وصل كيم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، يوم أمس الثلاثاء، إلى الصين في الزيارة الثالثة له في غضون ثلاثة أشهر، حيث التقى الرئيس شي جينبينج في قاعة الشعب الكبرى في قلب العاصمة بكين. وتأتي هذه الزيارة بعد أسبوع من القمة التاريخية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكيم في سنغافورة، وبعد يوم واحد من تأكيد الولاياتالمتحدة أنها ستلغي مناوراتها مع كوريا الجنوبية المقررة في أغسطس المقبل. كما تأتي الأنباء عن رحلة كيم بعد ساعات من تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على بضائع صينية تبلغ قيمتها 200 مليار دولار، فى خضم الحرب التجارية الدائرة بين البلدين. وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مساء الثلاثاء، إن شي وزوجته بنج لي يوان، استقبلا كيم وزوجته ري سول جو، حيث تظهر الصور مصافحة كيم وشي أمام صف من الأعلام الصينية والكورية الشمالية، والتي تشبه المصافحة التاريخية بين كيم وترامب في سنغافورة. وأفادت صحيفة الحزب الحاكم في الصين، أن شي أشاد بالنتائج التي توصلت إليها قمة سنغافورة، واصفًا إياها بأنها "خطوة مهمة نحو الحل السياسي للقضية النووية في شبه الجزيرة الكورية". اقرأ المزيد: كوريا الشمالية تتفق مع الصين على نزع الأسلحة النووية وذكرت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية، يوم الأربعاء، إن كيم وشي توصلا إلى تفاهم حول نزع الأسلحة النووية وغيرها من القضايا في أعقاب قمة سنغافورة. ولم يقدم تقرير وكالة الأنباء المركزية الكورية تفاصيل عن وجهات النظر المشتركة بين الزعيمين، ولكن في الماضي، عرّفت كوريا الشمالية نزع الأسلحة النووية على أنه يتضمن إنهاء التحالف العسكري بين الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية، وتحولا في سياسات الدفاع الأمريكية لإنهاء الحماية النووية لكوريا الجنوبية واليابان. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه على الرغم من ندرة التفاصيل حول الزيارة، فإن توقيتها يبعث برسالة واضحة حول مكانة بكين في قلب الدبلوماسية في شرق آسيا، وتأثيرها على بيونج يانج. وأضافت أنه مع توتر العلاقات التجارية بين الولاياتالمتحدةوالصين، فإن كيم في موقف جيد، يمكنه من اللعب على الجبهتين، عن طريق التعاون مع ترامب، ومتابعة توثيق علاقته مع شى في الوقت نفسه. وقال يان مى شى محلل في الشؤون الصينية لدى شركة "جيفكال دراغونوميكس"، وهي شركة أبحاث اقتصادية في بكين إنه "على الرغم من أنه يبدو أن هناك علاقة رومانسية مزدهرة بين كيم جونج أون وترامب، فإن كيم يعرف أولوياته، كما يعرف أن شي هو عراب آسيا". اقرأ المزيد: 4 سيناريوهات محتملة للصراع التجاري بين أمريكاوالصين وأضاف "أنه يتبع وجهة نظر براجماتية، يرى فيها أن الصين يمكن أن تقدم مساعدة اقتصادية لدمج كوريا الشمالية دبلوماسيا واقتصاديا في منطقة شمال شرق آسيا". وتثير زيارة كيم إلى الصين هذا الأسبوع الشكوك حول ما حدث بعد سنغافورة، على الرغم من أن "ترامب" بذل جهدًا كبيرًا لتبدو قمة الأسبوع الماضي كنجاح غير مشروط. ومع توقف التجارب النووية التي تجريها كوريا الشمالية في الوقت الحالي، والمناورات الحربية في أغسطس، ربما يمكن للصين أن ترتاح قليلًا من أزمة كوريا الشمالية. وفي بكين، من المرجح أن يطلب كيم من شي تخفيف العقوبات الاقتصادية، وهو أمر تعارضه الولاياتالمتحدة بشدة. ففي مؤتمر صحفي عقد الأسبوع الماضي في بكين، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن الصين "تعترف بأن نظام العقوبات المعمول به اليوم سيبقى ساريا حتى يتم الانتهاء من نزع الأسلحة النووية". لكن المشكلة هي أنه لا يوجد إجماع على ما يعنيه "نزع السلاح النووي"، حيث تريد الولاياتالمتحدة من كوريا الشمالية التخلي عن برنامج الأسلحة النووية الذي استغرق بناؤه سنوات، وهو ما يراه الخبراء أمرا بعيد الاحتمال. اقرأ المزيد: بعد قمة سنغافورة.. تصاعد احتمالات نشوب حرب تجارية بين الصينوأمريكا وقال يان مى شى إن "هناك جهدا إقليميا، أو نوعا من التحالف في شمال شرق آسيا، للحفاظ على الخرافة القائلة بأن كوريا الشمالية ستفكك أسلحتها طالما حافظ الأمريكيون على علاقتهم معها". وأشار بعض الخبراء إلى أن الصين أقل تركيزًا على جعل كيم يتخلى عن أسلحته، وبدلًا من ذلك تهتم أكثر بجعله ينسجم في المجال المحيط به، وقد تستخدم بكين التجارة والاستثمار لإبقائه في صفها. وصرح تشاو تونغ، الخبير في الشؤون الكورية الشمالية في مركز "كارنيغي تسينغهوا" للسياسة العالمية في بكين، بأنه مع استمرار كوريا الشمالية في مواجهة عقوبات الأممالمتحدة، فإن "الدعم السياسي والاقتصادي الصيني لا يزال أمرا بالغ الأهمية". وأضاف تشاو أن السؤال المطروح الآن هو "كيف يمكن للصين مساعدة كوريا الشمالية على تطوير اقتصادها؟". ويمكن للصين أيضًا أن تساعد كيم في تطبيع الوضع الدبلوماسي لكوريا الشمالية، ويبدأ هذا الأمر من خلال معاملته بطريقة أقل شبهًا بديكتاتور مارق، وأكثر شبهًا برئيس دولة وسياسي يزور عاصمتها. وكانت أول زيارة خارجية لكيم كزعيم للبلاد، في مارس الماضي، حيث وصل على متن قطار مدرع إلى بكين دون إعلان مسبق، ولم تكشف الصين عن الزيارة أو تنشر صورا لها حتى غادر، والتقى كيم مع شي للمرة الثانية في مايو في مدينة داليان الصينية. في مساء أمس الثلاثاء، نشرت وسائل الإعلام الصينية صورا للقاء كيم وشي في قاعة الشعب الكبرى، والتي استقبل فيها الكثير من الشخصيات البارزة.