يتعامل عدد من أصحاب الأعمال من العرب كأنهم امتكلوا من يعملون لديها فيعاملونهم كأنهم خدم امتلكوهم بأموالهم، وتساعدهم نظم بلادهم وقوانينها على ذلك، ويتمادى بعضهم إذلال من يعمل معهم بما يبلغ حد الاستعباد والسادية فى التعذيب والتعدى على العمال، وكل فترة يصدمنا تسريب لمجرمين من هؤلاء، يتعدون على عامل بالضرب، ويعذبونه أيًا كان السبب، فكيف نضمن محاسبة هؤلاء المجرمين، وكيف يحفظ العامل البسيط نفسه وكرامته من جرم هؤلاء؟. انتشر على مواقع التواصل الاجتماعى أمس السبت فيديو يظهر اعتداء كفيل يدعى أبو عبد الله على شاب مصرى، يعمل لديه فى متجر لأجهزة المحمول فى منطقة العزيزية بالكويت، ويظهر الفيديو اعتداء صاحب العمل "المجرم" على الشاب بعد أن قام بإجباره على خلع ملابسه كاملة، واعتدى عليه بالضرب بالعصا وبالأيدى، وسبه بأبشع الألفاظ البذيئة، كما صعقه أيضًا بصاعق كهربائى. وتداول البعض رواية تقول بأن الشاب يعمل لدى الكفيل فى متجر لبيع أجهزة المحمول الجديدة والمستعملة، وبدأت الواقعة بدخول أحد الزبائن يريد استبدال هاتفه المستعمل بآخر جديد، لكن اتضح فيما بعد أن الجهاز المستعمل تالف ولا يعمل، وهو ما جعل الكفيل يطالبه باسترجاع الجهاز أو تعذيبه. الدكتور محمد عطالله خبير قانون دولى، أكد أن وزارة الخارجية المصرية ممثلة فى سفاراتها وقنصلياتها، هى المسؤلة عن متابعة وحفظ حقوق رعاياها بالخارج، وفى حالة تعرض العامل لأى انتهاك سواء مادى أو معنوى، عليه اللجوء إلى سفارة بلاده والتقدم بشكوى ضد الجانى، والسفارة ملزمة بمتابعة الأمر، وتكليف محامى البعثة الدبلوماسية بمباشرة الإجراءات القانونية التى تحفظ حق مواطنها بتلك الدولة، ومتابعة التحقيق فى الأمر حتى يأخذ العامل حقه، أو التنازل عنه بما يرضيه ويرد إليه كرامته واعتباره. وأشار إلى أنه يجب على الخارجية المصرية أن تخاطب سفارة الكويت داخل مصر بما حدث، والتأكيد على حق العامل المصرى، وعدم الاستهانة بحقوقه، مشددًا على أى تهاون أو تراخى من "الخارجية المصرية" فى التعامل مع الموقف يسىء إلى موقف جميع المصريين بالدولة الأجنية، كما أنها يجب ألا تضغط على العامل للتصالح، بل تجعله يستقوى بها، وإلا فإنهم سيزيدون فى قهره، ويرسخون عنده انطباعًا بضعفه وضعف بلدته أمام الجرم الذى تعرض له. وأضاف أستاذ القانون الدولى أنه بعد تقديم السفارة بلاغًا بشأن الواقعة لجهات التحقيق المختصة، فإنه يتم التحقيق مع المشكو فى حقه، ويخضع للإجراءات القانونية حسب القانون الداخلى للدولة التى وقعت فيها الجريمة، وتصبح حكومة الدولة ملزمة بصون حق المجنى عليه فى العمل، سواء بأخذ تعهدات على الكفيل أو إيجاد عمل بديل للمجنى عليه. وأشار "عطالله" فى ذلك السياق إلى جور قوانين داخلية بعدد من دول الخليج، ومخالفتها المواثيق الدولية ومعاهدات حقوق الإنسان، وعلى رأسها نظام الكفيل، وهو نظام عنصرى يجعل مواطن الدولة يتحكم فى العامل وجواز سفره ويصرف فى أجره، ويبلغ الأمر إلى حد الشكوى والترحيل دون دليل قوى على حجج الكفيل، ويسرى نظام الكفيل على كل العاملين بالقطاع الخاص حتى لو كانوا دكاترة وأساتذة جامعة، ولا يستثنى من ذلك النظام العنصرى إلا الموظفين بالمؤسسات الحكومية بدولهم، ويتم طلبهم على سبيل الإعارة لرفع كفاءة نظرائهم فى دولة العمل. وأضاف: للأسف السواد الأعظم من "الكفلاء" مُصَدقين عند دولتهم، ولا يخضعون لرقابة كافية تلزمهم بمراعات حقوق العامل وآدميته، كتلك التى تلزم العامل على شروط ومتطلبات العمل، وهنا يجب أن تكون سفارة دولة العامل هى الضامن لحفظ حقوقه فى مواجهة أى ضغوط أو انتقاص لحقوقه، وفى هذه الحالة يتم إنصاف صاحب الحق، كما حدث فى حالة تعدى نائب أردنى ومرافقين له على عامل بمطعم مصرى. وطالب خبير القانون الدولى العامل المصري بعدم التخوف من التقدم ببلاغ ضد من يعتدى عليه بدولة العمل إلى قسم الشرطة، مشددًا على أن يكون ذلك بعلم سفارة بلاده لضمان حقوقه، وفى هذه الحالة يتم محاسبة الجانى ويستمر هو فى عمله، مستشهدًا بواقعة تعدى مواطن إماراتى على عامل سودانى داخل بلدته، وتم القبض على الإماراتى واستمر العامل المجنى عليه فى عمله، ومطالبة كل شخص بحقه تضمن الحفاظ على حقوق أقرانه. وأشار "عطالله" إلى وجود عقوبات دولية على الدول التى تخالف مواثيق حقوق الإنسان ومنظمة العمل الدولية، لكن فى حالة إعمال الدولة للقانون واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخل بتلك الحقوق تصبح معفية من المساءلة، مشيرًا إلى أن الأمر عادة ما يتم حله بالقوانين الداخلية.