3 صوامع عملاقة لتخزين 8 ملايين طن من الحبوب سنويا مصر تستورد 7.4 مليون طن من القمح الروسى فى 11 شهرا.. ومسئول روسى: تخضع لمعايير جودة صارمة أجواء سكندرية فى عاصمة تصدير الحبوب على البحر الأسود الشركة الروسية تنفذ برنامجا للتحديث التكنولوجى لزيادة الشحن إلى 11.6 مليون طن سنويا بعد رحلة استغرقت 14 ساعة جوا وبرا من سان بطرسبرج على خليج البلطيق فى شمال غربى روسيا، وفى ختام جولة استغرقت 7 أيام للاطلاع على مشروعات الأمن الغذائى الروسية، زارت «الشروق» صوامع معمل نوفوروسيسك لتخزين وتصدير الحبوب المقام على مرمى حجر من أهم الموانئ على البحر الأسود فى الجنوب الغربى للبلاد، حيث يتم تصدير نحو 8 ملايين طن مترى من الحبوب سنويا. قبل الدخول إلى معمل أو قلعة تخزين وطحن وتصدير الحبوب فى نوفوروسيسك الذى تأسس عام 1893 ليصبح أكبر شركة تصدير للحبوب على البحر الأسود، وقّع الوفد الصحفى المصرى الذى زار روسيا أخيرا، بدعوة من المركز الثقافى الروسى فى مصر الذى يديره مراد جاتين، على تعليمات السلامة المهنية المتبعة عندما تتجول فى مثل هذه الصروح العملاقة من حيث المساحة والمنشآت المقامة على 14 ألف هكتار (الهكتار= 10000 متر مربع)، حيث تمتد داخل المكان خطوط للسكك الحديدية لقطارات نقل الحبوب من الصوامع الضخمة إلى أجواف السفن التى تنتظر فى مياه البحر العميقة فى حوض آزوف، استعدادا لرحلتها الطويلة قبل الوصول إلى وجهتها فى البلدان الإفريقية والأسيوية وفقا للصفقات المبرمة لكل دولة مع الجانب الروسى. وفى جولة استغرقت نحو 3 ساعات قادنا فيها يفجينى سوتشنكوف نائب رئيس الإنتاج فى معمل نوفوروسيسك لتجهيز الحبوب التابع لمجموعة «OZK» أو الشركة المتحدة للحبوب، وهى مجموعة تجارية ولوجستية لتصدير الحبوب والمنتجات الزراعية الروسية إلى السوق العالمية، بعد أن أصبحت فى عام 2021 من أكبر خمسة مصدرين للحبوب الروسية. أشار سوتشنكوف فى بداية الجولة إلى مبنى ضخم متعدد الطوابق مبنى بالطوب الأحمر الحرارى قائلا: هذا المبنى القديم كان يضم أولى الصوامع التى كنا نخزن فيها الحبوب قبل عشرات السنوات، لكن صوامعه لم تعد تعمل الآن بعد إنشاء ثلاثة مخازن حديثة بسعة تخزين إجمالية تصل إلى 250 ألف مترى طن من الحبوب. وأضاف بحلول نهاية العام الحالى 2023، ستدخل الصومعة الرابعة نطاق التشغيل، مما سيؤدى إلى زيادة القدرة التخزينية إلى 300 ألف طن مترى من الحبوب. ولأنه لا مكان للثلوج فى نوفوروسيسك على عكس موسكو وسان بطرسبرج ومدن الشمال الروسى، قال المسئول الروسى إن الطقس الجيد يسمح بنقل وإعادة الشحن على مدى السنة، 24 ساعة فى اليوم، فيما تصل طاقتها السنوية لنقل الحبوب للتصدير إلى 7.1 مليون طن. وعن استخدام القطارات فى عمليات نقل الحبوب قال: لدينا مرافق تسلم تسمح بتفريغ 180 عربة قطار وخط سكك حديدية داخل الشركة بطول 1.6 كم وسعة نقل 2000 طن فى الساعة، وفى الوقت الحاضر تقوم المجموعة المالكة للشركة بتنفيذ برنامج استثمارى واسع النطاق يستهدف التحديث التكنولوجى للبنية التحتية للتصدير بما يسمح بزيادة حجم الشحن إلى 11.6 مليون طن سنويا. وأضاف أن معمل نوفوروسيسك لا يقتصر على تخزين الحبوب وإعادة تصديرها فقط، فالمعمل الذى يقع فى منطقة كراسنودار على ساحل البحر الأسود داخل حدود ميناء نوفوروسيسك البحرى، يقوم أيضا بطحن القمح والحنطة، حيث يملك المصنع مطحنة قمح ثلاثية الدرجات بقدرة 150 طنا فى اليوم. وعلى وقع صوت عجلات قطار البضائع الذى كان يحمل شحنات القمح فى طريقه إلى الميناء البحرى، يتدخل فى الحديث المدير التجارى لمعمل نوفوروسيسك، جيفى بارتسونيا، قائلا إنه وحسب نتائج 11 شهرا (يناير نوفمبر) من عام 2023، قامت شركتنا بشحن 7.3 مليون طن مترى جرى تصديرها إلى أكثر من 20 دولة بينها مصر وتركيا وسوريا والسعودية والإمارات. لم ينس الرجل التذكير بشحن 200 ألف طن حبوب من معمل نوفروسيسيك كمساعدات إنسانية إلى ست دول إفريقية هى مالى، بوركينا فاسو، زيمبابوى، إريتريا، أفريقيا الوسطى، والصومال. ولأن روسيا تستحوذ على نسبة 72% من واردات القمح لمصر خلال أول 11 شهرا من العام الحالى، حيث استوردت الحكومة والقطاع الخاص نحو 7.4 مليون طن من إجمالى 10.3 تم استيرادها خلال الفترة من يناير إلى نوفمبر 2023، سألت المسئول التجارى فى معمل نوفوروسيسك عن حجم إسهام شركته فى حصة القمح المصدرة إلى مصر، فقال: «بنهاية هذا العام يكون قد وصل مصر من شركتنا نحو 650 ألف طن. وعندما سألته عن الرقم المتوقع تصديره إلينا فى العام المقبل 2024، قال إنه لا يملك وقت اللقاء (بداية الأسبوع الماضى) إحصاء محددا. لكنه ووفق وثيقة رسمية نشر جانبا من بياناتها الزميل محمد المهم فى «الشروق» بعد أيام قليلة من حديثى مع المسئول الروسى، اشترت هيئة السلع التموينية المصرية، نحو 480 ألف طن قمح روسى فى مناقصة عالمية، بسعر يصل إلى 287 دولارا للطن شاملا أسعار النقل. وقال أحد المصادر التجارية، إنه تم ترسية المناقصة على 8 شركات روسية، حيث من المقرر شحن هذه الكميات فى شهر فبراير المقبل. كما أن هيئة السلع التموينية طرحت خلال الشهر الحالى 3 مناقصات لشراء كميات تصل إلى مليون و20 ألف طن قمح، مقرر وصولهم فى شهرى يناير وفبراير المقبلين وهى كميات جميعها من روسيا باستثناء 60 ألف طن فقط من دولة أخرى. وحسب الموقع الإلكترونى لشركة نوفوروسيسك فازت مجموعة « OZK» ب 17 من أصل 23 مناقصة للهيئة العامة للسلع التموينية المصرية لتوريد أكثر من 1.1 مليون طن من القمح فى عام 2021. وفى 30 يناير 2022 عرضت الشركة توريد 120 ألف طن من القمح الروسى إلى الهيئة العامة للسلع التموينية المصرية، وقالت الشركة إن توريد القمح المتفق عليه كان مقررا شحنه إلى مصر على مرحلتين: فى الفترة من 5 إلى 15 مارس، وفى الفترة من 16 إلى 26 مارس. وقفزت واردات مصر من القمح بنحو 30% خلال أول 9 أشهر من 2023 لتصل إلى 8.34 مليون طن، مقابل 6.43 مليون طن فى الفترة نفسها من 2022، بحسب بيانات لوزارة الزراعة. ارتفعت قيمة واردات مصر من القمح بنسبة 5.3% خلال أول 9 أشهر من 2023 لتصل إلى 2.854 مليار دولار، مقابل 2.709 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2022، بارتفاع قيمته 144.9 مليون دولار، وفقا لنشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. ومع هذه الكميات الضخمة من الحبوب التى يتم استيرادها من القمح، وخاصة الروسى، سألت المدير التجارى فى شركة نوفوروسيسك عن مدى جودة الحبوب المصدرة إلى مصر، وهل تخضع لعمليات رقابة تضمن خلوها من العيوب والأمراض النباتية؟ رد جيفى بارتسونيا بقوله: لدينا رقابة على حبوبنا من خلال الأجهزة الإلكترونية التى ترسل بإشارات تكشف بدقة مدى سلامة تلك الحبوب قبل الشحن على السفن، كما أن هناك شركة متخصصة لمراقبة جودة الحبوب يتم الاستعانة بها، أضف إلى ذلك المتابعة الصارمة من هيئة الرقابة الفيدرالية، وفوق كل ذلك هناك مندوب للحكومة المصرية يكون حاضرا عند التوريد.. وبابتسامة خفيفة قال: لا تقلق الحبوب التى تصل إلى بلادكم من روسيا مضمونة الجودة. انتهت الجولة داخل صوامع تصدير الحبوب نوفوروسيسك،، لكنها بدأت فى المدينة الساحلية الرائعة أو «روسيا الجديدة» كما تسمى باللغة الروسية، فهى مصيف ومشتى فى آن واحد لملايين الروس والسياح الذين يفدون إليها على مدى العام. ولأنها أحد أكبر الموانئ الروسية المطلة على البحر الأسود، كانت عشرات السفن ترسو على رصيف الميناء القريب من الكورنيش المتعرج الذى يذكرك بمدينة الإسكندرية، فشوارع نوفوروسيسك الجانبية تشبه شوارع ميامى وكليوباترا وجليم والإبراهيمية، وبعض مناطقها الداخلية أشبه بمحرم بك، حيث يتشابه سكان السواحل وأن تغير المكان. فى عمق المدينة تنتشر المحال التجارية التى تعمر بالبضائع والسلع من كل صنف، لكن أفضل ما يميزها الخضراوات والفواكه الطازجة منخفضة الأسعار مقارنة بمثيلاتها فى العديد من الدول الأخرى. الملاحظة الرئيسية أن غالبية سكان نوفوروسيسك لا يتحدثون سوى اللغة الروسية ويصعب أن تجد من يعرف بعض كلمات باللغة الإنجليزية، ما يصعب عمليات التواصل مع الزائرين الأجانب، لكن ذلك لا يمنع من حسن المعاملة، والوجه البشوش الذى يستقبلونك به، وخاصة إذا عرفوا أنك من مصر بلد الأهرامات وشرم الشيخ والغردقة التى زارها بعضهم. ودعنا نوفوروسيسك المدينة والميناء التجارى الذى يعد من بين أكبر الموانئ فى أوروبا، قبل أن نغادر إلى العاصمة الروسية موسكو بجليدها وطقسها شديد البرودة فى طريق عودتنا إلى شمس القاهرة ودفئها.