لا تذهب إلى برشلونة، باتت لافتات الصحف ووكالات الأنباء الدولية عن تلك المدينة السياحية الهادئة الواقعة في شمال شرق إسبانيا، والتي لم تعرف صراعات في العقود الأخيرة سوى انفصالها عن إسبانيا أو وجود دولة لإقليمها المسمى "كتالونيا"، ولم يكن يدرى بخاطرها، أن يتحول حلمها الصغير بالانفصال إلى أن تكون أحد ضحايا المرض العالمي المسمى بالإرهاب، ولكن من الواضح أن هذه العدوى قد وجدت طريقها لتلك المدينة الهادئة منذ سنوات ولكن "ساعة الصفر" للانفجار لم تحدث سوى أمس. بالأرقام.. المعقل رقم "1" للدواعش وأجرى فرناندو ريناريس، المحقق الرئيسي للإرهاب الدولي في معهد "كانو بيرداد"، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة ريي خوان كارلوس الإسبانية ، دراسة حول الإرهاب في منطقة غرب البحر المتوسط، وتعتبر برشلونة أكثف مدن إسبانيا قاطبه تواجدًا للدواعش، ويفوق عدد الدواعش بها ضعف من ألقى القبض عليه في العاصمة مدريد نفسها، حيث تذكر إحصائيات وزارة الدولة لشئون الأمن الإسبانية والتي نشرتها صحيفة "البايس" الإسبانية، أنه تم تحديد 61 داعشيًا ينتمون للمدينة، وأجرت الشرطة الإسبانية 26 عملية مداهمة للإرهابيين بشوارعها، بينما لم يتم القبض بالعاصمة الإسبانية مدريد سوى على 36 داعشيًا، وفي عام 2017 فقط تم ضبط 16 داعشي من أحياء المدينة الكتالونية، بعد 6 عمليات نوعية قام بها الأمن الإسباني. ونجح الإرهابيون في المدينة من توفير المواد المتفجرة من داخل المدينة نفسها، في الثامن والعشرين من يونيو الماضي، تعرضت سيارة محملة بمادة النيتروجلسرين شديدة الانفجار لحادث سطو مسلح في مدينة برشلونة، التي لم يتم العثور عليها حتى الآن، وتمت سرقة المواد المتفجرة من داخل شاحنة متوقفة في جراج شركة متخصصة في أعمال التفجيرات، حيث تم العثور على الشاحنة مهجورة بعدها بعدة أيام، دون إصدار أية بيانات رسمية، وتلك المواد تستخدم في تكوين عبوات متفجرة منزلية الصنع استخدمت في عدد من الهجمات الإرهابية الأخيرة، وفقًا لمجلة "ذا ديلي بيست الأمريكية"، وتلك قصص تشي بجذور الإرهاب في المدينة.
قصة حب داعشية.. من أحياء يبرشلونة إلى جبهات سوريا ترتسم القصة الأولى ملامحها من قصة حب ملتهبة حولت فتاة من الحياة داخل أحياء المدينة إلى جبهات القتال في سوريا، جاءت تفاصيلها بصحيفة "البايس" الإسبانية، طرف القصة الإسباني فتاة تدعى فاطمة، وهي امرأة شابة من أصل مغربي تعيش في برشلونة لأكثر من 10 أعوام، انقطعت أخبار صديقها حسن عنها قبل سنوات، وفجأة وبعد طول انتظار أثناء ذهاب فاطمة لرحلة بحث عن عمل في بلد بوسط أوروبا، تأتي رسالة، يوم الأحد 21 ديسمبر تفاجئ أنها من "حسن" صاحب ال23 عامًا، عبر برنامج "واتس آب"، ولكنه يطلب منها فيها طلبًا غريبًا. وجاءت رسالة حسن مقتضبة، يطلب من حبيبته بوضوح التوجه إلى سوريا وألا تخبر أحدًا، مؤكدًا أن القائمين على التنظيم هناك يدفعون مبالغ طائله، وعلى الفور عندما أنهى حسن "هذا ليس اسمه الحقيقي"، المحادثة مع فاطمة، والتي فضلت أيضًا عدم نشر اسمه أو الكشف عن هويته، اتصلت هاتفيًا بوالدتها، التي كانت تعمل في برشلونة وأقنعها في التواصل مع العديد من الفتايات المتدينات وإقناعهن بفكرة الجهاد. غابت المعلومات عن قصة الحب الملتهبة لفترة إلى أن ظهر اسم "حسن" مرة أخرى، ولكن تلك المرة من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حيث تواصل مع فاطمة التي كانت لاتزال في أوروبا، وقال إنه فى انتظارها، وكانوا قد أعدوا بطاقات هوية مزورة بالفعل، مؤكدا أنهم سيتوجهون إلى سوريا. وفي الوقت الحالي انتقلت فاطمة إلى مكان التدريب، وأكدت التسجيلات التي تمت لهما في إسبانيا والتي أجريت مع إحدى صديقاتها أنها لا تتوقع أي شيء سوى قضية جنائية معلقة أو احتمال الوفاة في سبيل الله والذي ليس لديها شك في اختياره. وتواصلت صحيفة «البايس» الإسبانية مع والدة الفتاة في محادثة هاتفية أكدت فيها أن ابنتها كانت مندهشة، معتقدة أنها لم تكن تدرك خطورة ما أقدمت عليه، وأن ابنتها وقعت في عملية خداع.
خلية "نسائية" لتجنيد المقاتلات لداعش وكشفت صحيفة «ألموندو» الأسبانية، عن شبكة "داعشية" لتجنيد الفتيات لإلتحاق بالتنظيم، تم تفكيكها في عملية مشتركة للشرطة الإسبانية، والمملكة المغربية، حيث تمكنا من القبض على 12 امرأة كانت تحاول الاندماج في صفوف تنظيم «داعش» الإرهابي. وأكدت الصحيفة أن الشرطة الإسبانية ألقت القبض على قيادات الخلية الإرهابية وهن أربع نساء، بينهن قاصر السن، واحدة في سبتة، وأخرى في برشلونة، و2 في مليلة، وكل منهن لعبت دورًا بارزًا في جذب وتوظيف وإرسال النساء الشابات وتوجيههن لسوريا والعراق في إطار المنظمة الإرهابية، وواجهن تهمة تشكيل جزء من شبكات دولية مشبوهة. وأوضحت الصحيفة، أن الأدوات الرئيسية التي استخدمتها الشبكة في استقطاب السيدات تمثلت في برنامج «واتس أب»، حيث بدأت عملية الاستقطاب عن طريق شجب "أزمة القيم في الغرب"، وعندما يمررن بعملية التصفية المطلوبة، يتم تكليفهن باتخاذ خطوات في بلادهن، متوعدين إياهن بأنهن سيصبحن لهن حياة "مثالية جهادية" وخوض حرب حقيقية، ناهيك أنهن سيصبحن زوجات لبعض المجاهدين من الدواعش. وأضافت الصحيفة، أن فتاتين معتقلتين بسجون المغرب كانتا تديران الحركة، وأن الفتايات الأربع ما هن إلا أدوات تنفيذ، إلى جانب الاعتماد على الميسرين ماديًا وبعض الشباب المتعاونين معهن، لافتة إلى أن تلك الفتايات نجحن في تجنيد نسوة خارج القارة العجوز بأكملها منها امرأة من شيلي، كانت تسكن بفينيا دل مار، مشيرة إلى أن دافع النساء في تنفيذ العمليات ناتج عن وعيهن الإيديولوجي، وخدمة الشبكة الإرهابية. هجمات بروكسل.. المكان "بلجيكي" والأيادي "برشلونية" لم تكن عملية "برشلونة"، هي أول عملية كبيرة ينفذها تنظيم داعش على أيدي أبناء المدينة، فسبقتها عملية أخرى هزت أوروبا كلها، وإن كان مكان التنفيذ يبعد مئات الكيلو مترات عن المدينة الإسبانية وعن شبه الجزيرة الأيبيرية بأكملها إلا أن عدد كبير من المنفذين كانوا من أبناء المدينة، ففي 25 إبريل الماضي نجحت وحدة الشرطة الكتالونية الخاصة المعروفة باسم "موسوس" بالتعاون مع الشرطة البلجيكية والمغربية، بالقبض على ثمانية أشخاص، ومداهمة 12 منزلاً، في المدينة لصلتهم بهجمات بروكسل التي استهدفت المطار ومترو الأنفاق في المدينة، وفق ما ذكرته صحيفة "بوبليكو" الإسبانية. وأكدت الصحيفة أن المقبوض عليهم المشاركين في العملية هم إسبان من أصل مغربي، أعمارهم تتراوح بين 21 و39 عامًا، وأظهرت تحقيقات الشرطة أن المعتقلين الرئيسي كانوا على اتصال مع باسم العطار، الذي ألقي القبض عليه لتورطه في الهجمات الإرهابية وتقديم الدعم اللوجستي، وهو شقيق أسامة العطار، العقل المدبر للشبكة التي نفذت الهجمات على عاصمتي بلجيكا وفرنسا، مشيرة إلى أن المعتقلات في برشلونة قد شوهدن في بلجيكا قبل وقت قصير من الهجمات، وفقًا لمصادر قريبة من القضية. وبدأت "موسوس" عمليتها، بإعتقال ثلاثة أشخاص في برشلونة من المتهمين بأن لهم صلة بالهجمات ببروكسل، والستة الآخرين لهم صلة بالإرهاب الجهادي والجريمة المنظمة، وذلك بعد أن إكتشفت تردد المتهمين، وظهور أسمائم في سجلات بعض الأماكن بمركز المدينة، مثل مستشفى يوبرجات، وضاحية "سانتا كلومنا دي جيرمانيت"، الواقعة على الضفة اليسرى لنهر بيزوس، وبلدية ريبوييت، وكورنيا دي لابوريت أحد الأحياء القديمة بالمدينة، وبلدة ماسكيفا التي تقع في الريف الكتالوني، كما عثر على أسمائهم في السجلات المغربية في منازل أقاربهم الذين ألقي القبض عليهم بتهم تتعلق بالإرهاب. وضبطت قوات الشرطة مع المجموعة، نصف كيلو من الحشيش وبندقيتين ومسدس ومعدات حاسوب للتواصل بين أفراد المجموعة، تزخر بمعلومات وفيرة لم تحلل كاملة حتى الآن، وهناك روابط واضحة للمحتجزين بعمليات بروكسل، ولكن حتى الآن لم تعطي الشرطة تفاصيل عن العناصر الأخرى التي تورطت أو شاركت في الهجمات الإرهابية في بلجيكا. ونفذت العملية بالتعاون بين موسوس، والشرطتين البلجيكية والمغربية، بعد صدور أمر من المحكمة المركزية، بعد أن باشرت "موسوس" التحقيقات الأولية أمام المحكمة المركزية بموجب مايسمى ب"تعليمات رقم 6 للمجلس الوطني"، التي تحمي البحوث الجنائية، والتي دفعتها لتشكيل فريق مشترك للتحقيق مع السلطات البلجيكية، عبر برنامج الاتحاد الأوروبي للتنسيق القضائي يوروجست، وخلال الأشهر الأخيرة، في إطار هذا البرنامج، حدث تبادل كثيف للمعلومات بين الشرطة البلجيكية وموسوس، أدى لتجميع الأخيرة أدلة مختلفة تشير إلى ربط ودمج العديد من المحتجزين مع منظمة "داعش" الإرهابية، واشتراكهم بالهجمات. جدير بالذكر أن إسبانيا تقود حملة ضد الإرهابيين، حيث تعلن إسبانيًا يوميًا عن اعتقال عدد من الإرهابيين، إلا أنه تم القبض على معظمهم بسبب أفكارهم، دون أن يشاركوا في أي أعمال إرهابية، بعد إطلاق الحكومة الإسبانية في 2015 حملة لمواجهة الإرهاب، تم اعتقال بموجبها نحو 230 شخصًا متهمًا بالإرهاب.