تخويل بعض العاملين بمديرية الشئون الصحية بالبحيرة صفة مأموري الضبط القضائي    أسعار الذهب ترتفع عالميا بعد صدور بيانات التضخم الأمريكية.. ما الأسباب؟    «التأمين الصحي» توقع بروتوكول تعاون مع جامعة القاهرة لدعم البحث العلمي    تنفيذ أعمال صيانة في 44 ألف شقة إسكان اجتماعي بأكتوبر الجديدة    البورصة تصعد 0.56% بداية تداولات اليوم    النواب يعدل نسبة تشغيل الأجانب في المستشفيات التي تمنح للمستثمرين: تتراوح بين 15 ل25%    الشرطة الإسرائيلية تعتقل 12 متظاهرا احتجاجا على أداء حكومة نتنياهو    باحث سياسي: انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل مؤثر للغاية    مشاهد مؤثرة في ليلة وداع كلوب بعد رحيله عن ليفربول.. هل بكت زوجة صلاح؟    قناة مفتوحة مجانية تبث مباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا    مباريات اليوم الإثنين.. 3 مواجهات في الدوري المصري    سيد معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    إحالة مراقب للتحقيق بعد محاولة تداول امتحان العلوم للشهادة الإعدادية بالمنوفية    ضبط 3 أشخاص لسرقتهم الفيلات بمدينة العبور    مصرع عامل على يد عاطل أثناء اعتراضه على سرقة منزله في قنا    «الداخلية»: ضبط 18 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    أسرة الفنان الراحل سمير غانم تحيي ذكرى وفاته الثالثة.. «اللهم ارحمه واغفر له»    فتح باب التقدم لبرنامج لوريال- اليونسكو «من أجل المرأة في العلم»    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. الأبراج المائية على الصعيد المالي والوظيفي    وزير الصحة: تطبيق منظومة مكينة الغسيل الكلوي ب 99 مركزًا بالقطاع الخاص والجمعيات الأهلية    مطالب في مجلس النواب بتحديد نسب للعلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي في قانون إدارة المنشآت الطبية    كيف نحقق سلامة الحامل والجنين خلال الموجة الحارة؟    «جبالي» يحيل 6 مشروعات قوانين للجان النوعية بالبرلمان    جامعة بنها تنظم المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا.. 22 مايو    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    السجن 3 سنوات لعاطل بتهمة النصب علي المواطنين بالقاهرة    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة «الحلول الابتكارية لتحقيق التنمية المستدامة»    «الرعاية الصحية» تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    أتزوج أم أجعل امى تحج؟.. وكيل وزارة الأوقاف يوضح    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    الهلال الأحمر الإيرانى: انتشال جثث الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته ومرافقيهما من موقع حادث تحطم المروحية    تربية رياضية بنها تحصل على المركز الأول في المهرجان الفنى للمسرحية    قبل نظر جلسة الاستئناف على حبسه، اعترافات المتسبب في مصرع أشرف عبد الغفور    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    باكستان تعلن يوما للحداد على الرئيس الإيرانى ووزير خارجيته عقب تحطم المروحية    نجمات العالم في حفل غداء Kering Women in Motion بمهرجان كان (فيديو)    عمر كمال الشناوي: مقارنتي بجدي «ظالمة»    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    فلسطين.. شهداء وحرجى في سلسلة غارات إسرائيلية على قطاع غزة    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    ارتفاع تاريخي.. خبير يكشف مفاجأة في توقعات أسعار الذهب خلال الساعات المقبلة (تفاصيل)    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    تسنيم: انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية والراديو في منطقة سقوط المروحية    أحمد عبدالحليم: الزمالك جدد طموحه بالكونفدرالية.. وفخور بجمهور الابيض    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    الفنان صلاح عبد الله: ليلة زملكاوية حلوة وأتمنى سوبر أفريقى بين القطبين    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إخفاء للهوية ومخالفات قانونية.. نازحون سوريون تحت عبء الضغوط الاجتماعية والسياسية في لبنان

ينهي السوري ثائر عطية (30 عاما) عمله في منطقة سليم سلام بالعاصمة اللبنانية بيروت، ويعود سيرا على الأقدام إلى منزله في ضاحية الدورة في قضاء المتن بمحافظة جبل لبنان، مرورا بوسط المدينة وبلدة مار ميخائيل، إلى أن يصل إلى بلدة برج حمود حيث يوجد عدد كبير من اللاجئين.
ورغم المسافة البعيدة التي يتجاوز قطعها أكثر من نصف الساعة، فإن عطية يفضّل التنقل بين الأحياء خوفا من تعرضه لمضايقات ارتفعت وتيرتها بعد مقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان قبل حوالي شهر، وأوقفت حينها الأجهزة الأمنية مرتكبي الجريمة الذين يحمل معظمهم الجنسية السورية.
يقول عطية لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "أتيت إلى لبنان عام 2013 بسبب الخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا، وفضَّلت البقاء هنا لقربها من بلدي وسهولة زيارتي لعائلتي".
ويتابع "في السنوات الأولى لم أتعرض لمضايقات، والعديد من أصدقائي جاؤوا إلى بيروت بقصد الدراسة أو السفر. كانت أعدادنا تتزايد، حينها لم نتعرض كثيرا لتضييق بسبب وجودنا بلبنان".
لكنه يضيف "خلال السنوات الثلاث السابقة زادت الحملة ضد النازحين السوريين، وأصبحنا جميعا مصنفين ضمن شعارات واحدة: أننا نرتكب الجرائم ونريد احتلال البلد بدل سكانها الأصليين؛ ورد الفعل كان المضايقات الكلامية والشتائم وتعرُّض الكثيرين للإيذاء اللفظي والبدني".
ويعتبر عطية أن التعامل مع النازحين السوريين من منظور أنهم جميعا على رأي واحد "غير سليم". ويتساءل "نحن الذي درسنا وعملنا في لبنان بطريقة شرعية وأوراقنا الرسمية مسجلة في الدولة، لماذا نتعرض للإهانات؟ فقط لأننا سوريون؟"
ويبلغ عدد النازحين السوريين في لبنان حوالي مليونين و80 ألف نازح حسب أرقام نشرتها مديرية الأمن العام اللبناني سنة 2022.
وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال مؤتمر صحفي "عدد النازحين بات يناهز ثلث عدد اللبنانيين، مع ما يترتب على ذلك من أعباء وتحديات تُضاعف من أزمة لبنان الاقتصادية والمالية وتهلك بناه التحتية".
* الأوضاع السياسية
جاء سالم مبيَّض (50 عاما) من مدينة حمص السورية شابا باحثا عن عمل في عام 2003، وأصبح حارس عقار في منطقة الطريق الجديدة ببيروت، وأسس عائلة تضم ولدين، ويستقر منذ ذلك الحين في بيت صغير بنفس العقار الذي يعمل به.
يتحدث مبيض لوكالة أنباء العالم العربي ويقول "في السابق، لم يكن هناك تدقيق على أعداد السوريين رغم أن عدد العاملين كان يصل لحوالي 300 ألف شخص، معظمهم يعملون في البناء والزراعة والخدمات، وقلة صغيرة كانت موظفة في شركات".
ويضيف "الاحتكاك الأول مع السوريين كان في فبراير 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري واتهام الدولة السورية بتنفيذ العملية. حينها تعرَّض السوريون للمضايقات في بعض المناطق المحسوبة على التيار السياسي المعارض لسوريا. ضُرب عمال وطُردوا من عملهم ومكان سكانهم، وتم تحطيم السيارات التي تدل لوحاتها على أنها سورية، واستمرت المضايقات حوالي خمسة أشهر".
ويتابع "خلال السنوات التي تلت عام 2011 لم أتعرض للمضايقات كغيري. ربما المكان ساعدني، فأهالي الحيّ الساكن فيه لا يهتمون كثيرا بالسياسية، ولكن لا أنكر خوفي الدائم من أشخاص من أحياء أخرى قد يتعرضون لي، وأنا لست نازحا، لم آتِ بسبب الحرب".
ويرى مبيض أن السوريين في لبنان "ظلمتهم السياسة والحروب". ويقول إن الدخول إلى بيروت والخروج منها كان سهلا وأشبه التنقل من محافظة إلى أخرى "فدمشق أقرب مدينة لها بالمسافة هي العاصمة اللبنانية. لكن مع اندلاع الحرب في بلادي، تعقَّدت الأوراق المطلوبة على الحدود وتم تضييق القدرة على التنقل، فأصبح على السوري المضطر للخروج من سوريا أن يبحث عن طرق تهريب حتى لو خالف القانون، هربا من الحرب".
وفرض الأمن العام اللبناني مجموعة من التدابير للحدّ من دخول السوريين منذ عام 2012 خضعت للتعديل مرات عديدة.
* تصرفات غير قانونية
الطالبة السورية ميرا سويدان، الطالبة السورية ترى أن الأذى الممكن أن يتعرض له السوريون والسوريات يختلف باختلاف المنطقة وأسلوب التعامل.
وتقول لوكالة أنباء العالم العربي "النازحات السوريات في المخيمات هن الأكثر تعرضا للأذى والتعنيف والاستغلال من قبل أُسرهن أولا والمجتمع المحيط ثانيا، عبر تشغيلهم بأبخس الرواتب واستغلال حاجتهن للمال، ويصل حد الإجرام بحقهن إلى تزويجهن رغما عنهن أو تشغيلهن بالدعارة".
وتتابع "أما النازحون السوريون من الشباب، فهم أكثر عرضة للضرب والإيذاء الجسدي والمعنوي في الطرقات العامة وأماكن العمل عبر مجموعات وأفراد لا يملكون سلطة تنفيذية، إنما يتبعون أحزابا سياسية أو مجرد عصابات صغيرة".
وهي ترى أن تصرفات بعض النازحين السوريين غير القانونية وراء قدر كبير من رد الفعل اللبنانيين. وتوضح "هذه التصرفات تقابلها حملات عنصرية سياسية ممنهجة ضد السوريين تُزيد من الاحتقان الشعبي وتجد مبررا لتوصيف النازحين بأبشع الألقاب أو تعرضهم للأذى".
وكان وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين قد قال في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي الشهر الماضي إن النزوح السوري إلى لبنان يحمّل بلاده أعباء اقتصادية واجتماعية وتربوية وأمنية، مشيرا إلى أن المشكلة تخص النازحين الذين دخلوا بشكل غير قانوني.
وأكد شرف الدين أن لبنان سوف يستأنف تسيير قوافل إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم والتي بدأتها منذ عامين، ودعا إلى ممارسة ضغط دولي وإقليمي على الدول المانحة لتقديم المساعدات اللازمة للنازحين السوريين في الداخل السوري.
* الهوية والعنصرية
ولكل نازح سوري تجربة خاصة في لبنان.
فسليمان علي (35 عاما)، العامل في أحد المطاعم بجبل لبنان والذي قدِم للبنان منذ عام 2017، يؤكد أنه لم يتعرض يوما لكلمة مسيئة أو عنصرية ويقول "تعاملت بكل احترام مع المسؤولين عني بالعمل وحرصت على الالتزام بالقوانين".
ويتابع قائلا "إن كنا لا نقبل بتعميم وصفنا كنازحين بالمجرمين، كذلك علينا أن نرفض وصف اللبنانيين بالعنصريين. ولا ننسى أنه حين نزح عراقيون إلى مدينة جرمانا بريف دمشق بعد عام 2003 (مع الغزو الأميركي للعراق) ازداد عددهم كثيرا وفتحوا مطاعم وارتفعت أسعار الشقق، فكنا نسمع أوصافا عنصرية تجاههم من قبل سوريين رافضين لوجودهم".
ويستطرد "هل تسمح دولة في العالم أن يحمل النازحون فيها سلاحا؟ علينا نحن النازحين السوريين الملتزمين بالقانون أن ندعم هذه الإجراءات لأن هؤلاء يسيئون لي ولكل السوريين".
أما جورج قدسي (27 عاما) فيقول "بدَّلت لهجتي الدمشقية الواضحة وأصبحت أتكلم بلهجة لبنانية هربا من أي إهانة أو احتكاك. وكل سائقي سيارات الأجرة حين يتحدثون معي يسألونني: هل أنت من عكار (بشمال لبنان)، أم من فلسطين، أم الأردن؟".
والبحث عن طريقة لإخفاء الهوية الحقيقية عملية مرهقة تشكل ضغطا نفسيا بحسب قدسي الذي يقول "من جهة أخجل من نفسي لأنني أخفي هويتي السورية، ومن جهة أشعر أن الأمر يساعدني على تجنب المشاكل وسماع كلمات تسيء إلينا قد تدفعني للرد عليها ولن أحقق فيها مكسبا.. فأنا العنصر الضعيف هنا".
ويتابع "بدَّلت مكان سكني، كنت أسكن في منطقة الأشرفية حين وصلت إلى بيروت، ثم فضَّلت التوجه إلى شارع الحمرا ورأس بيروت كون البيئة الاجتماعية والسياسية فيها لا تتعامل مع النازحين السوريين بالتعاميم والأحكام المسبقة".
أضاف "نحن ضحية التراكمات السياسية والأفكار تجاه السوريين، وحين سجلت بأحد المعاهد فوجئ المدرس والطلاب من تمكني من اللغة الفرنسية بالكتابة والحديث، حتى قال أحدهم 'كيف أنت سوري وتعرف الفرنسية؟'. استغربت حينها، فمن قال لهم أننا لسنا متعلمين ومثقفين؟".
* تعميم التوصيف
وتروي ريهام عز الدين، الموظفة في إحدى الجمعيات المعنية بشؤون النازحين السوريين، عن مفارقة توضح كيف تقود أفعال البعض لتعميم الرؤية والمنظور.
قالت لوكالة أنباء العالم العربي "كنت أسير مع صديقة سورية تعيش في لبنان، وطوال سيرنا في منطقة البربير ببيروت قابلنا العديد من المتسولات، ومن لهجتهن عرفنا أنهن سوريات، ومن كثرة ما تعرضنا من مضايقات من إحداهنّ صرخت بها صديقتي قائلة: أنتم السوريين يجب أن تعودوا إلى بلدكم!".
وأضافت "نحاول في الجمعيات التوضيح وتفسير المغالطات في التعامل مع النازحين، لكن الأكثر ظلما بالنسبة لنا هو توصيف كل الجمعيات بأنها تستغل الازمة".
وواصلت حديثها "ربما صحيح هناك منظمات وُجدت بهدف استغلال مسألة النازحين... لكن هناك أيضا جمعيات تعمل على مساعدتهم من منطلق إنساني، إضافة لمساعدة الفئات الأكثر هشاشة وضعفا في المجتمع اللبناني".
وتابعت "النزوح يحمل أعباء كبيرة من حيث الكهرباء والماء والسكن على الدولة اللبنانية، أما الترويج من قِبل السياسيين لفكرة أننا سبب الأزمة الاقتصادية فغير صحيح.. وكأن بعودة النازحين ستُحل كل المشاكل المالية في لبنان".
وترى أن في هذا توظيف سياسي "للهرب من المسؤولية عما وصلت إليه الأمور من إفلاس وفساد".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.