نشرت مجلة The Nation مقالا للكاتب Robert Borsage ينتقد فيها سياسات بايدن فى تعيين أشخاص فى الحكومة القادمة لا يمتلكون أفكارا جديدة ولن يحدثوا تغييرا عميقا فى ظل الأزمات الجديدة التى تواجهها الولاياتالمتحدة.. نعرض منه ما يلى. أعلن مجلس تحرير صحيفة فاينانشيال تايمز أن «الكبار قد عادوا إلى السلطة» تعليقا على التعيينات التى قام بها بايدن من ذوى الخبرة والذكاء والكفاءة. لكن هؤلاء لن يحققوا التغيير المطلوب بعد الفوضى التى تسبب فيها ترامب. فتجربة هؤلاء السابقة، وهم من يطلق عليهم الأفضل والألمع، دليل على فشلهم وحماقتهم، وما سيرثونه من ترامب سيتطلب تغييرا جذريا وفكرا جديدا.. لوحظ غياب الديمقراطيين من اليسار الصاعد من مستشارى السناتور بيرنى ساندرز وإليزابيث وارين، ومعارضى الحرب فى العراق، والنشطاء فى حركة «حياة السود مهمة» وحركة تغير المناخ، أو مؤيدى إدخال الإصلاحات الهيكلية العميقة. لا يرى بايدن مشكلة فى ذلك ويرى أن هناك الكثير من التقدميين فى الإدارة الجديدة، ودليله على ذلك أنه سيصبح هناك أول امرأة تتولى رئاسة الاستخبارات، وأول لاتينية تترأس وزارة الأمن الداخلى، وأول امرأة من أصل إفريقى كسفيرة لدى الأممالمتحدة.. اختيار حكومة تعكس واقع المجتمع الأمريكى من تنوع عرقى واثنى أمر ضرورى، ولكنه لا يضمن وجود رؤية وأفكار جديدة.. وهنا عرض مختصر لمن هو طيب وشرس وقبيح فى اختيارات بايدن. *** الطيب.. فريق بايدن الاقتصادى أفضل بكثير مما خشيناه. جانيت يلين، المرشحة لمنصب وزارة الخزانة، هى خبيرة اقتصادية ورئيسة سابقة للاحتياطى الفيدرالى ولطالما تعاملت مع ملف التوظيف والبطالة كأولوية. تم ترشيح جاريد برنشتاين وهيذر بوشى لعضوية مجلس المستشارين الاقتصاديين اللذين يعملان فى معهد السياسة الاقتصادية التقدمى ولديهما خبرة واسعة فى مجالات العمل والأسرة ومكافحة الفقر. سيسيليا روس، الرئيسة المقترحة للمجلس الاقتصادى، هى واحدة من الاقتصاديين البارزين فى مجال التعليم فى الولاياتالمتحدة.. هؤلاء معا يقدمون خبرة حقيقية لدعم وعود حملة بايدن الاقتصادية. وترشيح السيناتور السابق ووزير الخارجية جون كيرى كمبعوث خاص لقضية تغير المناخ يعطى أولوية لهذه القضية. يفى فريق بايدن المتولى أزمة الوباء بوعوده فى إعادة الخبراء إلى الواجهة، كما أن الترشيح المفاجئ للمدعى العام لولاية كاليفورنيا كزافييه بيسيرا لرئاسة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية يضع فى المنصب شخصا يتمتع بذكاء شديد وخبرة واسعة. الشرس.. عندما يأتى الأمر للأمن القومى، تعود المعضلة. بترشيح أنطونى بلينكين وزيرًا للخارجية، وجيك سوليفان مستشارًا للأمن القومى، وأفريل هينز مديرًا للاستخبارات الوطنية، أعاد بايدن إحياء مؤسسة الأمن القومى التى استهزأ بها ترامب. تعيين لويد أوستن الجنرال المتقاعد وعضو شركة رايثون المتخصصة فى أنظمة الدفاع فى وزارة الدفاع يعيد الأمر إلى ما كان عليه إلى جانب ضرب مبدأ السيطرة المدنية على البنتاجون فى مقتل.. جميع هؤلاء يرون أن الولاياتالمتحدة دولة لا يمكن الاستغناء عنها، وجميعهم أيدوا الكوارث التى حدثت فى العقود الأخيرة، مثل حرب العراق وأفغانستان، والتدخلات فى سوريا واليمن وليبيا. كانوا جميعا من مؤيدى عولمة الشركات وما أدت إليه من صفقات تجارية مدمرة. إلا أن جميعهم الآن يدعى أنهم تعلموا من مغامراتهم السيئة. هذه التعيينات لا تبشر بالخير. سيعالج بايدن العديد من حماقات ترامب من خلال العودة إلى اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، ومحاولة إحياء الاتفاق النووى الإيرانى ومراقبة الأسلحة النووية، وإعادة الانخراط مع حلفاء أمريكا. لكن الحروب ستستمر باستخدام المزيد من الطائرات بدون طيار وعدد قوات أقل. سوف تزداد حدة الصراعات بين روسيا والصين. وستستمر مراقبة الولاياتالمتحدة للعالم الذى شوه سمعتها وسياساتها. القبيح.. ابتعد بايدن عن اختيار أكثر المرشحين فظاعة لشغل المناصب الرئيسية. يعد ترشيح نيرا تاندين، الرئيس والمدير التنفيذى لمركز التقدم الأمريكى، لرئاسة مكتب الإدارة والميزانية بمثابة قرار غير مبرر فى نظر ساندرز، لكنها تظل خيارا أفضل من بروس ريد، أحد أقوى أعضاء مجلس القيادة الديمقراطية النيوليبرالية والمدير التنفيذى السابق للجنة بولز سيمبسون، الذى روج لبرنامج تقشف شديد فى خضم تعافى البلاد من فترة ركود. يطرح معسكر بايدن اسم عمدة شيكاغو السابق رام إيمانويل، على الرغم من سوء تعامله مع مقتل لاكوان ماكدونالد، عندما كان وزيرا للنقل واحتقاره للتقدميين من الحزب الديمقراطى ووصفهم بالمتخلفين. كونه لم يتم طرحه رسميًا حتى الآن لا يمنح بايدن تأييد النشطاء التقدميين. *** سيستمر بايدن فى الإعلان عن تعييناته خلال الأسابيع المقبلة.. لذلك إذا قام بايدن بالاختيارات المناسبة فى الوكالات التى تنظم البنوك وتحمى المستهلكين والبيئة وتنفذ قوانين العمل وتقاضى جرائم مكافحة الاحتكار، سيعطى إحساسا أفضل باستعداده لإحداث تغييرات جذرية فى الولاياتالمتحدة. لكن شكل إدارة بايدن بدأ فى الظهور، مع التمسك بحملته فى العودة إلى الحياة الطبيعية، على الرغم من أن أمريكا تواجه تهديدات تشبه التى حدثت فى فترة الكساد الكبير. لقد أعاد المؤسسة الديمقراطية على أساس أنها ستكون مصدرا لرؤية جديدة وفكر جديد، فى حين أن القادة والنشطاء والمثقفين الذين تحدوا الفكر التقليدى تم استبعادهم. لذلك سوف يضغط التقدميون من خارج النظام وليس من داخله، حتى فى أثناء عملهم مع الإدارة لمواجهة الجمهوريين. سيكون على التقدميين تنظيم أنفسهم بشكل مستقل وتنظيم الحركات اللازمة لتحقيق الإصلاحات التى تتناسب مع التحديات الحالية. إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى النص الأصلى هنا