بعد قبول الطعن على وضعه ب«قوائم الإرهاب».. هل يحق ل أبوتريكة العودة إلى القاهرة؟    وزير التعليم: حريصون على بذل الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي القدرات الخاصة    وزير الصحة يشيد بدور التمريض في رعاية مصابي غزة    الحصاد الأسبوعي لوزارة التعاون الدولي.. مشاركات وفعاليات مكثفة (إنفوجراف)    اليوم ختام رايز أب 2024 بحضور رئيس الوزراء    «مستقبل وطن»: إدانة مصر للممارسات الإسرائيلية أمام المحكمة الدولية خطوة لحل القضية    حزب الله: استهدفنا تجمعا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في ثكنة راميم بمسيرة هجومية    إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وسط مخاوف من تطويق الجيش الروسي لها    إعلام عبري: تفكيك كابينت الحرب أقرب من أي وقت مضى    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    عودة صابر وغياب الشناوي.. قائمة بيراميدز لمباراة الإسماعيلي في الدوري    «شكرا ماركو».. جماهير بوروسيا دورتموند تودع رويس في مباراته الأخيرة (فيديو)    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    بوروسيا دورتموند يتفوق على دارمشتات بثنائية في الشوط الأول    قرار مهم من محافظ المنوفية بعد تداول أسئلة مادة العربي للشهادة الإعدادية    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    «القومي للمرأة» يشارك في افتتاح مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صابرين تؤكد ل«الوطن»: تزوجت المنتج اللبناني عامر الصباح منذ 6 شهور    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    وزير الصحة: «الذكاء الاصطناعي» لا يمكن أن تقوم بدور الممرضة    جامعة طنطا تقدم الرعاية الطبية ل6 آلاف و616 حالة في 7 قوافل ل«حياة كريمة»    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «الحرية المصري»: مصر لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. في العناية المركزة    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    وزير الرياضة يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراه ب"آداب المنصورة"    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    بعد الخلافات العديدة.. إشبيلية يعلن تجديد عقد نافاس    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «المصل واللقاح»: متحور كورونا الجديد سريع الانتشار ويجب اتباع الإجراءات الاحترازية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو... هيكل: على السيسي أن يثور على نظامه
نشر في التحرير يوم 12 - 12 - 2014

تنبأ الكاتب محمد حسنين هيكل، مساء الجمعة، تحوّل المنطقة العربية إلى منطقة فاشلة ومن ضمنها مصر؛ شئنا أم لم نشأ خلال العام المقبل؛ إذا لم تتنبه إلى الخطر المحدق الذي يحيط بها.
أضاف هيكل، خلال حواره مع الإعلامية لميس الحديدي، ضمن برنامجها "هنا العاصمة" المذاع على قناة "سي بي سي" أن المنطقة العربية تشهد تهديد خطيرًا من شأنه إضعافه وتفتيتها، بسبب ما يحدث فيها من حروب أهلية.
■ دائمًا نسعد بلقياك فى بداية كل عام؟
- أنا أعرف أنكِ دائمًا تريدين منّى التحدُّث فى التفاؤل فقط ولا شىء غيره بمناسبة العام الجديد، لكن هذه المرة سأقسّم الاختصاصات، وسأترك لكِ التفاؤل، وأنا سأتحدَّث فى الحقيقة، بمعنى إما أن نفرح وإما أن ننجح، هذه هى الحقيقة.
■ والنجاح هو الأهم؟
- الفرح دائمًا، فى كل صيف أعود إلى المؤرخين العظيمين فى تاريخ مصر، وهما ابن قياس والجبرتى، وهما مَن أرّخا العصر المملوكى بمسافة 500-600 سنة، وهى السنوات التى أثَّرت بشكل كبير فى الضمير المصرى والأخلاق والسلوك والمعايير، حتى تلاحظين أننا لدينا استعداد أن نفرح، ونحن حياتنا بها أشياء كثيرة تسبّب الضيق، والظروف قد تكون صعبة بعض الشىء، حتى ضمن المماليك كانت هناك مماليك كبيرة ومماليك صغيرة، ويُقاس كل أمير بالطبلخانة التى أمام منزله، بعضهم أمامه طبلخانة 10 ، والآخر أمامه طبلخانة 20 ، وهكذا حتى إذا جاءته مناسبة بعينها، تبدأ عملية التطبيل، وكانت قوتهم تُقاس بعدد الطبول أمام منزلهم، ومرات لما النساء تعز عليهن الآمال فى تحقيقها يلجأن إلى الأوهام والإيهام ويحاولن فى ذلك تصديق أنفسهن، ويبحثن عن الفرح، وقد شاهدتكِ فى إحدى الحلقات وأنتِ تتحدثين عن فرحة المصريين بالكرة.
■ أنا كنت أتحدَّث لأننى أهلاوية؟
- وأنا كذلك، لكنى الآن كبرت سنى على الكرة، ولم ألعبها قط، لكنى مهتم بها مثل بقية المصريين. وأعود إلى حلقتك، كنتِ تبحثين وقتها عن سعادة كبيرة لا ماتش كرة، وأنا أيضًا أبحث عن فرحة، وأنا أريد فرحة حقيقية، أريد أن أقول إننا لا نبحث عن الحقيقة، فقد مكثنا كثيرًا نبحث عن الحقيقة، لكننا لم نبذل الجهد الكافى، ودائمًا الناس عندما لا يقتربون بأنفسهم من الحقيقة، هى تجدهم بنفسها، فالحقيقة لها قوة ذاتية أن تدهم هؤلاء الغافلين عنها أو مَن لا يريدون أن يشاهدوها، أنا كنت قادمًا من السفر، وأنتِ تعلمين أننى أحاول فى كل فترة من الفترات أن أخرج خارج مصر، حتى أطل على الخارج، ولأن الجو السياسى فى مصر فيه التباس وبه تلوّث، وأنا مستعد أن أقول ذلك، وهناك مشكلة فى لهجة وطبيعة خطابنا، ومرات كثيرة نحتاج فيها أن نخرج للخارج، وأن نطل إلى العالم، ما يحدث وما فيه، خصوصًا أننا فى وضع معقّد، حيث لم يعد كافيًا أن نتحدَّث إلى وزير خارجية لمعرفة ما يحدث، أو أتحدَّث إلى رئيس وزراء. حتى فى الخارج الأخبار وصنعها انتقلت مما نعرف من مواقع رسمية إلى قوى حقيقية مؤثّرة فى المجتمع، فى إنجلترا وقد كنت هناك، لو ذهبت لمقابلة رئيس الوزراء، وهذه المرة حرصت على أن أذهب إلى أماكن أخرى مختلفة عما كنّا نذهب إليه، الجامعات أصبحت أهم إم آى سكس المخبارات الإنجليزية ، مواقع السياسة، أصبحت تنسّق السياسات وإعلانها، لكن عوامل صنع القرار ومكوناتها أصبحت موجودة فى أماكن أخرى، وبات مهمًّا فى إنجلترا على سبيل المثال لو ذهبنا إلى ثلاثة نواد، هى جريك، وكارلتون، ووايت ، وهى نوادٍ سياسية يذهب إليها الأمراء الجدد، وهم أمراء الاقتصاد والمراكز الدولية والدراسات، وهم نخبة جديدة تنشأ مكان نخبة قديمة تقع، لأن طبائع العصور تتغيَّر، يمكن الحصول على أخبار أكثر ألف مرة من الذهاب إلى مقر مجلس الوزراء أو البرلمان، أليس غريبًا الآن أن يصبح دافوس أشد تأثيرًا من اجتماعات الجمعية العامة. حارة حريك فى بيروت أهم بكثير من السراى أو قصر باعبدة الذى يقطنه رئيس الجمهورية. أنتِ الآن مع الأسف الشديد هناك بعض الفضائيات تمارس دور الأحزاب، أريد أن أقول إن مواقع السلطة والتأثير، حيث دخلنا إلى عالم السياسة التى تمارس دورها بطريقتين، أولهما طريقة صنع القرار الحقيقى لا المزاح، وهناك طريقة صنع السياسة بالانطباع لا بالاقتناع.
■ السفارة البريطانية وإغلاقها وعدد من السفارات، كيف تنظر إليه؟
- أنا أعتقد أن هناك دلعًا أكثر من اللازم.
■ دلع من طرف مَن؟
- لن أقول ابتزازًا، لكنى سأقول إننى سمعت من زوجة السفير البريطانى ليس الحالى لكن السابق، ضيقها الشديد من كل ما هو موجود حول السفارة من إجراءات أمنية والتى سبّبت ألمًا، وشكا السكان فحدث أن البوليس خفَّف بعض الإجراءات، ولكن لم يقل لهم، وهناك حكم محكمة، ثم الكنديين والألمان فى ذات المربع، لكنى أشعر أن هناك أناسًا كثيرين جدًّا يشعرون بظروف الانكشاف الذى أنتِ فيه، ويتصورون أن الفرصة أكبر للابتزاز للحصول على أكبر قدر من الامتيازات، وأنا لا أجده رخيصًا، ولكن أجد قبوله لا ينبغى بالطريقة التى نمارسه بها مرات، لأنه لا ينبغى أن نفعل شيئين، أن نتخانق وأن نتذلّل، لا بد أن أن تكون لديكِ هيبة أن تقولى هذا كافٍ وأنا مسؤول، وأن يصدقكِ الناس فى لندن تشعرى أن نفوذ إسرائيل واصل هناك بكثير، وهناك وقد تركنا الإسرائيليين فى مرحلة من المراحل أن يقوموا بدراسة عن شىء غريب جدًّا، وهو محيط الفقر المحيط بالقاهرة وبعض العواصم، وقد تحدَّثت وقتها ولم يأخذ أحد باله، لكن اليوم حزام الفقر محيط بالقاهرة، فهناك مَن يريد أن يحول هذا الحزام من حزام فقر إلى حزام نار، وتلاحظين مع كل عمليات الإرباك أننا قابلون للابتزاز، عندما تأتينا تهديدات ننفعل بما هو أكثر من اللازم، وننفعل ونعمل تخويفًا للناس، ثم لا يحدث شىء، فتهبط الأمور، ثم تأتى عمليات إرهاب متناثرة. هناك خطة.
■ هل نحن فعلًا لا نلقى بملابسنا القديمة؟
- فى الماضى هناك فرق كبير جدًّا، لا بد أن نفرق بين التاريخ والماضى، فالأخير هو الماضى الذى عشناه ومرّ، وإغلاق دفاتره يعين، مثلًا عندما يتحدَّث أحد عن أسرة محمد علِى، أقول إنها ماضٍ وطويت صفحته، لكن عندما يحدّثنى أحد آخر عن ثورة 23 يوليو، سأقول إنها صفحة ما زالت مستمرة حتى الآن، حدثت فى الماضى لكنها تاريخ، فالتاريخ مستمر لأنه موجود ويؤثِّر فى الحاضر ويناقش دائمًا، نخطّئ ونعرّف التاريخ بأنه علم الماضى، لكن الذكريات هى علم الماضى.
■ لكن، لماذا وأنت قلت لى فى إحدى الجلسات إن أشباح الماضى ما زالت تطاردنا؟
- لأنكِ لا تبقى فى شىء فى الدولاب، فالذاكرة المصرية لا يوجد عند أحد شجاعة المواجهة ولا شجاعة الفرز ولا شجاعة الكلام، والكل يخشى من الابتزاز والاتهام، نحن أسأنا إلى ثورة 23 يوليو، لكن لم نحقّق ولم يأتِ أحد الأمناء ليحقق بأمانة، ويقول هذا خطأ وهذا صحيح، مثلًا 67 لم نقطع فيها برأى صحيح، كانت هناك لجنة من جانب العسكريين، لكن الجانب المدنى لم يحقّق ووضع الملف على الرف، لكن هذا لا يعنى نهايته، مثلًا 73 لا نعرف كيف بدأنا ولا كيف انتهينا؟ بدأنا ونحن نؤدّى أداءً عسكريًّا باهرًا، ثم انتهينا فى شىء آخر، ثم أمسكنا فى الأيام العشرة الأولى، بينما إسرائيل أمسكت بالأيام العشرة الأولى لتستخلص الدروس المستفادة، حيث قيمة التجارب وقيمة ما جرى، فلا تُخلق التجارب إلا إذا استوعبت نتائجها.
■ وبهذا هل يكون مبارك ليس من الماضى بل واقع؟
- مبارك ليس حقيقة فقط، لا أريد أن أستبق، لكن مَن قرأ المحاكمة من أولها حتى نهايتها، فيجدها أصبحت وكأنها روح منك لله ، وهناك غنوة بهذه الاسم.
■ قبل أن نعود للمحاكمة، وهى ستكون حوارنا الأسبوع القادم، عندما عدت إلى مصر ماذا وجدت؟
- أنا كنت قادمًا، وأردت التحدُّث عن الناس الذين قابلتهم والآثار التى شاهدتها، وغير ذلك إلى آخره، وكنت أتمنى أن أستفيض فى شكل عالم جديد يتشكَّل ونحن بُعاد عنه، لأننا مشغولون بالذى لا يتحقق ولا ينتهى ولا يحل، ملخومون بفوضى عقلية وفكرية وسياسية واقتصادية وكله، وأخلاقية أيضًا، هناك حالة عامة ولكن أول ما جاءت المحاكمة والصراع يشتد أيضًا بين خمسة وعشرين يناير و30 يونيو، وكلام يُقال غير معقول، ثم موضوع التسريبات، وكل القضايا التى تصوّرت أن أتحدَّث فيها وجدتها فات وقتها، وأجد أمامى كل هذه الأمور.
■ هل التقيت الرئيس السيسى فور عودتك يا أستاذ؟
- أنا رأيته مرة بالفعل، ولا أعرف لماذا تسألين فى هذا الأمر، لكن هناك قاعدة أنا أترك للآخرين حرية الاتصال بى من عدمه. الرئيس مبارك لم أطلبه فى حياتى ولا مرة، سوى المرة التى كلمنى فيها وكلانا اكتفا من الآخر، وهو لم يسع، ولا أنا سعيت، وأنا لم أرَ سوزان مبارك ولا مرة، وهناك ناس تتطرق إلى هذا، وهذا يضايقنى، ويقولون إن أولادى شركاء أولاد مبارك، رغم أنهم لم يروهم، ولم يعرفوهم أصلًا. كل الناس كانوا يريدون رؤية أولاد مبارك. أولادى لم يقتربوا حتى من باب الحرج أن يفعلوا هذا، ولا أريد العودة إلى هذه التفاصيل.
■ عودة إلى لقاء السيسى هل كان منشغلًا بما تحدثت عنه؟
- أنا أعتقد أننا نتحدث عن رجل كان لديه تصوّر للمشكلات، لكن أنا أعرف أنه وجد ما لا يتوقعه، فهو صحيح يعرف كل شىء، ويحفظ الأرقام كلها، وتصور الحقيقة فى الأرقام، لكن الحقيقة هى أعمق من الأرقام، وأنت تتساءلين لماذا لا يوجد حسم؟
■ ما أكثر ما يضايقه؟
- على سبيل المثال أظن أنه ليس بوسع أحد أن يعرف لماذا الشباب غاضب بهذا الشكل؟ ولهذه الدرجة؟ كان شيئا مفاجئا، ولا بد أن نكون منصفين، إن هؤلاء الشباب ابتعدوا عن العمل السياسى لفترة طويلة سواء لظروف أنه وثق فى عبد الناصر، وعاش فى خنادق الحرب لسبع أو ثمانى سنوات، ثم شاهد الانفتاح، وذهل ما هو فيه، وأتحدث عن الشباب المستمر، وعندما نبتعد لجأ إلى الوسائل الاجتماعية الجديدة التى بها قدر كبير من المصائب بمقدار ما هى مفيدة الرسالة محددة فى 140 حرفًا، وهى ليست تحليلًا أو أنباء أو تأملًا، لانها ليست بالعمق، ممكن تصرخين أو تسبين، فالشباب الجديد الموجود الآن هو نافذ الصبر، فالظروف الاقتصادية والاجتماعية تمارس ضغوطا عليه، ويشعر أنه لم يدرب على السياسة، وأتذكر قديما جدا أن هناك قسمًا اسمه قسم المخصوص ، نلعب فيه الرياضة، وآخر للمزيكا، وكان محمد عبد الوهاب مدرس مزيكا، لم يعد هناك شىء من هذا الآن. الشباب تربيته فى التعليم جافة جدا، لا يوجد شىء ذات معنى إطلاقا. لا يوجد سوى التخويف وعذاب القبر فأنتِ أمام شباب غاضب، وأعتقد أن الرئيس السيسى الذى يحفظ أرقام المتعطلين لم يضع فى اعتباره الحالة النفسية لهؤلاء المتعطلين. هناك شباب غاضب يشتم ولا بد أن يفهم هذا، وناقم وشبه مش ثائر، لأن الثورة تقتضى أمرًا آخر، ويحتاج إلى تحليل نفسى لما يجرى فى هذا البلد، وبالتالى الرئيس مفاجأ بأن هناك تخمة آمال وجوع فى الموارد والناس تعبت من قلة الموارد.
■ وقلة الكفاءة والبيروقراطية؟
- الدولة المصرية لم تجرد، لو تحدثنا جديا الثورة لم تصنع شيئا، وهذا من أسباب الغضب فى هذا البلد، كان هناك نداء لتغيير حقيقى وعميق، وأن هذا التغيير عولج بمنطق التسيير لا التغيير.
■ عدت إلى القاهرة فربما كان من أهم الأحداث محاكمة مبارك وبراءته أو ما بدا أنه كذلك فى حيثيات الحكم.. كيف رأيت هذا الحكم وتداعياته؟
- أنا من البداية كلية وقد قلت هذا الكلام ومعى الآن بعض المقتطفات التى أدليت بها فى حديثى إلى الإعلامية منى الشاذلى ليلة تنحى مبارك، وكان رأيى أن هناك مشكلة كبيرة جدا، أننا لسنا أمام فساد دولة، لكن دولة فساد الدولة، التى رأيناها، لكن أنا أعتقد أن الدولة لأسباب كثيرة جدا، هناك نظام بنى على فساد أو بنى لتغطية فساد، وعندما نحاكم مبارك بمقتضى قوانينه وأجهزته ولم يتغير شىء إذا هذا هو الشىء الخطأ، لأنه من البداية كان يجب أن تكون المحاكمة سياسية، لكن عندما نأتى إلى الحكم وهو بقوانينه وبرجاله وهذا ما قاله حكم المحكمة، التى قالت إن الإجراءات غير مستوفاة، وإن الأوراق مفتوحة، وأعتقد أنه تم التضحية بناس كبش فداء لتغطية كل شىء فى المحاكم مثل المهندس رشيد، ولا أزال أعتقد أنه كان معقولا، وأعتقد أنه فى سعر الغاز أنه قدم تقريرًا، ومبارك كان لديه فكرة وبناءً على طلبه، وأعتقد أن الغلط فى هذا الموضوع فى قضية الغاز أن العقود حررت طويلة المدى مع ثبات الأسعار، وهنا الخطأ، فمن الممكن أن تكون هناك عقود طويلة، لكن يجب أن تترك الأسعار وفقا للأسواق، لأنه تم بيعه بثلاثة دولارات، ووصل بعد ذلك إلى 14 دولارًا، ونحن الآن نتحدث عن استيراد غاز من إسرائيل بسعر 7- 8 دولارات، وعلى أية حالة نحن فى دولة فساد، وليس فساد دولة، وليس بالإمكان أن تصل المحاكمة الجنائية إلى شىء، وزج بناس كثر فى أمور كثيرة حتى ترهلت التحقيقات وتحتاج جهات التحقيق إلى أمور ثانية، لكن هناك مسألة مشوبة حدثت، وبالتالى كنت أرى أن المحاكمة تكون سياسية، والمجلس العسكرى ساير فى هذا.
■ لكن هل نحن لدينا قواعد محاكمة سياسية؟
- أريد أن أقول إذا لم يكن هناك قواعد لمحاكمة سياسية الثورة تفرض عليكِ، ونحن لا بد أن نسأل أنفسنا نحن فى حالة ثورة أم فى حالة قانون؟ وعلينا أن نعلم ما هى الثورة، هى إذا تجاوزت الأوضاع السياسية والاقتصادية حدود المعقول، هنا الشعب يثور، وحينئذ يتطلب الأمر تغيير الدساتير والقوانين، لكن عندما يقول أحدهم القانونى قول هكذا كيف ذلك أنه قانون مبارك، فالثورة من حقها أن تضع دستورها وقانونها طبقا لرؤى جديدة وحقائق جديدة، وهذا لم يحدث، وتم مواصلة نفس المنهج، والنتيجة ما نراه حتى الآن، فالأحكام التى أصدرها القاضى ولا أناقش الأحكام، ليس لأن القانون يمنعنى لكن لأن هذا لا يليق، فهو مستشار قابع مكانه، وحكمه صدر بناء على قوانين، وما يقيده فقال ما قال، وإذا كانت هناك ملاحظات، فهى تتعلق فى ما لم يحكم به ليس فى ما حكم به، فهو ملكه، لكن لم تعجبنى كثيرًا من الأمور.
■ مثل ماذا؟
- سأقول لكى أنا لا أفهم مع تقديرى لكثير من الاعتبارات كيف تعطى محكمة اختصاص لقناة تليفزيونية أن تكون هى صاحبة البث، ولا أفهم أن يقوم قاض كما يقول إنه أجر منزلًا على حسابه ثم يطوف بمحطة فضائية فى أرجائه، ولا أفهم أن يجلس على المنصة يوزع نياشين وشهادات وبأمانة وأنا رجل أعرف حدودى لكن هناك أشياء كثيرة، وهو قال إنه مريض ويحتاج إلى جراحة، ولا أتصور أن رجلًا يبذل هذا المجهود كله فى كتابة حيثيات ثم يحتاج إلى جراحة عاجلة، الأولى جدا أن يتصرف بشكل آخر، وهناك نماذج لثلاثة قضاة تصرفوا بشكل مختلف، نبدأ بالأول الدكتور فؤاد رياض، قاضى محكمة العدل الدولية، الذى كتب تقرير تقصى حقائق رابعة العدوية، وأعتقد أن هذا القاضى أظنه قام بشىء مثالى، حيث انتهى من تحقيق رابعة العدوية، ثم كتب خلاصة، حيث تحدث عن عصر مبارك والفساد وقال إنه رغم أن هذا خارج السياق فإنه فى صميم الموضوع، ضمن ما أدى إلى الفوضى خلال 30 سنة، ولم يجر عليه حسابًا، وكان مدخلا لوصول الإخوان حيث جاؤوا يقولون أشياء بعينها فى جو يسود فيه حالة نقمة عن أجواء جرت لم يحاسب من صنعها على شىء. بمعنى أنه تم تسليم حلم الثورة لكابوس الإخوان، وهو قاضى خرج خارج الموضوع أشار إلى الأسباب الحقيقية والتاريخية والسياسية، وأدت إلى أشياء كثيرة جدا منها رابعة العدوية، ثم سأنتقل الآن إلى النموذج الثانى، وهو قاض أمريكى فيليكس فرانكفورتر، وهو من أهم القضاة. دخل يحكم فى قضية أرض دخل فيها قبيلة هندية تنزع أراضيها لمصلحة عامة، وأن هناك شبهة أنه تم طرد هذه القبيلة، حتى تنزع منها الأرض، وهى أرض واقعة فى محيط كالفورنيا، فدخل القاضى، وقالت له سيدة وفقك الله للحكم بالعدل ، فقال لها سيدتى أنا لا أحكم بالعدل بل بالقانون ، وصعد على المنصة، وقال وهو قاضى المحكمة العليا بالولايات المتحدة، وقص قصة السيدة، وقال شرحت لها كيف أننى لا أستطيع أن أحكم بالعدل، بل بالقانون، لأن ثمة فارقًا بين العدل والقانون، فالأخير يوفق بين أوضاع كثيرة لوضع قاعدة إما لاعتبارات شرعية أو تقاليد أو مألوف، وهى مصادر القانون لإيجاد قاسم مشترك قد لا ينطبق على كل الأحوال، ومن ثم تكون هناك مساحة فارغة بين القانون والعدل، فالأول تنظيم اجتماعى، لكن العدل هو رؤية إنسانية للمشكلات والمخالفات.
■ لكن نحن نذهب إلى القاضى ليحكم بالعدل؟
- القاضى يحكم بالقانون، وليس العدل، فالشعار المكتوب أعلى المحاكم كلها وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل ، شعار ليس دقيقا من الناحية القانونية، فإذا حكم بالعدل فقد أدخل رؤاه الشخصية واعتباراته، وممكن ينقض، لكن فى قضايا الشعوب والثورات لا أحد يقول لى النصوص، وأنا أتذكر ذات مرة وسأقص هذه القصة فى أوائل ثورة 52، أنا حضرت جلسة فيها عبد الناصر واللواء نجيب وجمال سالم، وأتذكرها جيدا والدكتور السنهورى باشا وسليمان حافظ، ويتحدثون عن الإصلاح الزراعى والسنهورى باشا هنا يرد على عبد الناصر الذى قال شيئا فقال له يا بكباشى جمال هذا الكلام غير دستورى، لأن دستور 23 ما زال يُعمل به ، فقال الرئيس عبد الناصر يا دكتور سنهورى وهل أنا دستورى؟ وضعى كله وأتحدث معك هل هذا دستورى؟ لأنه وفقا للدستور لا بد أن يحاكم المجلس العسكرى بتهمة العصيان والتمرد على مبارك لو طبقنا الدستور، الذى كان ساريا حتى تغيير الدساتير كل ما حدث لا يمكن أن يكون دستوريا.
■ وبالتالى لا يجب أن يبحث الناس عن العدل فى هذه المحكمة؟
- العدل له مقتضيات أخرى هى مقتضيات السياسة، فإذا كانت المحاكمة فى قضية عادية يمكننا اللجوء إلى القوانين العادية، لكن نظر قضية ذات طابع سياسى سأقول لكى شيئا قد تستغربين منه لو نظرنا ماذا يجب أن يفعل القاضى وما حيثياته؟ سأقرأ منها التى وزعها صفحة 272، وأعتقد أن هناك شيئا كان يجب أن يفعله ماذا يقول فى قضية الغاز؟ أوضح اللواء عمر سليمان إبان شهادته والدكتور نظيف وهما يوضحان أسباب صفقة الغاز مع إسرائيل بأن الأسباب عديدة ومنها تدبير مصروفات يصعب تغطيتها من خلال الميزانية العامة للدولة للإنفاق على أنشطة غير معلنة لجهاز المخابرات العامة والمحققة فى ذات الوقت الأمن القومى للبلاد ، وهو ما أكده إبان شهادته أيضا أمام محكمة الإعادة اللواء محمد أحمد فريد التهامى، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، إبان ثورة يناير ورئيس المخابرات العامة الحالى بأن تصدير الغاز الطبيعى إلى إسرائيل له ثلاثة أسباب وأبعاد رئيسية سياسية واقتصادية وأمنية، تمثل البعد الأول فى أن الغاز الطبيعى أعطى لإسرائيل لتشجيعها للانسحاب من سيناء، ولتمثل ورقة ضغط لحل المشكلات بين مصر وإسرائيل والفلسطينيين، أما البعد الاقتصادى فكان اللواء عمر سليمان يحاول توفير مصادر تمويل موارد لتغطية ما يستلزمه الإنفاق المرتفع من التكاليف للأجهزة الأمنية للمخابرات العامة مع صعوبة توفير ذلك من الميزانية العامة على تحمل هذا العبء بما حاصل ذلك فى عقيدة المحكمة بأن شركة إى إم جى على نحو ما سلف فى حقيقتها نبت من جهاز المخابرات العامة المصرى ليحقق المأمول منه فى إطار الرؤية القومية لأمن البلاد بما يستعصى معه فى ضوء ذلك أن تستنبط معه المحكمة ثمة دور إيجابى أو سلبى للمتهم محمد حسنى مبارك هذا كلام كان يسمح للقاضى جدا أن يقول هذه قضية سياسية، وأنا لست مختصًا بها، وفى مرات عديدة بعض القضايا يتنحى عنها القضاة، دون أن يحكم بأنه ليس جهة اختصاص، وهذه الأسباب موجودة ضمن الحيثيات.
■ ماذا يجب أن يفعل القاضى؟
- أما وإن رأى هذا أن يقول وجدت فى هذه القضية معلومات تشير إلى أن السياسة لها دور فى هذه القضية، وأن هناك اعتبارات أخذت للأمن القومى بما لا يجعلنى قادرا على الحكم فيها، وبالتالى لكى ترده إلى جهة مختصة تنظر فيه حتى لو كانت فى جلسات سرية.
■ ماذا عن الشق الخاص بانقضاء الدعوى الجنائية فى قضية الفيلات؟
- انقضاء الدعوى أعتقد أنه ينطبق عليه بيت الشعر القائل: هذا كلام له خبىءٌ معناه ليست لنا عقولُ وهو أبو علاء المعرى كيف نتحدث عن خمسة فيلات حتى طبقا لكلام الكسب غير المشروع هناك مبلغ 350 مليون دولار فى سويسرا، ثم نتحدث عن خمسة فيلات قيمتها إن بيعت لا أعرف كيف أرد عليه سوى بيت الشعر الذى قاله أبو علاء المعرى.
حسين سالم ومبارك علاقة شائكة
■ كتبت عن العلاقة بين حسين سالم ومبارك؟
- أنا أعتقد أن حسين سالم هو مفتاح ما جرى فى هذه الفترة، وأنا أراه يتحدث فى الخارج، أنا لا ألومه وهو يدافع عن مصالحه، وأنا لست جهة تحقيق لكنى كرجل صحفى ضمن عملى أن نقول إن ثمة أمرا مستعصيا على فهمنا، حيث إن هذا الرجل كان موجودا بجانب الرئيس مبارك يمارس دورا يحتاج إلى ضوء كبير وهو ضمن الألغام الغاطسة فى التاريخ المصرى ليس لها جواب، فهناك كثير من الأسئلة فى التاريخ المصرى بلا جواب، فحتى هذه اللحظة مثلا لم يحدثنا أحد ويعرفنا تقاصيل قصة أشرف مروان وماذا جرى فيها؟ نحن أمام قضية غاز وهذه الحيثيات أمامى تقول إنه بلغ إسرائيل وبلغ بمعرفة، نحن نحتاج إلى النظر فى الثقافة التى صنعت الرئيس مبارك، وأنا ألاحظ عليه فقط أن الرئيس السادات استدعى أخلاق القرية واستدعى العمدة، ثم جاء الرئيس مبارك وقام بترييف مصر، فأصبح سهلا تديين مصر، وأصبح العمدة الجالس على الجسر سهلا أن يأخذ الناس إلى الزاوية، فدخلنا فى مشكلات خطيرة جدا، لا قِبل لنا بها، فهى مصيبة ثقافية وفكرية وإنسانية وحضارية، فأنا عندما أرى الناس فى الشارع أرى أننا عدنا إلى عصر ما قبل محمد على.
■ هل العلاقة بين مبارك وحسين سالم تشبه العلاقة بين السادات وعثمان أحمد عثمان؟
- العلاقة بين عثمان أحمد عثمان والرئيس السادات كانت محصورة فى نطاق معين فى زمن المقاولات، لكن فى زمن النظام البنكى العالمى حسين سالم ومبارك قضية تحتاج إلى مناقشة كبيرة، وأنا أقول لك الرجل مبارك له بعض الأشياء المقبولة، وأتذكر على المستوى الشخصى أننى عندما خرجنا من السجن قابلنا جميعا مبارك، وطلب لقائى، وقد اتفقنا أن فؤاد باشا سراج الدين فقط هو من يتحدث، اتصلوا بى وقالوا إن الرئيس يريد رؤيتى غدا فى الثامنة صباحا، فقلت حاضر ويومها ليلا كان عندى أسامة الباز ومنصور حسن، وقلت لأسامة أخبرنى كيف نتعامل مع صاحبك؟ فقال لى أنا أعرفك، وعملت معك وأعرفه وعملت معه، فأرجوك لا تكلمه فى كلام مجرد لن يفهم، والشىء الثانى أنا أعرفك تنهى موضوع فتدخل فى آخر وهذا عيب عندى، فلا تتحدث إلا فى موضوع واحد. ثم سألت منصور حسن فقال لى: لن أقول لك شيئا، فقط اذهب وشاهد، ونحن من سنسألك، أنا أعتقد أن هذا الرجل نحتاج إلى إطلالة على شخصيته، فقد سألنى بشكل مهذب وقال لى كيف ترى الأحوال يا محمد بيه؟ فقلت له: الناس تقول إنه أفضل رئيس هو فى حاله ونحن فى حالنا، فقال لى: أنا فى حالى، تعالَ ندخل فى قصة أنا فى حالى، نحن أمام ضابط طبيعى عادى، وهو موجود فى سلاح الطيران، وقد بدأت بالسياسة فى صفقة الميراج مع ليبيا، وكان موجودا فيها، وتذكرين فى سنة 70 كنا نحتاج إلى قاذفة مقاتلة، والقذافى أراد شراء قاذفة ميج 23 والرئيس عبد الناصر أراد فانتوم أو ميراج ، لأن الروس ليس لديهم هذا، وقد حملت خطابا رسميا وأوصلته للقذافى، حيث كنت فى الوزارة وقتها، وطلب القذافى أن يقوم المصريون بالتفاوض، فأتينا بستة بضباط من سلاح الطيران، أخذوا جواز سفر ليبيا وارتدوا زى العسكرية الليبى، وذهبوا إلى باريس للتفاوض لعدم خبرة الليبيين، بدون الولوج فى تفاصيل أكثر نحن اشترينا والليبيون دفعوا، اشترينا نحو 100 طائرة وخمسة طائرات تدريب، وبدأت تدب خلافات بين المفاوض المصرى الحامل للجواز العسكرى الليبى، وبين الشركة الفرنسية، ثم ذهب ضابط طيران مصرى لحل المشكلة وهو مبارك، وقتها كان عبد الناصر مات وبقى الرئيس السادات، وذهب مبارك لحل مشكلات بين ضباطه، لكن هناك فى الصفقة كلها بعض الناس بمن فيهم مدير المشتريات فى الصفقة، وهو مصرى، أثاروا حولها كلام كثير حول التصرفات المالية، ثم حدث أن هؤلاء الضابط الستة أنشؤوا شركات سلاح، وأول علاقة للرئيس مبارك بالسياسة، ثم المرحلة الثانية وكانت كسينجر فى القاهرة فى التاسع من يناير سنة 1974، فقال له: الولايات المتحدة وإسرائيل تثق فيك، لكن ماذا بعدك، وسأقول هنا طبقا لروايته لى شخصيا وجزء منها هناك أحياء تعيش كانت شاهدة وقت أن حكى، فقال إن رايه أن جيل يوليو الذى كان يحكم قد انتهى، وأن المستقبل موجود مع جيل أكتوبر، موجود ويجب أن يكون منهم نائبا له، وقد يتولون السلطة بعده. وحكى الرئيس السادات أنه طرح أسماء، وهو أحمد إسماعيل والمشير الجمصى ومحمد على فهمى واللواء فؤاد ذكرى ومحمد حسنى مبارك، وهكذا طرح الأسماء على كسينجر، وأنا كنت قد اختلفت مع الرئيس السادات فى فبراير 1974 ورحلت، ثم تصالحنا آخر العام، وعرض علىَّ ما يريد عرضه، لكن ضمن فترة العودة إليه أنه سألنى فجأة وكأن شيئا لم يكن، وقال لى: ماذا تعمل يا محمد؟ فقلت له: إننى أعمل فى كتاب للعالم الخارجى، ثم تقابلنا كأن شيئا لم يكن، وقال لى رأيه فى الكتابة، وهذا ما حدث، وكان لديه إشكال فى فك الارتابط الثانى، ثم بدأ يتحدث عن تغيير وزارى فى مارس 1975، ويقول إن هناك نائبا قادما، فقال لى: جيل يوليو رحل، تبقى منهم الحاج حسين الشافعى وهأمشيه، وجيل أكتوبر كان أحمد إسماعيل مات، فقال مبارك، فقلت له: لماذا مبارك؟ وعندما أعود بك لمَّا طرح الأسماء على كسينجر أن الأمريكان بحثوا فى الأسماء الأربعة وكذلك إسرائيل، وأنا بكلامى هذا لا أشكك فى وطنية مبارك، فهو يحب بلده بلا جدال، لكنى أشك فى الثقافة التى أوصلته إلى ما وصلنا إليه، فقد فحصوا الأربعة، وتذكرى أن جيهان السادات قد قالت هذا علنا أن مبارك لا يصلح لنائب الرئيس، ومنصور حسن قال نفس الكلام، وقال السادات لجيهات السادات انتبهى إنت سوف تتعاملين مع الرئيس القادم، لكن عندما تذكرين هذا عندما تولى نائب الرئيس حل محل أشرف مروان فى مجموعة السفارى، وهى المجموعة التى كانت باسم مصر، والتى تعمل ضد الحركات الثورية فى إفريقيا، وتضم المغرب ونحن وإيران فى عصر الشاه وفرنسا والأمريكان، والفرنساويين كانوا يعلمون كل شىء، ودخلنا فى مغامرات غير محسوبة فى حقيقة الأمر، وأنا أعتقد أن هذا يؤثر فى ثقافة الرجل، فالثقافة عند أى حد منا بها التعليم وبها المعرفة والتجربة، بمعنى أن ثقافتى هى حصيلة معارفى كلها، أو مخالطة الناس، وعندماء جاء بعد ذلك المشهد الأخير فى حصيلة ثقافته هو مشهد المنصة والرئيس السادات مقتول ومطروح أرضا، وهو يخرج بظهره هاربا من المشهد، وقد شاهدنا من يدفعه للخروج للحفاظ على الدولة المصرية فى جزء منها، وقصة أن الناس تقول إن الرئيس الجديد هو فى حاله ونحن فى حالنا، وهو أيضا يقول أنا فى حالى هو رجل رأى المنصة، وبالتالى عندما نضع ملخص الثقافة كلها سنجد ما حدث.
■ ومشهد شاه إيران أيضا أثر فى مبارك؟
- عندك حق، وأنا سمعته وقتها تقابلنا مرة واحدة استمرت ست ساعات، ثم بعد ذلك كانت اللقاءات فى مناسبات، فى تليفونات، فى خطابات فى التعزية، ولكن أيضا شهد تجربة شاه إيران وهو يرى رجلا لديه ثروة فى الخارج ولم يستطع الحصول على ثروته، وهى تجربة علمت ناسا كثرا أن لا يقتربوا من النظام البنكى، فأى شىء عند مبارك لم يوضع فى النظام البنكى، وما هو موجود هو حصيلة خطأ فى الإجراءات، ومع ذلك كل هذا لا أناقشه ولا أتهم أحدا لكن أريد التحقيق.
■ كيف يتم هذا التحقيق.. كيف نخرج من القانون إلى العدل؟
- لقد شاهدت البيان الذى قاله الرئيس السيسى، لا أحد يستطيع أن يقول أن يخرج مبارك من محاكمة جنائية إلى محاكمة سياسية، لكن أعتقد أنه كان فى مقدور رئيس المحكمة ولا يزال فى مقدور الدولة المصرية برئاسة الرئيس السيسى أن يقال توبعت الإجراءات وهى محترمة، والأحكام صحيحة، لكن هناك قضايا سياسية مهمة جدا، ونحن لسنا جهة، وبالتالى ستكون هناك لجنة تقصى حقائق حقيقية جدية، سوف تقدم تقريرا إلى مجلس النواب القادم للنقاش فى جلسات سرية وعلنية، حتى تقرر ما يمكن أن تقرره فيه، لأن هذا موضوع لا يمكن أن يمر ولا يقبل حتى لو قبل على مضض وأن تكون النهاية روح منك لله . الموارد المصرية كلها جرفت، والبشر كله جرف، كل من له كفاءة غادر، ومن يريد تقديم مساعدة مستعد يقدمها من بعيد، هناك وضع فى هذا البلد، والحقيقة وبالتالى ونحن نتحدث عن أسعار البترول وحتى مارس المقبل لو حدث تراجع كبير فى أسعار البترول سيقل دخل الدول المساعدة لمصر بنسبة 40%، والارتباطات التبست، وهناك نوع من الابتزاز، وأنا أخشى إذا لم نستطع التصرف بمقتضى ضرورات تواجهها، ومواجهة المستقبل، أخشى أن نتحول إلى بلد فاشل، وهذا ما لا ينبغى أن يحدث، لا لهذا البلد ولا للأمة، لو نظرنا إلى خريطة المنطقة سوف تشعرين إلى أى مدى هذا البلد وقوفه على قدميه، ونجاح السيسى مهم، فهو لا يكفيه نصف نجاح لا بد أن ينجح نجاحا كاملا وهو يحتاج إلى أشياء كثيرة.
■ الرئيس السيسى قال فى تعليقه على الأحكام إنه لاعودة إلى الوراء، حيث شعر الناس أن هذه البراءة أو ما بدا أنها كذلك ستعيد رجال مبارك مجددا؟
- أنظرى أريد أن أقول شيئا، هناك ما يقلق على الساحة، فكثير من رجال مبارك يعودون الآن، وأنا فى باريس أحدهم هاتفنى وقال لى وهو فرنسى الجنسية من الدائرة الأكاديمية وهو قريب من اليونسكو، فتساءل ألا تريدون أن ترشحوا أحدهم فى اليونسكو، فقلت له ليس فى علمى، فقال لى يتحدثون أن ثمة مرشحين ولا أريد أن أسمى أسماء، لكن تقال أسماء سواء فى اليونسكو أو الجامعة العربية، هناك عودة واضحة لرجال مبارك بطريقة تستدعى الشك على أقل تقدير.
■ هنا الدولة والرئيس ماذا يفعل هو يقول دائما لاعودة للوراء؟
- لا أريد أن أقول له ما يجب فعله، لكن عندما نقول لا عودة للوراء ينبغى أن يكون لديك ما تفعلينه، لا أعرف ماذا يفعل وأنا لست ملحا، لكن الرئيس عندما يقول ذلك لا بد أن يكون له شىء، لكن الشواهد مقلقة، وهذا التسلل لرجال مبارك، هناك صحف تتحدث ليس فقط عن عودة رجال مبارك لكن تتحدث عن أنه عائد.
■ هل أزعجك وجوده على إحدى القنوات بعد البراءة؟
- أنا لا ألوم الصحفى الذى فعل ذلك، لكن ألوم المناخ العام، الذى سمح لبعض الفضائيات التى تحولت لأحزاب، وألوم الجو الذى يقف خلف هذا، لأنى أعتقد أن أنياب المصالح ظاهرة بأكثرمما تقتضيه الأمور، وهناك بيت شعر يقول: إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً... فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ ، فالابتسامات التى أراها فى كل مكان ضاحكة هى استعدادات للفتك وليس للضحك.
■ وهل بالإمكان أن يكون هذا الفتك فى مجلس الشعب؟
- بالطريقة الحالية أنا أرى أن الرئيس السيسى يقوم بثورة حتى على نظامه.
■ جملة مهمة جدا؟
- هذا ليس مستحيلا فمستقبل هذا البلد يحتاج إلى نظرة متجددة.
25 يناير و30 يونيو
■ هل ترى هذه الخلافات بين 25 يناير و30 يونيو هى مفتعلة، يفتعلها أعداء 25 يناير أم أنها حقيقية؟
- لا هذا ولا ذاك، أرجوك أن تعرفى أن كل خلاف هو خلاف مصالح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.