حالة من عدم استقرار الأحوال الجوية شهدتها جميع محافظات مصر على مدى نحو 72 ساعة بدأت من الجمعة حتى الأحد الماضى، اتسمت بانخفاض شديد فى درجات الحرارة، ورياح شديدة مثيرة للأتربة والرمال وصلت سرعتها إلى أكثر من 60 كيلومترا فى الساعة (ما يعادل 32 عقدة)، مما أدى إلى تعطل حركة الملاحة الجوية والبحرية وإغلاق الطرق الرئيسية بسبب صعوبة الرؤية التى انخفضت إلى 100 متر فى بعض الأحيان. هذا التغير السريع فى حالة الطقس لا تعنى بالضرورة أننا سنشهد فصل شتاء باردا كما ظن الكثيرون، فوفقا للدكتور على قطب، المتحدث الرسمى باسم الهيئة العامة للأرصاد الجوية، فإن هذه الموجة طبيعية جدا، حيث إنه من المعتاد حدوث تقلبات مناخية حادة فى فصل الخريف، لكن تختلف شدتها من عام لآخر، «لكن ربما السادة المواطنون ينسون أن سوء الأحوال الجوية وارد فى أى منطقة من الأرض وفى أى وقت من السنة»، على حد قوله، موضحا أن أقصى فترة للتنبؤ بالأرصاد الجوية فى أى دولة فى العالم فى حدود الأسبوع، وفى بعض الدول تصل إلى عشرة أيام لكن تقل مصداقيتها. ويؤكد قطب ل«الشروق» أن هذه الموجة من البرد الشديد التى شهدتها مصر وأغلب دول أوروبا والشرق الأوسط، حتى قبل بدء فصل الشتاء رسميا يوم 21 ديسمبر الحالى، أكبر دليل على أن نظرية ارتفاع درجات حرارة الأرض والتغيرات المناخية غير صحيح، مرجعا قصر فترة الشتاء التى يتحدث عنها الجميع فى مصر إلى ظاهرة طبيعية من وجود موجات دافئة تسود العديد من المناطق خلال فصل الشتاء، «فليس ضروريا أن يستمر الشتاء قاسيا، طبيعى أن تحدث بعض موجات الدفء فى الشتاء وموجات برودة فى الصيف»، على حد قوله. ماذا حدث للطقس الفترة الماضية؟ من جانبه يشرح وحيد سعودى، مدير إدارة مركز التحاليل بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، الأسباب فى التقلبات الأخيرة فى الطقس قائلا: «دعونا نتفق أولا أننا مازلنا فى فصل الخريف جغرافيا وليس مناخيا، وهو فصل يتسم بأنه فصل التقلبات الجوية الحادة السريعة»، مضيفا أنه منذ عشرة أيام كان كل الناس يتحدثون عن غياب الشتاء، واستمرار ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، ثم مرة واحدة وجدوا انخفاضا ملحوظا فى درجات الحرارة، خاصة يومى السبت والأحد الماضيين، مع نشاط للرياح وصل لحد العاصفة وسقوط الأمطار الغزيرة، «هل هذا شىء طبيعى خلال هذا الوقت من العام؟ نعم شىء طبيعى جدا، لأن هذا يؤكد أن الخريف فصل التقلبات الجوية الحادة والسريعة». ويوضح سعودى ل«الشروق» أن وصف الطقس يعتمد على بعض التوزيعات الضغطية ومصادر الكتل الهوائية المصاحبة لهذه التوزيعات، مشيرا إلى أن حالة عدم الاستقرار الشديدة التى تعرضت لها مصر، اعتبارا من مساء الجمعة حتى مساء الأحد الماضى، السبب فيها التأثر بمنخفض جوى متعمق شرق حوض البحر المتوسط، مصحوبا برياح معظمها جنوبية غربية قادمة من الصحراء الغربية، اتسمت بالنشاط فى سرعتها، مما أدى إلى نشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة وصلت لحد العاصفة، ونظرا لوجود منخفض جوى آخر فى طبقات الجو العليا تقريبا على ارتفاع 5.5 كم من سطح الأرض مصحوبا بتيار هواء شديد البرودة، أدى بدوره لانخفاض ملحوظ فى درجات الحرارة وتكاثر السحب الممطرة والغزيرة التى سقطت على معظم المدن الساحلية. لكن فى منتصف الأسبوع بدأت التوزيعات الضغطية تتغير، فبدأنا نتأثر بوجود مرتفع جوى أدى لاستقرار كامل فى الأحوال الجوية، ونظرا لتأثره برياح معظمها غربية، أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة وانعدام فرص سقوط الأمطار وهدوء سرعة الرياح، بحسب سعودى. التغيرات المناخية وما حدث فى كفر الشيخ ينفى سعودى الربط بين حالة الطقس الأخيرة ونظرية التغيرات المناخية، موضحا أنه لم يحدث أى تغيرات مناخية خلال آخر 100 سنة بناء على تقارير المنظمة العالمية للأرصاد سوى ارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوى بمقدار 0.6 درجة بسبب الثورة الصناعية التى بدأت فى 1900. أما ما حدث فى محافظة كفرالشيخ من ارتفاع مستوى البحر بنحو 6 أمتار، حسب تقرير وزارة الموارد المائية والرى، وغرق نحو 300 فدان، وفقا لتقديرات سكان المنطقة، فيرى سعودى أنه لا علاقة للتغيرات المناخية بهذه الواقعة. «عندما أصدرنا البيان ذكرنا أن الرياح المثيرة للأتربة ستنشط وستؤدى إلى حدوث عواصف وانعدام الرؤية، بالإضافة إلى اضطراب كامل فى حركة الملاحة البحرية سواء فوق مسطح البحر الأحمر أو المتوسط، ومن المنتظر أن يرتفع الموج فى البحر المتوسط على الأخص لأكثر من 4 أمتار وهو ما حدث، لأنه كلما اشتدت قوة الرياح ارتفعت أمواج البحر وهذا ما يؤدى إلى إغلاق الموانئ»، على حد قول سعودى. ويوضح مدير مركز التحاليل أن هيئة الأرصاد الجوية فى أى دولة هى الجهة الوحيدة المنوط بها إصدار جميع التنبؤات الجوية وتوزيعها على كل جهات الدولة وهى المسئولة عنها رسميا، مسترجعا ما حدث عام 1994 من سيول ضربت مصر، ولم يتم اتخاذ الإجراءات الاحترازية رغم تحذير الهيئة من هذا قبلها بنحو 72 ساعة، مشيرا إلى أن الهيئة أصبحت تعتمد على البريد الإلكترونى لإرسال بياناتها للجهات المعنية حتى تضمن وصولها بصورة أسرع وأأمن. وعن المهمة الأساسية للهيئة العامة للأرصاد الجوية فلا يقتصر فقط على إصدار النشرات الجوية، لكن تأمين وسلامة حركة الملاحة الجوية، تليها البحرية ثم البرية، حيث إن هناك تنسيقا كاملا مع كل قطاعات الطيران، ويوجد فى جميع المطارات العسكرية والمدنية مركز للتنبؤات الجوية تابع للهيئة. أما المركز الرئيسى للهيئة فهو مسئول عن إصدار التنبؤات لكل الجهات فى الدولة، مثل وزارة الدفاع، ووزارة الزراعة، حيث تعتمد تحركات الآفات أو الجراد على سرعة الرياح ودرجات الحرارة، ووزارة السياحة لتنظيم الرحلات والأفواج، خصوصا أن الطبيعة الجغرافية فى مناطق مثل سيناء صعبة جدا فلابد أن يكونوا على دراية بتوقعات الطقس، حفاظا على أرواح السياح فى حالة وجود أمطار يمكن أن تتحول بسهولة إلى سيول، وأيضا وزارة البترول التى يكون أغلب عمل شركاتها فى البحار، وغيرها من الجهات. التنبؤات الصحيحة من مصدر مضمون ويطالب سعودى بعدم الاعتماد على مواقع الإنترنت التى تضع توقعات الأرصاد الجوية، أو البرامج التى يتم تحميلها على الهواتف المحمولة لهذا الغرض، واصفا إياها بأنها «كلها عارية من الصحة تماما»، حيث لم يتوقع أى موقع منها الموجة التى ضربت مصر أو التى تضرب بلاد الشام حاليا، بينما توقعتها الهيئة قبل 72 ساعة من حدوثها، وتم إبلاغ جميع الجهات، على حد قوله. وللتعرف على التوقعات الصحيحة لحالة الطقس، ينصح سعودى إما بمتابعة النشرات الجوية التى تذاع فى جميع وسائل الإعلام بأنواعها والتى تستقى معلوماتها من هيئة الأرصاد الجوية، أو الاتصال بتليفونات الهيئة العامة للأرصاد الجوية على مدى 24 ساعة لمعرفة حالة الطقس داخل مصر أو خارجها، وهى 26849859 26842267 26849853، موضحا أن جميع الخطوط مراقبة. ويؤكد سعودى قوة إمكانات هيئة الأرصاد الجوية المصرية، التى تتوافر بها الأنظمة الحديثة التى لا تقل شأنا عن أى دولة متقدمة فى هذا المجال فى أوروبا أو أمريكا آسيا، مرجعا السبب فى هذا إلى تحديثها سنويا، حيث تعتمد على الكمبيوتر وصور الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى السفر مرة أو اثنين سنويا للتعرف على أحدث التقنيات التى تم التوصل لها فى علم الأرصاد الجوية. وأضاف سعودى: «نحن لا نعمل وحدنا فى الغلاف الجوى، لكن هناك 192 دولة مشتركة فى المنظمة الدولية للأرصاد الجوية نتبادل المعلومات وفقا لتوقيتات دولية متفق عليها».