السجين "البرئ" يروي مأساته في انتظار دوره بغرفة الإعدام "ضعف نظر" المحقق فى القضية دفع المحكمة الى تجاهل أدلة براءته ثلاثون عاماً، فقد خلالها سنوات شبابه بأكملها، عاشها منفرداً في حجرة صغيرة بين جدران السجن، وذلك بعد إتهامه فى جريمة قتل لم يقترفها، ولم ينته الامر عند هذا الحد بل ظل مستعداً طوال تلك السنوات لتنفيذ حكم الاعدام الذي تلقاه امام المحكمة، أصبح رفيقاً للسجناء المنتظرين لحكم الاعدام، وعاماً بعد الآخر ظل يخسر زملاء السجن بعد تنفيذ أحكام الاعدام ضدهم، هاجس الاعدام والموت ظلماً كان رفيقه الحقيقي الذي لم يفارقه يوماً، الى ان أشرقت الشمس لتعيد النور الى حياته من جديد. "الشمس تشرق"، رواية من ارض الواقع تحمل تفاصيل إنسانية تجسد معاناة رجل تذوق الظلم وعاش بين ظلماته، يروي فيها الامريكي انتوني راي هينتون قصته التى تكشف عن الوجه الآخر للعدالة فى ارض الحرية التى تطلق شعارات لا تنطبق على ارض الواقع فى الكثير من الاحيان، بدأ الفصل الاول من قصة انتوني هينتون فى برمنجهام بولاية الاباما الامريكية، ليقع ضحية سوء الحظ بسبب تواجده بالقرب من مسرح جريمة قتل شخصين ثريين يعيشان فى شارع واحد ويدير احدهما احد المطاعم الشهيرة، وتزامن توقيت الحادث مع فترة العمل المسائية لعمله فى متجر برونو، وعلى الفور اشارت الشرطة الامريكية بأصابع الاتهام نحو هينتون وعمره وقتها 29 عاما لتسارع بتحويله من مشتبه به الى مجرم متهم بقتل شخصين، وانتهى الاعتداء بمقتل المدير الثري ونجاة الضحية الثاني من الاعتداء ليؤكد انه تعرض لإطلاق نار من شخص تتبعه دون ان يستطيع رؤيته، وبعد نجاته من الحادث عرضت الشرطة عليه صور لعدد من العاملين فى المنطقة والمشتبه بهم، ولسوء حظ هينتون اختار صورته مؤكدا انه من المحتمل ان يكون المتهم بالرغم من عدم مشاهدته له بشكل واضح. أدلة البراءة بدأت التحقيقات فى الحادث لتستعين المحكمة بمحقق وخبير سلاح لديه مشكلة صحية تتمثل فى فقده إحدى عينيه، وبالرغم من مشكلته الطبية الا انه تعامل مع القضية بصرامة وجدية شديدة واطلق تقريرا صادما للشرطة استنكر فيه اتهام هينتون وكشف عن خلو لائحة اتهامه من الادلة المادية التى تكشف تورطه فى الحادث بدءاً من السلاح المستخدم فى الجريمة والذي لا يتطابق مع سلاح المشتبه به بالاضافة الى صعوبة رؤية المجني عليه للقاتل فى الظلام ومن الخلف وعلى مسافة بعيدة عنه، وبالرغم من تأكيد التقرير على براءة هينتون الا ان المحكمة لم تأخذ به بسبب المشكلة الصحية لدى المحقق المسئول عن القضية مؤكدة معاناته من مشاكل فى النظر أثرت على التحقيقات، كما تجاهلت المحكمة خضوع المتهم لجهاز كشف الكذب والتأكد من براءته. يوميات الاعدام اغلقت الشرطة ملف قاتل الشوارع المجهول فى برمنجهام الامريكية ليحصل المتهم ظلماً على حكم بالاعدام إنتظر تنفيذه سنوات كالمتبع فى السجون الامريكية، التحق بمركز هولمان الاصلاحي بأتمور وخلال سنوات ظلمه شهد إعدام 54 متهما ليكشف ان غرف الاعدام وممراتها كانت الكابوس الاسوأ لكل السجناء، وقبل تنفيذ الحكم على احد زملائه يشعر ان دوره يقترب، ويروي هينتون انه قبل ليلة من تنفيذ حكم الاعدام يلتزم السجين بجدول وقتي تبعا لأوامر السجن ويستعين السجين فى غرفة الاعدام برجل دين يسجل لديه اعترافاته وكلماته الاخيرة، وعندما يستمع السجناء الى اصوات المولدات الكهربائية يقوم بالطرق على ابواب زنزانتهم فى وسيلة تعبير للغضب والتضامن مع السجين اثناء اعدامه، وكانت الوسيلة المتبعة خلال تلك السنوات، الاعدام بالكرسي الكهربائي ليروي هينتون تفاصيل أخرى مؤكدا ان رائحة تفحم جسد السجين تظل عالقة فى اروقة السجن ويشتمها الجميع عدة ايام بسبب الكرسي الكهربائي التى تحرق اجسادهم، وذلك قبل تغيير وسيلة الاعدام الى الحقنة السامة فى عام 2002. اما يوميات سجناء الاعدام فيقول هينتون ان طعامهم يحمل مرارة الاعدام ومذاق يحمل رائحة الموت فوجباتهم هى موعد مع اسوأ الاطعمة على الاطلاق بالاضافة الى عثورهم الدائم على الزواحف وغيرها فى اواني طعامهم، ويؤكد هينتون ان سنوات سجنه الاولى لم يتحدث فيها الى اي شخص سوى والدته اثناء زياراتها له وبعد وفاتها اضطر الى الانفتاح على زملاء السجن ليصبح الصديق الاقرب لعدد كبير منهم ممن صدقوا روايته وتعاطفوا معه. أبرياء في انتظار الكرسي لم يكن سهلا على سلطات ولاية الاباما الاعتراف بخطأ فى التحقيقات فالحصول على حكم الاعدام يعد قرار نهائي يصعب إعادة التحقيق فيه او الرجوع عنه، عندما اقترب تنفيذ الحكم قرر هينتون الاصرار على الاستئناف مؤكدا انه طلبه الاخير قبل الاعدام وبالفعل وافقت سلطات الولاية ليحصل بعد معركة قضائية طويلة على الحكم ببراءته وإطلاق سراحه، حين حالفه حظه للحصول على محامي خاص يدعى براين ستيفنسون قرر فتح ملف القضية من جديد والاستعانة بتقرير براءة هينتون وإظهار أدلة براءته من جديد لتقضي المحكمة العليا الامريكية بإرتكاب المحكمة الابتدائية خطأ كبيرا، عاد هينتون الى منزله فى النهاية ليطالب ولاية الاباما بتعويض يصل الى مليون ونصف دولار امريكي الا ان الولاية رفضت طلبه. وفي كلمات هينتون الاخيرة تساءل عن عدد الاشخاص الابرياء ممن ارسلهم المدعي العام المسئول عن قضيته فى ذلك الوقت وهو روبرت مكجريجور وغيره ممن يرسلون المئات الى غرف الاعدام بالرغم من براءتهم فهناك 1200 شخص فى انتظار تنفيذ حكم الاعدام وعلى الاقل هناك واحد من كل عشر مدانين برئ وضحية تقارير ومحاكمات خاطئة.