحة ومنفتحة علي الغير بدليل أن صديقتها الحميمة قبطية كما أنها باعت قطعة من أرضها للمحامي السلاموني وهو قبطي.
في بداية الرواية كانت صالحين وإخوتها بلا مأوي ولا أهل، ولكن مع تطور الأحداث فإن حياتهم أيضا تطورت وأخذت منحي للأفضل. فحصل ناجي –أكب إخوتها الأربعة- علي منحة تعليمية وحصل هو و»علي» علي شهادات جامعية كما أصبحت صالحين مثلا أعلي للسكان.
لم تعد صالحين الفتاة الساذجة المغلوبة علي أمرها، بل أصبحت نموذجا يحتذي به، وبالرغم من ذلك أصر الكاتب أن يوضح أن صالحين وجيرانها لم يفقدوا فقط مسكنهم، بل فقدوا جزءً هاما من حياتهم، كيانهم وذكرياتهم.
كما يبين الكاتب أن صالحين بالرغم من كونها فتاة بسيطة، إلا أنها تتمتع بذكاء فطري وحكمة تحسد عليها. فهي دائما ما تستعين بنصائح أبيها الراحل، كما كانت تتندر بالأمثال الشعبية البسيطة والمقولات المأثورة التي ورثتها من أمها وجدتها. كما أنها تتميز بالصبر وطول الأمل والإيجابية والمقاومة في صلابة وثبات، مما جعل الكثيرين يتقدمون لخطبتها.
وقد برع الكاتب في جذب القاريء و إغراقه في تفاصيل الحياه اليوميه للسكان، وبالأخص وضع المرأة في المجتمعات العشوائية عن طريق سرد لتفاصيل حياه فتاة لا يتعدي عمرها 15 سنة.
فالمرأة لا تتساوي مع الرجل في تلك المجتمعات بسبب الموروثات الاجتماعية والتقاليد الشعبية، ولكن صالحين تغلّبت علي تلك الموروثات وحفرت لنفسها مكانة خاصة عن طريق اختيارها بأن تكون بمثابة أم لإخوتها الذكور. مما يُذكّر بمقولة ل »‬ألبرت حوراني» في »‬تاريخ الشعوب العربية» أن المرأة العربية تستطيع الحصول علي مكانة رفيعة و سلطة عليا كأم للذكور وكزوجه أولي.
وفي النهاية، وبغض النظر عن وضع عزبة خير الله كمنطقة عشوائية ليست بقرية وليست بمدينة ولا بمجتمع بدوي، إلا أنها تعكس الكثير من عادات المجتمع المصري بصفة عامة، كما توضح الرواية كيف تتحكم الحكومة في المهمشين وتضيّق الخناق عليهم من »‬أعلي» ومثلما يقول »‬بسمارك» إن الحكم هو فن اقتياد البشر والتلاعب بهم والاستحواذ عليهم، ومن يتقن ذلك الفن يجبر البشر علي الخضوع والتسليم حتي يتحكّم في مصائرهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.