منها تنظيم استعمال مكبرات الصوت.. النواب يحيل 6 مشروعات قوانين إلى اللجان النوعية    وزيرة الهجرة تشارك في مهرجان "اكتشف مصر" بكندا (فيديو)    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    بالصور.. محافظ أسيوط يتفقد امتحانات طلاب الكلية المصرية الألمانية للتكنولوجيا    طلاب الابتدائية والإعدادية الأزهرية يؤدون امتحانات العلوم والسيرة والتوحيد    رئيس النواب يكشف حقيقة بيع المستشفيات بعد إقرار قانون المنشآت الصحية    عاشور يشهد الجلسات النقاشية الأولى حول منحة "الشراكة من أجل التعليم"    وزير النقل يكشف معدلات تنفيذ المرحلة الأولى لخط المترو الرابع (صور)    محافظ أسيوط: إزالة 5 حالات تعدِ على أراضي زراعية وبناء مخالف ب4مراكز في المحافظة    مجلس النواب يوافق نهائيا على قانون إدارة وتشغيل المنشآت الصحية    البيئة: 96 مليون جنيه تكلفة 3 مدافن صحية آمنة في محافظة الوادي الجديد    البورصة تصعد 0.56% بداية تداولات اليوم    وكيل الزراعة بالوادي الجديد: توريد أكثر من 310 آلاف طن قمح داخل وخارج المحافظة    الحكومة الإيرانية تعلن عن تشكيل 6 لجان متخصصة لإدارة شؤون البلاد    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    الفيفا يقرر وقف القيد لنادي الزمالك    صلاح: سعيد بتتويج الزمالك بالكونفدرالية    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    رسميًا.. فيفا يُعلن إيقاف الزمالك من القيد بسبب قضية ثانية    نادر السيد: التتويج بالكونفدرالية ستحرر مجلس إدارة الزمالك    سيد معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    عاجل.. كواليس اجتماع تشافي ولابورتا| هل يتم إقالة زرقاء اليمامة؟    فكهاني يقتل زوجته في الإسكندرية    ضبط مخدرات بحوزة 4 عناصر إجرامية في أسيوط والغربية.. قيمتها 3 ملايين جنيه    لتحقيق أرباح.. حبس المتهم بالنصب مقابل شهادات دراسية    لص يقتل شخصًا تصدى له أثناء سرقة منزله بقنا    ضبط 4 متهمين ببيع الذهب الخام الناتج عن التنقيب غير الشرعي في أسوان    10 ملايين في 24 ساعة.. ضربة أمنية لتجار العملة الصعبة    مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الفنان سمير صبري    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يحتل المرتبة الثالثة ب261 ألف جنيه    المخرجة العراقية عواطف نعيم عن تكريمها في مصر: سعيدة بترحيب أرض الكنانة    بالشروط ورابط التقديم.. فتح باب التقدم لبرنامج «لوريال- اليونسكو» من أجل المرأة في العلم    لمواليد برج العقرب والسرطان والحوت.. الأبراج المائية على الصعيد المالي والوظيفي    عمر الشناوي: محدش كان يعرف إني حفيد كمال الشناوي    القومي للمسرح يفتح باب المشاركة في مسابقة العروض المسرحية بدورته ال 17    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    توقيع الكشف الطبي مجانا على 1528 مواطنًا في كفر الشيخ    بعد الموافقة المبدئية.. ننشر نص مشروع قانون إدارة المنشآت الصحية    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    «الرعاية الصحية» تعلن حصول مستشفى الرمد ببورسعيد على الاعتراف الدولي    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    مظاهرات أمام الكنيست اليوم للمطالبة بانتخابات فورية واستبدال حكومة نتنياهو    طريقة عمل العدس بجبة بمكونات بسيطة    دعاء النبي للتخفيف من الحرارة المرتفعة    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    ما حكم سرقة الأفكار والإبداع؟.. «الإفتاء» تجيب    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    تركيا: مسيرة «أكينجي» رصدت مصدر حرارة يعتقد أنه حطام مروحية رئيسي    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مقرر لجنة الاستثمار بالحوار الوطنى: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للصهيونية وجوه كثيرة!
نشر في الشروق الجديد يوم 23 - 03 - 2024

بعد وفاة تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، انتقلت الأخيرة من مرحلة الاقتصار على الأبعاد السياسية، إلى التنوع لتغطية موضوعات أخرى ثقافية وعملية ودينية. بالطبع لم تكن النسخة السياسية من الصهيونية هى الوحيدة المطروحة على طاولة المفاوضات خلال المؤتمرات الصهيونية التى عقدت تحت قيادة هرتزل، فكما أوضحت مسبقا كانت بعض الأطروحات الثقافية والدينية تجد مكانا للنقاش والجدال، لكن شخصية هرتزل شديدة البرجماتية وربما بعضا من التسلط هى التى جعلت من الوجه السياسى المحرك الرئيسى للصهيونية خلال حياة هرتزل، لكن بعد وفاته عام 1904، فقد أخذت الأوجه الأخرى فى طرح نفسها على المؤسسين الصهاينة وقد استمر ذلك حتى إعلان قيام دولة إسرائيل فى 1948.
بين وفاة هرتزل وقيام الحرب العالمية الأولى انعقد المؤتمر الصهيونى خمس مرات، 1905 فى بازل بسويسرا، 1907 بلاهاى بهولندا، 1909 فى هامبورج بألمانيا، 1911 بازل بسويسرا، ثم فى فيينا بالنمسا عام 1913، قبل أن يتوقف لمدة ثمانى سنوات لينعقد المؤتمر الصهيونى الثانى عشر ب «كارلو فيفارى» بتشيكوسلوفاكيا فى عام 1921.
فى تلك المؤتمرات التى عقدت قبل توقف الحرب العالمية الأولى ثارت ثلاث نقاط رئيسية مثلت إشكاليات على أجندة النقاش الصهيونى. تمثلت الإشكالية الأولى فى اشتداد الصراع بين فريق الصهيونية العملية، وفريق الصهيونية السياسية، بينما تمثلت الإشكالية الثانية فى كيفية التعامل مع الشباب اليهودى فى شرق أوروبا والتى كانت الأفكار الشيوعية تسيطر عليه بشكل أكبر من الأفكار الصهيونية، بينما كانت الإشكالية الثالثة تتمثل فى كيفية التعامل مع اليهود المهاجرين إلى فلسطين وخصوصا من أوروبا الشرقية وهم المقموعون والمتخلفون فى بلادهم الأصلية ويُخشى كثيرا على المشروع التحديثى/ العلمانى الصهيونى من أن يتراجع لو سيطر هؤلاء اليهود المتدينون على المستوطنات الجديدة فى فلسطين.
• • •
فيما يتعلق بالإشكالية الأولى، ففى حين كانت أفكار هرتزل وفريقه تتمركز حول محاولة إنشاء وطن قومى لليهود بأى شكل وفى أى مكان، والتركيز على كيفية الحصول على الدعم السياسى اللازم، فإن الصهيونية العملية قد ترى أنه وبدون إحداث تقدم على الأرض فى فلسطين من حيث بناء المستوطنات وتوفير العمالة فلن يكون للجدال حول مشروع الدولة الصهيونية أى أهمية! لم يكن يعنى ذلك أن هرتزل لم يكن عمليا، فكما أوضحت فى المقالات السابقة فقد كان مستعدا لإنشاء الوطن اليهودى فى أى مكان حتى لو لم يكن فى فلسطين، لكن المقصود أن النقاشات داخل المؤتمر الصهيونى والحركة الصهيونية تحت قيادته قد تركزت بالأساس على القضايا السياسية والتنظيمية، مثل نقاش أهمية صياغة دستور للدولة اليهودية، وإنشاء علاقات خارجية لها قائمة على استراتيجيات بعينها مع القوى العظمى، لكن فريق الصهيونية العملية كان يرى أن كل ذلك لن يكون ذا فائدة تذكر طالما أن الدولة نفسها لم تُبنَ على الأرض.
إذن، فالخلاف ببساطة أن الصهيونية العملية كانت ترى أن البناء على الأرض يتم أولا ثم يكون النقاش حول الإطار السياسى والقانونى للدولة، بينما كانت ترى الصهيونية السياسية أنه بدون إطار سياسى، فلا يمكن بناء الدولة على الأرض!
على أى حال، بعد وفاة هرتزل فإن حاييم وايزمان أحد قادة الحركة الصهيونية والذى سيصبح لاحقا أول رئيس لدولة إسرائيل تمكن من تقليل الصراع بين الفريقين عن طريق تبنى ما عرف باسم الصهيونية المُركبة أى التى تعتمد على الجانب السياسى والعملى جنبا إلى جنب وبنفس الأولوية!
• • •
أما فيما يتعلق بالإشكالية الثانية، فقد كانت بالفعل تؤرق الحركة الصهيونية بشدة، ذلك أن روسيا مع بداية القرن العشرين كانت بدأت تتأثر بالحركة الشيوعية، وكانت الأفكار الشيوعية تتزايد ومعها تتزايد الحركات الشيوعية السرية للدرجة التى شهدت اندلاع الثورة الروسية الأولى فى 1905 والتى كان لها تأثير كبير على الشباب اليهود الذى أرادوا التماهى معها وشكلت نواة للثورة البلشفية التى اندلعت بعد ذلك ب12 عاما وغيرت الوجه السياسى والثقافى لروسيا لمدة تزيد على سبعة عقود لاحقة. ومن هنا كان ظهور ما يعرف باسم الصهيونية العمالية، وهى تعبر عن انحياز داخل الحركة الصهيونية للأفكار الاشتراكية القائمة على العمال كقوة إنتاج وإدارة ضخمة.
كانت الأسس الفلسفية للصهيونية العمالية قد وضعها نحمان سيكيرين وبير بورخوف وهما من الصهاينة الأوائل الذين التحقوا بدعوة هرتزل، كما قاما بإنشاء الحزب العمالى الصهيونى والذى عرف باسم «عمال صهيون». وكان لهما أثر كبير فى هندسة المستوطنات الصهيونية الأولى فى فلسطين لتؤسس على مبادئ اشتراكية واضحة.
لكن تدين الصهيونية العمالية بشكل أكبر لآرون دافيد جوريون، وهو الذى ذهب بنفسه إلى فلسطين وقام بالإشراف على تنفيذ المبادئ الشيوعية على الأرض فى فلسطين ليؤسس حزبا عماليا آخر عرف باسم «العمال الشباب» أو «العمال الصغار» وقد كان له دور كبير فى التأثير على الموجة الثانية من الهجرة اليهودية إلى فلسطين بالأفكار الاشتراكية التى استطاعت أن تستوعب شباب اليهود المهاجر من روسيا، والمتأثر بأفكار الثورة الروسية الأولى، كما كان صاحب أول أفكار المنظمات العسكرية فى فلسطين، عندما دعا وساهم فى إنشاء منظمة «هاشمور» وهى من أوائل الميليشيات العسكرية فى فلسطين التى يؤسسها اليهود.
تعتبر الصهيونية العمالية واحدة من أهم الأعمدة التى قامت عليها الدولة العبرية فيما بعد، فمعظم زعماء إسرائيل الأوائل كانوا من هذا الجيل الذى تربى على الأفكار العمالية والشيوعية وفى مقدمتهم بن جوريون الذى سيصبح فيما بعد أول رئيس وزراء لإسرائيل!
• • •
ثالث الإشكاليات التى واجهت الحركة الصهيونية، فتمثلت فى الكيفية التى سيتم الحفاظ بها على روح المشروع الصهيونى الحداثى/ العلمانى فى مواجهة المتدينين اليهود المهاجرين من شرق أوروبا والتى نظر لهم آباء الحركة الصهيونية على أنهم رجعيون وقد يؤثرون على روح المشروع الصهيونى، ومن هنا جاء تأسيس الصهيونية الثقافية، وهى الحركة التى شهدت الاعتناء بالجانب الثقافى والفكرى للحركة الصهيونية فى ظل الهوة الثقافية التى فصلت بين يهود شرق أوروبا ويهود غربها!
كان من أهم المنظرين للصهيونية الثقافية آشير زفى هيرش والمعروف بالعبرية ب«آحاد هعام» وهو ما يمكن أن نترجمه بالعربية إلى (واحد من الناس)، أو (واحد من العامة). كان لآحاد هعام سطوة كبيرة على البناء الثقافى للحركة الصهيونية، فقد حذر من أن طغيان البعد السياسى والتنظيمى للحركة الصهيونية قد يؤدى إلى إهمال بعدها الثقافى والذى رآه بمثابة روح الصهيونية وروح الدولة الجديدة. ومن هنا دعت الصهيونية الثقافية إلى إحياء التراث اليهودى واللغة العبرية والأدب والترجمة بين أبناء المهاجرين الجدد. كما اعتنت بشدة بالتعليم وكانت من أوائل المؤسسات التعليمية التى تم تأسيسها فى فلسطين هى الجامعة العبرية بالقدس والتى جاءت بقرار من المؤتمر الصهيونى الحادى عشر والذى أقيم بمدينة فيينا عام 1913. كذلك فقد كانت للصهيونية الثقافية تأثيرها على المؤتمرات الصهيونية نفسها، فشهد المؤتمر العاشر والذى أقيم فى سويسرا عام 1911 أول جلسة تعقد باللغة العبرية!
• • •
قامت الحرب العالمية الأولى فتوقفت المؤتمرات الصهيونية عن الانعقاد، وإن كان لم يتوقف العمل الصهيونى الذى استمر فى دفع الهجرات اليهودية إلى فلسطين والأهم الضغط على بريطانيا للحصول على أول وعد دولى بإقامة وطن لليهود فى فلسطين، وهو الوعد الذى عرف باسم «بلفور» وصدر عام 1917.
ملحوظة: بالإضافة إلى المراجع المذكورة سابقا، اعتمدت هذه المقالة على كتاب «إسرائيل: دراسة دولة» والصادر عن مكتبة الكونجرس الأمريكية عام 1990 محررا بواسطة هيلين شابين ميتز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.