يعتبر الشباب الأمريكى ركيزة الحقبة التقدمية الجديدة فى السياسة الأمريكية. فلماذا إذن لا يبذل الديمقراطيون مزيدا من العناية بهم؟ لقد اعتمدت القوة النسبية للمحافظين فى السياسة الأمريكية منذ الثمانينيات على التغير فى الأجيال؛ ذلك أنه شيئا فشيئا تبدل الناخبون الذين تشكلت رؤاهم فى فترة «الاتفاق الجديد»، وحل محلهم أصحاب الروح الأكثر حذرا الذين أتوا بحكم عمرهم بعد فرانكلين ديلانو روزفلت. ثم جاء بعد ذلك جيل الألفية الجديدة. وبلا شك، يعتبر جيل الألفية الجديدة الأمريكيون الذين ولدوا عام 1981 أو ما بعده الجيل الأكثر ليبرالية منذ اتباع «الاتفاق الجديد»، وبإمكان هؤلاء تحويل سياستنا لعدة عقود تالية. ولكن هذا سوف يحدث فقط إذا بدأ الساسة التقدميون توجيه الانتباه إلى أفضل أصدقائهم من بين الناخبين. ويمكن للتقدميين المتشككين فى ذلك أن ينفقوا جزءا من وقتهم بشكل مفيد فى قراءة التصور المفصل الجديد الذى نشره مركز «بيو» للبحوث حول جيل الألفية الجديدة. إذ أكدت الدراسة «تميز» الجيل الجديد، ويعود جزء مهم من ذلك التميز إلى مدى تقدمية الشباب الأمريكى قياسا إلى بقية الفئات فى الدولة. وهذا لسبب واحد، وهو أنهم لا يتحسسون من كلمة «ليبرالى». وتوجد بين الأمريكيين تحت الثلاثين عاما أعلى نسبة ممن يعرفون نفسهم على أنهم ليبراليون، وأصغر نسبة ممن يعرفون أنفسهم على أنهم محافظون، قياسا إلى جميع المجموعات العمرية الأخرى فى البلاد: فيعرف 29% من الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما أنفسهم باعتبارهم ليبراليين، ويعرف 28% أنفسهم باعتبارهم محافظين. ولاحظ بيو أنه «فى جميع المجموعات العمرية الأخرى، يزيد بشدة عدد الذين يعرفون رؤاهم باعتبارها محافظة أكثر منها ليبرالية». ومن بين المنتمين إلى الجيل إكس (الذين ولدوا ما بين عام 1965 وعام 1980)، تتفوق نسبة المحافظين على نسبة الليبراليين إذ تبلغ الأولى 38% بينما تمثل الثانية 20%. كما تزيد نسبة المحافظين على نسبة الليبراليين وسط جيل الطفرة السكانية (مواليد عام 1946 إلى عام 1964)، حيث نسبة المحافظين 43%، والليبراليين 18%. وبخصوص مواليد عام 1945 أو ما قبله واستخدم بيو التسمية الكلاسيكية لهم «الجيل الصامت» تقدمت نسبة المحافظين وهى 45%، على نسبة الليبراليين وهى 15%. (وشكَّل المعتدلون والقليلون الذين كانت استجابتهم رفض التصنيف تحت أى مسمى، النسبة المتبقية فى جميع المجموعات). ويعكس الاختلاف فى أسلوب وصف الشخص لنفسه تباينا فى المواقف. ومن المعروف أن الناخبين الشباب أكثر ليبرالية فى القضايا الاجتماعية، وخاصة حقوق المثليين. ولكن ليبراليتهم تتضمن أيضا التعاطف مع الحكومة النشطة. فعلى سبيل المثال، قال 53% من جيل الألفية الجديدة «ينبغى على الحكومة بذل المزيد من الجهد فى حل المشكلات». وفى جميع المجموعات العمرية الأخرى، فضلت الأكثرية العبارة البديلة التى عرضها عليهم استطلاع الرأى، «الحكومة تفعل أشياء أكثر من اللازم يفضل تركها إلى رجال الأعمال والأفراد». ويخلص التقرير إلى أن المنتمين إلى جيل الألفية الجديدة، «أقل انتقادا للحكومة بشكل واضح فى كثير من الأبعاد قياسا بأترابهم فى الأعمار الأخرى». وتفسر العوامل الديموجرافية المهمة بعض هذا التميز فى الجيل الجديد وليس كله: توضح بيانات تعداد السكان التى استشهد بها بيو أن البيض يمثلون 61% من جيل الألفية الجديدة، مقارنة مع 70% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 عاما وما فوق. ويعنى هذا أن نشر الدعاية السياسية بين الشباب تتطلب انتباها خاصا بالهسبانيين (19% من جيل الألفية الجديدة) والأمريكيين من أصل أفريقى (14%). وتحتوى دراسة بيو على بعض الأخبار المزعجة بالنسبة للديمقراطيين المتطلعين إلى الانتخابات التى سوف تعقد هذا الخريف. فلا يمكن إنكار أن جيل الألفية الجديدة يعد المجموعة العمرية الأكثر ميلا إلى الديمقراطيين فى الانتخابات إذ كان تصويتهم لصالح باراك أوباما بنسبة اثنين إلى واحد. وقياسا على الناخبين الأكبر عمرا، كان معدل إقبالهم على انتخابات 2008 أعلى من أى انتخابات أخرى منذ 1972، وهو الصراع الرئاسى الذى حصل فيه البالغون من العمر 18 عاما على حق التصويت لأول مرة. ولكن، لاحظت دراسة بيو أنه منذ عام 2008، «فَتر حماس» جيل الألفية الجديدة، «فيما يتعلق بأوباما ورسالته فى التغيير، وبحزب الديمقراطيين، ومن المحتمل جدا بالسياسة ذاتها». ولايزال التقييم الشخصى لأوباما بين جيل الألفية الجديدة مرتفعا ثلاثة أربعاهم لديهم رأى إيجابى فى الرئيس ولكن انحدر قدر استحسانهم لأدائه فى منصبه من 73% العام الماضى إلى 57% هذا الشهر. وفى الشهور الأولى من العام الماضى، بلغ تقدم الديمقراطيين على الجمهوريين لدى جيل الألفية الجديدة 29 نقطة. وفى نهاية العام، انخفض هذا الرقم إلى 14 نقطة. ومع هذا لايزال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما، يحتفظون بصفة الفئة العمرية الأكثر ميلا للديمقراطيين بين الناخبين. ولكن الديمقراطيين سوف يواجهون محنة فى هذا الخريف، ومشكلات حقيقية عام 2012، إذا صار جيل الالفية الجديدة ساخطا على السياسة، وإذا ما واصل الجمهوريون العمل على التقليل من حدة تأثير أداة الأجيال التى يمتلكها الديمقراطيين. فما الذى سوف يفعله الديمقراطيون حيال ذلك؟ الساسة لديهم عادة سيئة متعلقة بانتخابات التجديد النصفى: إذ يركزون على الأكبر سنا من الناس، على افتراض أن الناخبين الشباب سوف يبقون فى منازلهم يوم الانتخابات. ربما يكون هذا منطقيا فى معظم الأوقات، ولكنه يعتبر رهانا أحمق بالنسبة للديمقراطيين والليبراليين هذا العام. فإذا كان الشباب قد ساعدوهم فى تولى السلطة، فباستطاعتهم أن يؤدوا بهم إلى التقاعد المبكر بالسهولة نفسها. ولا ينبغى لأوباما أن يخيب رجاءهم. (c) 2010, Washington Post Writers Group