«التضامن الاجتماعي» توافق على قيد جمعيتين بالشرقية    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 14 مليون جنيه خلال 24 ساعة    مدبولي مهنئا السيسي بعيد الأضحى: أعاهدكم على استكمال مسيرة التنمية والبناء    «التعليم» تحدد حالات الإعفاء من المصروفات الدراسية لعام 2025 الدراسي    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    عضو لجنة الرقابة الشرعية: فنادق الشركات المقدمة للخمور تنضم لمؤشر الشريعة بشرط    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 12 يونيو 2024    البورصة المصرية تطلق مؤشر الشريعة "EGX33 Shariah Index"    محافظ الغربية يتابع مشروعات الرصف والتطوير الجارية ببسيون    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لشركة «ألف للتعليم القابضة» بقيمة 515 مليون دولار في سوق أبو ظبي للأوراق المالية    أماكن المجازر المجانية لذبح الأضاحي في الدقهلية    محافظ الفيوم يوجه بتشكيل لجنة للمرور على كافة المصانع    بلومبرج: قرار ماكرون الدعوة لانتخابات مبكرة يثير غضبا داخل حزبه    تقرير: رشقة صاروخية خامسة من لبنان باتجاه الجليل الأعلى    أ ف ب: لجنة تحقيق أممية تتهم إسرائيل و7مجموعات فلسطينية مسلحة بارتكاب جرائم حرب    الكويت: أكثر من 30 حالة وفاة وعشرات الإصابات في حريق جنوب العاصمة    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة يواجهون خطر الموت أمام أعين عائلاتهم    «ولا عشان معندهومش ضهر».. شوبير يهاجم موعد مباريات دورة الترقي نهارًا (فيديو)    ميرور: كومباني يستهدف ضم مدافع ليفربول لصفوف بايرن    مفاجأة صادمة لنجم الأهلي في سوق الانتقالات الصيفية    سر البند التاسع.. لماذا أصبح رمضان صبحي مهددا بالإيقاف 4 سنوات؟    محافظ أسوان يشهد حفل التخرج السنوي لمدارس النيل المصرية الدولية    عبر كاميرات المراقبة.. وزير التعليم يراقب لجان امتحانات طلاب الثانوية العامة    الذروة 3 أيام.. الأرصاد تحذر من موجة حارة تضرب البلاد في عيد الأضحى    مناسك (6).. الوقوف بعرفات ركن الحج الأعظم    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العمرانية    والدة طالب الثانوية الذي مُنع من دخول امتحان الدين ببورسعيد: «ذاكروا بدري وبلاش تسهروا»    المهن السينمائية تنعي المنتج والسيناريست الكبير فاروق صبري    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    توقيع بروتوكول تعاون ثنائي بين هيئة الرعاية الصحية ومجموعة معامل خاصة في مجالات تطوير المعامل الطبية    بايدن يدرس إرسال منظومة صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا    رئيس إنبي: لم نحصل على أموال إعادة بيع حمدي فتحي.. وسعر زياد كمال 60 مليون جنيه    ترتيب مجموعات أفريقيا في تصفيات كأس العالم بعد الجولة الرابعة    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    السكك الحديدية: تعديلات جديدة على القطارات الإضافية خلال عيد الأضحى    تعرف على التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    بدأ مشوار الشهرة ب«شرارة».. محمد عوض «فيلسوف» جذبه الفن (فيديو)    طفرة تعليمية بمعايير عالمية    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    دار الإفتاء: يجوز للحاج التوجه إلى عرفات فى الثامن من ذى الحجة يوم التروية    "مقام إبراهيم"... آيةٌ بينة ومُصَلًّى للطائفين والعاكفين والركع السجود    مصطفى مدبولى يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى المبارك    احذري تعرض طفلك لأشعة الشمس أكثر من 20 دقيقة.. تهدد بسرطان الجلد    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    أفلام عيد الأضحى تنطلق الليلة في دور العرض (تفاصيل كاملة)    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف السيسي التاريخي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير    ماذا يحدث داخل للجسم عند تناول كمية كبيرة من الكافيين ؟    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    هيئة الدواء: هناك أدوية ستشهد انخفاضا في الأسعار خلال الفترة المقبلة    «الزمالك بيبص ورا».. تعليق ناري من حازم إمام على أزمة لقب نادي القرن    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعض يذهب إلى مكاتب الزواج قبل المأذون

•اتصال تليفونى وصورة ورقم قومى و300 جنيه.. تفتح كشكولا للفتيات من كل لون وجنسية ودين
•فى مكاتب الزواج: عروسة صغيرة أو مطلقة مع شقة وخصم خاص لحفظة القرآن.. وإعلاناتها تملأ الصحف الإعلانية

إذا كانت نسبة العنوسة التى ترصدها أرقام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء قد بلغت مداها فى السنوات الأخيرة حتى وصل عدد الفتيات اللاتي تخطين سن الخامسة والثلاثين حوالى 3.7 مليون فتاة، فإن المفاجآت التى تقدمها تجربة الاشتراك فى أحد مكاتب الزواج، تضرب بكل الاحصائيات والدراسات العلمية عرض الحائط.
«زواج راق وعائلات وطبقات عالية المستوى» هذه الكلمات غالبا ما تكون منشورة بكثافة فى المطبوعات والجرائد الإعلانية معلنة عن ظاهرة انتشرت منذ عدة سنوات فى مصر وهى مكاتب الزواج، هذه الإعلانات لها صيغ مختلفة، فقد تأخذ شكل الالتزام الدينى فتكون «معنا أصبح الوصول لشريك الحياة (لكل مسلم ومسلمة) أول مكتب للملتزمين والملتزمات (خصم خاص لحفظة القرآن)». وأحيانا تحاول هذه المكاتب جذب المزيد من الزبائن عن طريق صيغة إعلانية «الرسوم مقابل خدماتنا العديدة، اسأل عن 3 خدمات خاصة، معك حتى التوافق، بتليفون وأنتم بالمنزل».

قد يكون «العريس» هو محل جذب فتعلن بعض المكاتب عن توافر ضباط ورجال أعمال والأطباء البشريين والأسنان والصيادلة، أما مواصفات «العروس» فهى أن تكون على مستوى عال من الجمال أو أرملة لديها سكن أو تقبل أن تكون زوجة ثانية، واستمارة السيدات مجانا.

أما «الزواج لجميع الأديان والجنسيات والأعمار» هذه الصيغة قد تكون ستارا لزواج السوريات من المصريين أو زواج المصريات من جنسيات من الخليج العربى، أما السن فلا توجد مشكلة طالما أن المشترك سيسدد قيمة الاشتراك مباشرة دون مناقشة، كل ما يحتاجه المكتب هو صورة البطاقة وصورة شخصية، وقد يتغاضى المكتب عن صورة البطاقة إذا ما ارتاحت الموظفة للشخص المتقدم، وغالبا ما تعتمد هذه المكاتب على موظفات «عشان البنات أحيانا بيتكسفوا لما يلاقوا راجل» هكذا قالت إحدى الموظفات ل«الشروق» عند سؤالها عن سبب قيام أصحاب تلك المكاتب بالاستعانة بالموظفات فقط.

مكاتب الزواج درجات على حسب مبلغ الاشتراك والطبقات الاقتصادية للمشتركين، وإذا كان المكتب يتبع جمعية مشهرة بوزارة التضامن الاجتماعى فتكون رسوم الاشتراك أعلى لأنه «موثوق به» على حد قول موظفة أخرى تعمل بأحد المكاتب، على الرغم من عدم قيام الموظفة بتحرير وصل بالمبلغ المدفوع وإعطاء نسخة منه للمشترك.

فى مدخل عمارة إدارية بأحد شوارع فيصل الجانبية، كانت الواجهة ممتلئة بأسماء الأطباء والمحامين والشركات، وبدت اللافتة الصغيرة التى تحمل اسم «لارج للزواج الحديث» دخيلة على مثيلاتها من اللافتات، من حيث نوعية ما تقدمه من خدمة، ومن حيث حجمها.

ثلاثة أدوار يحمل الواحد منها ما يقرب من خمسة شقق، كلها كانت مفتوحة الأبواب. ظهرت فتاة على باب الشقة، التى خلت من أى لافتات تشير إلى أن «لارج» يوجد هنا، تستقبل السائلين عن المكتب.

اتصل الآن
البداية كانت باتصالات هاتفية لمكاتب الزواج المدون أرقامها فى واحدة من أشهر المطبوعات الاعلانية.

«ذات الدين للزواج، أول مكتب للملتزمين والملتزمات، خصم خاص لحفظة القرآن»، «الزواج لجميع الجنسيات والاديان والاعمار»، «بالتليفون وانت فى المنزل، واسأل عن 3 خدمات اضافية». أكثر من 15 إعلانا على تلك الشاكلة بصيغ مختلفة ولافتة، فى العدد الواحد.

المسئول عن تلقى الاتصالات فى المكاتب غالبا ما تكون امرأة، يظهر التفاوت بين أعمارهن من الصوت، لكن العامل المشترك بين كل المكالمات هو طلب الحضور إلى المكتب، مع احضار صورة شخصية وصورة البطاقة، ورسوم الاشتراك.

تتراوح تلك الرسوم ما بين 200 و300 جنيه بحسب المنطقة التى يقع فيها المكتب، والخدمات التى يقدمها، فالمكاتب الموجودة فى شارعى فيصل والهرم لا تزيد رسوم الاشتراك فيها عن 250 جنيها، أما فى منطقتى مصر الجديدة ومدينة نصر فتصل الرسوم أحيانا إلى 900 جنيه على الأقل حتى إتمام الزيجة.

بيانات المتصل، ومواصفاته فى شريكة حياته التى يتمناها، هى الاسئلة التى تتضمنها المكالمة الاولى، يعقبها تأكيد بتوافر العروسة فى المكتب، ثم تحديد موعد الزيارة لملء طلب الاشتراك، وترتيب اللقاء مع العروسة.

فى مكتب «لارج»، بدت السكرتيرة فى كامل زينتها دون داع لذلك خاصة وأن المكان كان خاليا من الناس، ومن الأثاث أيضا، باستثناء 4 كراسى متهالكة، ومكتب، ومنضدة قديمة. تلك السكرتيرة هى المسئولة وفق ما قالته عن تحصيل رسم الاشتراك، وتوثيق بيانات المشترك من خلال صورة بطاقته، التى تثبت جديته فى الطلب.

مديرة المكتب تدعى أميرة، كانت قد اتصلت بنا أكثر من مرة بعد الاتصال بها لمرة واحدة فقط من أجل تحديد موعد الحضور، ورغم عدم الالتزام فى الحضور لثلاث مرات متتالية لم تيأس.

قدمنا لهما أنفسنا باعتبارنا شقيقين، شاب يبحث عن عروسة بمساعدة شقيقته الكبرى. أخبرناها أن الفشل فى العثور على زوجة مناسبة من الاقارب والمعارف، هو ما دفعنا للجوء إلى مكتب زواج.

الكشكول
أميرة تعمل فى هذه المهنة منذ أكثر من 6 أعوام، بحسب روايتها، ووفق هذه الخبرة يمكنها بسهولة أن تتعرف على الاشخاص الذين يأتون إلى المكان بغرض التسلية، وتميزهم عن الجادين فى الارتباط. وفور التأكد من جديتنا جلبت كشكولا صغير تمتلئ نصف أوراقه تقريبا، بصور العرائس.

«إحنا بسم الله ما شاء الله عندنا بنات زى القمر ونجحنا فى تزويج ناس كثير».. فى بداية الحديث تباهت إيمان مديرة المكتب بمدى نجاح هذه الزيجات، حيث أكدت أنها كثيرا ما نجحت فى التوفيق بين أكثر من عريس وعروسة فى السابق، مؤكدة أنها لن تترك «طالب الحلال» دون زواج مهما كانت شروطه معقدة، «وحتى لو أجريت أكثر من مقابلة مع فتيات كثيرات، هنجوزك ان شاء الله»، قالتها بلغة الخاطبة.

أحضرت أميرة كشكولا متخما بصور الفتيات ظهر ذلك من شكل صفحاته وقبل أن تجلس على مكتبها قالت بصوت منخفض «الرسوم بعد إذنك يا استاذ علشان اقدر اخليك تشوف الصور».

تفاوضنا معها بخصوص المبلغ الذى طلبته، «200 جنيه كثير واحنا لسه ما شفناش حاجة»، ومع إظهار حافظة النقود الممتلئة عن عمد بمئات الجنيهات، والفيزا كارت، استجابت إلى امكانية دفع نصف المبلغ، بعد أن تأكدت من امكانياتنا المادية، لكنها ظلت تردد «شكلك بخيل يا استاذ»، فى محاولة لإحراجنا ودفع المائة جنيه الباقية.

فتاة جميلة كانت أول صورة أظهرتها لنا مديرة المكتب قبل أن تبدأ فى الحديث عن فتيات أخريات، قائلة «دا نموذج للبنات اللى عندى، صحيح فى بنات مش بتوافق تسيب صورها، لكن كلهم زى القمر، ومش بارشحلك حد إلا لما أكون شفته الأول».

التفاصيل الكاملة تقدمها أميرة بعد السؤال عن متوسط الدخل الشهرى، بدءا من وظائف الاب والأم لكل عروسة، والمكان الذى تسكن فيه، وحتى بعض مواصفاتها الجسدية. احداهن والدتها مديرة بإحدى الجامعات الحكومية، واخرى يعمل والدها محاسب كبير، وثالثة من عائلة مرموقة.

«عندى بنت والدها مدير حسابات فى شركة حكومية، ووالدتها ست بيت، وهما بيفضلوا انها متشتغلش، ومعاها مؤهل عالى، فى كمان البنت دى زى القمر اسمها (م) أسرتها ناس طيبين»، ظلت أميرة تقرأ من الكشكول الذى تدون فيه البيانات، ثم رشحت لنا فى النهاية اثنين من الفتيات، وبسرعة راحت تتصل بوالدتهما لإخبارهما بوجود عريس.

احداهن لم ترد على هاتفها، فقررت استبدالها على الفور بعروسة اخرى، أجرت اتصالا معها من أجل إعلامها بوجود عريس لابنتها، ثم دونت أسماء الامهات فى ورقة صغيرة مزودة بأرقام هواتفهن المحمولة.

فى الغالب لا يبحث المكتب وراء كل عروسة تتقدم له، يكتفى فقط بصورة من بطاقتها الشخصية، أو بطاقة والدتها، لذا تؤكد مديرة المكتب أنها غير مسئولة عن العروسة، اذا اكتشف المتقدم للزواج أنها سيئة السمعة مثلا، «لو عملت تحريا

لا ترى إيمان حرجا من عملها، وتشعر أن لها رسالة مهمة فى التوفيق بين الباحثين عن رفقاء المستقبل، مؤكدة أن عملها قانونى ومشروع حيث تدفع الضرائب والسجل التجارى، لكنها رغم ذلك لم تسلمنا إيصالات مقابل الاموال التى دفعناها.

رغم أن آخر احصائيات صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء تشير إلى أن هناك اتجاها للتأخر فى سن الزواج فى المجتمع المصرى، الا أن العروسة التى اتصلت بها ايمان كانت تبلغ من السن 24 عاما، بحسب والدتها، وهو ما أثار اندهاشنا من صغر سنها، واضطرارها اللجوء إلى مكتب للزواج.

اللقاء الأول

السيدة «ح»، والدة العروسة، سألت أولا عن الاسم، العمر، الدخل، والشقة. اطمأنت ثم بدأت تعدد من محاسن ابنتها، ووصفت مفاتنها الجسدية. «القالب بتاعها شبه ليلى علوى فى شبابها، وهى طيبة ومتربية قوى»، وانتهت المكالمة بتحديد موعد بأحد الكافيهات بالقرب من منزلها.

قبل اللقاء كانت الأم وابنتها فى انتظار العريس على باب المقهى، بعد دخولنا اكتشفنا تغير العروسة لتصبح الشقيقة الصغرى «س» والتى تصغر شقيقتها بثلاث سنوات.

«دى بنتى (س) خلصت دراسة السنة اللى فاتت، عندى هى واختها الكبيرة (ب) واخوهم الصغير (م) فى ثانوى، ومعارفنا محدودة جدا»، بجمل قصيرة قدمت الأم ابنتها وأفراد اسرتها.

أما سبب استبدال العروسة بالشقيقة الصغرى هو لقاء فى اليوم السابق جمع بين العروسة الكبرى وعريس آخر، لكن العائلة لم تتحمس له نظرا لبخله الشديد، وعدم قيامه بدفع الحساب فى الجلسة التى جمعتهما، على حد قولها.

على مدار أكثر من ساعة جلست معنا العروسة، حكت عن حياتها وعائلتها، لم تسأل كثيرا، وتحدثت قليلا.

«اسمى (س) خريجة معهد خاص يعادل أحد كليات القمة، ماعنديش أصدقاء، كانت صديقة واحدة وسافرت تركيا، وعندى زميل باعتبره زى أخويا، وكنت مخطوبة لمدة 6 شهور لكن الخطوبة لم تكتمل».

العروسة التى تبلغ من العمر 22 عاما اعترفت بأنها لم يكن لديها علم بموضوع مكتب الزواج، وأن والدتها قامت بذلك ثم اقنعتها بالحضور «لأن التعارف والزواج بهذه الطريقة ليس عيبا أو حراما»، كما قالت لها. أهم سؤال طرحته العروسة ووالدتها فى الجلسة كان حول كيفية معالجة مشاكل الزواج، وما اذا كان مبدأ التطاول بالأيدى مطروح من عدمه.

تحفظت الفتاة على منحنا هاتفها المحمول أو حساب فيس بوك الخاص بها، وأمهلتنا حتى اللقاء التالى بعد أن تتأكد من مصداقيتنا.

مدام إيمان مديرة المكتب لم تنس تتبع نتائج اللقاء، اتصلت بعد يومين قائلة «العروسة وافقت يا استاذ، ومستنية موافقتك انت لما ترجع من الأجازة».

هناك علاقة قوية بين المستوى التعليمى وتأخر سن الزواج، فمع زيادة المستوى التعليمى ترتفع نسب غير المتزوجين سواء بين الذكور والإناث. ذلك حسب تقرير «تأخر سن الزواج»، الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ورغم ذلك لم يثبت أن أيا من المتقدمات لمكاتب الزواج ممن تحملن شهادات عليا، فالعروسة التى قابلناها كانت والدتها قد أخبرتنا فى الهاتف أنها تخرجت من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لكننا اكتشفنا فى المقابلة أنها خريجة أحد المعاهد.

والدة العروسة الثانية التى منحتنا إيمان رقمها هى زوجة لأحد الموظفين الكبار السابقين، تواصلنا معها، سألت عن مستوى الدخل وبدأت تصف فى ابنتها من حيث الشكل، الطول، والوزن، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من الاتصالات الهاتفية استمرت على مدار عدة أيام انتهت باعتذارنا عن اللقاء.

«بنتى طيبة جدا هى كسرت ال28 سنة من كام يوم، بس إحنا مشكلتنا أن مالناش معارف كثير، وهى طويلة» كلمات وصفت بها الأم ابنتها التى قدمت لها مع الإسهاب فى التفاصيل عن الطول والوزن والمفاتن الجسدية.

فى أول اتصال أخبرتنا والدة العروس أنها قدمت لابنتها فى المكتب دون علم والدها، حيث طلبت وقتا لتمهد له الأمر، وبعدها بيومين اتصلت وطلبت عدم الافصاح للعروسة عن معرفة اسمها عن طريق مكتب، حيث أكدت ان ابنتها ترفض الزواج بهذه الطريقة وتسأل دائما عن كيفية معرفة العريس بها.

فى مكتب ثان، ردت على الهاتف سيدة، حاولت فى البداية إشعار المتصل بالاطمئنان وأن مكتبها يختلف عن أى مكتب آخر نشر إعلانه فى نفس الجريدة التى نشرت فيها، دقائق قليلة قضتها فى الاستفسار عن بعض المعلومات لتقرر بعدها تحديد موعد للمقابلة.

ذهبنا بعد الموعد المحدد بنحو ساعة ونصف نظرا لازدحام الطريق، كانت مواعيد المكتب قد انتهت، انتظرتنا فتاة واحدة استضافتنا داخل المكتب المتواجد فى أحد عقارات صلاح سالم، اقتادتنا للغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف.

لم تمر ثوان قليلة حتى طلبت ملء الاستمارة بالبيانات الشخصية مثل الرقم القومى وعنوان السكن والمؤهل الدراسى وغيرها من المعلومات، لكن مع قراءة بعض الشروط الموجودة اسفل الاستمارة أبدينا بعض التحفظ.

رسم الاشتراك فى المكتب 300 جنيه يدفع المتقدم 50 جنيها فى كل مقابلة تتم بالمكتب، ثم 500 جنيه مكافأة حال إتمام الزيجة من المكتب. شرح الفتاة الشابة سريعا الخدمات التى يقدمها المكتب، مؤكدة أنه يحمل ترخيص صادر عن الجمعية التى تتولى إدارته، لكن هذا لا يعنى منح إيصال بالأموال المدفوعة.

وفى دوسيه كبير يضم صورا لعشرات الفتيات بدأ العمل، هناك الطبيبة البيطرية التى اقتربت من بداية العقد الرابع والفتاة ذات ال18 عاما، المطلقة، بالإضافة إلى العديد من الفتيات تتراوح أعمارهن بين 18 و38 عاما.

كل فتاة تحمل رقم فى المكتب، بعض الملفات دون عليها «اتجوزت»، «اتخطبت» فى إشارة إلى انتهاء علاقتهن بالمكتب، وكدليل على النجاح فى توفير شريك الحياة، بدأت فى تقليب ملفات الفتيات هذه خريجة سياسة واقتصاد، وهذه خريجة تجارة وتعمل محاسبة فى شركة.

بعد ان انتهينا من تصفح الملف، بادرتها قائلا إن هناك 3 فتيات أعجبونى، فردت الموظفة «ايوة يا استاذ، عارفهم» وإذ بها تخرج الصفحات التى توقفنا عندها قليلا خلال مشاهدة الملف.

المفارقة كانت صورة لسيدة سورية مطلقة تبلغ من العمر 41 عاما مطلقة، وحاصلة على دبلوم، تطلب مهرا 100 ألف جنيه، ومؤخر صداق 200 ألف جنيه، بالإضافة إلى مصروف شهرى 20 ألف جنيه، وبحسب الفتاة فإن هذه السيدة يأتى إليها مصريون كثيرون لكنها تتحفظ، غادرنا المكتب دون أن نشترك على وعد بلقاء آخر قريب نشترك يتم فيه تسديد الرسوم.

مكاتب بلا تصاريح
مدير السجل التجارى بالجيزة محمد سليمان، قال إن بعض مكاتب الزواج بالفعل ليس لها تصاريح أو تراخيص أو سجلات تجارية محددة النشاط بمساعدة الشباب فى البحث عن شريك الحياة مقابل رسوم محددة تحصل مسبقا.

من جهته قال الدكتور سمير نعيم استاذ علم الاجتماع إن نسب نجاح هذه الزيجات لا تختلف كثيرا عن نسب نجاح زواج الصالونات، إذ إن تعرف الطرفين على بعضهما يكون بشكل صحيح قبل الارتباط، مبررا لجوء الفتيات والشباب للمكتب بأنها محاولة لإيجاد عريس يناسبها من حيث المستوى المادى والاجتماعى.

وأشار إلى أن مكاتب الزواج انتشرت نظرا لتعقد المجتمع وغياب العلاقات المباشرة التى كانت موجودة فى السابق، وكان من خلالها يمكن أن يتعرف الشباب والفتيات على بعضهم البعض، موضحا أن هذه المكاتب توجد بها نفس مميزات وعيوب الخاطبة، فقد تبتز المتقدمين لها وتقوم بالنصب وقد تكون أمينة عليهم وعلى أسرارهم.

وأوضح أن الفارق فى العمر ليس معيار للتقدم لهذه المكاتب، لكنه يرتبط بعدم القدرة على إقامة علاقات مع الجنس الآخر، أو عدم وجود معارف للأسرة يمكن أن يشاهدوا الفتاة ويرشحوا لها عريسا مناسبا.

فيما اختلف معه فى الرأى الدكتور عمرو أبوخليل أستاذ علم النفس، فيما يتعلق بنسب نجاح هذه الزيجات، مؤكدا أن الفشل يلاحق العلاقات التى تبدأ عبر هذه المكاتب نظرا لعدم وجود تكافؤ فى الفرص وغياب الثقة بين الطرفين.

وبرر لجوء الفتيات إلى مثل هذه المكاتب بسؤال المجتمع الدائم عن سبب عدم ارتباط الفتاة بعد انتهاء دراستها، مما يمثل عبئا نفسيا كبيرا عليها، مؤكدا أن هناك بعض الفتيات يفضلن لقب مطلقة على بقائهن دون زواج، حيث يحاولن كسر طوق العنوسة بأى طريقة.

وأشار إلى انتشار هذه المكاتب راجع إلى غياب المنظومة الاجتماعية التى كان يتم من خلالها التعارف بين الشباب والفتيات، وغياب الحفلات العامة، موضحا أن المكاتب تتعامل مع المتقدمين لها باعتبارهم بضائع يعرضونها للبيع.

2006● بلغ عدد الذكور الذين يتراوح سنهم ما بين 25 سنة و40 سنة حوالى 9 ملايين و955 ألفا، وعدد الإناث بلغ 9 ملايين و919 ألفا حسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وفقاً لآخر تعداد لعدد سكان مصر عام 2006.

2008● بلغ متوسط العمر للزواج عام 2008 للذكور حوالى 29 سنة، والإناث حوالى 24 سنة، وارتفعت نسبة الإناث اللاتى لم يسبق لهن الزواج فى الفئة العمرية (30 39) سنة من 3.9% فى عام 1992 إلى 5% عام 2006.

3.9● من إجمالى السكان لم يسبق لهم الزواج (30 سنة فأكثر) فى 2006 نحو 1.004 مليون نسمة، والذكور الذين لم يسبق لهم الزواج فى هذه المرحلة العمرية 673 ألفا وعدد الإناث 371 ألف. هناك اتجاه للتأخر فى سن الزواج فى المجتمع المصرى، فقد ارتفع سن الزواج للسيدات بمقدار سنة ونصف فى الفترة من 1992 إلى 2008.

2011● بلغت عقود الزواج فى هذا العام حوالى 894 ألف عقد بنسبة 11.1% مقابل 11.0% عام 2010 حسب الكتاب الاحصائى السنوى لجمهورية مصر العربية الصادر 2012 عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وبلغت عقود الطلاق 153 ألف عقد عام 2011 مقابل 149 ألفا عام 2010 و141 ألفا عام 2009.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.