في السابع من أكتوبر عام 1973 أعلن الجيش العراقي عن رغبته في المشاركة بحرب أكتوبر، وبالفعل بدأت الرحلة من الجبهة السورية ب9 ألوية عسكرية، لتشهد الجبهة السورية بسالة من جنود وضباط الجيش العراقي منقطعة النظير يشهد عليها أجساد 79 شهيدا مازال التراب السوري في منطقة السيدة زينب يحتضنهم حتى الآن، بالإضافة إلى كون العراق صاحبة فكرة قطع إمدادات البترول عن الغرب في تلك الفترة. لكن ظلت بطولات الجيش العراقي طي النسيان لفترة من الزمن لأسباب غير معلومة، لم يروى عنها الكثير ولم يكتب عنها بالقدر الذي تستحق، حتى قرر الكاتب الصحفي والمراسل الحربي في فترة الحرب جمال الغيطاني، السفر إلى الجبهة السورية عقب موافقة مصر على قرار وقف إطلاق النار في 24 أكتوبر 1973، وذلك من أجل التوثيق لبطولات ومعارك وبسالة الجيش والشعب. وخلال عملية التوثيق التقى الغيطاني ببعض رجال الجيش العراقي ليبدأ رحلة أخرى لتوثيق بطولات أفراد هذا الجيش الباسل، بطولات ووقائق رصدها في كتاب بعنوان حراس البوابة الشرقية الصادر عن بوابة روزا اليوسف في نسخة جديدة عام 1992. - حكايات الشعب السوري ويصف الغيطاني، في هذا الكتاب المصادفة التي قادته إلى معرفة دور رجال الجيش العراقي في الحرب والتي لم يكن له دراية بوجودهم وبدورهم الهام حتى ذهب إلى الجبهة السورية واستمع لحكايات الشعب السوري عن بسالة ونبل جنود وضباط الجيش العراقي. يروي الغيطاني الأحداث في هذا الكتاب ببساطة هذه كما حدثت بالفعل فلم تكتب الأحداث في هذا الكتاب وفق لترتيب زمني كما تعود هو أن يكتب بل كتب وفقا لترتيب الأحداث التي تعرض لها، الحدث الذي يواجهه يفرض زمنه ومنه يذهب إلى الهدف الأساسي من الكتاب، وهذا قدر الكتابة عن الحرب، كتابة تشبه يوميات الحرب. - شهادات المشاركين لكن الغيطاني لم يركز على معارك الجبهة فقط بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين قرر أن يتتبع أسماء من شاركوا في هذه الحرب من الأحياء والاستماع إلى شهادتهم فأدت به الرحلة إلى شمال العراق على قمم الجبال حيث كان هؤلاء الرجال منشغلون في صراع آخر بشمال العراق، فلم يذهب إليهم في مواقعهم الحصينة أو مكاتبهم بل التقاهم في ظروف حرب أخرى وذلك أضفى على عملية التوثيق بعد آخر عن طبيعة المقاتل العراقي ليتحول الكتاب إلى وثيقة تاريخية عنهم لولا ما أقبل عليه الغيطاني لظلت طي النسيان. لكن تظل أهم نقطة تميز هذا الكتاب، أنه دليل قاطع بأن الغيطاني لم يكن معني بالحيش المصري فقط، أو يودي مهمته كمراسل حربي، فقد كانت مسألة التوثيق للبطولات مبدأ من مبادئ الغيطاني الوطنية التي لم يتراجع عنها أبدا مهما كانت المعوقات. وهو ما عبر عنه بالفعل في مقدمة الكتاب حين قال: تعلمت من تجربتي ك مراسل حربي أن التفاصيل تضيع إن لم تدون، وفي الحرب تنزف دماء المقاتلين أثمن ما يجود به الإنسان لكن كثير ما تبقى آلاف الأحداث الالصغيرة والكبيرة مجهولة وواجب الكاتب أن ينقب عما أداه أبناء وطنه وهذا ما حاولته أثناء متابعتي لقتال وبطولات المواطن المصري على جبهة قناة السويس منذ عام 1968 حتى أكتوبر ثم متابعتي للمقاتل السوري خلال حرب أكتوبر، وهذا الكتب يقدم تلك المحاولة من أجل تتبع الدور الذي قدمه المقاتل العراقي في حرب أكتوبر، وما أرجوه مستقبلا أن أتمكن من متابعة الدور الذي قام به الإنسان العربي المقاتل ضد الصهيونية والاستعمار والتخلف.