هل يأتي يوم، يضمد فيه العرب جراحهم ويداوون أوجاعهم؟.. وتعود بغداد قلعة الأسود، ودمشق الفيحاء وصنعاء الحصن وطرابلس أم المدائن؟ في الأيام الصعبة كان للعرب وجود، يجتمعون ويتشاجرون ويختلفون.. لكن في النهاية كان لهم وجود، حتي في مؤتمرات القمة التي كان البعض يسخر منها، ويسميها منتديات الشجب والإدانة.. لكن كان هناك شيء اسمه العرب، وكانت هناك نظرية اسمها الأمن القومي العربي. الأمن القومي العربي، كان له مدلول واحد، هو مواجهة خطر إسرائيل، وأطماعها التوسعية واستيلاؤها علي فلسطين والأراضي العربية بعد هزيمة 67.. والآن أصبح للأمن القومي العربي مخاطر أخري كثيرة، آخرها إسرائيل. إيران، وتدخلها السافر في الشأن الداخلي للدول العربية، ليس دول الخليج فقط، وكانت مصر هي البداية، بعد مجيء الخميني وآيات الله إلي الحكم، وتبنيهم سياسات معادية، وضلوعهم في مؤامرات سافرة، ومساندتهم للجماعات الدينية المتطرفة. إيران الآن صارت مصدراً لتهديد الأمن العربي لدول الخليج، بالسطو علي الجزر العربية والهيمنة علي الخليج العربي، والقلاقل والاضطرابات التي تحدثها في موسم الحج، وتدخلها العسكري في اليمن، ووقوفها وراء الحوثيين وإمدادهم بالأسلحة والصواريخ، وهي المسئول الأول عن إراقة الدماء وإزهاق الأرواح. تركيا.. صارت عدواً للأمن القومي العربي، بعد أن تسللت إلي بعض الدول العربية بدهاء وخبث، لتلعب دور الحليف والصديق، لكن سرعان ما انكشف الغطاء عن وجهها القبيح. جيوش الغزو التي تحتشد في المنطقة، لا تهدد الأمن القومي العربي فقط، بل استباحته وتدوسه بالأحذية الثقيلة، واتحدت مصالحها علي إسقاط الأنظمة العربية، وتمد جميع الأطراف المتحاربة بالسلاح والعتاد، ليقتلوا بعضهم بعضاً، وتستمر الفوضي. قطر.. ابحث عنها وعن أموالها ومؤامراتها في كل كارثة في المنطقة العربية، وكأنها مبعوث الشيطان الذي يبحث له عن دور، كانت وراء الربيع العربي، وأرادت أن تستكمله بربيع خليجي يزيد النار اشتعالاً، ويأتي علي البقية الباقية من الاستقرار في المنطقة. الإرهاب.. صار العدو الأكبر للأمن القومي العربي، ويوم اشتعلت شرارة الحروب الدينية، تفككت الجيوش وانهارت المؤسسات، وضاعت الدول الوطنية في أتون الصراع، فصرت تجد بشراً يحرقون بلادهم ويقتلون شعوبهم، وصارت الميليشيات المسلحة بديلاً للجيوش الوطنية، ورفعت أعلام سوداء، وهتفت بأناشيد إرهابية، وحرقت المساجد والكنائس والمزارع والمصانع، وحولت الدول إلي أنقاض وخراب. لم تعد إسرائيل كما كانت قديماً هي العدو الأول للأمن القومي العربي، وصار الأعداء كثيرون، فوق الأرض وتحت الأرض، ومن كثرة أعدادهم، ضاعت الأحلام والطموحات. كان العرب منذ سنوات يتحدثون، عن معاهدة الدفاع المشترك، ووصلت الآمال إلي المطالبة بجيش عربي تحت قيادة عربية موحدة.. ولكن بات السؤال الآن: جيش يتكون من أي الدول، ومن هو العدو الذي يحاربه؟. كانت الجامعة العربية تسعي إلي إنشاء سوق عربية مشتركة، فلعل وعسي نصل يوماً إلي ما يشبه السوق الأوربية، والآن تقطعت الطرق في الصراعات، وتبددت الثروات في الحروب وشراء الأسلحة، وصارت الفجوات بين دول الثراء ودول الفقر شاسعة، إلي درجة لا تقبل الاشتراك. وتبددت الأحلام، وأصبح الحلم العربي هو العودة إلي عصر القمم العربية، التي كان الزعماء فيها يتشاجرون ويختلفون، ولكنهم علي الأقل كان لهم وجود في كثير من الأزمات. وقفوا بجوار فلسطين وجعلوها قضيتهم الكبري، وساندوا مصر بعد نكسة 67، وقدموا لها الدعم والمساندة، ويد الأخوة في حرب أكتوبر المجيدة، ومواقف عربية كثيرة، لا يغفلها إلا جاحد.. إحنا فين والأيام دي فين؟. الأمل الآن في القاهرة - الرياض، عاصمتي القوة والمنعة والاستقرار، وبمقدورهما أن تقودا المسيرة، وتستعيدا اللحمة ووحدة الصف، وتشتركا معاً في استرداد العواصم العربية التي داستها الأحداث. نعم.. مصر والسعودية الأمل الباقي، لاستعادة الحلم العربي.