وسط مشهد ربما لا يتكرر كثيرا في محاكم الجنح، بدأت يوم الثلاثاء الماضي، محاكمة الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية وعشرة آخرين بتهم الإهمال الذي تسبب في سرقة لوحة زهرة الخشخاش من متحف محمد محمود خليل وحرمه، وهو المشهد الذي يتلخص في وجود عدد كبير من رجال الإعلام وكاميرات القنوات الفضائية والتليفزيون المصري، وقد لفت المشهد نظر سيدة متوسطة في السن، ودفعها إلي سؤالي وأنا خارج من القاعة رقم 5 بمحكمة شمال الجيزة: "هو مين اللي بيتحاكم.. هي إيه الزحمة دي؟!" فأجبت باقتضاب: وكيل أول وزارة.. فعادت للسؤال: "هو ارتشي؟!"، فأجبت: لا، ولكن المحاكمة بسبب سرقة لوحة، فقالت: " لوحة الخشخاش، بس محاكمة مدير المتحف كانت كفاية"! إجابتها كانت كفيلة بأن تُشعر سيدة كبيرة بالراحة، سيدة لديها قريب متهم في القضية ذاتها من أفراد الأمن. محامو المتهمين هم المشهد الأكثر بروزا في هذه القضية، فبعضهم انتهز فرصة وجود كم كبير من الإعلاميين، و تفرغ للإدلاء بتصريحات صحفية نارية، خاصة المحامي نبيه الوحش، الذي قال إنه جاء من أجل إقالة فاروق حسني ومحاكمته، وإدخاله متهما في القضية، لذا سيطلب من المحكمة وقف سير القضية، وإعادتها من جديد للنائب العام لفتح التحقيق مجددا، لإضافة متهمين آخرين، لم يشملهم قرار الإحالة، وهو الأمر الذي لم تلتفت إليه المحكمة في قرارها بتأجيل القضية إلي 28 سبتمبر. نبيه الوحش حرص خلال وقوفه أمام قاعة المحاكمة علي تأكيد أنها قضية سياسية، وأن الهدف الأول الذي يسعي إليه هو إقالة وزير الثقافة. وعلي مقربة من نبيه الوحش كان الدكتور سمير صبري محامي محسن شعلان واقفا في هدوء، فاقتربت منه وسألته هل تري بالفعل أن القضية سياسية؟ فأجاب: لا القضية غير مسيسة، ولكن بالتأكيد موكلي هو كبش فداء، فنحن نعلم أنه لا بد أن يكون هناك كبش فداء في كل قضية كبيرة بمصر. ولكن أنت محامي محسن شعلان منذ بداية التحقيقات فلماذا لم تقدم أدلة براءته مادمت تري أنه كبش فداء؟ من وجهة نظري أن المستندات التي قدمها كانت كفيلة بأن تجعله لا يتقدم للمحاكمة محبوسا، أي أن يتم الإفراج عنه. إذن أثناء التحقيقات لم يكن لديك القناعة التامة بأن المستندات من الممكن أن تثبت عدم مسئولية رئيس القطاع عما حدث، وبالتالي لا يوجه له اتهام؟ لا، فسير التحقيقات وإحساسي أنه لابد أن يقدم محسن كبش فداء في هذه القضية، وكل ما كنت أطمح إليه في الفترة الماضية أن يفرج عنه، انتظارا للوقوف أمام القضاء. ما المستندات التي تراها هامة في هذه القضية؟ جميع مخاطبات محسن منذ عام 2007 وحتي 2010، الخاصة بالحالة المتردية للمتاحف، وهي تعني علم الوزير اليقيني بحال المتاحف. ولكن هذه المستندات رد عليها بمستندات من قبل ديوان عام وزارة الثقافة تفيد بمسئولية محسن عن أعمال قطاعه؟ هذا كلام رددنا عليه في النيابة وسنرد عليه في المحكمة، لأننا سنستدعي شهودا بأعينهم لكي نسألهم في جلسات هذه المحاكمة، خاصة ألفت الجندي رئيس الإدارة المركزية للشئون الإدارية والمالية بالقطاع، التي قدمت مستندات لإدانة محسن، أري من وجهة نظري أنها غير صحيحة، وهو ما سأثبته للمحكمة. د. سمير بحكم خبرتك الطويلة في المحاكم، هل تري أنك تمتلك بالفعل دليل براءة محسن شعلان أو بمعني آخر تتوقع كم في المائة نسبة البراءة؟ " صفربالمائة". إذن لا تتوقع براءته؟ أجاب: بحكم خبراتي في المحاكم، يجب أن يكون المحامي مقتنعا تماما ببراءة موكله، ولكن عليه أن يجتهد ليثبت البراءة أمام المحكمة التي يقدم إليها موكله باعتباره متهما، فعليه أن يرد بنود الاتهام، وبالتالي للحصول علي البراءة مشوار طويل. هل تري أن قرار الإحالة خلا من أفراد آخرين كنت تتمني أن ينضموا لقائمة المتهمين مثل مدير عام المتاحف، ورئيس الإدارة المركزية للمتاحف؟ لا. هؤلاء موظفون صغار.. نحن نريد الكبار. أخيراً.. هل لديك سيناريو لكيفية وقوع السرقة؟ أي سيناريو سأرسمه، سيكون أمن المتحف طرفا فيه، ويجب أن تعلم أن الواقعة حدثت كالتالي.. شخص حمل "كنبة" من الدور الأرضي، وصعد بها للدور الأول، ودخل الغرفة التي بها اللوحة، ووقف عليها، وأخرج الآلة الحادة، وقطع اللوحة، هذا السيناريو كيف يحدث لو كان يوجد أمن منتبه داخل المتحف. محسن شعلان من داخل القفص: أنا بريء المشهد الأكثر سخونة، حدث داخل القاعة وقبل بدء جلسة المحاكمة، عندما دخل محسن شعلان القفص، ووقف بكامل أناقته، ليلتف حوله الصحفيين، و أنطلقت الأسئلة، كان واضحا أنه في كامل لياقته الذهنية، وأنه يريد أن يوصل رسالة بصوت عال، وهو أنه بريء، وعندما سأله صحفي ما دليل براءتك،؟ أجاب: مخاطباتي مع مكتب وزير الثقافة هي دليل البراءة، أنا لم أقصر في حق مصر، لماذا تناسي الجميع دوري في إعادة اللوحتين اللتين فقدتهما دار الأوبرا، كما أنني تحركت فيما يخص متحف محمد محمود خليل وحرمه، والتقيت بالمهندس إبراهيم محلب، ثم فاجأ محسن الجميع بسؤال هل يعقل أن يحبس رئيس قطاع بينما من هم أدني منه في الدرجة الوظيفية خارج القضية، مضيفاً: أين مدير عام المتاحف، وأين رئيس الإدارة المركزية للمتاحف؟ وبعد أن انتهي محسن من كلامه، بدأت إجراءات المحاكمة، وتقرر في نهاية الجلسة التأجيل لجلسة 28 سبتمبر لاستدعاء مجموعة من الشهود، بناء علي طلب محامي المتهمين وهؤلاء الشهود هم: ألفت الجندي،راوية الحلواني مدير عام المتاحف، العقيد أحمد عبد الظاهر رئيس مباحث المتاحف بشرطة السياحة، د. مسلم صلاح المدير السابق للمتاحف الفنية. القضية تحمل رقم 12881 جنح والمتهمون فيها بالترتيب: محسن شعلان، محمود بسيوني، صبحي محمد إبراهيم، ريم أحمد بهير، ماريا بشاي، علي أحمد ناصر، هويدا حسين عبد الفتاح، عادل محمد إبراهيم، أشرف عبد القادر، علاء منصور، محمد عبد الصبور.