الرئيس السيسي يصل مقر احتفال أكاديمية الشرطة    بث مباشر.. السيسي يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد 29 سبتمبر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    9 شهداء إثر غارة جوية إسرائيلية على بلدة العيم في لبنان    "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله    الأهلي يصطدم ببرشلونة لحسم صدارة مجموعته ب «سوبر جلوب»    القصة الكاملة في واقعة اكتشاف سحر للاعب مؤمن زكريا داخل المقابر    ضبط عامل بكافتيريا وضع هاتف محمول للتصوير بحمام السيدات في طنطا    ارتفاع أعداد المصابين في حادث انقلاب ميكروباص بقنا ل14 مصابًا    الحالة المرورية اليوم| انتظام حركة السيارات بشوارع وميادين القاهرة الكبري    وفاة شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم    استدعاء «التربي» صاحب واقعة العثور على سحر مؤمن زكريا    وزارة الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى اليوم الأحد 29-9-2024 فى البنوك    "حالة الطقس في مصر".. تفاصيل وتحذيرات حول التقلبات الجوية في خريف 2024    شيرين توجه رسالة لشقيقها: «آسفة بعتك بأرخص تمن».. والأخير يرد    ريهام عبدالغفور تنشر صورة تجمعها بوالدها وتطلب من متابعيها الدعاء له    وزير الخارجية يؤكد ضرورة احترام سيادة لبنان وعدم المساس بوحدته    مسئول أمريكي كبير يرجح قيام إسرائيل بتوغل بري محدود في لبنان    3 شهداء فى قصف الاحتلال الإسرائيلى شمال ووسط قطاع غزة    حديد عز يتجاوز 43,000 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 29-9-2024    «لاعب مفاجأة».. مدحت عبدالهادي يختار نجم الزمالك أمام الأهلي في السوبر    صدمة إسعاد يونس من ابنها بسبب علاقة غير مشروعة.. أحداث الحلقة 6 من مسلسل «تيتا زوزو»    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    المندوه: ركلة جزاء الأهلي في السوبر الإفريقي «غير صحيحة»    محمد طارق: السوبر المصري هدف الزمالك المقبل..وشيكابالا الأكثر تتويجا بالألقاب    فخري الفقي: 30% من الدعم العيني يذهب لجيوب غير المستحقين ويزيدهم ثراءً    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    إسرائيل تمهد لعمل بري في لبنان، وإيران تطالب بإدانة "العدوان الإرهابي"    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    عيار 21 بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد في مصر تثير دهشة الجميع «بيع وشراء»    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تكون المقاومة نصاً أدبياً
نشر في أخبار الأدب يوم 11 - 07 - 2015

تصور البعض في أوروبا والعالم أن الأدب الروسي قد لفظ أنفاسه الأخيرة بانهيار الاتحاد السوفيتي، وأن روسيا ما بعد تولستوي عجزت عن فرز أصوات أدبية متميزة، تتناول قضايا إنسانية معاصرة بلغة وطريقة جادة وجديدة. فيما ذهب آخرون إلي الحديث عن صورة نمطية للأدب الروسي، ساخرة من كونه مجموعة بورتريهات للبؤس والشقاء والفقر، فاقدا بذلك أهم صفات الأدب الذي يجب أن يكون متنوعا بما يكفي لتنوع البشر، وقد نفي ستيفين فراي هذا في معرض تقديمه لفيلم تسجيلي عن الكتابة في روسيا في زمن بوتين قائلا:"هناك الكثير من المرح، الكثير من الأمل، الكثير عن الروح الإنسانية" في الأدب الروسي. وفي الحقيقة، يعيش الأدب الروسي حاليا انتعاشا حقيقيا، لم يبدأ اليوم أو بالأمس القريب، لكنه بدأ مع بيريسترويكا جارباتشوف، استمر رغم صعوبات السنوات العشر العجاف (1990 - 2000)، بدأت ثماره في الظهور مع الألفية الجديدة. الساحة الأدبية اليوم مليئة بالأسماء التي كبرت في أحضان البيرسترويكا وتنشقت غبار السقوط، تسلمت الراية من الأسلاف، معبرة عن سخطها من الأوضاع التي آلت إليها البلاد، تستعرض أفكارا مختلفة مثل الموت، الإيمان، الحب، الوجود. ولا يمكن التحدث عن الأدب الروسي المعاصر دون التطرق إلي فكرة الغضب، فكثير من الوجوه التي أصبحت نجوما علي ساحة الأدب الروسي اليوم تكتب عن الحياة بواقعية، من أماكنهم في الأقاليم البعيدة، وتحت أضواء المدن الكبيرة، بأصوات تحمل صدي الجلد ورائحة دماء الضحايا، يستنكرون الظلم ويقفون أمام السلطة بشجاعة... أبرز هؤلاء إدوارد ليمونوف، الكاتب المتميز الذي يعد رمزا للفن المستقل في العهد السوفيتي، السياسي المتطرف رئيس الحزب القومي البلشفي في روسيا اليوم، الكاتب الشهير بباريس، الخادم المتسول في نيويورك.
يتمتع إدوارد ليمونوف، المثير للجدل، بشيء مميز، مختلف، بمثابة مثل أعلي للعديد من الكتاب الشباب، صعلوك مجرم، ورغم أنه اختار طوعا البعد عن الحياة الناعمة، لا يسعي لرضا السلطة، ولا يبغي تحقيق ثروة، إلا أن كتاباته تكسر كل القواعد وتحقق أرقام مبيعات تتجاوز الثلاث ملايين نسخة، إنه الكاتب الوحيد بين كتاب روسيا الذي لا يخضع لتصنيف ثابت، فهو شاعر مثير للجدل، جندي سابق، ستاليني، معارض.. صاحب المعركة الشهيرة مع الكاتب السوفيتي الكبير سولجنيتسين، تعارك بعنف مع نابوكوف وأزعجه بشدة، أشهر كافة أسلحته في حرب شعواء ضد فلاديمير بوتين. يعتبره الكثير من النقاد بورتريهًا مشوهًا من "رامبو القرن العشرين"، نسخة مصغرة من "هنري ميلر الشرق". والمثير حقا أن حياة هذا الكاتب تشكل خليطا يجمع بين تقاليد الأدب الروسي في العهد السوفيتي، سنوات السقوط المدوي، البحث عن الهوية والتجديد، المشروع السياسي الراديكالي، المهجر، التفاعل اللحظي مع ما يحدث من تقلبات للقرار في الكرملين عبر عقود طويلة، الصراع الحاد مع عصابات المال، سماسرة السياسة، إثارة الجدل والحراك السياسي المعاكس في بلاد ديستويفسكي وتولستوي.
رحلة اليساري المارق
إدوارد ليمونوف (يحمل لقب سافينكا)، كاتب وشاعر قومي وناقد اجتماعي. أحد أكثر الكتاب إثارة للجدل في جيله، يلقبه بعض علماء السياسة بالفاشي. إنه المؤسس والقائد الذي لا بديل عنه للحزب القومي البلشفي الراديكالي المحظور، معارض شرس، قائد حركة "روسيا الأخري". ولد كاتب وسياسي المستقبل في 22 فبراير عام 1943 في دزيرجينسك، مدينة صناعية علي نهر أكا، بالقرب من نيجني نوفجورود لعائلة ضابط الجيش السوفتي فينيامين إيفانوفيتش سافينكا وزوجته رايسا فيودوروفنا، التي هجرت عملها بعد مولد الطفل وتفرغت تماما لبيتها. انتقلت العائلة بينما إدوارد لا زال صغيرا عام 1947 إلي العيش في خراكوف، المدينة الأوكرانية التي شب فيها ليمونوف. ذهب للمدرسة عندما بلغ السادسة، حيث درس لثمانية أعوام. فقد صوابه بعد أن أنهي المرحلة المدرسية، غارقا في المجون والجريمة، مرتكبا العديد من الأفعال الإجرامية، حتي أنه صار وجها معروفا لقوات الشرطة وضيفا دائما في حجرات الحجز منذ سن الخامسة عشر. يقول إدوارد في دفاعه عن هذا الشباب العاصف أنه كان ضروريا، حيث عاش في الضواحي في بيئة إجرامية مع المئات بل الآلاف من العمال. لكنه فجأة، قرر التوقف عن الأعمال الإجرامية، بعد أن تم القبض علي صديقه، الذي خضع للمحاكمة ثم أعدم. دخل إدوارد معترك العمل في سن السابعة عشرة، جرب العديد من المهن والحرف، عمل لفترات قصيرة بين سائق شاحنة، حداد، عامل بناء، عامل بمصنع للصلب، فران، حتي أنه عمل ميكانيكيا في السكك الحديدية. شارك ليمونوف في إضراب بخراكوف عام 1963 نظمه العمال في أحد أكبر مصانع المدينة.
شرع ليمونوف في كتابة الشعر بعد إنهاء مرحلة المدرسة. دفعه حبه للغة والأدب للالتحاق بجامعة خراكوف للتربية، لكن تم رفضه. انتقل لموسكو عام 1967، عاش هناك حتي 1974. نال دروسا في الشعر والأدب، كان معلمه أرسيني تاركوفسكي الشاعر والمترجم السوفيتي الشهير، الذي ظهرت قصائده في أفلام "المرآة" و "المطارد" من إخراج ابنه أندريه تاركوفسكي. نجح ليمونوف في تحقيق قدر من الشهرة بين جماعة الكتاب السفليين السوفييت. واصل ليمونوف كتابة الشعر في موسكو (قرض الشعر حتي بداية الثمانينيات، ناشرا قصيدة أو إثنتين من حين لآخر حتي اليوم)، بعدها بدأ في كتابة النثر حتي أخذته الصحافة واستغرق فيها تماما. ثم قرر مغادرة روسيا 1974 قاصدًا الولايات المتحدة الأمريكية. وكما شرح لاحقًا بنفسه، فإن سبب هذه الخطوة الشرط الذي وضعته المخابرات السوفيتية (كي جي بي): إما أن يوافق علي أن يصبح مخبرا سريا أو أن يغادر إلي الغرب، وهذا ما اختاره إدوارد في النهاية.
عند وصوله للولايات المتحدة الأمريكية، لم يكن لديه عمل أو مكان يعيش فيه. وكي يتمكن ببساطة من مواصلة الحياة، كان عليه قبول أي عمل يعرض عليه، متجاهلا ضيق الوقت، التعب، أو المرتبات الضعيفة. في بداية إقامته الطويلة في أمريكا، عمل ليمونوف خادما منزليا، خياطا، بناء...وخلال إقامته في الولايات المتحدة، شغل الكاتب العنيد 13 عملا مختلفا. بدأ ليمونوف في كتابة الروايات وقضي سنتين في العمل مصححا في جريدة "كلمة روسيا الجديدة" بنيويورك، التي تنشر مقالات ضد الرأسمالية وطريقة حياة البرجوازيين. التحق ليمونوف بحزب العمل الاشتراكي، الذي تسبب له في كثير من المتاعب، ورغم هذا تجاهلته المخابرات الأمريكية، غضت الطرف عنه، ولم تستدع الكاتب مرة واحدة.
تعرف ليمونوف علي المشهد الطليعي وصحب البوهيميين في نيويورك، مبديا إعجابه ب لو رييد (عازف الروك الشهير المعروف باسم عازف الجيتار، المغني وكاتب الأغاني الرئيسي لفرقة فيلفيت أندرجراوند، وفنان سولو ناجح امتدت رحلته المهنية علي مدار عقود). كما تعرف علي كتاب أمريكان مثل تشارلز بوكوسكي (شاعر أمريكي ألماني، روائي وقاص). وعندما انتشرت أعمال ليمونوف في العالم، وجه له البعض اتهاما بمحاكاة أسلوب بوكوسكي وطريقته في الكتابة. في مايو 1976، قيد إدوارد، الذي كان يعمل حينها مصححا، نفسه في المبني الذي يوجد فيه مكتب جريدة النيويورك تايمز، مستهدفا لفت نظر إدارة الجريدة إليه، حتي تنشر الجريدة المرموقة مقالاته، لكن الجريدة تجاهلته، ومر الأمر كأن لم يكن. في نفس العام نشرت الجريدة الموسكوفية "نيديليا" مقال إدوارد "الإحباط" الذي نشر من قبل في جريدة "كلمة روسيا الجديدة"عام 1974. بعد ظهور المقال في الاتحاد السوفيتي، تمت إقالة ليمونوف من جريدة "كلمة روسيا الجديدة"، وبهذا يكون هذا هو المقال الوحيد الخارج عن السياق الذي ينشر في الاتحاد السوفيتي حتي عام 1989. ولم يكن واضحا بالضبط طبيعة الوضع القانوني لإدوارد ليمونوففي الولايات المتحدة، ذلك الوضع الذي أتاح له البقاء هناك لمدة ست سنوات، ولم يصبح الكاتب مواطنا أمريكيا ولم يحاول التجنس.
غادر ليمونوف الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980 متجها إلي فرنسا. التحق هناك بالحزب الشيوعي الفرنسي، وكتب مقالات لمجلة "الثورة"، الذراع الإعلامي للحزب. حصل علي الجنسية الفرنسية عام 1987، ولم يكن هذا من قبيل المصادفة، لكنه حصل عليها نتيجة الضغوط الكبيرة التي مارسها اليسار الفرنسي علي السلطات الفرنسية، مع العلم أن وكالة الاستخبارات الفرنسية كانت معارضة لتجنيسه بشدة. في بداية التسعينيات استعاد ليمونوف الجنسية الروسية وعاد لوطنه، وشرع فورا في العمل السياسي. وفي أكتوبر من عام 1994، شارك في معركة الدفاع عن البيت الأبيض الروسي. في ذلك الوقت، كانت جريدة "روسيا السوفيتية" تنشر مقالات ليمونوف. ثم أنشأ ليمونوف جريدة حملت اسم "ليمونكا" وصار أول محرر بها. شارك ليمونوف في عمليات قتالية في يوغوسلافيا بين عامي 91 و 93، كما شارك في الحرب الأبخاذية-الجيورجية (منحازا إلي الجانب الأبخاذي). ثم ساهم كصحفي في كتابة مقالات ودعاية سياسية، ومن حين لآخر كان ينضم لصفوف المقاتلين بنفسه. أسس ليمونوف عام 1994 الحزب القومي البلشفي ، الذي قام علي فكرة إقامة إمبراطورية عظيمة، تشمل أوروبا، روسيا، شمال ووسط آسيا، تحكمها روسيا وحدها. وبعيدا عن فكر الحزب، الذي يؤمن أن من يصبح رئيسا لروسيا يجب أن يكون روسيا خالصا، إنهم يؤمنون بعدم جدوي الإجهاض، وبحتمية استبعاد الشركات الأجنبية من البلاد، وكذلك تحريم استيراد البضائع الأجنبية (تمثل هذه النقاط بعضا من متطلبات الحزب).
وقد أوعز ليمونوف بالحاجة إلي تجهيز قوي عسكرية لغزو كازاخستان عام 2000-2001 من أجل الدفاع عن الروس هناك. وفي أبريل عام 2001، تم توجيه الإتهام له بحيازة أسلحة وإنشاء ميليشيات عسكرية غير شرعية (تم سحب الاتهام الأخير لاحقا). وتم احتجازه احتياطيا علي ذمة القضية، وحوكم بعد عام بمحكمة ساراتوف، وقدم عدد من برلمانيي مجلس الدوما الروسي بطلبات للعفو عنه، منهم فلاديمير جرينوفسكي، أليكسي ميتروفانوف، فاسيلي شانديبين. أصر ليمونوف أن هذه الإتهامات هزلية وذات أغراض سياسية، لكن رغم ذلك تم إصدار الحكم عليه في أبريل من عام 2003 بالسجن لمدة أربعة أعوام لحيازة سلاح. قضي ليمونوف عامين في السجن قبل أن يصدر الحكم بالإفراج عنه لحسن السلوك. لم يضع ليمونوف وقته خلال سنتي السجن، تواصل مع تابعيه وحوارييه، وألف ثمانية كتب. بعد عودته إلي روسيا من فرنسا، انغمس ليمونوف في السياسة بتأسيس جريدة "ليمونكا" وحركة سياسية تدعي الحزب القومي البلشفي. ورغم تمكن المجموعة من الحصول علي صفة الحزب الرسمي في سبتمبر عام 1993، إلا أنه تم إعادة تسجيله عام 1997 كمنظمة إقليمية غير حكومية. اليوم صار الحزب ناشطا في الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية، خاصة تلك التي تستهدف انتقاد سياسة رئيس روسيا الحالي فلاديمير بوتين. تم إعلان الحزب رسميا عام 2007 كمنظمة متطرفة وتم حظر أنشطته علي أراضي الاتحاد الفيدرالي الروسي. يتمتع ليمونوف بعلاقة قوية مع فلاديمير جرينوفسكي (المعروف بتصريحاته الفاضحة والمثيرة للجدل) وتم تعيينه وزيرا للأمن في حكومة ظل شكلها جرينوفسكي في عام 1992. ولكن سرعان ما سئم ليمونوف من مواقف جرينوفسكي وفضل الابتعاد، وكتب كتابا بعنوان "ليمونوف ضد جرينوفسكي".
أصدرت المحكمة الروسية عام 1996 حكما بأن "ليمونكا" توزع منشورات غير شرعية وغير أخلاقية. والحقيقة أن الجريدة نشرت عام 1995 مقالين بعنوان "القائمة السوداء للشعوب" و"أناناس الكروات"، تحدثا عن الشعوب "السيئة" والطريقة التي أساءت بها لروسيا جماعيا. بين الشعوب التي وضعتها ليمونكا في القائمة الشيشان، الكروات، اللاتفيين، التشيكيين، الإنجوش والسلوفاك. وعبر ليمونوف عن أسفه العميق، من خلال جريدته ليمونكا، لعدم قيام ستالين بطرد شعوب القوقاز من روسيا، داعما القسوة الشديدة مع ممثلي هذه الشعوب، حتي أنه كتب صراحة "أوافق علي قتلهم جميعا". نصحت المحكمة بإصدار تحذير رسمي للجريدة وحققت في إمكانية تحمل ليمونوف المسؤولية القانونية. أعلنت في الرابع من أبريل "روسكايا جازيتا" أن المقالات التي نشرت في "ليمونكا" تعد خرقا لبند 4، الخاص بقواعد العمل الإعلامي بالدستور، من خلال "إساءة استخدام حرية الإعلام لأجل زرع الكراهية بين أفراد الشعب والدعاية للحرب"، وبندين آخرين يتحدثان عن تأهيل الشعوب المقهورة والدعاية. عام 2000، دعم ليمونوف احتلال الحزب القومي البلشفي لكنيسة سانت بيتر في الريجا، بعدها كتب عدة مقالات في جريدة "المهجر" لتعزيز ودعم المحتلين. تحصن نشطاء الحزب القومي البلشفي ببرج الأجراس بالكنيسة بعد التهديد بقنبلة مزيفة، مهددين بتفجير المبني في محاولة للفت الأنظار إلي سوء معاملة الأقليات الروسية في لاتفيا. لم تحدث أية خسائر، لكن تمت الإشارة إلي الحدث في بعض وسائل الإعلام كعمل إرهابي. ونتيجة لذلك، تم توجيه الاتهام إلي أعضاء الحزب القومي البلشفي ، وصدرت أحكام بالسجن لمدة تتراوح بين 10 و15 سنة. وحكم علي أعضاء الحزب الآخرين ممن تم القبض عليهم قبل الهجوم بمدد أقصر.
رغم تصنيف أنشطة الحزب أنها إرهابية، فإنه نوع خاص من الإرهاب، إنها قوية وهدامة. فقد رشق نشطاء الحزب الشباب المسؤولين وسماسرة السلطة بالبيض الفاسد والطماطم (دون الحصول علي تصريح من أي جهة من السكرتير الأول للحزب الشيوعي إلي الساسة الروس ورجال الأعمال). منذ 2002، تحرر الحزب القومي البلشفي من عداء الأجانب ومعاداة السامية علي موقعه الرسمي. من بين آباء ليمونوف يأتي في القائمة جوزيف ستالين، ميخائيل باكونين (ثائر روسي معروف ومنظر للأناركية الكلية)، جوليا إيفولا (فيلسوفه إيطالية، كاتبة، شاعره، ناشطة سياسية، جندية ومتمسكة صارمة بالتقاليد)، يوري ميشيما (كاتب ياباني، شاعر كاتب مسرحي، معروف لانتحاره وفق طقوس السيبوكو). في عام 2006، تأسس التحالف "روسيا الأخري" برئاسة الثلاثي ميخائيل كاسيانوف، جاري كاسباروف، إدوارد ليمونوف. في الفترة ما بين 2006 و 2008 أجري "روسيا الأخري" عشرات الحملات الناجحة التي كانت تسمي مسيرات المنشقين. وبغية وضع نهاية لهذه الحملات، خصصت السلطات حوالي 20 ألفا من رجال الشرطة بالقرب من مسارات الحملة. شارك الحزب القومي البلشفي في معظم مسيرات المنشقين، التي تمت دون الحصول علي تصريح.
في الثالث من مارس عام 2007، شارك ليمونوف بصحبة أعضاء حزبه في تنظيم مسيرات المنشقين بسانت بطرسبرج، ضمت حشودا كبيرة من الناس ضد سياسات فلاديمير بوتين وفالنتينا ماتفينكا (عمدة سانت بطرسبرج)، أعتقل علي أثرها ليمونوف من قبل الشرطة في بداية المسيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.