انخفاض أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)    الأردن يرحب بقرار مجلس الأمن الخاص بوقف إطلاق النار في غزة    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    "كنت هتجنن".. نجم الأهلي السابق يوجه رسالة قوية لحسام حسن ويطالبه بهذا الأمر    كل ما تريد معرفته عن مزايا نظام التشغيل iOS 18 لأجهزة أيفون    وزير النقل يتفقد محطة أسوان للسكك الحديدية ويتابع تطوير ورشة أسوان    تشكيل لجنة مشتركة بين مصلحة الضرائب ووزارة المالية لوضع قانون ضريبي جديد    تباين أسعار «العملات الأجنبية» في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    وزير الإسكان يعلن طرح وحدات سكنية جاهزة للاستلام بمشروع "valley towers"    الخارجية الروسية: مشاكل إيرانية وراء تعليق اتفاق التعاون الشامل    روسيا: تحطم مقاتلة من طراز سو-34 ومصرع طاقمها بالقوقاز    كيلو اللحمة ب 285 جنيها.. التموين تضخ كميات كبيرة من اللحوم بالمنافذ    مباريات اليوم.. تصفيات كأس العالم.. ودية منتخب مصر الأولمبي.. وظهور رونالدو    وزير الرياضة في استقبالها.. بعثة منتخب مصر تصل القاهرة بعد التعادل مع غينيا بيساو (صور)    موعد مباراة فلسطين وأستراليا في تصفيات آسيا والقنوات الناقلة    رسميا.. غياب دي يونج عن منتخب هولندا في يورو 2024    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار في 9 بنوك مع بداية تعاملات اليوم الثلاثاء    اليوم.. محاكمة 19 متهما ب خلية المرج الثالثة    38 سؤالا لن يخرج عنها امتحان الإحصاء لطلاب الثانوية العامة    وصول آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    50 صورة لنجوم الفن في العرض الخاص لفيلم "أهل الكهف" عن رائعة توفيق الحكيم    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    للحجاج، نصائح مهمة تحمي من التعب والإجهاد أثناء أداء المناسك    محافظ الأقصر يبحث التعاون المشترك مع الهيئة العامة للرقابة الصحية    أحدهم مجهول الهوية.. مصرع 3 أشخاص وإصابة 2 آخرين في حادث سيارتين بأسيوط    وزيرة التنمية الألمانية: هناك تحالف قوي خلف أوكرانيا    انتشال عدد من الشهداء من تحت أنقاض منازل استهدفها الاحتلال بمدينة غزة    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    عصام السيد: تغيير الهوية سبب ثورة المصريين في 30 يونيو    8 نصائح من «الإفتاء» لأداء طواف الوداع والإحرام بشكل صحيح    عالم أزهري: دعاء «أهل الكهف» مفتاح الفرج والتوفيق من الله.. ويحقق المعجزات    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    موعد مباراة منتخب مصر القادمة في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    شغل في القاهرة.. بحوافز وتأمينات ورواتب مجزية| اعرف التفاصيل    حكم الشرع في ارتكاب محظور من محظورات الإحرام.. الإفتاء توضح    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    صور| وفاة أم حزنا على دخول ابنها في غيبوبة بعد تعرضه لحادث سير بطنطا    هل يجوز الاضحية بالدجاج والبط؟ عالم أزهري يجيب    آبل تطلق نظارات الكمبيوتر فيجن برو في السوق الألمانية    كواليس جديدة بشأن أزمة رمضان صبحي ومدة إيقافه المتوقعة    عمرو أديب: مبقاش في مرتب بيكفي حد احنا موجودين عشان نقف جنب بعض    احتفالا بعيد الأضحى، جامعة بنها تنظم معرضا للسلع والمنتجات    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    صحة الفيوم تنظم تدريبا للأطباء الجدد على الرعاية الأساسية وتنظيم الأسرة    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي لوقف دائم لإطلاق النار في غزة    عيد الأضحى 2024.. إرشادات هامة لمرضى النقرس والكوليسترول    الحق في الدواء: الزيادة الأخيرة غير عادلة.. ومش قدرنا السيء والأسوأ    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    تحذير عاجل ل أصحاب التأشيرات غير النظامية قبل موسم حج 2024    التحقيق في إصابة 4 أشخاص في حريق مبنى على طريق إسكندرية مطروح الساحلي    قصواء الخلالي: وزير الإسكان مُستمتع بالتعنت ضد الإعلام والصحافة    إبراهيم عيسى: طريقة تشكيل الحكومة يظهر منهج غير صائب سياسيا    بالصور.. احتفالية المصري اليوم بمناسبة 20 عامًا على تأسيسها    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم إمامة الصبي المميز لأمه أو أفراد أسرته في صلاة الفريضة
نشر في فيتو يوم 28 - 05 - 2022

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "ما حكم إمامة الصبي المُمَيِّز لأمه أو أفراد أسرته في صلاة الفريضة بهدف تحصيل ثواب الجماعة؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:
إمامة الصلاة في الإسلام لها شأنٌ عظيمٌ ومنزلةٌ رفيعة؛ إذ بها تُقام جماعة المسلمين فتفضل صلاتهم وترتفع درجاتها، وتزيد بسبعٍ وعشرين درجةً عن صلاتهم منفردين؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه.
حكم إمامة الصبي
ولِعِظَمِ شأن الإمامة قَدَّمَ الشرع لها أفضلَ مَن يحضُرُ الصلاة مِن المسلمين؛ فكان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إمامَ المسلمين في صلاتهم إذا حضرها، وتبعه على ذلك أفضل الأمة علمًا وعملًا من الصحابة والتابعين ومَن تَبِعَهُم من أهل القرون المفضَّلة المُثْلَى، وهذا ما عليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا في تقديم مَن يؤُمُّهُم في صلاتهم، وإلى يوم الناس هذا.
فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (2/ 299-300، ط. مكتبة الرشد): [وقال الطبري: لما استخلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصديق رضي الله عنه على الصلاة بعد إعلامه لأمته أنَّ أحقهم بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله؛ صح أنه يَوْمَ قَدَّمَهُ للصلاة كان أقرأَ أُمَّتِهِ لكتاب الله وأعلمَهم وأفضلَهم] اه.
حكم إمامة الصبي المميز
وإنما قَدَّم الشرع لإمامة المصلين أفضلهم وأعلمهم: رعايةً لأحكام الصلاة وشروطها؛ إذ الإمام ضامنٌ لصلاتهم، فإن أصاب فَلَهُ وَلَهُم، وإن أخطأ فعليه ولا عليهم؛ ولذلك استحقَّ الأئمةُ دعاءَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم بالرشد؛ لِعِظَمِ ما أقامهم اللهُ فيه من أمر الصلاة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللهُمَّ أَرْشِدِ الْأَئِمَّةَ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي في "السنن"، وابن خزيمة في "صحيحه"، والطبراني في "الأوسط".
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَأَصَابَ الْوَقْتَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ؛ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ فَعَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود وابن ماجه والبيهقي في "السنن"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وصححه ابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك".
حكم إمامه الصبي البالغ
وقد اختلف الفقهاء في صحة اقتداء البالغ بالصبي المُمَيِّز في صلاة الفريضة على قولين:
الأول: عدم صحة إمامة الصبي فيها؛ بناءً على أنَّ صلاة الإمام متضمنة لصلاة المأموم؛ كما جاء في الحديث: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ»؛ فيجبُ أنْ تكونَ مشتملةً على كلِّ أوصافِ صلاته، ومِن جملة أوصاف صلاة المأموم البالغ: الوجوب، وهو متعذرٌ في صلاة الصبي؛ لارتفاع التكليف عنه، فلا تقع صلاتُهُ فريضةً، وإنَّما تقع نافلةً، وصلاة المفترض خلف المتنفل لا تصح؛ لامتناع بناءِ القَوّيِّ -وهو صلاة الفرض في حق المأموم- على أساسٍ ضعيف -وهو صلاة الصبي التي هي في حقه نافلة-، ولأنَّه لا يؤمَنُ منه الإخلال بأركان الصلاة أو شروط صحتها؛ لكونه غير مخاطبٍ بها لعدم التكليف.
وهذا القول هو المروي عن علي بن أبي طالب، وابن عباس رضي الله عنهم، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة.
فعن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا تُقَدِّمُوا صِبْيَانَكُمْ وَلَا سُفَهَاءَكَم فِي صَلَاتِكُم؛ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُم إِلَى اللهِ» أخرجه البيهقي في "الخلافيات".
وعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: "لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ" رواه البيهقي في "السنن الكبرى"، وعبد الرزاق في "المصنف".
وعن عطاء والشعبي ومجاهد: "لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ"، وبلفظ: "لَا يَؤُمُّ غُلَامٌ حَتَّى يَحْتَلِمَ" أخرجهما عبد الرزاق الصنعاني وابن أبي شيبة في "المصنف".
وأما نصوص جمهور الفقهاء:
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 227، ط. دار الكتب العلمية): [لو قدَّم صبيًّا فسدت صلاته وصلاة القوم؛ لأن الصبي لا يصلح خليفة للإمام في الفرض، كما لا يصلح أصيلًا في الإمامة في الفرائض، وهذا على أصلنا أيضًا؛ فإنه لا يجوز اقتداء البالغ بالصبي في المكتوبة عندنا] اه.
وقال العلامة بدر الدين العيني في "البناية شرح الهداية" (2/ 356، ط. دار الكتب العلمية): [م: «وَالْإِمَامُ ضَامِنٌ» ش: والضمان ليس في الذمة، فإن صلاة المقتدي لا تصير في ذمته، فثبت معناه: أنَّ صلاة الإمام في ضِمنه صلاة المقتدي، وإليه أشار بقوله م: (بمعنى أنه تضمن صلاته صلاة المقتدي) ش: هذا معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ» ومِن المعلوم أنَّ صلاة القوم ليست في ذمة الإمام كما ذكرنا، فيكون معنى ضامن لصلاته لتبعية صلاتهم صحةً وفسادًا، والتضمن إنما يتحقق إذا كان التضمن مثله أو فوقه، أما إذا كان دونه فلا] اه.
وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 25، ط. دار الفكر): [إنما لم تَجُزْ إمامة الصبي للبالغين؛ لأنه لا يؤمَن أن يصلي بغير طهارة؛ إذ لا حرج عليه في ذلك، ألا ترى أن شهادته إنما رُدَّتْ مِن أجْل أنه لا يؤمَنُ أن يَشهد بالزور إذ لا حرج عليه في ذلك، ولا يتعرض الصبي في صلاته لفرضٍ ولا نفلٍ، وإنما ينوي فعل الصلاة المُعَيَّنة] اه.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (1/ 479-480، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا) تصح (إمامة مُمَيِّز لبالغ في فرض)..؛ لأنها حالُ كمالٍ، والصبي ليس مِن أهلها..؛ لأنه نقصٌ يمنع التكليفَ وصحةَ الإقرار، والإمام ضامنٌ، وليس هو من أهل الضمان؛ ولأنه لا يؤمن منه الإخلال بالقراءة حال السِّرِّ] اه.
والثاني: أنَّ إمامة الصبي للبالغ في صلاة الفرض صحيحةٌ إذا كان عالمًا بأحكام الصلاة، ملتزمًا بشروط صحتها، حافظًا لما يلزم من القراءة فيها، وهو من رواية عمرو بن سلمة رضي الله عنهما، وجماعة من التابعين: كالحسن البصري، وإسحاق، وأبي ثور، والأشعث، وهو معتمد المذهب عند الشافعية؛ لأنه لا شركة بين الإمام والمأموم في الصلاة، بل كُلُّ مصلٍّ يُصَلِّي لنفسه أداءً وحُكمًا، واقتداءُ المأموم بالإمام إنما هو في متابعته في الأفعال الظاهرة فقط؛ تحرزًا من السهو والغفلة، وهو ما وجَّه به الشافعية حديث: «الْإِمَامُ ضَامِنٌ»؛ كما نص على ذلك الإمام الماوردي في "الحاوي" (2/ 228، ط. دار الكتب العلمية)، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 193، ط. دار الكتاب الإسلامي).
فعن عمرو بن سلمة رضي الله عنهما أنه قال: قَالَ أَبِي: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَالَ: «إذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا»، قَالَ: فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآنًا، فَقَدَّمُونِي وَأَنَا ابْنُ سِتّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ. أخرجه البخاري في "صحيحه". والحديث حجة في إمامة الصبي المُمَيِّز في الفريضة؛ كما أفاد بذلك الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (8/ 23، ط. دار المعرفة).
ولا يُعتَرَض بأنَّ تقديمه إنَّما كان في صلاة النافلة؛ لقول عمرو بن سلمة رضي الله عنهما في رواية أخرى: "فَمَا شَهِدْتُ مَجْمَعًا مِنْ جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ، وَأُصَلِّي جَنَائِزَهُمْ إِلَى يَوْمِي هَذَا" أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والبيهقي في "السنن". فأفاد تقديمه في كُلِّ صلاةٍ حضرها فيهم، ولم يُفَرِّق في ذلك بين فَرْضٍ ونَفْلٍ.وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: "لَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ".
وعَنْ هِشَام بن عروة، عَنْ أَبِيهِ أنه قَالَ: لَمَّا قَدَّمَ الْأَشْعَثُ -أي: لإمامة الصلاة- قَدَّمَ غُلَامًا، فَعَابُوا ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: "مَا قدَّمْتُهُ، وَلَكِنِّي قَدَّمْتُ الْقُرْآنَ" أخرجهما ابن أبي شيبة في "المصنف".
قال الإمام ابن المنذر الشافعي في "الإشراف على مذاهب العلماء" (2/ 129، ط. مكتبة مكة الثقافية): [واختلفوا في إمامة غير البالغ؛ فمِمَّن رأى أنَّ الصلاةَ خَلْفَ مَن لم يَبْلُغْ جَائِزَةٌ: الحسن البصري، وإسحاق، وأبو ثور] اه.
وقال الإمام الجويني في "نهاية المطلب" (2/ 373، ط. دار المنهاج): [ومعتمد المذهب أنَّ الاقتداءَ متابعةٌ في ظاهر الأفعال، والغرض منه أن يربط المقتدي فعلَه بفعل إمامه حتى لا يتكاسل ولا يتجوَّز في صلاته، وإلا فكُلُّ مُصَلٍّ لنفسه، والنيات ضمائر القلوب؛ فلا يتصوّر الاطلاع عليها حتى يفرض اقتداءٌ بها] اه.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 249، ط. دار الفكر): [(فرع): في مذاهب العلماء في صحة إمامة الصبي للبالغين: قد ذكرنا أن مذهبنا صحتها] اه.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 483، ط. دار الكتب العلمية): [(و) تصح القدوة (للكامل) وهو البالغ الحر (بالصبي) المُمَيِّز للاعتداد بصلاته] اه.
ويُستدلّ أيضًا على صحة إمامة الصبي المُمَيِّز للبالغ: بما روي من عموم الأمر بتقديم الأقرأ للقرآن والأعلم بالسنة، دون تفرقة بين البالغ منهم وغير البالغ؛ فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط في السنن" (4/ 152، ط. دار طيبة): [إمامة غير البالغ جائزةٌ إذا عقل الصلاة وقام بها؛ لدخوله في جملة قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» لم يذكر بالغًا ولا غير بالغٍ، والأخبار على العموم لا يجوز الاستثناء فيها إلا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو إجماع] اه.
وقال الحافظ ابن رجب في "فتح الباري" (4/ 173، ط. دار ابن الجوزي): [«يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ».. وقد استدل بِهِ بنو جَرْمٍ فِي عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى إمامة الصبي، حَتَّى قدَّموا عَمْرَو بنَ سَلَمَةَ أخذًا بعمومه] اه.
هذا، بالإضافة إلى ما سبق ذِكره مِن عظيمِ مكانةِ الصلاةِ في جماعةٍ، وأنها تزيد في الفضل عن صلاة المنفرد بسبعٍ وعشرين درجة، علاوةً على أن السؤال الوارد إنما هو في سياق التواصي بالعمل الصالح بين أفراد الأسرة الواحدة، وليس في بيان الأحقّ بالإمامة في الصلاة منهم.
الإفتاء عن حكم الصلاة بالتاتو الثابت "الوشم": جائزة في هذه الحالة
ما حكم الصلاة والسلام على النبي بعد الأذان؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ إمامة الصبي المميِّز لأمِّه أو أفراد أسرته في صلاةِ الفريضة، خاصةً إذا تضمنت تشجيع الصغار مِن الأولاد على التهيُّؤ لها، والرغبة في الوصول لمنزلتها، وقصدًا لتحصيل ثواب الجماعة في البيت؛ جائزة شرعًا، وصلاة المقتدي به صحيحةٌ كما هو معتمد مذهب الشافعية ومَن وافقهم؛ بشرط أن يكون عالِمًا بأحكام الصلاة، ملتزمًا بشروط صحتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.