في أقصي جنوب غرب البلاد وبالتحديد في واحة سيوة الفريدة توجد طقوس خاصة لرمضان بين سكانها الذين ينتمون إلي 11 قبيلة ،وكلها طقوس تناسب تلك الواحة التاريخية التي يرجع تاريخها إلي العصور الرومانية القديمة،وحملت العديد من الألقاب مثل »جوهرة مصر في الصحراء الغربية» و»واحة الأحلام والأساطير»، حيث الفطرة والجمال والآثار وعيون الماء المتدفقة من باطن الأرض، والنخيل والزرع والزيتون وسحر البشر التي تمتلئ حياتهم بعادات وتقاليد وخصوصية يمتازون بها دون غيرهم لذا كان لشهر رمضان عند »السيويين» عادات وطقوس خاصة،ويشير حمد خالد شعيب الباحث في أطلس الفلوكلور المصري، إلي أن أهالي سيوة متدينون بالفطرة، لذا يتعاملون مع شهر رمضان بإجلال وورع ويمتنعون عن اللهو والموسيقي بما في ذلك آلة »الشبابة» المحببة إليهم، والتي يسمونها بلغتهم الأمازيغية »تي شببت»،كما يتوقفون عن أداء رقصة »الزقالة» الشهيرة وهي الرقص بالعصي كما يمتنعون عن كل الأشياء التي تلهيهم عن ذكر الله،كما يلفت إلي وجود طريقتين دينيتين في الواحة، أقرب للتصوف »الطريقة السنوسية» و»الطريقة المدنية»، وساهمتا في لم الشمل بين أهل سيوة الشرقيين والغربيين وقضت علي النزاعات والخلافات بينهم . ومع الأيام الأخيرة لشهر شعبان تقوم النساء والأطفال بتنظيف الساحات حول المنازل وقطع بعض عراجين البلح، وتعليقها علي أبواب المنازل ابتهاجاً بقرب الشهر الكريم،ورغم أن نساء سيوة جميعهن منقبات بطبيعتهن، إلا أنهن يحتجبن تماماً عن الخروج طوال شهر رمضان . وقديماً كان يتمركز شخص حاد البصر ويتمتع بالسيرة الطيبة ويطلقون عليه اسم »القدوة» ،كان يلزم أعلي نقطة في جبل »شالي»أو جبل الدكرور أ بالواحة، ومعه طبلة كبيرة لمراقبة طرق الواحة وقرع الطبل وتنبيه الناس في حالة رؤيته لدخيل أو غزاة للواحة، وكان من ضمن مهامه أيضاً استطلاع الهلال من مكانه المرتفع حيث توضع بجواره »قصعة» كبيرة بها ماء لتكون بمثابة مرآة عاكسة وعندما يشاهد الهلال منعكساً علي سطح الماء، يقرع الطبل بطريقة معينة، معلناً عن رؤية الهلال ومع التطور أصبح الإعلان عن رؤية الهلال بإطلاق أعيرة نارية، وكل من يسمعها يطلق أعيرة أخري ليعرف أهالي المناطق البعيدة بقدوم الشهر الكريم،ويؤكد شعيب أن سيوة من المجتمعات التي عرفت المسحراتي منذ القدم، حيث كان يقوم شخص بركوب الحمار والطواف علي منازل الواحة وإيقاظ أهلها للسحور،ومازالت هذه العادة موجودة حتي الآن . فيما يشير الحاج ابوبكر القاسم من عواقل الواحة إلي أنه تتكفل مجموعة من الأهالي في كل رمضان، بالمرور علي المنازل وجمع الطعام والنقود ثم إعادة توزيعها علي بيوت الواحة، وأصبح هذا التقليد عرفاً منذ القدم ولا يسبب حرجاً للفقراء، ويوضح أن من أهم الأكلات : الملوخية السيوي والأرز بأصنافه والمكرونة واللحوم، ويفطر أهالي سيوة علي التمر والرايب أو الزبادي ثم يذهبون إلي صلاة المغرب في المسجد، ومن المشروبات الخاصة بهم »اللتبي» أو روح النخلة وهو يستخلص من أحد أجزاء جزع النخلة وهذا المشروب مفيد ومقوي، لكنه إذا بات لليوم الثاني أصبح خمراً وضاراً . وتنفرد سيوة بظاهرة جميلة وهي الاحتفاء بالصائمين الجدد في كل عام، حيث إن الصبي الذي يصوم لأول مرة لا يفطر في منزله إلا آخر يوم في رمضان، حيث يتبادل أقاربه وجيرانه ومعارفه استضافته يومياً علي الإفطار وتقديم الهدايا له احتفاءا به وبصيامه،ويشير عبدالسلام كيلاني إلي أنهعند إتمام الصائم أول مرة صيام 15 يوماً،يقوم بعمل» الأشنقوط »، وهو عبارة عن حفلة يجمع فيها أصدقاءه وأقاربه ويقدم لهم الطعام المكون من مكرونة ورقاق ملفوف بداخله لحم البط والبيض، ويقدم لهم الحلو طبق العصيدة وتتكون من الدقيق والسمن البلدي والسكر الناعم،وعند إسكماله صيام كل شهر رمضان، يقوم في أول أيام العيد بتوزيع النقود المعدنية الجديدة .