عرف سكان مدينة الأقصر قبل آلاف السنين الخروج إلى الحدائق والذهاب إلى جانبى نهر النيل احتفالا بعيد شم النسيم وقدوم فصل الربيع، فى صورة لما ستشهده مدينة الأقصر فى احتفالات شم النسيم غدا الاثنين. وتقول الباحثتان المصريتان منى فتحى ونجلاء عبد العال، إن قدماء المصريين عرفوا الرومانسية وإهداء الورود للمحبوب، وأن الأقصر كانت تشهد عبر العصور الفرعونية الكثير من طقوس العشق والحب فى فصل الربيع، حيث كان أهل الأقصر من قدماء المصريين أكثر قدرة عن التعبير عن العشق والحب فى موسم شم النسيم الذى كان مناسبة لإقامة احتفالات كبيرة فى مصر الفرعونية. وعلى خطى أجدادهم الفراعنة، فان تجارة بيع الزهور والورود تنشط فى يوم شم النسيم، وتنشط معها حركة التنزه وسط الحدائق، وخروج الأسر إلى شاطئ كورنيش النيل، حيث يفترشون الأرض ويأكلون الفسيخ ويلونون البيض فى صورة لما كانت تشهده الأقصر قبل آلاف السنين. ويحتفل ملايين المصريين غدا الاثنين بعيد الربيع وشم النسيم على خطى أجدادهم من قدماء المصريين الذين لاحظوا ازدهار النباتات وتفتح الزهور واخضرار أوراق الأشجار فى موسم معين من العام، فعلموا أن هذه الفترة لها طبيعة خاصة فخرجوا خلالها للاستمتاع بتلك الطبيعة قرب النهر ووسط الزراعات والبساتين، وجعلوا لها احتفالا خاصا، وأكلوا خلال هذا الاحتفال الفسيخ والملآنة والبصل والبيض. وحرص المصريون القدماء على تناول هذه الاكلات فى مناسبة تفتح الزهور وازدهار الزراعات لكون البيض يرمز لديهم إلى "الخلق" وهو ما يتماشى مع احتفالاتهم بعيد شم النسيم الذى كان مناسبة لتفتح الزهور، لكن الأقباط هم من أدخلوا تلوين البيض إلى مصر. وطبقا للتقسيم المصرى القديم فان العام الفرعونى كان يقسم إلى ثلاثة فصول وليس أربعة فصول وهم فصل "الأخت" أى الفيضان وفصل "البرت" أى الزراعة وفصل "الشمو" أى التحاريق أو الحصاد والصيف، وما بين البرت والشمو يأتى الربيع، الذى تمتلئ مقابر الفراعنة وآثارهم بالرسوم والنقوش المعبرة عنه وخاصة مقبرة "مرروكا" فى منطقة سقارة، والتى تؤكد أن المصريين عرفوا أيضاً حب الزهور وقدسوها وأعطوها اهتماماً كبيراً للاحتفال بقدوم فصل الربيع. وتعتبر "الأقصر" أول مدينة عرفت فن الاعتناء بالزهور، ومدينة "إسنا" كانت أول مدينة تعرف صناعة الفسيخ- السمك المملح- فى التاريخ، وأنها كانت تشهد تقديم الأسماك المجففة كنذور للآلهة داخل المعابد، حتى صار السمك المجفف رمزاً للمدينة فى العصر البطلمى وصار اسمها "لاثيبولس" أى مدينة سمك قشر البياض. كما عرف سكان مدينة الأقصر تقديس الزهور منذ آلاف السنين، وأنه كان للزهور مكانة كبيرة فى نفوسهم ونفوس كل الفراعنة، إذ كانت زهرة اللوتس رمز البلاد، كما كان يقدمها المحبوب لمحبوبته. وتقول الباحثتان منى فتحى ونجلاء عبد العال، إن مقابر مدينة الأقصر الأثرية الفرعونية تزخر بالصور المرسومة على جدرانها لصاحب المقبرة، وهو يشق طريقه فى قارب وسط المياه المتلألئة، بينما تمد ابنته يدها لتقطف زهرة لوتس. وكانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردى ونباتات أخرى، كما تشكل باقات الورود اليوم، كما ترى أعمدة المعابد الفرعونية مزخرفة فى طراز "لوتسى" يحاكى باقات براعم الزهور. وصوَّر المصريون أنفسهم على جدران مقابرهم ومعابدهم، وهم يشمون الأزهار فى خشوع، يرجع بعضه إلى الفرحة ويوحى بسحر الزهور لديهم، وحظيت زهرة اللوتس بمكانة كبيرة لدى قدماء المصريين فكانوا يطلقون عليها اسم الجميل. وكان المصريون يقضون أكثر الأوقات بهجة فى فصل الربيع، ويحرصون فى ذلك الفصل على ارتداء الملابس الشفافة، ويهتمون بتصفيف شعورهم ويزيدون من استخدام العطور والأدهنة لإظهار مفاتنهم.