مع الساعات الأولي من صباح الأحد الماضي، يوم "عيد السعف"، تزينت الكنائس بالورد والسعف وسنابل القمح، استقبلوا نفحات المسيح، وهذه الذكري العطرة ترجع لدخول السيد المسيح القدس راكبا على حمار، وفي كنائسنا المصرية تم تنظيم مسيرة للأطفال لتمثيل مشهد دخول القدس، ويحمل الجميع جريد النخل والسعف وأغصان الزيتون للتعبير عن فرحتهم بدخول المسيح إلى مدينة القدس. القمص عبد المسيح بسيط، كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد، يقول عن أحد السعف: بالنسبة لنا هو عيد دخول المسيح الانتصاري لأورشاليم، واليهود عبر تاريخهم من خلال أنبيائهم كانوا يتوقعون أن المسيح سيأتي، فأطلقوا عليه المسيح المنتظر، وتوقعوا أن يأتي المسيح ، لكنهم فهموا خطأ أنه سيملك العالم، وينزل علي جبل صهيون في أورشاليم بقوات يهودية مع قوات تأتي من السماء لمساعدته ليهزم جيش الرومان، لذا فقد كانوا في انتظار الملك الذي سينتصرون به علي العالم ويصبح العالم كله خاضعا لليهود بدلاً من الرومان. القمص بسيط أكد أن المسيح كان قادما كملك سلام، لينشر السلام علي الأرض، كما أنه ملك سمائي- حسب العقيدة المسيحية- لذا فعندما سأله القائد الروماني قائلا له: "هل أنت ملك؟".. فقال له المسيح: "لهذا قد ولدت ولهذا أتيت علي العالم لأشهد للحق"، ثم عاد وقال: "مملكتي ليست من هذا العالم.. لأنه لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي معي، وما فعلت أنت شيء"، وأصبح هناك فريقان.. فريق اليهود غير المؤمنين بالمسيح، وهم غالبية اليهود الذين كانوا في انتظار المسيح كملك أرضي، وفريق كان في انتظار المسيح كملك سمائي. وأضاف القمص بسيط: "عندما دخل المسيح أورشاليم- حسب عادة هذا العصر- كان الملك المنتصر عندما يدخل المدينة يستقبلونه بسعف النخل، وله رمزان، أحدهما النصر والآخر السلام.. وقالوا له: "أوصنا في الأعالي، مبارك الآتي باسم الرب، مباركة هي مملكة أبينا داوود"، وكلمة أوصنا ابتهاجاً أن الملك الذي ننتظره قد أتي، فكان دخول المسيح الانتصاري يمثل أمرين أنه قادم رمز للسلام، وأنه الملك الانتصاري ليحقق نبوءات العهد القديم". القس بسيط قال : "وسمي عيد السعف لأننا نعيد ذكري هذه المناسبة كل عام، ويسمي أحد الشعانين، وهو مقدس عند المسيحيين المصريين، والأخوة المسلمون -عبر التاريخ- كانوا يشاركون إخوانهم المسيحيين في الاحتفال بعيد السعف، والغطاس، وفي أعياد كثيرة باعتبار أن المصريين كان معظمهم أقباط وكانوا يحتفلون بتلك المناسبات، ولما تحولوا للإسلام استمروا يشاركون إخوانهم المسيحيين في الاحتفال". ويقول المقريزي في كتابه "الخطط" الجزء الأول عن عيد السعف:" أما في أحد الشعانين (السعف) كان القبط يخرجون من الكنائس حاملين الشموع والمجامر والصلبان خلف كهنتهم، ويسير معهم المسلمون أيضاً، ويطوفون الشوارع وهم يرتلون، وكانوا يفعلون هذا أيضاً في خميس العهد، وكان الفاطميون يضربون (سك عملة ذهبية لتوزيعها) خمسمائة دينار على شكل خراريب ويوزعونها على الناس، وكان يباع في أسواق القاهرة من البيض المصبوغ ألوان ما يتجاوز حد الكثرة، فيقامر به العبيد والصبيان والغوغاء، وكان القبط يتبادلون الهدايا من البيض الملون والعدس المصفى وأنواع السمك المختلفة، كما يقدمون منها لإخوانهم المسلمين". وسعف النخل بالنسبة للأقباط يمثل قلب النخل، ويتميز بأنه جديد وأبيض، كصفات للقلب النقى، وقد اعتاد الأقباط يوم عيد السعف علي جدل قلب النخل فى هيئة صليب أوقلب يقدمونه كقربان، وبعد ظهر يوم الاحتفال في أسبوع الآلام يستدعون ذكرى آلام المسيح وتآمر اليهود عليه فيما يطلقون عليه يوم" الجمعة العظيمة، وتنتهى الاحتفالات الحزينة بعيد القيامة المجيد الموافق يوم الأحد المقبل, وهو الأحد الأخير من الصوم، واليوم الأول من أسبوع الآلام، وأحد السعف هو العيد الرابع من الأعياد الكبرى فى الكنيسة القبطية.