نظم معهد المخطوطات العربية التابع لمنظمة (الألكسو)، برئاسة الدكتور فيصل الحفيان، المنتدي التراثي الثالث، والذي ارتكزت فعالياته حول محور رئيسي هو (مصحف برمنجهام بين العلم والاعلام)، تناوله بالبحث كل من: د. جمعة عبدالمقصود (وكيل كلية الآثار للدراسات العليا، جامعة القاهرة)، د. حسن علي عبيد، أستاذ ترميم المخطوطات والوثائق، د. علاء الدين الخضري، أستاذ الكتابات والنقوش الأثرية الاسلامية. جاء المنتدي كما قدم له د. الحفيان، سعيا لكشف حقيقة هذا المصحف من الناحية التاريخية، وأبعاد الضجة الاعلامية التي أثيرت حوله، وهذا المصحف (المخطوط)، تحتفظ به جامعة برمنجهام البريطانية ضمن مجموعة (ألفونسومينجانا)، وعلي الرغم من احتفاظ الجامعة به لمدة قرن من الزمان، فإنه لم يلتفت إليه أحد من الدارسين، حتي قامت بدراسته- مؤخرا- (ألبا فاديلي) Alba Fedeli باليوغراقية (تطور الخط العربي)، مع اخضاعه لأداة تأريخ المخطوط (الكربون المشع) في أحد معامل جامعة اكسفورد، وخلصت الي نتيجة مؤداها: أن صفحات هذا المصحف الرقية هي أقدم نسخ المصحف الشريف علي الاطلاق! تناول المشاركون في المنتدي "المصحف" من حيث الخط المستخدم فيه وسماته الفنية، والكتابية في إطار كتابات القرن الأول الهجري، كما تعرض المشاركون للجانب الأثري والعلمي، والطريقة العلمية المستخدمة لتأريخ المصحف، والنقد العلمي للمنهج المستخدم في التأريخ، وتعاطي الاعلام الغربي للحدث. في البداية تحدث د. علاء الدين الخضري عن مراحل تطور الخط الحجازي مشيرا إلي إن هذا الخط مر بمرحلتين الأولي مبكرة (القرن الأول الهجري)، والمرحلة الأخري (الخط الحجازي المتأخر)، وفي كل مرحلة تناول د. علاء السمات الرئيسية والشكل العام للخط الكوفي وكيفية رسمه، وقام بعمل مقارنة بين الخط المستخدم في كتابة المخطوط (مصحف برمنجهام) والخط الذي استخدم في نسخ القرآن في تلك الحقبة الزمنية. ولفت د. حسن عبيد إلي أن صدي الاعلام الغربي تجاه ما توصلت إليه ألبا فاديلي، لم يكن منصفا إلي حد ما، حيث ذكرت جريدة الاندبندنت البريطانية أن هذا المصحف ربما يكون قد تمت كتابته في طفولة الرسول، وهذا شيء خطير - حسب قول د. حسن) يمس مقدسات الاسلام وذكر د. حسن أن ديفيد توماس (متخصص في الديانات) قال: أن هذا المخطوط (مصحف برمنجهام) يشبه إلي حد كبير النص القرآني الذي بين أيدينا، وهنا قام الدكتور حسن عبيد بعقد مقارنة بين ورقتين من المخطوط تتضمنان من سورة "الكهف"، "مريم"، "وطه" مع مضاهاتها مع النص القرآني المطبوع، فلم يجد أي اختلاف، وهذا ما فعله أيضا د. علاء الدين الخضري المتخصص في الكتابات المبكرة، والنقوش الاسلامية. كما وجد تعريض بجريدة معاريف الإسرائيلية حول هذه القضية، حيث زعمت أن الباحثة البريطانية وجدت أجزاء من القرآن (مخطوط برمنجهام) تم كتابتها قبل النبي "صلي الله عليه وسلم"، حيث ترجع هذه النسخة إلي الفترة (568 إلي 645 ميلادية، قبل مولد الرسول)، كما أنها ظهرت قبل مولد النبي علي حد زعمها وقام د. جمعة عبدالمقصود بالرد فقال: ان الوسيلة المستخدمة (الكربون 14) صحيحة، والبريطانيون عندما قاموا بالتحلل حللوا الرق (الجلد المكتوب عليه النص) ولم يحللوا الخط، فكان من الضروري اخضاع الحبر المستخدم للكربون 14، وكان ينبغي تحديد نوع الحبر المستخدم ومن خلاله يمكن أن نحدد تاريخ النص، كما كان ينبغي أن نخضع النص (في المخطوط) للأشعة فوق البنفسجية لتحديد الخطوط المتراكمة - ان وجدت- علي الرق، لأنه من المحتمل أن يكون قد كتبت عليه نصوص أخري قبل النص القرآني. وعلي هامش المنتدي أقيم معرض ضم صورا لنوادر مخطوطات المصحف الشريف المكتوبة بالخط الحجازي التي تحتفظ بها بعض المكتبات العالمية.