جامعة قناة السويس تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر (صور)    "راحت عليك" تعود للحياة بعد 100 عام على مسرح الأوبرا المصرية    جامعة المنوفية ال9 محليًا و28 إفريقيًا بتصنيف ليدن الهولندي في التأثير العلمي    «التضامن» تقر تعديل قيد وتوفيق أوضاع 7 جمعيات في 4 محافظات    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم    «جهاز العبور الجديدة»: تسريع وتيرة العمل لتلبية احتياجات المواطنين    داليا الهواري: استراتيجية وطنية متكاملة لتعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة    الإسكان تعلن موعد تسليم الدفعة الأولى من أراضي "الرابية" بالشروق    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل التعاملات    بمشاركة السيسي، انطلاق أعمال قمة بريكس بلس    دبلوماسيون: حزب الله لا يزال قادرا على استيراد الأسلحة واستبدال القادة الذين يتم اغتيالهم    للمرة الأولى منذ بدء الحرب.. إطلاق 50 صاروخا نحو الجليلين    الهند.. استعدادات لإجلاء مليون شخص وإغلاق المدارس تأهبًا لعاصفة استوائية    بيراميدز يواجه سيراميكا لتحديد صاحب الميدالية البرونزية في السوبر المصري    بعثة الأهلى تعود للقاهرة عقب مواجهة الزمالك فى نهائى السوبر المصرى    أحمد سليمان: تذليل كل العقبات أمام لاعبي الزمالك قبل نهائي السوبر المصري    مران بدنى ومحاضرة أخيرة للاعبى الأهلى قبل لقاء الزمالك فى نهائى السوبر    الشبورة ترفع تأخيرات القطارات اليوم على الوجهين البحرى والقبلى    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى أكتوبر    لبيك اللهم لبيك.. التطعيمات اللازمة للتقديم لحج القرعة عام 2025    المتحف المصري بالتحرير يعرض رأس قناع يرتديه كهنة أنوبيس أثناء الطقوس الدينية    الإسعاف الإسرائيلي: إصابة شخصين بجروح خطيرة في الجليل الغربي    تحرك برلماني عاجل لوقف هدم مقابر الإمام الشافعي    «عبد الغفار»: حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 131 مليون خدمة مجانية خلال 83 يوما    رئيس «الرعاية الصحية» يتابع عمل منظومة التأمين الصحي الشامل بالسويس    اتفاقية تعاون بين «المنيا» و«إي اف جى» لتطوير وحدة الغسيل الكلوى    فريق طبي بمستشفى منوف العام ينقذ حياة مريض بعد توقف القلب    تكليف 350 معلمًا للعمل كمديري مدارس بالمحافظات    مهمة جديدة في انتظار شيكابالا داخل جدران الزمالك بعد أزمة الثلاثي    بسبب الأسعار.. اجتماع عاجل لوزراء التنمية المحلية والتموين والزراعة مع المحافظين    «القاهرة الإخبارية»: صافرات الإنذار تدوي في عشرات المواقع شمال إسرائيل    جامعة حلوان ونقابة الصحفيين يوقعان بروتوكول تعاون لتقديم الخدمات الصحية للصحفيين وأسرهم    نيقولا معوض يخدع ياسمين صبري في ضل حيطة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الدولية    حبس المتهم بق.تل والد زوجته فى مشاجرة بالقليوبية    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الرياض في دوري روشن السعودي    اعتقال 200 فلسطيني من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة    استقرار أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس 24 أكتوبر    علي الحجار يحيي «حفل كامل العدد» بمهرجان الموسيقى العربية.. (صور)    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    هل يجوز الكذب عند الضرورة وهل له كفارة؟.. أمين الإفتاء يوضح    علي الحجار: مهرجان «الموسيقى العربية» عالمي.. وهذا الفرق بين المطرب والمغني    ألمانيا تتعهد بتقديم 60 مليون يورو إضافية مساعدات إنسانية للبنان    الأحد.. هاني عادل ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    لاعب الزمالك السابق يكشف ملامح تشكيل الفريق أمام الأهلي    خبير عن تطرق البيان الختامي ل " البريكس" للوضع في الشرق الأوسط: رسالة للجميع    خالد الجندى: سيدنا النبى كان يضع التدابير الاحترازية لأى قضية    حب وحظ وحسد.. عبير فؤاد تكشف عن أبراج تتغير حياتهم الفترة القادمة (فيديو)    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواطنين بمدينة نصر    المراجعة الرابعة لبرنامج مصر مع صندوق النقد.. نوفمبر المقبل    فيديو مرعب.. لحظة سرقة قرط طفلة في وضح النهار بالشرقية    ضبط المتهم بواقعة سرقة قرط طفلة بالشرقية    القبض على سائقين قتلا شخصًا في عين شمس    أكروباتية خرافية من هالاند.. سيتي يقسو على سبارتا براج بخماسية في دوري أبطال أوروبا    محافظ الإسماعيلية ورئيس هيئة قناة السويس يشهدان احتفالية ذكرى انتصارات أكتوبر    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    جامعة الأزهر تكشف حقيقة شكاوى الطلاب من الوجبات الغذائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجتزأ من رواية:
التعويذة
نشر في أخبار الأدب يوم 16 - 07 - 2011

ربما تكون هذه القصة قصة رعب. وربما تكون قصة بوليسية، حكاية مرعبة من الحكايات السوداء المسلسلة. لكنها لن تبدو كذلك. لن تبدو كذلك لأنني أنا من تحكيها. أنا من تتحدث لهذا لن تبدو كذلك. غير أنها في الحقيقة حكاية جريمة فظيعة.
أنا صديقة لكل المكسيكيين. أستطيع أن أقول: أنا أم الشعر المكسيكي، لكن من الأفضل ألا أقول ذلك. أنا أعرف كل الشعراء وكل الشعراء يعرفونني. هكذا أستطيع أن أقول ذلك. أستطيع أن أقول: أنا الأم وأطلق زفيراً يمتد لقرون مضت، لكن من الأفضل ألا أقول ذلك. أستطيع ان أقول، مثلاً، إنني تعرفتُ علي أرتوريتو بيلانو عندما كان في السابعة عشرة وكان طفلاً خجولاً يكتب المسرح والشعر ولا يعرف الشرب، لكن ذلك سيكون بطريقة ما تكراراً وأنا قد علّموني (بضرب الكرباج علّموني، وبعصا حديدية) أن التكرار ثرثرة وأنه يكفي أن أقول الملخص فحسب.
ما أستطيع أن أقوله حقاً هو اسمي.
اسمي أوكسيليو لاكوتوري وأورجوائية، من مونتيفيديو، رغم أني كلما صعد الدم إلي رأسي، دم الاستغراب، أقول إنني "تشاروا"، الذي هو مرادف وغير مرادف في نفس الوقت لكلمة أورجوائية، لكنه يُربك المكسيكيين بل وكل الأمريكيين اللاتينيين.
المهم أنني في ذات يوم جئت إلي المكسيك دون أن أعرف جيداً لماذا ولا إلي ماذا ولا كيف ولا متي.
جئت إلي منطقة المكسيك الفيدرالية سنة 1967 أو ربما في سنة 1965 أو 1962. أنا بالفعل لا أتذكر التواريخ ولا الاغترابات، والشيء الوحيد الذي أعرفه أنني جئت إلي المكسيك ولم أرحل عنها أبداً. طيب، لابد أن أتذكر قليلاً. لابد أن أمدد الزمن مثل بشرة امرأة متغضنة في غرفة عمليات طبيب تجميل. فلننظر. جئت إلي المكسيك عندما كان ليون فليبي لا يزال علي قيد الحياة، يا لضخامته، يا لقوة الطبيعة، وقد مات ليون فليبي عام 1968. جئت إلي المكسيك عندما كان بدرو جارفياس لا يزال علي قيد الحياة، يا له من رجل عظيم، يا له من مخبول، وقد مات دُن بدرو سنة 1967، ومعني ذلك أنني جئت قبل عام 1967. فلنقل إذن إنني جئت إلي المكسيك سنة 1965.
أخيراً، أعتقد أنني جئت في 1965(وربما يلتبس عليّ الأمر، فالأمر قد يُلتبَس دائماً) وقابلت هؤلاء الإسبان العالميين، يوماً وراء يوم، وساعة وراء ساعة، بشغف شاعرة وورع ممرضة إنجليزية حرة وأخت صغري تسهر علي راحة إخوتها الكبار، الرحالين مثلي، رغم أن طبيعة غربتهم كانت مختلفة جداً عن طبيعة غربتي، فأنا لم يطردني أحد من مونتيفيديو، ببساطة قررت ذات يوم أن أرحل وسافرت إلي بوينوس آيريس ومن بوينوس آيريس، بعد عدة أشهر، وربما بعد عام، قررت أن أواصل في سفري لأنني عرفت ساعتها أن مصيري سيكون في المكسيك، وكنت أعرف أن ليون فليبي يعيش في المكسيك ولم أكن متأكدة جداً من أن بدرو جارفياس أيضاً يعيش هنا، لكنني كنت أعتقد أنني ألمحه بداخلي. ربما كان الجنون ما دفعني للسفر. من المحتمل أنه كان الجنون. كنت أقول إن الدافع هو الثقافة. بالطبع تصبح الثقافة أحياناً هي الجنون، أو تدرك الجنون. ولعله كان الكره ما دفعني للسفر. لعله كان الحب المفرط والفائض. لعله كان الجنون.
الشيء الوحيد المؤكد أنني جئت إلي المكسيك في 1965 وزرعت نفسي في بيت ليون فليبي وفي بيت بدرو جارفياس وقلت لهما ها أنا هنا من أجل ما يروق لكما أن تأمرا به. ولابد أنهما استظرفاني، لأنني لست منفّرة، رغم أنني ثقيلة أحياناً، لكنني لم أكن أبداً منفّرة. وأول ما فعلت أن أخذت مكنسة وكنست أرض بيتيهما وبعدها نظفت النوافذ وكلما استطعت طلبت منهما مالاً وقمت بمشتريات. وكانا يقولان لي بنبرة إسبانية خاصة جداً، لها موسيقي خشنة لم تغب أبداً عنهما، وبنطق جيد لحرفي ال C و ال Z، وبهجران تام لحرف ال S اليتيمة والشبقة: أوكسيليو، كفي عن اللف في الشقة، أوكسليو، اتركي هذه الأوراق في سلام يا امرأة، فالغبار والأدب يتعايشان معاً. وأنا كنت أحملق فيهما وأفكر كم هما محقان، الغبار دائماً، الأدب دائماً، ولأنني حينئذ كنت أبحث عن صيغ، كنت أتخيل الكتب المستكينة فوق الأرفف وكنت أتخيل غبار العالم الذي يخترق المكتبات رويداً، بمثابرة، دون توقف، وحينها كنت أفهم أن الكتب فريسة سهلة للغبار(كنت أفهم ذلك وأرفض قبوله)، كنت أري زوابع غبار، سحابات غبار تتجسد في مضخة تكمن في أعمق أعماق ذاكرتي، وكانت السحابات تتقدم حتي تصل إلي المدفع، سحابات مضختي الخاصة التي كانت مضخة الجميع رغم أن الكثيرين يرفضون رؤيتها، وحينها كان كل شيء يُغطي بكوم من الغبار، الكتب التي قرأتها والكتب التي أفكر في قراءتها، وهناك لم يكن بمقدوري فعل شيء، ومهما استخدمت المكنسة والخرقة لم يكن الغبار ينصرف أبداً، لأن هذا الغبار كان جزءاً مكوّناً من الكتب وهناك، علي طريقتها، كانت تعيش أو تتظاهر بالحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.