(1) مساء الخير يا أستاذ دوي الصوت في الغرفة شبه الخالية إلا من أكداس الكتب والمجلات والصحف، والتي اقوم بإعادة ترتيبها من حين لآخر، فقد أخلت السيدة زوجتي الغرفة - من الأثاث- كنوع من العقاب الصامت لعدم مقدرتها في منع دخول الكتب، حيث ترتفع أكداس الكتب دون ان تعرف كيف تدخل هذه الكتب إلي البيت ؟ وترتيب الكتب والمجلات والصحف عندي من أنواع تدريب الذاكرة حتي لاتصاب بالضعف مبكراً، ويحتاج الإنسان باستمرار إلي إعادة الذاكرة بالتدريب والقراءة ومراجعة التواريخ القديمة -وقراءة القرآن الكريم من المصحف والإنصات إليه من وسيط مسموع مثل الإذاعة أو الشرائط المسجلة (3) مساء الخير يا أستاذ هذه المرة أسمع الصوت بوضوح فالتفت نحو مصدر الصوت ليبدو في ركن الحجرة لهب خفيف من النار سرعان مايتحول إلي كائن أقرب إلي الإنسان المشوه، تغلب الفضول علي الخوف، والتأمل علي محاولة الهروب، وبادرني هو قائلاً... لاتخف يا أستاذ فأنا أراقبك منذ زمن.... قلت -دون خوف وماذا تريد مني؟ قال... أنا واحد من شياطين الجن العاملين في مدينتكم، وقد صادفتك كثيرا حتي أني قد اصبحت أبحث عنك إذا افتقدتك.. ولماذا تبحث عني ؟ ضحك قائلا أعجبني اسلوبك في الحياة، من البيت للعمل، أو تبحث عن الكتب والمجلات القديمة عند باعة الكتب القديمة، ثم تظل تقرأ وتكتب دون ملل، كما أعجبني اسلوبك في طريقة إدخال الكتب إلي البيت، ثم ضحك قائلا.. فاكر يوم كتاب الأغاني للأصفهاني- كيف دخلت به الي البيت؟ أو عندما تعود من معرض الكتاب بالقاهرة أو طنطا؟ قلت بضيق خلاص- خلاص... أتريد أن تسخر مني؟ استمر يضحك قائلاً.. فاكر يوم أن حصلت علي أعداد مجلات الكاتب والزهور وابوللو كاملة ؟ ماذا فلعت يومها ؟ قلت في حدة.. أهذا ما جاء بك إلي هنا؟ قال بسرعة ابدا- لقد اعجبني إصرارك ودأبك - دون ملل - ولهذا قررت أن أخصك بشرف يتمني الجميع الحصول عليه ، قلت بسخرية- تريد ان تعطيني مصباحاً اضغط عليه فيخرج لي خادمة ويقول لي - شبيك لبيك أطلب ماتريد؟ قال بضيق.. ها أنت تسخر مني هذه المرة!!! قلت - أنا لا أسخر منك ولا أريد منك شيئا ، قال... سوف اخصك بحوار معي، حوار صحفي اتحدث معك في كل شيء، وسوف يكون هذا الحوار مفاجأة للجميع ثم قال ألم تقرأ كتب حوار صحفي مع الجن المسلم مصطفي كنجور؟ يوجد فعلا كتاب بهذا الاسم مطبوع وموجود منه عشرات الآلآف من النسخ عند باعة الكتب وفي الأكشاك وفي محطات القطارات »قلت نعم لقد قرأت هذا الكتاب.. قال بفخر.. أنا متولي كنجور. وقد قررت ان أخصك أنت بهذا الشرف.. قلت بحدة.. لا أريد هذا الشرف... ثم بعد تردد قلت خلاص.. سوف أكتب عنك... قال بسرعة لا أريد ان نكتب عني قصة قصيرة.. كما تفعل دائما -أريد حواراً صحفياً اتحدث فيه عن حياتي وذكرياتي مع الناس. قلت.. فلتذهب بعيداً عني!! لماذا لاتبحث عن جسد تسكن فيه ؟ قال وهو يكاد يبكي بالأمس أعجبت بفتاة ترتدي استريتش ذهبي وبادي اسود وعندما كنت أحوم حولها جاء شاب مثل عامود النور فتعلقت بذراعه وسارت معه، ولم أعرف ماذا أفعل؟ لقد كدت أضرب رأسي في الحائط بسبب هذا الشاب المعلون قلت له -هل خفت منه؟ قال بتردد - خفت ، طبعاً خفت منه!!! - إذن ما هي حكاية السكن في أجساد البشر؟ - قال وهو يضحك أنا طبعاً علي ثقة إنك لاتصدق هذا الكلام الفارغ، ولو أني كنت اتمني ان اسكن بجسد البنت التي حكيت لك عنها والتي ذهبت مع الولد الفحل -وأضاف قائلاً- كلمة الفحل كلمة عربية فصيحة، ثم انطلق يضحك ، قلت له بحدة انصرف هل تنوي قضاء وقت فراغك معي؟ قال وهو يكاد يبكي وهل عندي عمل حتي يكون عندي فراغ؟ لقد لمحت شابا وفتاة يجلسان معا في أول لقاء. وهممت أن اوسوس له لكي يمسك يدها واذا به يحدثها عن تعارفهما قبل الزواج وكيف يفهمان بعضهما البعض؟ وإذا به يمزق ورقة من كشكول المحاضرات ويكتب عليه اتفاق زواج بينهما ، وتبدأ هي وهو في التخطيط لكيفية اللقاءات !!!! وقال بأسي لم يعد لنا عمل ياصديقي ، فالناس يكذبون كما يتنفسون ويذنبون وهم يضحكون قلت بحدة ، صديقك؟ ما هذا الكلام الفارغ؟ قال بسرعة.. أنا آسف وكل ما اطلبه منك ان تجري معي حوارا صحفياً فقط لا غير وأعرف أن ذلك في مقدرتك. قلت له بحدة..، لا طبعا لن افعل فقال وهو يمثل دور المسكنة طيب اكتب لي الأسئلة وأنا أجاوب عليها علي شريط كاسيت وأعطيتك نسخة، واحتفظ أنا بنسخة حتي تلتزم بالكلام المسجل علي الشريط. قلت في استغراب ومن علمك مثل هذه الأساليب ؟ قال . وهل يخفي علينا شيء... قلت لن أفعل. وعليك باراحة عقلك من جهتي، عليك بالذهاب إلي غيري قال وهو يهم بالانصراف معك حق!! والأجدر بي أن اسجل سابقة بين الشياطين، سوف أعتزل وأكتب مذكراتي وذكرياتي وسوف أسعي إلي نشرها بنفسي.. وانصرف غاضبا. وبعد عدة ايام بدأت بعض الصحف تشير في صفحاتها الأولي إلي أنها قد حصلت علي سبق صحفي نادر لم يحدث مع قبل وهو الحصول علي مذكرات وذكريات الشيطان الرجيم (متولي كنجور).