»وحشتوني والله يا رجالة كلها كام يوم ونازل إجازة» بهذه العبارة اختتم المجند محمد السيد شعبان 21 سنة ابن قرية العامرية التابعة لمركز الفيوم الذي طالته يد الإرهاب الغاشم في هجوم مسلح علي كمين رغدان بشمال سيناء أثناء تأدية واجبه الوطني حياته للأبد عبر صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي »فيس بوك» في أكتوبر 2016 وهو شهر الاحتفال بنصر أكتوبر العظيم وكأن العبارة يوجهها لزملائه الشهداء الذين سيلتقي بهم في نعيم الجنة. الشهيد البطل الذي كان يعشق تراب وطنه كان يشتهر بين أصدقائه بلقب »محمد جدو» تيمنًا بلاعب النادي الأهلي السابق محمد ناجي جدو لحبه الشديد للنادي الأهلي، عباراته كانت رنانة فآخر ما تحدث به لأصدقائه حول الأوضاع في سيناء بأنها أكثر استقرارًا وأنه تم القضاء علي الإرهاب هناك بنسبة كبيرة، وكان يحدوه الأمل في أن ينهي خدمته العسكرية ليعود إلي زوجته وطفلته، ولكنها إرادة الله أن يستشهد ويترك طفلته تحمل اسمه من بعده. تقول رقية أحمد شعبان »زوجة الشهيد» إنها تتذكر زوجها في كل وقت ولم يغب عن بالها أبدًا، وأنه في آخر إجازة له كان دائم الجلوس مع طفلته ريتاج ذات ال 4 أشهر وقتها وكنت استيقظ من النوم في الليل أجده يحملها وينظر إليها ويحتضنها وعندما سألته جاوبني »بنتي بتوحشني أوي ونفسي اشوفها عروسة في يوم من الأيام» مشيرة إلي أنها متزوجة من الشهيد قبل تاريخ استشهاده بنحو عام وثلاثة أشهر وأنجبا طفلتهما ريتاج، وأنها تحتسب زوجها مع الشهداء. وأضافت أنها في آخر مكالمة بينهما قبل استهشاده بيومين وأكد لي أن الأمور تسير بصورة أفضل وسألني علي نجلته وطمأنته عليها وعلي والده ووالدته وبعدها جاءني خبر استشهاده، مشيرة إلي أن نجلته تبلغ من العمر نحو عامين وبضعة أشهر ودائمًا أجعلها تشاهد صور والدها كي تتذكره بالخير وتعرف أنه استشهد فداء للوطن وأنه ضحي بنفسه من أجل أن تنعم مصر بالأمن والاستقرار. وقالت والدة الشهيد باتعة محمد علي إن نجلها كان مواظباً علي أداء الصلاة ويتسم بالأدب والاحترام ولكن الإرهاب الغاشم لا يفرق بين هذا وذاك، مشيرة إلي أنها مازالت تتذكر ابتسامته ووجهه البشوش الذي كان يملأه الأمل وأنها دائمًا تتذكره بكل خير ولم يفارق ذاكرتها أبدًا وأنها دائمًا تذهب إلي قبره بصحبة طفلته ريتاج لتعرف أن والدها استشهد بطلا مغوارًا مدافعًا عن أرض الوطن من الخونة والإرهابيين القتلة الذين لا دين ولا عهد لهم. وأوضحت أنه علي الرغم من مرور أكثر من عامين علي رحيل نجلها إلا أنها دائمًا تراه في منامها مبتسما وضاحكا وأنه موجود بيننا ولكن لا نشاهده فالشهيد حي يرزق عند ربه ونحن لا نشعر به، مشيرة إلي أنها لم تنسه يومًا وتدعو له في كل وقت وأثناء الصلاة، وأنه علي الرغم من أن فراقه صعب إلا أن ما يجعلني صابرة أنه لقي ربه شهيدًا وهو في منزلة أعلي ممن كان عليها في الدنيا عند رب العباد. بينما يشير محمود غريب »صديق الشهيد» أن الشهيد كان يتمتع بالخلق الحسن والسمعة الطيبة وكان يشتهر بالمجاملة للجميع فلا يفوته واجب في القرية وهو الأخ الأوسط بعد شقيقه الأكبر رجب 27 سنة، وبعده محمود 17 سنة، وشقيقته رضا في الصف الثالث الابتدائي، ووالده يعمل خفيرا نظاميا ووالدته ربة منزل. مشيرًا إلي أن خبر استشهاد »جدو» نزل كالصاعقة علي جميع أهالي القرية لما يتمتع به الشهيد من حسن الخلق وروح الدعابة والرجولة المفرطة. ويتابع أن صديقه كان دائما يحكي له عن بطولات الجيش المصري في سيناء وحربه علي الإرهاب، مشيرًا إلي أنه فور أن دخل الجندية كان يشعر بالفخر وقضي من مدته عاما ونصف العام وكان يتبقي له مثلهما لإنهاء الخدمة فهو غير متعلم ولكنه كان يؤمن بأن الجندية شرف وكان دائم الحديث عن الاستشهاد في سبيل الله والوطن ونال ما تمني وتحققت نبوءته بالشهادة، ومع مرور أكثر من عامين علي استشهاده إلا أنه مازال متربعًا في قلوبنا جميعًا.