الضحك هو القاسم المشترك بين جميع أطفال العالم، وأسعد لحظات الأم حينما ترى وجه طفلها يتلألأ بالضحكة، معبراً عن السعادة والفرح. في دراسته عن «الضحك» يوضح د. روبرت اربوروفينا أن الكل يضحك بطريقة واحدة، فكل واحد بوسعه أن يضحك كما أن الطفل الرضيع لديه القدرة على الضحك قبل أن يبدأ في تعلم الكلام، حتى الطفل الأصم أو الأعمى يحتفظ بقدرته على الضحك. وأثبتت الدراسة أن ابتسامة الطفل تسعد الأم، وتحفز مراكز المكافأة في مخها، وتوصل باحثون إلى أن الرضيع يبدأ فى الضحك بعد مرور 17 يوما من ميلاده، والابتسامة ترتبط لدى الطفل بحاجاته العاطفية، وأنه لا يلجأ للابتسام حتى يتصل بالآخرين، بل للمحافظة على هذا الاتصال، فالأم تزيد من اهتمامها بالطفل، بسبب ابتسامته، وابتسامة الطفل العفوية تعبر عن الرضا. وتقسم ابتسامة الأطفال إلى ثلاثة أنواع: العامة التى تبدأ في الظهور بعد أربعة أسابيع من الولادة، وتستمر لفترة طويلة، وتكون ممزوجة بتعبير المرح الذي يكاد يشع من عين الطفل، وتظهر عندما يرى الطفل أي وجه يداعبه ويلاطفه أو يبتسم له، ويعتقد الآباء والأمهات أن طفلهم يخصهم بالابتسامات العريضة، اعتقادا منهم أنه يعرفهم، لكن الحقيقة أن الطفل في هذه المرحلة يبتسم لكل شخص يقترب منه ويحاول مداعبته. النوع الثانى: هو الابتسامة الخاصة وتبدأ في الظهور على وجه الطفل في مرحلة ما بين خمسة وسبعة أشهر، وهي قريبة الشبه بالابتسامة العامة، لكنها تختلف عنها في كونها موجهة للأهل والمعارف المقربين فقط، وهذه الابتسامة الخاصة لها أثر كبير في نفس الأم والأب؛ لإدراكهما أن الصغير يبتسم لهما لأنه يعرفهما. والنوع الثالث: هو الابتسامة الانطباعية، والتي ترتسم على وجه الرضيع قبل أن يبلغ يومه الثالث أو الرابع وتظل مستمرة معه طوال الشهر الأول، وهي شبه ابتسامة لأنها تبدو لمن يراها، وكأن الطفل متردد في أن يبتسم، ومع ذلك يمكن اعتبارها تمهيداً لابتسامة عريضة ترتسم على ملامح وجهه الطفولي. والنوع الثالث للضحك: هو الضحك المتكرر، الذي يظهر عند استخدام الأم عنصر المفاجأة لإدهاش الطفل، وبهذا تضيف بعدا جديدا إلى العالم الهزلي الذي يجمعها برضيعها، مع العلم أن من أكثر الألعاب إثارة لضحكات الصغير لعبة "الاستغماية"، أي عندما تقوم بإخفاء وجهها ثم تعود لإظهاره مرة أخرى أمامه، مما يثير ضحكاته، وكلما تكررت هذه الحركات، زادت ضحكاته وتعالت قهقهاته، وأكدت إحدى الدراسات أن الطفل الذى لا تتعالى ضحكاته من لعبة الاستغماية لابد من عرضه على طبيب. وهناك نوع آخر من الضحك، وهو الضحك القريب، حين يقوم الطفل بالضحك على أشياء قد تبدو غريبة عليه، كأن يرى أمه وهي تضع الفوطة على شعرها عند خروجها من الحمام، أو يرى أباه، وهو يسقط على الأرض، أو يتعثر أمامه، كلها أمور بسيطة، لكنها قد تثير ضحكه، لكن ليس كل الأطفال يمكن أن تثيرهم مثل هذه الأشياء. وهناك تقسيم آخر لأنواع الضحكات، فهناك ضحك البهجة، ويقوم به الطفل نتيجة لرؤيته للعبة لها صوت جميل مسموع، وكثير من الأطفال المتقدمين في السن يعربون عن ارتياحهم لمرأى بعض الأشياء السارة أو الموضوعات المبهجة بأن ينفجروا بالضحك في غبطة وانشراح. والضحك الجسماني عن طريق الزغزغة، أو لمس بعض المناطق في جسم الطفل كجانبي الجذع، أو باطن القدم، وقد قام بعض الباحثين بعدة اختبارات على مجموعة من الأطفال؛ لمعرفة مدى صحة الرأي القائل بأن"الزغزغة" ليست إلا استجابة فسيولوجية بحتة، فوجدوا أن الطفل يستجيب بالضحك لهذه العملية طالما كان الشخص الذي يقوم بها معه مبتسماً أو ضاحكاً، لكنه لا يلبث أن يكف عن الضحك بمجرد أن اتخذ الباحث وضعا جديا بلا ابتسام ولا ضحك. وقسمت دراسات علماء النفس أنواع الضحك وفقا للعمر، فهناك ضحك الفرح ويبدأ عند الطفل في الشهر الثاني من عمره، ضحك التعاطف، والمشاركة الوجدانية يبدأ فى الشهر الثالث، وفي الشهر الخامس هو ضحك اللعب، والمفاجأة والانتصار، وضحك الاستحالة الكوميدية، يستلزم قدرا من الإدراك العقلي، لذلك فإنه لا يظهر عند الطفل إلا في الشهر التاسع من عمره، وابتداء من الشهر العاشر من عمره، يكون قادراً على أن يضحك لنفس المواقف التي يضحك لها الأطفال الكبار . وقد أظهرت إحدى الدراسات أن الأطفال الذين يشاهدون المهرج بجانب الآباء، والفريق الطبي المتخصص قبل إجراء جراحة تكون معدلات القلق لديهم أقل في حدتها عن الأطفال التي يصاحبها الآباء، والفريق الطبي فقط. ومعدلات القلق العالية قبل إجراء الجراحات قد تؤدى إلى حدوث مضاعفات خطيرة، حيث وُجد أن حوالي 60% من الأطفال يعانون من القلق قبل إجراء الجراحة. الدكتور بيومي خليل- أستاذ الصحة النفسية- يقول: إن الضحكة العصبية للطفل، التي تظهر عندما نقوم بأرجحته بسرعة شديدة، أو هزه بإيقاع معين، أو تحريك ذراعيه وساقيه معا. وأضاف أن هناك حركات أخرى مثل الاستثارة الجسدية، على سبيل المثال: القبلات، أو "الزغزغة"، أو النفخ على الجلد، وأنه في حالة مداعبة الطفل بهذه الأساليب، التي لا يخلو بعضها من العنف، يجب أن نعلم جيدا أن هناك خيطا رفيعا بين الضحك والبكاء، خاصة في حالة حدوث اضطراب في الظروف المحيطة، كإحساس الطفل بالتعب والإجهاد، أو إحساسه بعدم الثقة فيمن حوله، فهذه العوامل تكفي لإعطائه الشعور بعدم الأمان، وعدم رغبته في الضحك، وعلى هذا يجب مراعاة هذه الظروف جيدا حتى لا يكره الطفل مثل هذه المداعبات، كما يجب منحه فرصة لالتقاط أنفاسه بين كل حركتين متتاليتين. وأوضح خليل أن الضحك الانعاكسى نوع من العدوى التي تصيب الطفل، وتنتقل إليه إذا كانت أمه من النوع المرح، خاصة أن الضحك هو عبارة عن رد فعل عصبي انعكاسي يحدث في جسم كل منا، ويعتمد الطفل خلال أشهره الأولى، على وسيلة واحدة للتعلم هي وسيلة المحاكاة، التي تساعده على اكتساب جميع انفعالاته، فإذا ضحك أحدهم أمام رضيع في شهره الرابع، نلاحظ أنه يحاول تقليد هذه الحركة، ويساعده على ذلك تشجيعك له بنظراتك التي تبعث الإعجاب.