خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج ب عيد الأضحى: كل عام وأنتم بخير    آخر تحديث لأسعار الذهب في سوق الصاغة.. عيار 21 بكام؟    تراجع سعر الفراخ البيضاء وارتفاع كرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأربعاء 11 يونيو 2024    ارتفاع سعر الحديد (الاستثماري وعز) وتراجع طن الأسمنت بسوق مواد البناء الأربعاء 12 يونيو 2024    حل أزمة توقف امدادات الغاز.. و 15 شحنة غاز في طريقها لمصر    تحرك جديد من الحكومة بشأن السكر.. ماذا حدث؟    هذه أهم ملامحه .."حماس" تسلم الوسطاء ردها على مقترح الاحتلال للهدنة في غزة    حزب الله ينعى القيادي بصفوفه طالب سامي عبد الله.. استهدفته غارة إسرائيلية    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: شكوى للجنائية الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه    أستاذ علم اجتماع: لدينا قرابة 4 ملايين مهاجر سوداني في مصر    مكافحة المنشطات تسرد موقف غريب من رمضان صبحي بشأن العينة الثانية وتكشف الحكم المتوقع    تريزيجيه: قادرون على التأهل لمونديال 2026.. ونريد إسعاد الشعب المصري    تريزيجيه يكشف حقيقة عودته إلى الأهلي الموسم القادم    ترقي الممتاز.. سبورتنج يتحدى الترسانة في مباراة ثأرية بالدورة الرباعية    طقس عيد الأضحى.. تحذير شديد اللهجة من الأرصاد: موجة شديدة الحرارة    الأوقاف تصدر بيان بشأن صلاة العيد في المساجد والساحات    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بشارع الدكتور في العمرانية.. صور    نقابة المهن التمثيلية تنعى المنتج والسيناريست الراحل فاروق صبري    عزيز الشافعي يطرح البرومو الدعائي لأغنية الهضبة: «الطعامة.. عمر دياب قريبا»    «قدمنا باليه في الشارع».. المخرج عصام السيد يكشف يوميات اعتصام المثقفين    هل الأضحية فرض أم سنة؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    الحق في الدواء: إغلاق أكثر من 1500 صيدلية منذ بداية 2024    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    اليوم طلاب الثانوية العامة 2024 يؤدون امتحاني الاقتصاد والإحصاء    تفاصيل اصابة 8 اشخاص في حادث علي طريق بالدقهلية    ضبط الخادمة المتهمة بسرقة شقة الفنان تامر عبد المنعم فى الدقى    برلماني: مطالب الرئيس ال4 بمؤتمر غزة وضعت العالم أمام مسؤولياته    رمضان السيد: ناصر ماهر موهبة كان يستحق البقاء في الأهلي.. وتصريحات حسام حسن غير مناسبة    ميدو: على حسام حسن الابتعاد عن الأزمات.. الجميع يساند المنتخب    حمو بيكا "غاوي محاضر" بالعجوزة.. اتهم مذيعا ومحاميا بسبه على الهواء    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    يوسف الحسيني: القاهرة تبذل جهودا متواصلة لوقف العدوان على غزة    مصدر فى بيراميدز يكشف حقيقة منع النادى من المشاركة فى البطولات القارية بسبب شكوى النجوم    63.9 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    بعد طرحها فى مصر، "فيتو" ترصد مواصفات سيارات ميتسوبيشى أوتلاندر سبورت (فيديو وصور)    جمعية رجال الأعمال: تغيير وزير الصناعة ليس من شأنه أن يغير الوضع نحو الأفضل في القطاع    أثناء اللهو والهروب من الحر.. مصرع شخص غرقًا بمياه النيل في المنيا    «القاهرة الإخبارية»: السلطات السعودية تقر خططا ومسارات لإنجاح تفويج الحجاج    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    وزير الخارجية الجزائري يبحث مع أردوغان تطورات الأوضاع الفلسطينية    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد شابين فلسطينيين برصاص الاحتلال فى الضفة الغربية.. البيت الأبيض: علمنا برد حماس لمصر وقطر على مقترح وقف إطلاق النار.. وإدانة نجل بايدن بتهم تتعلق بحيازة أسلحة    بيولى يرفض عرضا من نوتينجهام فورست وينتظر المزيد من الدورى الإنجليزى    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    لجنة الفتوى بالأزهر ترد على عريس كفر صقر: «عندنا 100 مليون مصري معمولهم سحر» (فيديو)    «اتحاد الكرة» يؤكد انفراد «المصري اليوم»: محمد صلاح رفض نزول مصطفى فتحي    الأعلى للإعلام يكشف تفاصيل حجب جميع المنصات العاملة بدون ترخيص خلال 3 أشهر    فضل صيام يوم عرفة 2024.. وأبرز الأدعية المأثورة    علي جمعة يوضح أعمال الحج: يوم التروية الثامن من ذي الحجة    شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    مصدر حكومي: حلف اليمين الدستورية للحكومة الجديدة مقرر له بعد العودة من إجازة عيد الأضحى المبارك    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    نقابة الصيادلة: الدواء المصري هو الأرخص على مستوى العالم.. لازم نخلص من عقدة الخواجة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا تعلم هتلر العنصرية
نشر في التحرير يوم 02 - 05 - 2018

آخر مرة ظهر فيها أدولف هتلر كانت في إبريل عام 1945، بعد ذلك اختفى.. مات؟.. انتحر؟.. أحرقت جثته؟ لم يترك خلفه أثرًا يدل على مصيره، لكنه ما زال موجودًا بشكل ما. كل فترة من الزمن يظهر واحدٌ على شاكلته، «التاريخ معلم، ولكن ليس له تلاميذ»، هذا ما كتب الفيلسوف الماركسي أنتونيو جرامشي، تتذكر هذه الكلمات وأنت تقف في قسم التاريخ في أي مكتبة. قولٌ مأثورٌ لا يخطئ مع شخصيات مثل هتلر وبوش وصدام وترامب.
يقولون في ألمانيا إن أغلفة المجلات التي تنجح هي فقط التي تحمل صورًا جنسية، أو صور هتلر، بعد 72 عامًا ما زال الحديث عن هتلر والنازية يحدث رواجًا في سوق النشر، مئات العناوين تصدر كل عام، يمكن أن يصل عددها الآن إلى مئات الآلاف، تتصدرها جميعًا صورة الصليب المعقوف رغم اختلاف العناوين: «كنت طيارا لهتلر»، «كنت حلاقا لهتلر»، «كنت طبيبا لهتلر»، «هتلر كان جاري»، «هتلر لم يكن أحمق». العشرات منها تتحدث عن هتلر الشاب، عندما كان في الجيش في أثناء الحرب العالمية الأولى في ميونيخ وفيينا، ذوقه في الفن، الأفلام التي يحبها، علاقاته النسائية، أشكال الديكور الداخلي التي يفضلها، «كتاب هتلر في المنزل». رغم تراكم هذه النوعية من الكتب فهي لم تجب عن السؤال الأساسي حول الهولوكست، إحدى أكبر جرائم التاريخ، كيف هبط الألمان من قمة الحضارة إلى قاع البربرية؟ الصليب المعقوف ما زال يثير إعجاب العديدين، فيه نوع من الإثارة الجنسية، كما تقول إحدى الباحثات، وبالمناسبة.. هتلر هو الذي قام بتصميمه.

على مدى سنوات حاول الأطباء تشخيص حالة هتلر النفسيَّة، تحدثوا عن قسوة أبيه، الأمر الذي جعله شديد الارتباط بوالدته، وكان له جد يهودي، مات متأثرًا بمرض الزهري، الذي أخذه من مومس يهودية، كما أنه كان يلقي اللوم على طبيب يهودي، لأنه السبب في موت أمه، وفقد واحدة من خصيتيه، وخضع لعلاج فاشل بالتنويم المغناطيسي، إضافة إلى أنه كان شاذًا جنسيًا، هل كل ذلك حقيقي أم أنه جزء من التشويه العالمي الذي لحق بشخصيته؟
آخر الكتب التي صدرت يفتح صفحة جديدة عن هتلر، يؤكد أن أمريكا كانت وراء كل أفكاره المتطرفة. أمريكا عندها نهم لكل ما هو نازي: كتب وأفلام ومسلسلات تليفزيونية وتسجيلية وألعاب فيديو وكتب كوميك. أفلام الحرب العالمية الثانية تثير ذكريات ما قبل حرب فيتنام وأفغانستان والعراق عندما كانت أمريكا الطيبة القلب تقوم بدور البطل الذي يحرر أوروبا، لكن الغريب هو ما حدث بعد الحرب، عندما هاجر العلماء الألمان إلى أمريكا، وبدؤوا يعملون لدى عدوهم السابق، خاصة في المجال النووي، والنتيجة هي حدوث كمية من الدمار في هيروشيما، لم تخطر ببال هتلر في أشد أحلامه السوداوية. النازية تمثل نموذجًا لجوانب مختلفة من المجتمع الأمريكي: عبادة الرياضة، قيم الإنتاج في هوليوود، أساطير حماية الحدود، وفي طفولته التهم هتلر روايات الغرب للكاتب كارل ماي، أشهر كتاب المغامرات التي تدور أحداثها في الغرب الأمريكي والمكسيك، تحولت بعضها إلى أفلام تجارية، وفي عام 1928 أعلن هتلر صراحة أن من حق المستوطنين البيض أن يقتلوا الملايين من الهنود الحمر من أجل بناء دولتهم.
الكتاب الجديد الذي صدر عن النازية يمكن أن يثير قلق القراء الأمريكيين، يهز صورتهم المثالية عن أنفسهم. الكتاب من تأليف جيمس ويتمان بعنوان: «النموذج الأمريكي لهتلر: الولايات المتحدة وصناعة التفوق العرق النازي»، وعلى غلاف الكتاب يوجد الصليب المعقوف وبجواره نجمتان لونهما أحمر، ويشرح الكتاب كيف تأثر هتلر بسياسة أمريكا العنصرية من أواخر القرن التاسع عشر إلى بداية العشرين، يقول في كتابه «كفاحي»: «أمريكا هي الدولة الوحيدة التي طبقت مفهوم التطهير العرقي منذ بداية نشأتها، وقامت باستئصال عناصر كاملة من القبائل بدلا من أن تعطيها جنسيتها، الحديث عن مدى هذا التأثر شيء كان محرمًا، لأن جرائم الرايخ الثالث قد صنفت على أنها جرائم ضد البشرية، نوع من التطهير العرقي، ولا تريد أمريكا أن ترتبط بهذه الجرائم، خاصة أنها ما زالت مستمرة حتى الآن»، ويناقش الكتاب على مدى صفحاته عدة أسئلة محورية تتردد باستمرار حول هتلر وصعود النازية. سؤال منها يخص سيرة هتلر الذاتية: كيف تمكن شخص من أصل نمساوي يهوى الرسم بالألوان المائية أن يتحول إلى قائد عسكري، وأن يعيد بناء الآلة الحربية، التي خسرتها ألمانيا في الحرب العالمية الأولى؟ والسؤال الثاني اجتماعي سياسي: كيف يمكن لمجتمع متحضر أن يحتضن الأفكار المتطرفة، التي كان هتلر يطرحها؟ والسؤال الثالث حول التداخل بين الرجل والنظام، إلى أي مدى كان هتلر يتحكم في آليات الرايخ الثالث؟ كل هذه الأسئلة يمكن أن تفسر لغز الهولوكست، فالضغوط التي مارسها هتلر عن طريق الاستبداد السياسي والعنصرية غير المعتاد هي التي أدت إلى تفكيك الديمقراطية في ألمانيا.
كل هذا بسبب التأثير الأمريكي، كما يرى المؤلف، فلم يكن النازيون مخطئين عندما استشهدوا بنصوص من الدستور الأمريكي حول استعباد الأفارقة، ففي عام 1850 كتب توماس جيفرسون أحد الآباء المؤسسين في أمريكا أنه «لا بد من استئصال السكان الأصليين من أجل الحفاظ على حياتنا وممتلكاتنا»، فرغم أن القوانين الفيدرالية لا تحتوي على أي تكليف بالإبادة الجسدية، اعتمادًا على أساس العرق أو اللون، ولا يوجد قانون لإقامة محرقة، فإن الواقع يقول إنه في الفترة من 1500 إلى 1900 انخفضت أعداد السكان الأصليين إلى مائتي ألف بعد أن كانت أعدادهم عدة ملايين، لكن موهبة أمريكا أنها أحاطت نفسها بغلاف من البراءة في أعقاب أكبر مجزرة بشرية قامت بها، التي أخذها هتلر كمثال يحتذي، وقد أكد ذلك عندما بدأت قواته في غزو الاتحاد السوفييتي حين أعلن «أن نهر الفولجا سيكون نهر المسيسبي بالنسبة لنا، وستكون أوروبا، وليس أمريكا، هي أرض الفرص غير المحدودة، وستكون بولندا وبيلاروسيا وأوكرانيا هي المكان المثالي للعائلات الرائدة العسكرية الفلاحية التي ستقوم بزراعة الأرض وحمايتها، وسيواصل الذين احتلوا هذه الأرض الإقامة فيها حتى الموت دون أي مشاعر رومانسية تجاه السكان الأصليين». ما أشبه ما يقوله هتلر بما تفعله إسرائيل الآن بأخوتنا في فلسطين!
لم يتوقف الأمر عند حدود الإبادة، لكن النازيين طبقوا أيضًا سياسة أمريكا في تحديد نسل السكان الأصليين عن طريق إخصاء الذكور من الهنود الحمر، استخدمت ألمانيا نفس الأسلوب عام 1934 ضد اليهود والمهاجرين من آسيا، كما استخدمت تكنولوجيا أفران الغاز ، التي كانت أمريكا قد ابتكرتها في ولاية نيفادا العام 1920، وكان من قام بتنفيذ أول غرفة غاز لإعدام المجرمين، وصنعتها شركة ألمانية في أمريكا، وهي الشركة نفسها التي قام خبراؤها ببناء الأفران في معسكر أسشوويتز.
في عام 1990 ذكرت مجلة «فانتي فاير» أن دونالد ترامب يحتفظ دائمًا بجوار فراشه بكتاب يضم كل خطب هتلر، وعندما سئل عن ذلك قال: «أنا أحتفظ بهذه الخطب، لكني لم أقل أبدًا إنني سأعمل بها، أنا حتى لم أتصفح هذا الكتاب»، ومنذ أن دخل ترامب مجال السياسة، وهو يتم تشبيهه بهتلر، وليس فقط بالنازيين الجدد، وهناك بعض التشابه في تصرفاتهما: زراعة الخصومات بين الذين يعملون تحت إمرته، والخطب التي يلقيها في التجمعات هي طقوس خالصة من العنصرية وكراهية الأجانب والتغني بالذات. الفرق الوحيد أن هتلر أكثر انضباطًا.
مأخوذة بتصرف عن مجلة «نيويوركر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.