أكلتم وشربتم؟ تتناولون الآن أقداح القهوة وتتنسمون رائحتها محوجة؟ تتربعون أمام شاشات التلفزيون، تتابعون وليمة المسلسلات؟ من وقت لآخر تلتقط اياديكم قطعة كنافة، أو قطايف؟ هل أخطات أصابعكم على زر الريموت فجاءتكم صور جثث أطفال غزة، فمصمصتم الشفاه وتصعبنتم، وحولتم المحطة؟ نعم فعلت ونعم نفعل. نحن نأكل ما لذ وما طاب قدر المتاح، وأطفالهم يموتون جوعا وعطشا ورعبا وخوفا. نحن آمنون في بيوتنا، وهم تحت القصف وتحت الدهس وتحت الخنق وتحت التعرية الكاملة من الملابس، وتحت الاغتصاب، وتحت التجويع، وتحت كل وآي سفالة ودناءة اسرائيلية قذرة! معدل القتل اليومي للشهداء من 60 إلى 160، 200، والجرحي أضعاف، والمجموع الكلي للشهداء حتى كتابة هذه السطور تجاوز الواحد والثلاثين ألفا، والجرحى بلغ عددهم ما بعد الواحد والسبعين ألفا. بيان الإدانة أرقام، صار الإنسان رقما؟ صار البني أدم باحلامه وبكرامته وبآدميته وبحقه في الحياة مجرد رقم، ملفوف في كيس أبيض أو ستر من قماش، أو ممرغ في الطين وفي التراب وتحت الأنقاض، جزء منه ظاهر، ساق، أو رجل أو كف ممدودة، مستغيثة أو موحدة بالله، مستشهدة بأنه لا إله الإ الله واحد فرد صمد وأن محمدا رسول الله! هل تهتز قلوبنا الأن كما اهتزت في بداية المجازر؟ تألمنا كثيرا، ونحن بعيدون عن منصات الذبح اليومية في غزة على يد النازية الإسرائيلية، لكن خوفا على صحتنا، وتفاديا لارتفاع ضغط الدم، والاكتئاب، يتحاشى كثيرون متابعة مشاهد الجثث المتراصة. كيس أبيض بجوار كيس أبيض، بجوار كيس أبيض، عشرة، عشرون، من البشر، من الاطفال، من النساء، من الشباب والصبية، صاروا أكياسا، عليها أرقام وعليها أسماء، سرعان ما يوارون الغبار أو الرمال أو تحت في الحفر، مقابرهم الشوارع وطرقات وساحات المشافي! صارت البيانات الرسمية الدولية، والعربية، مجرد غسل ضمير، مجرد تبرئة موقف، تفاديا للتورط في حرب لم يخطط لها، وابتعادا عن كارثة بدأتها حماس، ويدفع ثمنها ملايين الفلسطينيين، ونحن أيضا! منظر الطفل الميت جوعا، منظر الرضيع الميت خنقا لنقص الأكسجين، منظر ضلوع صبي نافرة في ظهره، ظاهرة يمكن عدها، منظر السيقان الآدمية جففها الجوع والعطش فتحولت إلى عيدان حطب، إلى عصى، ألا يهتز الضمير الإنساني لهذه المناظر؟ أم أنهم عرب ومسلمون، ولوكانوا يهودا صهاينة، أو عملاء أوكران، لانتفض الغرب المنافق الأثيم؟ كيف بالله تعجز أمريكا وأوروبا عن إجبار إسرائيل على وقف المجازر بحق البشر العرب الفلسطينيين وهم يطعمون إسرائيل ويحمونها ويمدونها بالسلاح؟
لصوص الثلاث وزارات! حتى لا تغرق السفينة بعد تعويمها أمس بلغت البجاحة بحكومة السفاح نتنياهو أن قالت لبايدن إن إسرائيل ليست محمية أمريكية! انقلب الذئب على سيده فعض يده! ادفنوهم وبثوا بيان إدانة، ثم قوموا إلى نسائكم!
