تابعنا عزوف أكثر من نصف من لهم حق التصويت عن المشاركة في استفتاء مارس الماضي..وصرنا أمام إشكالية حقيقية.. كيف نوقف هذا الإهدار المريع للطاقات؟ وكيف نقنع أعضاء "حزب الكنبة" بالاستقالة منه للمشاركة علي أسس موضوعية في أية انتخابات قادمة علي أسس موضوعية؟ كنت أدرك دوما أن الفن المصري كان ولا يزال الدرع القوي أمام محاولات الاختراق الثقافي وطمس الهوية وأمام الطغاة، فقد كنا، ولانزال رغم كل الظروف غير المواتية، قوة عظمي في مجال الإبداع الفني، فكتبنا بالفن تراثا عظيما وفلكلورا رائعا حرض علي مواجهة العدوان والصمود في حروب التحرير، ولذا ارتبط الفن في مصر بشكل فطري وتلقائي بالثورة، وأفرز من أجادوا التعبير عن مكنوناتها، وساهم في رفع الروح المعنوية والمزاجية للشعب. لذلك لم أندهش كثيرا عندما فكرت مع مجموعة من أساتذة الجامعات والباحثين والأطباء والمهندسين والمحامين، والمحاسبين، والطلبة أن نشكل "ائتلاف الأصوات العائمة" لكي نستقطب الأغلبية المترددة التي لا تنتمي لأي حزب أو العازفة عن التصويت في الانتخابات، ووجدت أول من يستجيب: مبدعين شبابًا . فإذا كان "الفن" في معناه العام هو مجموعة من المعارف والمهارات الخاصة بالطرق المتبعة لتحقيق هدف أو نتيجة معينة، فقد كان من أكثر المتحمسين للإئتلاف مبدعين مشهود لهم بالتميز تبنوا الأسس التالية: - العمل علي تصحيح مفهوم خاطئ رسّخ أن السياسة إما "ترف" وإما "خطر" علي العامة. فواقع الحال يوضح لنا أن السياسة ترتبط بشكل وثيق برغيف العيش، ومستوي المعيشة، وضمان الحريات الشخصية، والسياسة ضمانة للحصول علي حقوق وفرص متساوية، وهي أداة فعالة لتحقيق مبدأ المراجعة والمحاسبة. -التاكيد علي استقلاليتنا وأننا نرفض أن نعطي توكيلا مسبقا لأحد. - الجدل حول دعم مرشح رئاسي مؤجل مؤقتا، ونمنح الأولوية لاستكشاف الأحزاب وتقييم جدوي دعمها. - نري أن دورنا الأساسي ينصب علي توعية عن قرب لشرائح لم تحسم أمرها في الانتخابات وهذه الشرائح ستوعي بدورها من هم حولها. -مطلوب تأثير وتأثر أكبر من الأغلبية الصامتة من الأصوات العائمة في "المطبخ السياسي" دون وسيط. -مطلوب تشجيع وبث حيوية أكبر لقوي طرحت نفسها علي الساحة كبديل وقالت لا لمبارك ونظامه بكل شجاعة في ذروة جبروته وليس بعد أن واراه التراب. -نرحب بدعوات الأحزاب السياسية لنتحاور معها بشكل مباشر..نري ونعي ما في عقولهم، ونطرح ما لدينا من هواجس أو أفكار أو مقترحات. وقد تم صياغة هذه الأسس بعد التشاور مع رموز ثقافية كبيرة إيمانا من إحساسنا بأن "المواطن الحاف" أصبح قادرا علي المساهمة في رسم وجه مصر في السنوات المقبلة..وأنه إذا كان من يعزف عن المشاركة ولا يدلي بصوته يؤمن بأن كل المطروح أمامه سيء فلابد من لفت انتباه إلي أن عليه أن يختار "أحسن الوحشين" حتي يبعد "أوحش الوحشين" ويقطع عليه الطريق. تلّفت حولي في الائتلاف _ وله جروب علي الفيس بوك وجاري تأسيس جمعية باسمه-لأجد نفسي في صالون ثقافي كبير، فمعنا الممثل الواعد شادي عبد السلام (أحد أبطال مسرحية قهوة سادة، ومسرحية أنا هاملت)، والأديبة والشاعرة مي بهاء صاحبة "إزازة حبر" وهو ديوان تضمن قصائد مميزة عن الثورة التي كانت مي في خندقها الأول منذ اللحظة الأولي، الديوان يحمل كذلك رسوم مخلوف، ووليد طاهر. ود.مشيرة التي صدر لها مع مي "ختم مغادرة" فكان عملا مشهودا له بالرقي والتفرد، والروائي أحمد مهنا صاحب المتتالية القصصية "اغتراب.، بجانب هؤلاء مبدعون في الكتابة والتصميم الفني ضلوا الطريق لطب ولسياسة واقتصاد وللترجمة، مثل د . هاني فتحي، وأمنية سلامة، ومحمد عادل. ما أريد أن أقوله من خلال استعراض تلغرافي لنماذج من نشطاء الإئتلاف أن السياسة ليست ترفع ولا مصدر خطر يجب أن نفر منه، وكذلك ليست مجموعة مصطلحات جافة، بل هي فن الممكن الذي يتفاعل معه المبدعين بصور شتي وصولا لآلية لاختيار الأفضل والمشاركة في صياغة تستحقها مصر لتجويد رغيف العيش وتحسين منظومة التعليم..وكذلك تكافؤ الفرص وترسيخ مفهوم الرقابة والمحاسبة. ننتظر من هؤلاء المبدعين أن يقنعوا الأصوات العائمة المترددة والعازفة عن المشاركة في رسم صورة مصر أن تتحرك ..ولو من خلال رسوم مبسطة وكليبات ذات إيقاع سريع..وبالطبع شعر وقصص قصيرة وفن تشكيلي مفهوم ومحبب. في هذا الإطار ندعو كل المبدعين للتواصل مع الإئتلاف لأننا في حاجة لأفكارهم ورؤاهم..(يمكن بسهولة الوصول للإئتلاف علي الفيس بوك) وفي جميع الأحوال نحن نري أن تعدد الأحزاب التي تتبني نفس الأفكار يفتت الأصوات، لكن تعدد الإئتلافات والحركات والجمعيات التي تدعو لنفس الفكرة يعضدها ويقويها. هيا بنا نصيغ محاور عمل وآليات خلاقة لحث الأصوات العائمة علي أن ترسي علي بر الأمان ولا تترك الساحة للثعالب الصغار، من خلال مبدعين قادرين علي التواصل مع مجتمعاتهم ولا يتقوقعون في أبراج عالية رافعين شعار الفن للفن.