استهدف طيران الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الخميس، كنيسة القديس برفيريوس، للروم الأرثوذكس في حي الزيتون جنوب قطاع غزة، وأدى القصف إلى استشهاد 8 مواطنين بينهم أطفال ونساء، وإصابة عشرات المواطنين، وإلحاق أضرار جسيمة في أجزاء من مبنى الكنيسة، وانهيار مبنى مجلس وكلاء الكنيسة بالكامل، والذي يؤوي عددا من العائلات الفلسطينية، المسيحية والمسلمة، التي لجأت إلى الكنيسة بحثا عن مكان آمن، بحسب وكالة الانباء الفلسطينية (وفا). ويبدو أن الكنيسة كانت ضمن أهداف طيران الاحتلال منذ بدء القصف على قطاع غزة، ففي التاسع من أكتوبر الجاري، بعد يومين من عملية طوفان الأقصى، انتشر خبر يفيد بقصف طيران الاحتلال الإسرائيلي للكنيسة، ولكن سرعان ما نفته الكنيسة على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، وقالت: "نطلب منكم أن تصلوا لأجلنا". تقع كنيسة القديس برفيريوس على بعد أمتار من المستشفى الأهلي العربي "المعمداني"، الذي قصفته قوات الاحتلال الثلاثاء الماضي، في مجزرة أسفرت عن استشهاد وإصابة المئات من الفلسطينيين. وبموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فالمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس هي أماكن محمية ويعتبر استهدافها جريمة حرب مكتملة، ولكنها لم تسلم من قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الجاري. واستنكرت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، أمس، في بيان لها، بأقوى العبارات، القصف الإسرائيلي الذي طال أحد مباني كنيستها، مؤكدة أن استهداف الكنائس والمؤسسات التابعة لها، بالإضافة إلى الملاجئ التي توفرها لحماية المواطنين الأبرياء، خاصة الأطفال والنساء الذين فقدوا منازلهم جراء القصف الإسرائيلي للمناطق السَكَنية خلال الثلاثة عشر يومًا الماضية، يشكل جريمة حرب لا يمكن تجاهلها. وأشارت البطريركية إلى أنه على الرغم من التعرض الواضح لمرافق وملاجئ بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية والكنائس الأخرى، والمستشفى المعمداني والمدارس والمؤسسات الاجتماعية الأخرى، إلا أنها مع بقية الكنائس مصممة على مواصلة أداء واجبها الديني والأخلاقي بتقديم المساعدة والدعم والمأوى للأشخاص الذين يحتاجون إليها، حتى وسط المطالب المستمرة من الجانب الإسرائيلي بإخلاء تلك المؤسسات من المدنيين، والضغوط التي تمارس على الكنائس في هذا الصدد، مشددة على عدم تخليها عن واجبها الديني والإنساني المستمد من قيمها المسيحية لتقديم كل ما يلزم في أوقات الحرب والسلم على حد سواء. لمحة تاريخية تعتبر كنيسة القديس بروفيريوس، ثالث أقدم كنيسة في العالم، وتم بنائها على طراز العمارة البيزنطي، على مساحة تقارب 216 مترا مربعا، في حي الزيتون، أحد أقدم الأحياء الشعبية بغزة. وهي أقدم كنيسة ناشطة في المدينة، بنيت على أنقاض معبد وثني من الخشب، واستغرق بناؤها خمس سنوات من عام 402 ميلادي حتى 14/4/407 ميلادي، وفي البداية كانت تسمى كنيسة أفظوكسيياني نسبة للإمبراطورة أفظوكسييا زوجة الإمبراطور أركاديوس، وبعد وفاة القديس برفيريوس عن عمر 73 عاما، 10/3/420م دفن في الكنيسة، وصار اسمها كنيسة القديس برفيريوس. وهي ملاصقة لمسجد "كاتب ولاية" الذي يرجع تاريخ بنائه إلى زمن السلطان الناصر محمد بن قلاوون (725ه 1325م) بحسب اللوحة التأسيسية الموجودة أسفل المئذنة. ووفقا لسكاي نيوز عربية، شهدت هذه الكنيسة التاريخية على أحداث جسام وحروب طاحنة، على مدى قرون، طبعت أثرها على الكنيسة في بعض الندوب، ورغم ذلك فقد ظلت صامدة، تتحدى عوادي الزمن، وتصرفات الإنسان. وقد اختار لها مهندسوها أن تكون في هيئة سفينة، دلالة على كونها طوق نجاة من مخاطر البر ومن عليه، واستلهم تصميمها من فن العمارة البيزنطية، بأعمدة رخامية مزينة بنقوش كورنثية، وزهرة اللوتس، فضلا عن نقوش ورسومات تجسد بعضا من سيرة النبي موسى، والعهدين القديم والجديد، وحكاية السيد المسيح.