ترى من هو الفنان الشاب الذى ستحتفل «جوجل» بذكرى ميلاده بعد مائة عام أو ربما خمسين عاما من اليوم، على غرار احتفاء الموقع مؤخرا بذكرى ميلاد إسماعيل ياسين «سبقه نجوم، منهم سيد درويش وأم كلثوم» بتغيير شكل الصفحة الرئيسية، احتفالا بذكرى ميلاد نجم سينمائى عظيم، كما تم تصنيفه، ليس على الموقع فقط، وإنما فى قلوب الشعوب العربية. بعد مرور كل هذه السنوات من سيستحق من نجوم الأجيال الحالية تلك اللفتة من الشركة العالمية؟ هل سيكون احتفال جوجل فى الثامن عشر من نوفمبر بذكرى ميلاد أحمد حلمى مثلا؟ أم فى الأول من فبراير يوم ولد محمد هنيدى؟ وربما يتغير شكل الصفحة الرئيسية فى الأول من مارس عام 2070 لتحمل صورة أحمد السقا فوق حصانه الشهير، ولماذا لا تتغير الصفحة فى منتصف شهر ديسمبر لتحتفى بالنجم الكوميدى الكبير سامح حسين «ربما يصبح وقتها نجما كوميديا كبيرا لا أحد يعرف» أو تحتل صورة آسر ياسين الصفحة الرئيسية فى الخامس والعشرين من فبراير فى إشارة إلى أن الموقع يحتفل اليوم بذكرى ميلاد واحد من أهم نجوم السينما المصرية فى العشرينيات، فربما يلمع نجمه بعد عدة سنوات من الآن ويصبح «ألفا» جيله وقد يضع سره فى أضعف خلقه، فنجد الاحتفاء من نصيب وجه جديد من أبطال مسلسل «الدالى» مثلا، بعد أن يصبح أحدهم بعد عشر سنوات من الآن نجم مصر الأول فيكون الاحتفاء من نصيبه. إنها علامة استفهام كبيرة ستتكفل السنوات المقبلة بالإجابة عنها، رغم أن السؤال نفسه مش مهم، فكلها خمسين، ستين سنة «ربنا يدّينا ويدّيكو طولة العمر» وتصبح الإجابة معروفة، إما لنا أو للأجيال القادمة. أما السؤال الأهم فهو: هل يفكر هؤلاء النجوم وغيرهم من الشباب «نسبة للجيل الذى تصدره محمد هنيدى، وليس لأعمارهم» وهو الجيل الذى حفر لنفسه مكانا فى صخور السينما المصرية، وفتح الباب لأجيال تالية، فهل يفكر نجومه فى مثل هذه اللفتات المستقبلية؟ أم أن معظمهم ينحصر تفكيره فقط فى الفيلم اللى داخل يصوره بعد أسبوعين؟ هل تشغل بالهم مثل تلك اللحظات التاريخية، أم أن بعضهم يتعامل مع اختياراته الفنية بمنطق الصيادين: «اليوم بييجى برزقه» فيرفض الواحد منهم أن يقول للرزق لأ، ويرتفع صوته دائما بالدعاء: «إحيينى النهارده وموتنى بكرة». ولنا فى التاريخ عبر مش عبرة واحدة، على الجميع أن يتوقفوا أمامها، لتأملها ومراجعة أنفسهم، وإعادة حساباتهم كلها من أول وجديد لو تطلب الأمر، لأن التاريخ -وليس كتب التاريخ- هو الأصدق، ويكفى أنه الحاجة الوحيدة اللى مابتفتيش فى مصر. والعبر كثيرة، هل ينتظر أحدنا أن يفتح يوما الصفحة الرئيسية للموقع العالمى -أو حتى أى موقع محلى- فيجد احتفالا بمرور مائة عام على ميلاد إيهاب نافع أو لبلبة أو محمد عوض أو يونس شلبى؟ بينما لا نستبعد أبدا أن نجد احتفاء من العيار الثقيل فى عام 2049 بمرور مائة عام على ذكرى ميلاد نجم كبير اسمه أحمد زكى، رغم أن كليهما «شلبى وزكى» ولد فنيا عام 1973 فى مدرسة المشاغبين، واستمرت بعدها الرحلة التى قدم فيها يونس شلبى حوالى 80 فيلما «غير المسرحيات والمسلسلات»، بينما لم يزنها الآخر بالكيلو، وفضل أن يحسبها بالأهم والأبقى. إنها حسبة التاريخ، الذى لو صنع له الفنان حسابا، جعله التاريخ من المكرمين، وصنع له ألف حساب.