يرتبط التراث السكندرى بحرف البحر الذى تطل عليه عروس المتوسط ولكن معظم تلك الحرف تقادم عليها الزمن مع ظهور الصناعات المميكنة التى لا تستطيع الحرف اليدوية فى صناعة السفن مجاراتها بعد عشرات السنين وضع حرفيو الإسكندرية خلالها بصماتهم على كثير من الأساطيل المصرية ببراعتهم الفنية فى الصناعة إلا أن القصة لم تنته مع تراجع الإقبال على السفن اليدوية إذ حملت عائلة أبو شنب ذات الباع الطويل فى المجال على عاتقها ألا يبقى بيت مصرى إلا وفيه نموذج من مصغرات السفن تذكيرا بما كان لتلك الحرفة العتيقة من دور فى النهضة المصرية على مدى عقود. وفى حديثه ل«الشروق» يقول المهندس عمرو حسين أبو شنب صاحب إحدى ورش مصغرات السفن بالأنفوشى إن الصناعة اليدوية للسفن والتى تركزت بالأنفوشى شهدت تراجعا كبيرا منذ الألفينيات مع انخفاض الطلب على مراكب الصيد اليدوية والاتجاه نحو السفن السياحية التى تتكفل بتجهيزها كبار المصانع المميكنة. ويضيف المهندس عمرو أن أبناء العائلة لم يرضوا أن يصبح تراث أجدادهم طى النسيان وإن انقضت الحاجة له لذلك كرّس من تبقى منهم فى المجال ما يتوافر من الحرفية والمهارة فى تصنيع تحف من المصغرات تروى رحلة العائلة مع تصنيع السفن وتبقى شاهدا على التراث السكندرى بالصناعات البحرية. وعن طبيعة المنتجات الفنية التى تقوم عليها الورشة يقول عمرو إنه اهتم بالطراز القديم من السفن الشراعية المعروفة لدى السكندريين بسفن القراصنة وذلك لمدى قدم تلك الأنواع وما تتيحه من إظهار المهارة والفن فى تشكيلها. ويضيف عمرو أن تلك المنتجات الفنية تستهدف التوعية بالتراث أكثر من كونها مخصصة لجلب عائد من الأرباح موضحا أن ذلك التحول نحو المصغرات قد يأتى تجاوبا مع الموجة الجديدة المتجهة نحو خدمة المجال السياحى ورغبة السائحين باقتناء نماذج فنية معبرة عن التراث السكندرى. وعن مراحل صناعة المصغرات والمواد المستخدمة بها يقول المهندس عمرو إنه يتم العمل بخامات متوافرة من الأخشاب العادية وخشب المهوجن واستخدام الطلاءات من الورنيش فى مراحل تلميع بدن السفينة قبل تكسيته بالحرير لتتم جميع تلك المراحل فى مدة من يومين لأسبوع فأكثر تبعا لحجم المجسم وكثرة تفاصيله. ويتابع المهندس عمرو عن طبيعة استخدام تلك المصغرات، إنه بجانب الترويج لها للتعريف بالتراث فإن لتلك المصغرات دورا فى دعم مستقبل العمل البحرى فى مصر ليكون الإقبال عليها من قبل طلاب الهندسة والدراسات البحرية لتصميم مشاريع تخرجهم من تلك المصغرات والتى تتحول لسفن برمائية وفى أحيان أخرى لسفن تعمل بالطاقة الشمسية. وعن أنواع أخرى من منتجات المصغرات يقول المهندس عمرو إنه لاحظ تعلق الكثيرين بكل ما يرتبط بالبحر لذلك أضاف صناعة أدوات الطهى من أصداف البحر لمنتجات الورشة والتى تجذب شريحة من الناس المحبين للبحر. وعن مصاعب تعيق الترويج للحرفة يقول المهندس عمرو إن تواجد الحرفة بالإسكندرية بعيدا عن المعارض الفنية المنتشرة بشكل أكبر بالقاهرة وارتفاع التكلفة المادية للمشاركة يضيع فرصة جيدة لتوسيع مجال الانتشار أمام الحرفة التى تعرف بالتراث السكندرى.