قبل 40 عاما كان هناك رجل يجعل الجميع يصرخ من حوله، وكانت أمامه مربية أطفال تدافع عن نفسها أمام إصرار هذا الرجل على ذبحها، لكنها تمكنت من التغلب عليه بعد أن طعنته بسكينته الحادة، ليرقد على الأرض وتظن المربية أنه رحل عن الحياة، وتذهب بعدها إلى الأطفال التى ترعاهم للاطمئنان عليهم، لكن الرجل لم يمت لكنه يصر على الانتقام من المربية وذبحها لأنها فلتت من يده وتغلبت عليه. هذه المربية هى «لورى سترود» امرأة وحيدة غير مستقرة فى حياتها، لكنها تتمتع بالشجاعة الكبيرة، أما الرجل فهو «مايك مايرز» ذلك السفاح الشهير، ونحن نتحدث هنا بالطبع على فيلم «هالوين»، ذلك العمل الذى يعد البداية الحقيقية فى تطور سينما الرعب والإثارة الأمريكية، ورغم أنه كان عملا ذو ميزانية ضئيلة، إلا أنه حقق صدمة كبيرة بين المشاهدين حول العالم، ووصلت إيراداته وقت صدوره فى نهاية السبعينيات إلى 70 مليون دولار، وهو الرقم الساحق فى هذا التوقيت، لينتج عن الفيلم الأصلى سلسلة طويلة من الأجزاء، لكن كانت غالبية هذه الأجزاء ضعيفة وليست على قوة مستوى الفيلم الأصلي. لكن المخرج دافيد جوردون جرين - وهو بالمناسبة أحد أشهر مخرجى الأفلام الكوميدية فى العشر سنوات الأخيرة - أراد الاحتفال بمرور 40 عاما على الفيلم الأول، بتقديم جزء جديد يعيد أسطورة «مايك مايرز» إلى الحياة، لكن فى عمل مميز شأن الفيلم الأصلي. ويحمل الفيلم الجديد اسم «هالوين» ويعتبر الجزء الحادى عشر من السلسلة، والتى صدر أول أجزائها عام 1978، والمميز فى هذا الجزء أن مخرجه أكد أنه قدمه كأول جزء تالى للفيلم الأصلي، بعد أن تجاهل كل الأحداث التى حدثت فى الأجزاء التسع السابقة، وكأنها لم تحدث من الأساس، ويتولى إنتاج الفيلم كل من جاسون بلام منتج العديد من أفلام الرعب الناجحة وذات الميزانية الضئيلة، وكذلك مالك العقاد الذى شارك فى إنتاج الجزء الأصلي، وهو ابن المخرج الكبير الراحل مصطفى العقاد، والذى قرر مالك أن يهديه إلى روحه. وتعود نجمة السلسلة جايمى لى كيرتس لتجسيد دورها «لورى سترود» التى تسعى للانتقام من «مايرز» وقتله فى ليلة «الهالوين»، كما يعود الممثل نيك كاسل لتجسيد شخصية «مايك مايرز»، أيضا يشارك صاحب الفيلم الأصلى جون كاربنتر فى الفيلم، ليس بصفته مخرج، لكن كمؤلف الموسيقى التصويرية للعمل، ومنتج منفذ له، وكذلك مستشار فنى للعمل ككل. عرض الفيلم للمرة الأولى ضمن فعاليات مهرجان «تورنتو» السينمائى فى دورته الماضية، وخلال مشاركته نافس على جائزة اختيار الجمهور، فى قسم «جنون منتصف الليل» الذى يعرض به أفلام الرعب والإثارة والجريمة. قبل أن يصدر بدور العرض العالمية مؤخرا، وقد وصلت إيراداته حتى وقتنا هذا إلى 251 مليون دولار، منها 159 مليون دولار داخل الولاياتالمتحدة وكندا، وخارج الحدود الأمريكية، جاءت أعلى إيرادات له داخل كل من المكسيك وبريطانيا وروسيا، وبهذا يصبح الجزء الجديد هو الأعلى دخلا على امتداد أجزاء السلسلة، وليس هذا فحسب، لكنه حطم رقم الإيرادات الخاص بالجزء الأول من سلسلة «سكريم»، التى تعد الأكثر قربا من سلسلة «هالوين»، فكل منهما تقوم على القاتل الذى ينهى حياة ضحاياه عن طريق الذبح، لكن تجدر الاشارة إلى أن أول من قدم القاتل الذى يذبح ضحاياه، وهو رائد سينما الرعب والإثارة الفريد هيتشكوك الذى قدم تلك الشخصية فى فيلمه الأشهر «سايكو» عام 1960. بداية ساخنة تبدأ أحداث الفيلم مع «مايك مايرز» ذلك السفاح الشهير، الذى ذبح 5 أشخاص قبل 40 عاما فى بلدته، ونراه فى أحد السجون شديدة الحراسة، لكنه يتمكن من الفرار أثناء ترحيله، وكله رغبة وإصرار فى ذبح «لوري» التى نجت من قتله قبل سنوات طويلة، وفى المقابل نجد «لوري» مستعدة لمواجهة «مايرز»، وهى أيضا تسعى إلى قتله والتخلص منه، وقد جهزت منزلها بجميع أنواع البنادق والأسلحة استعدادا لمجيئه، فى الفيلم لا نجدها خائفة تحاول الهروب والاختباء من ذلك السفاح الدموي، بل على العكس هى مصممة على تخليص العالم من شروره، بعد أن قلب حياتها إلى جحيم، وجعلها تفقد الثقة فى الجميع، وهو ما أدى إلى فشل زواجها وسوء علاقتها بابنتها الوحيدة. أفضل أجزاء السلسلة حرص المخرج دافيد جوردون جرين على اللعب على وتر قوة المرأة فى التغلب على أى شيء، بعد أن جعل «لوري» تتحد مع ابنتها وحفيدتها لقتل «مايرز»، فنسيت الابنة خلافاتها مع «لوري» بسبب وجود هدف أسمى وهو التخلص من ذلك السفاح وشفاء والدتها من عقدتها. ورغم أن جوردون جرين ليس من رجال عالم الرعب فى هوليوود، لكنه نجح فى تقديم ثانى أفضل أجزاء السلسلة، بعد الجزء الأصلي، فقد أعاد تلك السلسلة إلى مكانتها التى تستحقها بين سلاسل الرعب السينمائية، وهى المكانة التى أضاعتها الأجزاء السابقة، لينجح فى نيل اعجاب واهتمام الأجيال الجديدة التى لم تشاهد الفيلم الأول، لكنها كبرت على الأجزاء التالية، وهى الأجزاء التى لعبت دورا كبيرا فى تشويه رهبة وقوة الجزء الأصلي. بهذا الفيلم، لم يخيب جوردون جرين ظن صانع الفيلم الأصلى جون كاربنتر فيه، بعد المستوى المتميز للفيلم الذى لاقى اشادة واعجاب كل من شاهده، حتى مع وجود بعض الملاحظات البسيطة، مثل عدد من الحوارات الطويلة المملة التى يمكن حذفها دون أن تضر الأحداث، لكن رغم ذلك يبقى الفيلم ممتعا وجديرا بالمشاهدة. فى يونيو الماضي، كان هناك أقاويل حول عزم جوردون جرين تقديم جزءين تاليين بعد الجزء الجديد، ؛ لكن على أن تكون أحداثهما سابقة له، لكن جوردون أعلن عن عدم الاستقرار على أى جزء جديد إلا بعد معرفة رد فعل الجمهور والنقاد حول فيلمه، ومع النجاح الساحق له أعلن المنتج جاسون بلام عن البدء بالفعل فى التحضير للجزء المقبل.