تابعت المسلسل الرمضاني " كليوباترا " وعانيت في ذلك كثيرا . بيد أن سؤال الناس لي بصفة مستمرة ومنذ تواتر الأنباء عن المسلسل قبل عرضه . ومن حق الناس علي أن أوضح لهم الرأي النقدي والموضوعي . وبادئ ذي بدء أذكر القراء بأن كليوباترا كانت موضوعا رائجا ومحببا لدي المصريين منذ بداية القرن العشرين حتي إن محمد عبد الوهاب ومنيرة المهدية اشتركا في أوبريت غنائي عنها وأغاني عبد الوهاب عن كليوباترا لازال الناس يرددونها إلي يومنا هذا. ثم جاء أمير الشعراء أحمد شوقي برائعته " مصرع كليوباترا" عام 1927 وفي تلك الأثناء نجح طه حسين في تأسيس قسم الدراسات اليونانية واللاتينية تحت مسمي " التاريخ القديم " في جامعة القاهرة 1925. ومنذ ذلك التاريخ وحتي الآن مر حوالي قرن من الزمان حققت فيه هذه الدراسات شوطا بعيدا من التقدم . وأسست الجمعية المصرية للدراسات اليونانية والرومانية 1985. وفتحت الجامعات المصرية أقساما لهذه الدراسات أحتل التاريخ الاغريقي الروماني مكانه مرموقة في حياتنا الأكاديمية . وتخرجت أجيال وأجيال علي أيدي أساتذة مختصين وأقيمت مؤتمرات دولية وأصبحت المدرسة الكلاسيكية في مصر معروفة ومعترف بها دوليا . وطبعا موضوع كليوباترا يدخل في هذا الآطار العام . وجدير بالذكر أنه لايوجد أي قسم للدراسات اليونانية الرومانية في العالم العربي خارج مصر . وستجد في مصر خبراء دوليين في هذا المجال وستقابل في كل مدينة مصرية ، بل وفي كل قرية، من هو علي علم بالتاريخ اليوناني الروماني ولاسيما مايمس منه مصر . مثل موضوع الملكة المصرية البطلمية كليوباترا فهو موضوع مصري مائة في المائة من حيث المادة الأصلية ومن حيث الدراسات الأكاديمية المتخصصة . فإذا سألنا ببساطة عن المسلسل الذي نتناوله هنا ما يلي : هل هو يعكس الحياة الثقافية والأكاديمية المصرية؟ أبادر بالإجابة فورا وأقول إن الثقافة المصرية والأكاديمية المصرية تتبرأ من هذا المسلسل الذي رمي عرض الحائط بكل المنجزات المصرية في هذا المجال العلمي . مع إن الأصول تقول بأن الفن يأتي مرآة تعكس الحالة الثقافية والأكاديمية فان هذا المسلسل يخسف بهذا المستوي الراقي الذي حققته مصر . وقبل أن يساء فهم كلامي فانني أرحب بالدراما السورية وأقطابها علي أرض الشقيقة مصر . وأرحب بالتكامل العربي في أي مجال ولاسيما الثقافة والفن. ولكن هذا شئ وقول الحق والاعتراف بالفضل شئ آخر. فكون السينارست والمخرج والبطلة ( التي أحترم مواهبها ) سوريين لايمنع الاستعانة بالخبراء المختصين في التاريخ المصري واليوناني الروماني والذين لاتجد لهم نظيرا في العالم العربي. كان يمكن الاستعانة بخبير من أي جامعة إقليمية في مصر. اتقاء للوقوع في الهاوية كما حدث بالفعل . وعلينا أن نتقدم بالشكر الجزيل مع الاحترام الوفير للأخوة الفنانين السوريين لأنهم أخذوا خطوة جبارة تقاعست عنها الدراما المصرية بجلالة قدرها . فموضوع كليوباترا الذي راج في بداية القرن العشرين أعيد إحياؤه وتعميقه وتجديده وتسليحه بكل الأسلحة العلمية والفنية وعرض علي الدراما المصرية منذ الثمانينات من القرن الماضي فتقاعست الدراما المصرية وانزوت في عثراتها . ففي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات قاد اللواء حازم أبو شليب رئيس هيئة تنشيط السياحة في الإسكندرية فكرة مهرجان " أسكندريات العالم " . وكان البند الرئيسي فيها بناء مسرح علي شاطئ ستانلي وتقديم " كليوباترا " ببطولة صفية العمري ونور الشريف وحسين فهمي بإخراج المخرج القدير فهمي الخولي وانتهت الجهود الجبارة بالنزول إلي أسفل حتي وصلت إلي أدني مستوي والاكتفاء بعرض حناطير تركب فيه كليوباترا علي شط إسكندرية ! أفليس هذا تقاعسا من الدراما المصرية ؟ وكانت هناك مشروعات أخري ولدي مكاتبات رسمية بشأنها من المسرح القومي والأوبرا المصرية وقطاع الإنتاج بالتلفزيون برئاسة ممدوح الليثي، وكلها تنطق بالتقاعس . وبالنسبة لصاحب المشروع الثقافي " كليوباترا" كاتب هذه السطور- فانه يكتفي بما حققه مشروعه علي المستوي الثقافي والأكاديمي ليس فقط في مصر بل علي المستوي الدولي حيث أجيزت عدة رسائل للماجستير والدكتوراه باللغة العربية واللغة الانجليزية وغيرها كما ترجمت مسرحيته إلي أربع لغات . لكن المشكلة هي في أمراض الدراما المصرية أين أنزوت ؟ فعندما تأتي الدراما السورية رافدا جديدا يقوي ضعف الدراما المصرية فأهلا وسهلا بالشقيقة التي جاءت في عون شقيقتها الأكبر. هذا الإقدام السوري محمود ولم يفسده إلا التقاعس المصري متمثلا في قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري الذي إما بخل علي المسلسل بحقنه بالخبرة المصرية العريقة وأما أنه فقد الذاكرة أن كانت له ذاكرة بالأساس. فكيف يتجاهل قطاع الإنتاج الخبرة المصرية بموضوع كليوباترا منذ مايزيد علي قرن من الزمان ؟ هذه إذن حلقة من سلسلة طويلة عنوانها إهدار الطاقات المصرية وإحباط المنجزات التي تحققت في الماضي . ونظرا لأن المقام هنا لايتسع للدخول في التفصيلات حول الهاوية التي وقع فيها المسلسل فاننا نوجز القول ونكتفي بذكر رؤوس الموضوعات كما يلي :- الأسماء في أقل تقدير تسعون في المائة من الأسماء المصرية واليونانية واللاتينية نطقت خطا، فكل العاملين في هذا المسلسل لايعرفون هذه اللغات ويتخبطون ويتعثرون في أبسط الأسماء. علي أن هذا الأمر ليس بسيطا في مسلسل تاريخي حيث هكذا فقد المسلسل عنصر المصداقية وجعل الممثلين يتخبطون ويتخابطون وكأن أحدهم لايعرف الآخر ولا يفهمه. فهل يمكن للمتفرج أن يفهم أحدا منهم ويتفاعل معه ؟ فاقد الشئ لايعطيه . والغريب أن هذا العيب القاتل طال الشخصيات الرئيسية مثل بطليموس فاسمه يمكن أن يكون هكذا أو بالأحري بطلميوس فاسمه اليوناني هو Ptolemaios أما شخصيات المسلسل بما فيهم صاحب الاسم نفسه فقد نطقه كل منهم بطريقته ومعظمهم كان يقول بطليموس بكسر اللام كسرا حادا . أما من كانوا يسمونها في المسلسل بيرينيس وهي ابنة هذا الملك فاسمها الحقيقي هو برينيقي Berenice وهي تكتب في اللغات الأوربية Berenike وكان مؤذيا للذوق أن يخاطب هذا الملك ابنته بالخطأ طوال المسلسل، وكذا بقية الشخصيات بما فيهم كليوباترا أختها. وفي مجال الأسماء هناك أشياء مضحكة فايراس وصيفة كليوباترا Eireneمأخوذة عن مسرحية شكسبير " أنطوني وكليوباترا ". والاسم الصحيح هو أيريني ولايزال هذا الاسم يستخدم في حياتنا المعاصرة ومعناه " السلام". ولا أدري من أين جاء كاتب السيناريو باسم بوثان الوصي علي بطليموس الصغير وينطق دائما بلكنة فرنسية ،والأرجح أنه من بوثينوس .Pothinus والأنكي حقا والذي أصابني بالأسي والأسف أن زوجة يوليوس قيصر لم ينطق أسمها مرة واحدة Calpurnia بطريقة سليمة. فهم يقولون دائما كالبورينا والاسم الصحيح كالبورنيا والعجيب هنا أن الزوج يوليوس قيصر لايعرف اسم زوجته ! وأرجو ألا يتطرق إلي ذهن أي قارئ أنها مسألة حذلقة وسعي دؤوب وراء الدقة اللغوية، ولكنها مسألة في صميم الدراما التاريخية . فمن يتصدي لها لابد أن يدرس كل شئ وفي مقدمتها الأسماء ويلجأ إلي المختصين. وكان من المفروض أن يراجع الأسماء ونطقها أحد العارفين باليونانية واللاتينية ويدرب الممثلين عليها ويتابعهم في البروفات. وإلا فقدت الشخصيات والأحداث الصدقية وهذا ما اختاره القائمون علي هذا المسلسل. فقدان روح العصر المفترض أن الكاتب الدرامي يعايش الفترة التاريخية التي يكتب عنها بحيث يتفهم دقائق الحياة فيها وأسرارها بقدر الإمكان. وهذا العنصر مفقود تماما في المسلسل. كان علي الكاتب أن يتعمق طبيعة العلاقة بين مصر وروما وأن يغوص في الحياة الرومانية نفسها . وكان عليه قبل كل شئ أن يفهم من هم البطالمة وما علاقتهم بمصر. وفي هذا الصدد نقول إن البطالمة وهم من أصل مقدوني تمصروا وتبنوا كل التقاليد المصرية ومنها المأكل والملبس والزوج الملكي الفرعوني أي الأخ والأخت وعبادة ايزيس وسرابيس .... الخ وبعد مرور ثلاثمائة عام علي وجودهم في مصر صارت آخر السلالة كليوباترا تعتبر نفسها مصرية قح وتجسيدا لايزيس ولقبت نفسها بايزيس الجديدة وعرفها الإغريق والرومان بأنها " الملكة المصرية " وهذا مأورثه شكسبير نفسه فجعل كل الشخصيات في مسرحيته تناديها بالقول " يامصر " . ولكن المسلسل يتذبذب بين كونها إغريقية وكونها تحكم مصر ... وظل حتي آخر الحلقات يتحدث عن " الحلم الاغريقي " فلماذا يحبها المصريون ؟ أما بالنسبة لروما في المسلسل فحدث ولا حرج. يتحدثون في مجلس الشيوخ عن الإمبراطورية الرومانية هذا أمر غير معروف آنذاك في روما علي الإطلاق . ونحيط كاتب السيناريو علما بأن أوكتافيوس الذي صار أسمه بعد ذلك أوكتافيانوس ثم أوغسطس عندما أسس النظام الامبراطوري رسميا عام 27 ق.م. أي بعد موت كليوباترا بأربع سنوات لم يقل انه يؤسس الإمبراطورية بل قال رسميا كما هو مسجل بالحرف الواحد انه قام بهذه الإجراءات القانونية والدستورية " من أجل إعادة بناء الجمهورية" أي أنه يقيم الإمبراطورية متخفيا وراء ستار الجمهورية . أما المسلسل فقد جعل الرومان جمعيا يتحدثون عن الإمبراطورية قبل ذلك بأربعين عاما تقريبا وهذا معناه أن الكاتب لايفهم روح العصر الجمهوري في روما . في العصر الجمهوري ياعزيزي يتحدثون " عن ممتلكات الشعب الروماني ". وهذا هو المصطلح الذي لم يرد قط علي لسان أحد أعضاء مجلس الشيوخ الروماني الذي تخيله الكاتب والمخرج بصورة تخالف معطيات التاريخ . أما المضحك حقا فأنهم في روماوالإسكندرية يتحدثون عن " اللورد " أنطونيوس . وهذه الكلمة " اللورد " لم تعرف بتاتا في التاريخ الاغريقي والروماني وتلتصق بالتقاليد البريطانية الحديثة فقط. فمن أين جاءت هذه الشطحة .المضحكة المبكية فلا أدري ! المخالفات التاريخية الفادحة لطالما سئل كاتب هذه السطور عن موقف الكاتب الحديث والمعاصر من التأريخ والأسطورة والتراث بصفة عامة . وأجابتي الدائمة هي أن للكاتب الحديث والمعاصر أن يتصرف في أحداث التاريخ وشخصياته، ولكن بحيث يظل دائما محافظا علي جوهر التاريخ و(الأسطورة) بمعني أن التصرف لايقع إلا في التفصيلات الصغيرة التي لاتؤثر علي الجوهر . أما المسلسل الذي بين أيدينا فلقد أطلق الكاتب والمخرج لنفسيهما العنان للخروج علي التاريخ وتحطيمه عمداً وبلا أدني احترام لما نسميه الدقة التاريخية . وسأسوق بعض الأمثلة هنا فقط وهي كما يلي - Auletesأ- معروف أن كليوباترا ولدت عام 70 أو69 ق.م. أما أبوها بطلميوس الزمار ( وهو لقب رسمي يحمل في طياته اشارات دينية لها علاقة ببعض آلهة الاغريق فقد ولد عام 108ق.م. ومات 51 ق.م. وزار روما مع ابنته كليوباترا فيما بين 58و55 ق.م. وهذا معناه أن كليوباترا كانت في سن تناهز الحادية عشر أو الثالثة عشر علي أقصي تقدير فهي اذن طفلة ولكن المسلسل يقدمها في روما علي أنها شابة فاتنة الجمال تغازل شباب رومان ويغازلونها ، وأن كان قلبها ( وجسدها) لايزالان متعلقين بحب اللص المصري كاري _ الذي سنعود اليه بعد قليل . فهي في روما شابة لها ماض وتجارب غرامية مصرية في حين يقول التاريخ انها كانت طفلة لا تزال . فالمسلسل يقول إذن انها لعوب منذ نعومة أظفارها وفي سن لا تعرف الفتيات العاديات معني الانوثة . وبالنسبة لقيصرون اخطأ المسلسل عدة أخطاء قاتلة منها أن يوليوس قيصر عندما أتي الي الاسكندرية عام 48 ق.م. وعاش مع كليوباترا في القصر وأنجب منها طفلا سمياه (Kaisarion) "قيصرون " ولما ولد أخذه قيصر في أحضانه وقدمه لجنوده معتزا به وفخوراً. فهنا عدة أخطاء مركبة يوليوس قيصر لم يمكث في الاسكندرية سوي بضع شهور وعاد روما حالما بابنه الذي ولد بعد رحيل والده ولم يره قيصر الا عام 46 ق.م. وترك في روما حين دعا كليوباترا بوصفها ملكة مصر لتحضر احتفالات النصر التي اقامها عندئذ . أما الاسم قيصرون فليس من لدن كليوباترا ولا يوليوس قيصر لأن هذا الولد يحمل اسما ملكيا مصريا هو بطليموس الخامس عشر،والذي اطلق عليه لقب قيصرون هو الشعب السكندري الساخر بطبعه وانتقل اللقب الي روما وصار هو الاشهر . وجدير بالاشارة أن هذا اللقب يحمل في طياته قدرا من السخرية لأن معناه " قيصر الصغير" أو " قطعة من قيصر ". ومعروف أن هذا الطفل لايعترف به القانون الروماني الذي لايسمح للمواطن الروماني العادي بالزواج من أجنبية فمابالك بقائد كبير مثل قيصر ؟ كليوباترا في القانون الروماني مجرد عشيقة لقيصر وأبنها منه غير معترف به وقيصر أول من يعرف ذلك فكيف يقدمه لجنوده الرومان في الاسكندرية ؟ وكيف يذهب هذا الطفل الي روما فتحتضنه كل الاوساط الرومانية ويتحدث عنه قيصر لكل البشر بما في ذلك زوجته كالبورنيا ؟ والجدير بالذكر هنا أن د. درية شرف الدين في برنامجها الأشهر " نادي السينما " أعادت عرض فيلم كليوباترا بطولة الزابيث تايلور واستضافتني لكي أعلق عليه وفي هذا اللقاء المهم أوضحت أن مشهد دخول قيصرون الي روما خطأ تاريخي جسيم ولايمكن أن يكون قد حدث بالفعل لأنه لو ظهر هكذا علنا لقتله الرومان . والأصح أنه دخل روما دون ضجة ،اقام بعيدا عن الانظار مع أمه التي حضرت موكب النصر رسميا بوصفها ملكة ولكنها بعد ذلك أقامت بعيداً عن الانظار وهناك رأي يوليوس قيصر ابنه قيصرون ( تقريبا في سن العاميين ) لاول مرة . ولكن مؤلف المسلسل ومخرجه يتماديان في الاخطاء ولايعبآن بشئ ويجعلان كليوباترا وقيصرون يقيمان في روما حتي مقتل يوليوس قيصر في 15 مارس 44 ق.م. أي حوالي ثلاث سنوات وهذا هو المحال بعينه تاريخيا ومنطقيا وحتي دراميا . فهل يصبر الرومان علي اقامة كليوباترا وقيصرون في روما طيلة هذه المدة ؟ ثم من يحكم مصر في غياب كليوباترا ؟ وفي تلك الاقامة الطويلة في روما تتعرف كليوباترا علي أوكتافيوس وأنطونيوس وتدور أحداث غزل بينهم . وهذا غير مقبول تاريخيا ودراميا . فاللقاء الأول بين كليوباترا وأنطونيوس كان في طرسوس علي نهر كيدنوس عام 41 ق.م. حيث تبدأ قصة الحب الأعمق وتستمر حتي هزيمتها وموتها في عام 31/30 ق.م. ومن منطلق درامي بحت وبعض النظر عن التاريخ والتراث المنتهكين بقسوة في هذا المسلسل سألت نفسي ماذا يريد المسلسل أن يقوله ؟ ما الهدف ؟ وأكتشفت أن الهدف الأسمي هو الوصول الي ما يناهز الثلاثين حلقة بغض النظر عن أي شئ آخر . لكن الغريب أن المسلسل الذي يحمل عنوان " كليوباترا " أضاع حوالي نصف عدد الحلقات حول شخصية بطليموس الزمار ، ثم أغرق كليوباترا منذ نعومة أظفارها في حب رخيص مع عبد مصري ولا أري في ذلك الا تأكيد للدعاية الرومانية الهستيرية ضد كليوباترا حتي قال شاعرهم بروبرتيوس يصف الملكة المصرية فقال:tatainte pamulos وهي عبارة فيها من الإسفاف والبذاءة أكثر مما فيها من شاعرية لأن معناها»مأكولة حتي من خدمها« عبارة مقززة تماما مثل شخصية كاري في المسلسل . أما صورة يوليوس قيصر المجنون فهي أبعد ماتكون عن الحقيقية . صحيح أنه كان مصابا ًبنوبات الصرع، ولكن كان مفكراً و أديبا الي جانب أنه القائد العسكري الأعظم ولايمكن مقارنته الا بالاسكندر الأكبر . وبالنسبة لمكانته الأدبية فلقد سبق لي في كتابي عن الأدب اللاتيني بأن وصفته بأنه صاحب أصفي وأنقي نثر في الأدب اللاتيني كله. ولا أدل علي ذلك من أننا لازلنا ندرس نصوصه الأدبية والتاريخية في الجامعة حتي يومنا هذا . وفي الختام لابد من الاعتراف بأن هذا المسلسل ضم بعض المشاهد الخارجية المتقنة وضم بعض الممثلين القديرين ولا سيما سولاف الفواخرجي، ولكن كانت هذه أشبه باللطعة كما يقول الناقد الروماني الأشهرهوراتيوس ويعني قطعة من pannus purpureus القماش قرمزية فاقعة وزاهية " أذا رقعنا " بها ثوباً مهلهلا فهي لاتضفي جمالا علي هذا الثوب القبيح، بل تظهر عيوبه .