البابا تواضروس الثاني يهنئ شيخ الأزهر بقرب حلول عيد الأضحى المبارك    «التنسيقية».. علامة مضيئة في المشهد السياسي.. وحركت الحياة الحزبية    مدبولي يشهد توقيع عقدي تشغيل محطتي دحرجة وسفن سياحية بميناء السخنة    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو»    استنفار في «قضاء صور» بلبنان بعد اغتيال قيادي في حزب الله    نقيب الصحفيين المصريين يكشف بنود الاتفاقية مع الصحفيين الفلسطينيين    أخبار الأهلي : تفاصيل تعاقد فريق سعودي مع كهربا.. مبلغ خيالي في موسم واحد    أخبار الأهلي : أفشة يبحث عن عرض سعودي للرحيل عن الأهلي    الاتحاد السعودي يرصد رقمًا فلكيًا للتعاقد مع محمد صلاح    حدث في اليورو.. كتيبة "قصار القامة" تبدأ رحلة المجد بلقب 2008    الأرصاد تكشف عن حالة الطقس خلال الساعات القادمة    عامل يتسبب فى حرق زوجته خلال مشاجرة بكرداسة    وزارة الثقافة: افتتاح 6 عروض جديدة على مسارح الدولة في عيد الأضحى    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    الداخلية تكشف حقيقة وفاة طفل أثناء أداء مناسك الحج    أُعيد البناء 12 مرة.. كيف تغير شكل الكعبة عبر التاريخ؟    برنامج تدريبي توعوي لقيادات وزارة قطاع الأعمال العام والشركات التابعة لها    فحص 1349 مواطناً في قافلة طبية مجانية بقرية بساتين بركات بالشرقية    الأرصاد تحذر من طقس الغد، موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد    الرئيس السيسى يهنئ الملك تشارلز الثالث بذكرى العيد القومى    مراسل القاهرة الإخبارية من معبر رفح: إسرائيل تواصل تعنتها وتمنع دخول المساعدات لغزة    البورصة تستقبل أوراق قيد شركة بالسوق الرئيسى تعمل بقطاع الاستثمار الزراعى    ل برج الأسد والحمل والقوس.. ماذا يخبئ شهر يونيو 2024 لمواليد الأبراج الترابية؟    بدون زيادة.. «التعليم» تحدد المصروفات الدراسية بالمدارس الحكومية للعام الدراسي الجديد    مصرع طالب تمريض صدمه قطار عند مزلقان كفر المنصورة القديم بالمنيا    جهود لضبط المتهمين بقتل سيدة مسنة بشبرا الخيمة    أبرزهم راقصي السامبا.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    المفوضية الأوروبية تهدد بفرض رسوم على السيارات الكهربائية الصينية    رئيس الأركان يشهد مشروع مراكز القيادة الاستراتيجى التعبوي بالمنطقة الشمالية    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية ووفد كوري يتفقدان مشروعات تخرج طلاب الكلية المصرية- الكورية    ما هي أسعار أضاحي الجمال في عيد الأضحى ومواصفات اختيارها؟ (فيديو)    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    «الصحة» تنظم ورشة عمل لتعزيز قدرات الإتصال المعنية باللوائح الصحية الدولية    عاشور يشارك في اجتماع وزراء التعليم لدول البريكس بروسيا    وزير الدفاع الألماني يعتزم الكشف عن مقترح للخدمة العسكرية الإلزامية    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    بتوجيهات رئاسية.. القوات المسلحة توزع عددا كبيرا من الحصص الغذائية بنصف الثمن    في ذكرى ميلاد شرارة الكوميديا.. محطات في حياة محمد عوض الفنية والأسرية    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    رئيس إنبي: سنحصل على حقنا في صفقة حمدي فتحي "بالدولار"    بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة    "لا أفوت أي مباراة".. تريزيجية يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    احتفالًا بعيد الأضحى.. السيسي يقرر العفو عن باقي العقوبة لهؤلاء -تفاصيل القرار    5 نصائح من «الصحة» لتقوية مناعة الطلاب خلال فترة امتحانات الثانوية العامة    «متحدث الصحة» يكشف تفاصيل نجاح العمليات الجراحية الأخيرة ضمن «قوائم الانتظار»    شبانة: حسام حسن عليه تقديم خطة عمله إلى اتحاد الكرة    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    «الإسكان» تتابع الموقف التنفيذي لمشروعات المرافق والطرق في العبور الجديدة    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    يونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    الجنائية الدولية تطلق حملة لتقديم معلومات حول جرائم الحرب فى دارفور    بطل ولاد رزق 3.. ماذا قال أحمد عز عن الأفلام المتنافسة معه في موسم عيد الأضحى؟    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    مسئول أمريكي: رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار يحمل استفسارات    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا البغل الفلسطينى والحمير الأخرى
نشر في شباب مصر يوم 14 - 10 - 2003

أراهن بأن السيدة سهى الطويل زوجته هى الوحيدة بالإضافة إلى إسرائيل التى تنتظر وفاته بفارغ الصبر لكى ترث حوالى مليارى دولار فى عين العدو رغم أن المصارى ليست ملكا لزوجها
لم يكن يدرك أبو عمار أن نهايته ستكون مثل البغل الذى غضبت عليه الحكومة فقررت إطلاق الرصاص عليه بلا رأفة بعد أن أدى دوره بالتمام والكمال فى نفس الوقت الذى تنتظر فيه الحمير الأخرى موته ليستريحوا منه ومن إزعاجة ومن محاولاته المستمرة السيطرة على كل الطعام الموجود فى الحظيرة ويمنون النفس الجشعة بالسطو على نصيبه من الطعام
إنه الآن يلقى حتفه بعد أن تم تجريده من كل عوامل ومقومات النضال وبعد أن سلم النمر وينتظر الجميع إشارة البدء لإعلان الصراع والحروب الأهلية وتفجيرات الموقف باعتبار أنه النواه الأخيرة التى كانت تعمل جاهدة على تماسك اللحمة الفلسطينية
هذا البغل الفلسطينى الجريح ينتظر مصيره لإطلاق رصاصة الرحمة عليه لتنتهى حياة أعظم مناضل فى النصف قرن الأخير بلا رحمة أوشفقة وجميع الحمير من حوله تتأهب لإحتلال منصبه ومكانته .. لكن هل ينجح أحدهم ويفعلها ويحتل بالفعل مكانة هذا البغل الفلسطينى ؟
فى العرف المصرى البغل كلمة يراد بها توجيه إهانة لصاحبها عندما يصفه بها أحدا ما لكننى والحق يقال لا أقصد توجيه ثمة إهانة لأبوعمار أو للحمير الأخرى أقصد سدنة الحكم فى سلطة الحكم الذاتى المزعومة .. وأردت أيضا أن أؤكد أن أبو عمار كان فى قوة البغل
والبغل هو هجين وخليط فى النسب بين الجواد وبين الحمار .. وأبو عمار كان فى صبر الحمار وقوة الجواد .. لكن يبدو أن الرجل تعب فقرر إعلان إستسلامه وهو يسلم الوجه لله سبحانه وتعالى
ورغم الظروف التى يمر بها الرجل إلا أنه لازال يواجه الصعاب بقوة وكبرياء وصبر يحسد عليه .. هم يقولون ثور .. فيصر على أن يقوم الجميع بالحصول على الحليب منه
*********
بعد أن تناقلت بعض الصحف الدولية خبر يشير إلى إعتلال صحة الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات بشكل غير مسبوق وأنه يواجه أواخر أيامه . بدأت الأنظار تبحث عن القادم من بعده ؟ وماهى مواصفاته وإمكانياته للمواجهة ؟ وقدراته على سد الفراغ
وغياب عرفات وفى هذه الظروف وهذا التوقيت تحديدا وكما يشير الخبراء عن الساحة سوف يسبب مشاكل وإنقلابات فى الكثير من القضايا المحلية والدولية خاصة وأنه ظل وعلى مدى 74 عاما هى عمره يمثل الركيزة الأساسية للقضية الفلسطينية وللكثير من عمليات السلام والحرب فى منطقة الشرق الأوسط .. ومن خلاله كانت تنبثق الكثير من الأحداث ومن عنده تنتهى أحداث شتى
أما سبب هذه الإشكاليات ومحاولات البحث عن القادم فهو عبارة عن خبر تناقلته إحدى الصحف البريطانية والتى ذكرت مؤخرا ن الرئيس ياسر عرفات تعرض لازمة قلبية وان هناك احتمالا لانتقاله الى مصر او الاردن لتلقي العلاج. لكن مسؤولين فلسطينيين نفوا هذه المعلومات بوصفها "كاذبة" مشيرين الى ان عرفات اصيب بنزله معوية حادة وهو يتماثل للشفاء. فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول فلسطيني رفيع قوله "ان ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية عن ان الرئيس ياسر عرفات تعرض لازمة قلبية الاسبوع الماضي غير صحيح وكذب وعار عن الصحة
واكد المسؤول "ان الرئيس ياسر عرفات تعرض الاسبوع الماضي لنزلة معوية حادة وبدأ الان يتماثل للشفاء وان ضغط الرئيس 120 على 80 اي المعدل الطبيعي
وعن شحوبة وجه الرئيس عرفات قال "انه بسبب الاستفراغ الكثير وقلة الاكل
وبدوره، نفى عضو المجلس التشريعي نبيل شعث ما اوردته الغارديان، واكد ايضا ان ما تعرض له عرفات كان محض نزلة معوية
ونقلت صحيفة "الغارديان" عن مساعد مقرب من عرفات قوله ان الاخير اصيب بأزمة قلبية خفيفة "لكن الأطباء قالوا إنه سيتعافى كليًا، وإنه يضطلع بمسؤولياته كاملة ولا شيء يستدعي الخوف". ووفقا للصحيفة، فقد اشار المسؤول الفلسطيني الى ان القيادة الفلسطينية قررت ابقاء حقيقة مرض الرئيس طي الكتمان خشية ان "يثير الهلع
ولوحظ مؤخرا ان عرفات والذي يعتقد بانه يعاني من مرض الباركنسون، ظل بعيدا عن الظهور العلني لعدة ايام، فيما ذكرت الصحافة الفلسطينية انه كان يعاني خلال ذلك من الانفلونزا
وقد قام اشرف الكردي ،الطبيب الاردني الخاص لعرفات بزيارة مقر الرئيس الفلسطيني برام الله من اجل الكشف عليه، ورافقه في هذه الزيارة طبيب اردني اخر هو يوسف القسوس المعروف بانه اخصائي قلب
وقال عرفات الذي خرج بصحبة الكردي والقسوس لمواجهة الصحافيين امام مقره في رام الله "الحمد الله الوعكة انتهت". ولدى عودته للظهور مجددا، لاحظ المراقبون ان عرفات بدا عليه الاعياء الشديد، وفقد الكثير من وزنه، كما واجه صعوبة في البقاء واقفا لاكثر من بضعة دقائق. وقال المسؤول الفلسطيني لصحيفة "الغارديان" ان الكشف عن حقيقة مرض الرئيس الفلسطيني كان "سيتسبب في اثارة الهلع في مرحلة حساسة يهدد فيها الاسرائيليون حياة عرفات". وكانت الحكومة الامنية المصغرة في اسرائيل اصدرت بعد عمليتين فدائيتين في القدس وقرب تل ابيب اسفرتا عن 15 قتيلا، قرارا مبدئيا بابعاد عرفات عن الاراضي الفلسطينية، باعتباره عائقا امام السلام ينبغي "ازالته
وبعد العملية الاخيرة التي نفذتها حركة الجهاد الاسلامي في حيفا، واسفرت عن نحو 19 قتيلا، اعلن رعنان غيسين، مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، ان ايام عرفات باتت "معدود"، لكنه امتنع عن الكشف عن التوقيت الذي ستتم فيه "ازالة" الرئيس الفسلطيني
وقد افاد موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" على الانترنت نقلا عن مصادر فلسطينية مؤخرا ان طاقما طبيا خاصا قد وصل بشكل عاجل الى مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله لعلاج عرفات الذي تدهورت صحته
وأشارت "الغارديان" إلى أنه في حال احتاج الزعيم الفلسطيني لمعالجة طبية غير متوفرة في رام الله، حيث يحاصره الجيش الإسرائيلي في مقره العام، فسيتوجه على الأرجح إلى مصر أو الأردن، لكن، فقط، إذا سمح له الإسرائيليون بالعودة إلى الضفة الغربية
وحسب "الغارديان" فإن المسؤولين الإسرائيليين أكدوا أن صحة عرفات ليست في أي حال من الأحوال عاملاً تأخذه الحكومة في عين الاعتبار لتنفيذ تهديداتها ب"التخلص" من الزعيم الفلسطيني
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية، جوناتان بيليد، للصحيفة: "إن ذلك سيخدمنا إذا فعلت الطبيعة عملها"، مضيفا "لكن عرفات كالهر بسبع أرواح، ولا نعتقد أنه استخدمها جميعها
وقال بيليد للصحيفة البريطانية إن "الحكومة الإسرائيلية ستكون سعيدة برحيل عرفات، لكن الاحتمال ضئيل بأن يسمح له بالعودة
وكان عرفات أجرى عملية جراحية في يونيو 1992 لازالة تخثر دموي من الدماغ تكون اثر حادث سقوط طائرة تعرض له في ليبيا
فيما ذكرت بعض المصادر أن عرفات قد تم حقنه بمادة سامة تحدث أثرها فى الجسم بشكل بطئ دون أن يلحظ ذلك أحد
وفى كل الأحوال فإن كل الأنباء المتواترة تؤكد وتشير إلى ان الرئيس ياسر عرفات مصاب بالمرض وأن العمر له مفعوله وتأثيره غير العادى .. وأن الأوضاع كلها تشير إلى أن الرجل فى نزعاته الأخيرة وأنه لابد من مواجهة الواقع القادم بحلوه ومره دون أى هروب وإذا نجحت تصريحات بعض المسئوليين الفلسطينين فى إخفاء الحقائق القادمة اليوم فإنها حتما ستفشل غدا
ومن ثم فقد كان من الطبيعى أن تتجه أنظار المحللين والمراقبين إلى البحث عن هذا القادم بعد عرفات .. ذلك الفلسطينى الذى أطلقت عليه بعض وسائل الإعلام الغربية الأسد الجريح .. المتعب
**********
لم يكن يدرك محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني المعروف باسم ياسر عرفات أن الطريق سيكون بهذا الإرهاق لكنه فى ذات الوقت كان يدرك أن النضال طويل جدا والطريق أطول لكنه أبدا لم يكن يتوقع أن تنقضى 74 عاما متواصلة دون أن يحقق الإنتصار الكامل الذى كان يحلم به منذ أن ولد هناك بالقاهرة
وبين القاهرة والمكان الذى يواجه فيه الموت البطئ الآن كانت هناك حياة حافلة بالأحداث التى غيرت موازين المنطقة وأوراق التاريخ كله
في القاهرة في الرابع والعشرين من أغسطس1929، كانت البداية
خرج للحياة باعتباره الابن السادس لأب كان يعمل في التجارة، وهاجر إلى القاهرة عام 1927 وعاش في حي السكاكيني. وعندما توفيت والدته وهو في الرابعة من عمره أرسله والده إلى القدس وهناك بدأ وعيه يتفتح على أحداث ثورة 1936.
في عام 1937 عاد مرة أخرى إلى القاهرة ليعيش مع عائلته، ثم التحق بكلية الهندسة في جامعة الملك فؤاد (القاهرة حاليا) حيث تخصص في دراسة الهندسة المدنية وتخرج فيها عام 1951، وعمل بعدها في إحدى الشركات المصرية. وأثناء فترة دراسته كون رابطة الخريجين الفلسطينيين التي كانت محط اهتمام كبير من جانب وسائل الإعلام المصرية آنذاك، واشترك إلى جانب الجيش المصري في صد العدوان الثلاثي عام 1956.
تزوج ياسر عرفات في سن متأخرة من السيدة سهى الطويل وأنجب منها بنتا واحدة
وينتمي ياسر عرفات إلى جيل القوميين العرب الذي ظهر في الخمسينيات ولعب أدوارا مهمة في الستينيات والسبعينيات. وقد بدأ حياته في خنادق المقاومة للاحتلال الإسرائيلي وكان يرفض فكرة التفاوض مع الاحتلال شأنه في ذلك شأن بقية الفصائل الفلسطينية، ثم عاد والتزم المفاوضات سبيلا للتوصل إلى إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967. وأسفرت فترة التسعينيات عن اتفاقية أوسلو وإنشاء سلطة فلسطينية في بعض مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة
وفي سبتمبر2001 اندلعت انتفاضة الأقصى إثر زيارة أرييل شارون للمسجد الأقصى وحالة اليأس والإحباط التي عمت الشارع الفلسطيني من المفاوضات التي لم تحقق له حلم الدولة الفلسطينية واستعادة الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين. وبدا ياسر عرفات في أوائل عام 2002 مساندا للانتفاضة رغم تصريحاته المتكررة بإدانة العمليات التي تستهدف المدنيين من كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي
سافر ياسر عرفات إلى الكويت عام 1958 للعمل مهندساً، وهناك كون هو وصديقه خليل الوزير (أبو جهاد) عام 1965 خلية ثورية أطلق عليها اسم "فتح" وهي اختصار لحركة تحرير فلسطين، وأصدر مجلة تعبر عن هموم القضية الفلسطينية أطلق عليها اسم "فلسطينن وحاول منذ ذلك الوقت إكساب هذه الحركة صفة شرعية فاتصل بالقيادات العربية للاعتراف بها ودعمها، ونجح بالفعل في ذلك فأسس أول مكتب للحركة في الجزائر عام 1965 مارس عبره نشاطا دبلوماسيا
برز اسم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بقوة عام 1967 حينما قاد بعض العمليات الفدائية ضد إسرائيل عقب عدوان 1967 انطلاقاً من الأراضي الأردنية. وفي العام التالي اعترف به الرئيس المصري جمال عبد الناصر ممثلا للشعب الفلسطيني
انتخب المجلس الوطني الفلسطيني ياسر عرفات رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1969 التي تأسست عام 1964 خلفاً ليحيى حمودة، وبدأ مرحلة جديدة في حياته منذ ذلك الحين
ألقى عرفات خطابا تاريخيا هاما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 نوفمبر1974 أكد فيه أن القضية الفلسطينية تدخل ضمن القضايا العادلة للشعوب التي تعاني من الاستعمار والاضطهاد، واستعرض الممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وناشد ممثلي الحكومات والشعوب مساندة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والعودة إلى دياره. وفي ختام كلمته قال "إنني جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين
وقد قعت اشتباكات بين قوات المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني عام 1970 أسفرت عن سقوط ضحايا كثر من كلا الجانبين فيما عرف بأحداث "أيلول الأسود". وبعد وساطات عربية قررت المقاومة الفلسطينية في العام التالي برئاسة ياسر عرفات الخروج من الأردن لتحط الرحال مؤقتا في الأراضي اللبنانية
وقد شنت إسرائيل هجمات عنيفة على قواعد المقاومة الفلسطينية في لبنان في الفترة بين عامي 1978 و1982، فقد دمرت عام 1978 بعض قواعد المقاومة وأقامت شريطاً حدودياً بعمق يتراوح بين أربعة وستة كيلومترات أطلقت عليه اسم الحزام الأمني. ثم كان الاجتياح الكبير الذي احتلت به ثاني عاصمة عربية بعد القدس ودمرت أجزاء كبيرة من بيروت عام 1982، وفرض حصار لمدة عشرة أسابيع على المقاومة الفلسطينية، واضطر ياسر عرفات للموافقة على الخروج من لبنان تحت الحماية الدولية
وكانت المحطة الثالثة لأبو عمار والمقاومة الفلسطينية بعد عمان وبيروت في تونس بعيدا عن خطوط التماس، ورغم بعد المسافة بين تونس والأراضي الفلسطينية فإن يد جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) وصلت إلى أبرز العناصر الفاعلة في المنظمة، إذ اغتالت خليل الوزير (أبو جهاد) وصلاح خلف (أبو إياد). وتميزت تلك الفترة بمحاولات عرفات الدؤوبة للمحافظة على وحدة منظمة التحرير الفلسطينية
واتخذ المجلس الوطني الفلسطيني في نوفمبر1988 قراراً بقيام الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف استناداً إلى الحقوق التاريخية والجغرافية لفلسطين، وأعلن كذلك في العاصمة الجزائرية عن تشكيل حكومة مؤقتة
شهد عقد الثمانينيات تغيرات كبيرة في فكر المنظمة، فقد ألقى ياسر عرفات مرة أخرى خطابا شهيرا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1988 أعلن فيه اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بحق إسرائيل في الوجود، وأدان الإرهاب بكافة أشكاله، وأعلن عن مبادرة سلام فلسطينية تدعو إلى حق دول الشرق الأوسط بما فيها فلسطين وإسرائيل وجيرانها في العيش بسلام. وبعد هذا الإعلان توالت اعترافات العديد من دول العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة
وقد وافق المجلس المركزي الفلسطيني على تكليف ياسر عرفات رئاسة الدولة الفلسطينية المستقلة في أبريل1989، ولدفع عملية السلام أعلن عرفات أوائل عام 1990 أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص
وفي هذه الحرب أخذ أبو عمار ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1990 موقفا فُسر حينذاك بأنه مؤيد للعراق في غزوه للكويت، مما انعكس بصورة سلبية على القضية الفلسطينية، وكانت له عواقب وخيمة على العاملين الفلسطينيين في دول الخليج، وبالتالي على الانتفاضة الفلسطينية التي كانت مشتعلة في الأراضي المحتلة منذ عام 1987.
وبعد حرب الخليج ودخول العرب في مؤتمر مدريد للسلام وقع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين عام 1993 اتفاق أوسلو، وخلّف نتائج هامة على مسيرة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ تمخض هذا الاتفاق عن وجود كيان فلسطيني جديد على الأراضي الفلسطينية سمي بالسلطة الوطنية الفلسطينية. وكان أهم ما في اتفاق أوسلو إضافة إلى اعترافه بالدولة الإسرائيلية على الحدود التاريخية لفلسطين أنه أوجد شرعية جديدة للعملية التفاوضية.. شرعية تقوم على الاتفاقيات الثنائية وليس على القرارات الدولية الصادرة. وفي القاهرة وقع ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين عام 1994 على "اتفاق القاهرة" لتنفيذ الحكم الذاتي الفلسطيني في غزة وأريحا
وبعد 27 عاما قضاها ياسر عرفات في المنفى متنقلاً بين الدول العربية عاد إلى غزة رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية في يوليو1994.
وفي العام التالي (1994) حصل ياسر عرفات على جائزة نوبل للسلام بالاشتراك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين ووزير خارجيته شمعون بيريز
وقع عرفات بمدينة طابا المصرية في 24 سبتمبر1995 بالأحرف الأولى على اتفاق توسيع الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبعدها انتخب في 20 يناير1996 رئيساً لسلطة الحكم الذاتي في أول انتخابات عامة في فلسطين حيث حصل على نسبة 83%.
واستمر الزعيم الفلسطيني في المسيرة السلمية رغم تعنت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واستمرارها في بناء المستوطنات، وكان التوقيع على اتفاقية واي ريفر في الولايات المتحدة الأميركية في 23 أكتوبر1998.
ثم جرت مباحثات كامب ديفد الثانية التي عُقدت على أثرها في النصف الثاني من شهر يوليو2000 قمة ثلاثية جمعت عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في منتجع كامب ديفد لبحث القضايا العالقة مثل القدس والمستوطنات واللاجئين، وانتهت القمة بعد أسبوعين بالفشل لعدم التوصل إلى حل لمشكلة القدس وبعض القضايا الأخرى
أعلن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يوم الاثنين 8/1/2001 رفضه للمقترحات الأميركية التي قدمها الرئيس بيل كلينتون للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي تضمنت التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتحويل القدس إلى مدينة مفتوحة فيها عاصمتان واحدة لليهود والأخرى للفلسطينيين
وقد اندلعت انتفاضة الأقصى الحالية ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد الزيارة الاستفزازية التي قام بها أرييل شارون في ظل تنامي الحديث عن هيكل سليمان والحفريات التي تتم تحت المسجد الأقصى والخوف المتزايد من إلحاق الضرر به. وقد تعامل رئيس الوزراء الإٍسرائيلي السابق إيهود باراك بعنف مع هذه الانتفاضة ولم يستطع إخمادها، وفي عهد أرييل شارون -الذي اختاره الناخب الإسرائيلي لتحقيق الأمن بعد أن عجز باراك عن تحقيقه- استمرت عمليات الانتفاضة واستمرت القوات الإسرائيلية في محاولات قمعها بعنف أشد أدى إلى استشهاد أكثر من ألف فلسطيني ومقتل ما يزيد على 300 إسرائيلي، وفي كل ذلك كانت الحكومة الإسرائيلية تحمل السلطة الفلسطينية وياسر عرفات مسؤولية ما يحدث، وساءت علاقات أبو عمار بالولايات المتحدة الأميركية التي تبنت وجهة النظر الإسرائيلية بوصفه لم يتخذ ما يجب من إجراءات لوقف ما تسميه الإرهاب، وتعالت الأصوات داخل الحكومة الإسرائيلية الداعية إلى طرد عرفات أو تصفيته جسديا أو اعتقاله ومحاكمته
وقد حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقره الرئاسي في أواخر شهر مارس2002 عقب الاجتياح الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية، ثم سمحت له لاحقاً بالتحرك في نطاق ضيق داخل الضفة الغربية، ثم عادت مؤخراً وفرضت عليه الحصار مجدداً.وبعد نضال إستمر 74 عام من التعب والإرهاق والحروب بدأ الجواد يشعر بالتعب والإرهاق ويعانى متاعب ماقبل السقوط الأخير .قيل أنه مرض طبيعى ذلك الذى يعانيه عرفات
بعض الوكالات أشارت إلى أنه مجرد مرض معوى أصابه بقئ متكرر وهزال والبعض الآخر من قياداته قال أنه ورم خبيث فى الأمعاء فيما قال آخرين أن الأمر أخطر مما يتصور البعض حيث أنه قد تم حقنه بمادة سامة تسرى فى الجسم بشكل بطئ .. ولابد أنه سيلقى حتفه حتما ..وفى كل الأحوال يبقى السؤال
من سيخلف ياسر عرفات ؟
وماهى نتائج قدوم هذا الشخص مكان شخص مثل عرفات ؟
وهل يقبله الشعب الفلسطينى بسهولة ؟
وإذا قبله الشعب الفلسطينى ورفضته أمريكا وإسرائيل فأى طرف يكسب ؟
وهل سينجح ؟
الظروف كلها ستكون ضد هذا القادم خاصة مع الأحداث والتداعيات الراهنة .. وكاريزما عرفات ..إن صحة الرجل فى كل الأحوال لن تعبر به إلى أبعد من نهاية هذا العام وإختفاءه فى كل الأحوال سيحدث إرتباكا فى الساحة السياسية الفلسطينية لأسباب عديدة طرحها لنا أهمها أن المحدد الرئيسى للقيادة الفلسطينية هو إسرائيل والإدارة الأمريكية بينما حمل عرفات منذ 34 عاما المحدد العربى الرسمى إلى منصة القيادة الفلسطينية ومن هنا فعلى الجميع أن لاينتظر قائدا وطنيا إلا إذا أراد الموقف الدولى ذلك .ولأن بدائل عرفات أقل كفاءة ولأن الوضع العربى يعانى هزيمة وخط الحركة الوطنية الفلسطينية فى هبوط دائم فإن الوضع سيكون أكثر صعوبة بالنسبة للقادم أيضا .أنه وحسب القانون الأساسى الفلسطينى وهو بمثابة الدستور فإن رئيس المجلس التشريعى هو من يخلف رئيس السلطة فى حالة إختفاءه المفاجئ وهو هنا أحمد قريع " أبو علاء "وأحمد قريع صاحب تاريخ مشهور ومعروف وهو في السادس والستين من عمره، وقد ولد في أسرة عربية غنية قرب القدس وكان عضوا قديما محنكا في حركة فتح ويحظى بثقة كبيرة من عرفات. وفي تسعينات القرن الماضي ترأس قريع الوفد الفلسطيني باعتباره كبير المفاوضين الفلسطينيين للاشتراك في مفاوضات توقيع اتفاقية أوسلو-- اتفاقية السلام التاريخية بين الفلسطينيين واسرائيل ويعتبر أحد مهندسي هذه الاتفاقية ولعب دورا هاما في عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية. ومنذ عام 1996 يتولى قريع منصب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني.والمشكلة التى سوف يعانيها هنا أحمد قريع أنه سيعجز عن الإستمرار بفعل التوازنات داخل فتح نفسها فضلا عن التوازنات داخل الحركة الوطنية الفلسطينية برمتها .ومن هنا وقعت الترشيحات على شخص آخر مثل محمود عباس " أبو مازن " خلفا لعرفات
لكن السؤال الذى يطرح نفسه أيضا هل ينجح أبو مازن فى المهمة ؟
وهل سوف يستمر ؟
أبو مازن يتمتع باحترام واسع النطاق
وقد رشحه ياسر عرفات لمنصب رئيس الوزراء.ويعتبر محمود عباس ثاني أبرز المسؤولين الفلسطينيين بعد ياسر عرفات، وكونه كذلك فان لشخصيته أهمية رمزية بالنسبة لمعظم الفلسطينيين.ولد محمود عباس في صفد حين كانت فلسطين لا تزال تحت الانتداب البريطاني عام 1935، وهو أحد مؤسسي حركة فتح - الفصيل السياسي الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية - الذين لا يزالون على قيد الحياة.وكان أبو مازن المثقف ثقافة عالية، قد درس القانون في مصر قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه من جامعة روسية في موسكو، وله مؤلفات عديدة.ويعتبر أبو مازن هو المسؤول الفلسطيني الثاني بعد عرفات وقد ساهم خلال وجوده بالمنفى في قطر في أواخر الخمسينيات في تجنيد مجموعة من الفلسطينيين أصبحوا في السنوات اللاحقة شخصيات رئيسية في منظمة التحرير الفلسطينية.وقد أسس أبو مازن الى جانب ياسر عرفات حركة فتح، ورافقه الى المنفى في الاردن ولبنان وتونس. وفي السنوات الاولى لنشأة الحركة أصبح ابو مازن شخصية تحظى بالاحترام بسبب بساطة عيشه ونظافة سجله.وبقي أبو مازن على الدوام خلف الكواليس لكنه اقام أيضا شبكة اتصالات قوية مع قيادات عربية ورؤساء أجهزة الاستخبارات.وتمكن أبو مازن بفضل ذلك أن يتحول بنجاح الى سفير فلسطيني يجمع التبرعات لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقد تولى دورا امنيا هاما في مطلع السبعينيات قبل أن يعين مدير قسم العلاقات الوطنية والدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1980.وينظر الى أبو مازن على أنه شخصية معتدلة، وكان من بين القيادات الفلسطينية الرئيسية التي فتحت حوارا مع الجناح اليساري اليهودي والحركات الداعية الى السلام في اسرائيل خلال السنوات العصيبة في السبعينيات قبل أن تنطلق المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين
ويعتبر أبو مازن على نطاق واسع مهندس عملية اتفاقية اوسلو، ورافق ياسر عرفات في زيارته الى البيت الابيض عام 1993 للتوقيع على اتفاقية أوسلو
وبخصوص الانتفاضة الحالية دعا أبو مازن الى وقف الهجمات المسلحة على الاهداف الاسرائيلية حتى لا تجد اسرائيل ذرائع لتدمير آخر حصون الحكم الذاتي الفلسطيني
وطبقا لمحضر اجتماع مغلق لحركة فتح عقد نهاية العام الماضي قال أبو مازن في تصريحاته ان الوقت حان للبحث عن الذات
وقال أيضا " علينا أن نسأل أنفسنا، لا بضرب أنفسنا بل بمراجعة الاخطاء التي ارتكبناها والاتجاه الذي نسير فيه
وعلى ضوء أصوله من صفد في الجليل - التي أصبحت الآن شمال اسرائيل - يقال ان ابو مازن يحمل آراء متشددة بشأن عودة اللاجئين الفلسطينيين. وقد تولى أبو مازن قضية اللاجئين في السلطة الفلسطينية وبذل جهودا كبرى لتحقيق تقدم فيها
ويقول أبو مازن "ينبغي منح كل لاجئ فلسطيني حق العودة وعندها يتعين أن نناقش التفاصيل التي يجب أن يوافق عليها الطرفان وتكون مقبولة لديهما
وقد رشح الرئيس عرفات أبو مازن لمنصب رئيس وزراء حكومة انتقالية في حال تنحيه عن قيادة السلطة الفلسطينية
لكن مشكلة أبو مازن أنه شخصية غير جذابة ولا تتوفر على آلية سياسية خاصة بها لكن الظروف تؤكد وعبد القادر ياسين كذلك أن أبو مازن سيكون الخيار البديهي في أي انتخابات رئاسية بالنسبة لحركة فتح قيادة وقاعدة والتي من مصلحتها القصوى أن توحد صفوفها خلف مرشح واحد
دور هام
ويقول المحللون ان حركة فتح - التي لا تزال أقوى الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية - ستضطلع بدور هام في اختيار خلف للزعيم ياسر عرفات. فهي التي تسيطر على البنى الاساسية السياسية وهي القادرة على تعبئة انصارها
وسيمثل أبو مازن - كونه عضوا بارزا في القيادة الفلسطينية يتمتع باحترام، اقليميا ودوليا، كرجل دولة - استمرارية تنال قبول الاغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني
عامل حاسم
إن العامل الحاسم فى إختيار خلف عرفات ليس قبول الشعب الفلسطينى والإنتخابات فحسب بل هناك محددات أخرى مثل الدور المصرى والأمريكى والإسرائيلية .. والإعتراف سوف يقر من القاهرة برضاء أمريكى إسرائيلى وبالتالى فإن أى قادم خلفا لعرفات سيكون من السهل تماما الإنقلاب عليه وحدوث ثورة شعبية وحرب أهلية داخل السلطة الفلسطينية بسببه وبوادر ذلك ظهرت فى الشارع الفلسطينيى بالفعل
ويطرح بعض الخبراء إسم العقيد محمد دحلان كخلف لعرفات
ومحمد دحلان هو أساسا رئيس قوة الأمن الوقائي في غزة سابقا، وهو برتبة عقيد، وعضو في لجنة العلاقات بمنظمة التحرير الفلسطينية. من مواليد غزة عام 1961، ومن أسرة لاجئة
قائد سابق لحركة شبيبة فتح في الضفة الغربية
قضى خمس سنوات في السجون الإسرائيلية في الفترة من 1981-1986 قبل ترحيله إلى الأردن عام 1988.انضم بعد ذلك إلى منظمة التحرير في تونس حيث شارك في تنسيق الانتفاضة الأولى، ثم عاد إلى غزة عام 1994، ويعتقد أنه شارك في إعداد اتفاق في اجتماع بروما في يناير1994 مع مسؤولين من قوات الدفاع الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) لوضع خطة لاحتواء حركة المقاومة الإسلامية حماس، وهو عضو دائم في فريق التفاوض على القضايا الأمنية المتعلقة بإعادة الانتشار الإسرائيلي أثناء عملية أوسلو، وعلى عودة الفلسطينيين الذين طردوا بعد عام 1967، وعلى إطلاق سراح الأسرى
يتحدث العبرية بطلاقة، وقد حمله شارون مسؤولية الهجوم على حافلة للمستوطنين في غزة في نوفمبر2000 وشن هجوما على مكتبه وتوعده بالقتل
قدم استقالته في 5 نوفمبر2001 احتجاجا على سياسة السلطة الفلسطينية في القبض على أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد لكن عرفات رفض الاستقالة. وأصدر الرئيس الفلسطيني في سياق التغييرات في أجهزة السلطة مرسوما عين بموجبه العقيد محمد دحلان مستشاراً للأمن القومي، واستقال دحلان في وقت سابق من منصبه مديرا لجهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة
ويعتبر دحلان من الأعضاء المخضرمين في فريق التفاوض الفلسطيني
لكن مشكلة دحلان أن تاريخه ليس من القوة بحيث يعطيه حيثية الإستمرار فى مواجهة العواصف السياسية العاتية التى تحاصر القضية الفلسطينية من كل إتجاه . ومن ثم فإن الترشيحات إتجهت إلى شخص آخر وهو العميد جبريل الرجوب مسؤول الامن في الضفة الغربية
والرجوب من مواليد بلدة دورا قضاء الخليل عام 1953، ويعتبر من الشخصيات القوية في الضفة الغربية. قضى 17 عاما (1968-1985) في السجون الإسرائيلية لإلقائه قنبلة يدوية على سيارة عسكرية إسرائيلية. وخلال المدة التي قضاها في السجن درس اللغة العبرية والإنجليزية وقام بترجمة كتاب "الثورة" لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن إلى اللغة العربية، وكان من القائلين بأن الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني يكمن في إقامة دولتين منفصلتين
بعد إطلاق سراحه من السجن عام 1985 ضمن عملية لتبادل الأسرى تم ترحيله إلى لبنان عام 1988 ثم استقر به المقام في تونس.
عاد إلى الضفة الغربية بعد اتفاقات أوسلو عام 1994 حيث أصبح رئيس قوة الأمن الوقائي للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وكان يرمي إلى تحويل حركة فتح في الضفة الغربية إلى تنظيم أكثر تأييدا للسلطة الفلسطينية. وبصفته رئيس أكبر وأقوى جهاز شرطة سرية في الضفة الغربية، يدافع الرجوب عن الأمن الفلسطيني عن طريق السلام مع إسرائيل.
وقد علقت عضويته في المجلس الثوري لحركة فتح لمدة ثمانية أشهر من ديسمبر1997 عندما سرت شائعات قوية في نوفمبر1997 بأنه كان يخطط للسيطرة على الضفة الغربية إذا تدهورت الحالة الصحية للرئيس ياسر عرفات، وكان يعارض أي دور أردني في مستقبل الضفة الغربية.
اتهمه عرفات بالعصيان أثناء مشادة حامية على إخفاقه في منع بعض النشطاء الفلسطينيين من اقتحام سجن الخليل المركزي لإطلاق سراح بعض المعتقلين من قبل السلطة الفلسطينية.
وقد أقال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات جبريل الرجوب من منصبه وعينه محافظا لجنين، وعين مكانه العميد زهير مناصرة. وتأتي هذه التطورات في إطار حركة للتغييرات في صفوف المسؤولين الفلسطينيين.
واتهمت حركة المقاومة الإسلامية حماس جبريل الرجوب بأنه قام بتسليم المعتقلين في سجن مقر الأمن الوقائي المحاصر في بيتونيا للإسرائيليين وذلك في أوائل شهر أبريل2002، كما أنها كانت تتهمه أثناء قيادته لجهاز الأمن الوقائي بتعذيب المقاومين الفلسطينيين وتسليمهم للإسرائيليين.
وماسبق يمثل عقبة أمام إمكانيات إستمرار ونجاح الرجوب فى مهمته خلفا لعرفات .
شخصيات أخرى
وبعض المفكرين رشح شخصيات أخرى مثل مروان البرغوثي قائد تنظيم فتح, وأحد منظمي الانتفاضة الاولى بالإضافة إلى شخصية مفاجأة وهى سهى عرفات .. ولديه الحيثيات حيث يؤكد بأن أموال منظمة التحرير الفلسطينية مكتوبه ومسجله باسم عرفات بشخصه وبالتالى فإن من سيرث هذه الأموال هى زوجته وإبنته زهوة وبالتالى سيكتشف القياديين الفلسطينين أنه من مصلحتهم قيام السيدة سهىعرفات بإدارة دفة الأمور خلفا لعرفات لحسابات مالية تخص المنظمة
أما عن مروان البرغوثى فإن البعض يطرح حيثيات لترشيحه هو الآخر خلفا لعرفات فى حالة عدم نجاح سهى عرفات فى قيادة الأمور وإختيارها خلفا لزوجها فالبرغوثى من مواليد 6/6/1958 في رام الله. وهو أحد مؤسسي الشبيبة الطلابية في الضفة الغربية، وترأس حركتها في جامعة بيرزيت في بداية الثمانينيات، ورئيسا لاتحاد الطلاب. حاصل على بكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية من الجامعة نفسها ثم الماجستير في العلاقات الدولية
بدأ البرغوثي نشاطه في سن مبكرة فمنذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره استدعي للتحقيق مراراً من قبل المخابرات الإسرائيلية، وكان في المدرسة يقود المسيرات والاعتصامات الطلابية، وكان أول اعتقال رسمي له وهو في الخامسة عشرة من عمره حيث وجهت له تهمة صناعة المتفجرات وحكم عليه بالسجن أربع سنوات. وبعد خروجه من المعتقل والتحاقه بجامعة بيرزيت أصبح مسؤول حركة الشبيبة الطلابية، ومن ثم انتخب رئيسا لمجلس الطلبة في العامين 1984 و1985. وفي عام 1987 مع اندلاع انتفاضة الأقصى الأولى كان البرغوثي من قادة المظاهرات في جامعة بيرزيت فاعتقل في ذات العام ونفي إلى الأردن ومن ثم إلى تونس
بعد عام من التوقيع على اتفاق أوسلو عاد البرغوثي إلى بلدته كوبر، وبدأ نشاطه السياسي حتى أصبح من أشد المروجين لأوسلو وفي مقدمة مطبعي اتفاقيات السلام فبدأ بالتقرب من اليسار الإسرائيلي ومجموعات السلام المختلفة بالدولة العبرية
وكعضو في حركة فتح يؤكد البرغوثي على الأهداف السياسية وإستراتيجيات التنظيم، ويؤمن بأن المفاوضات يجب أن تستند إلى اتفاقات السلام، ويرفض تماماً سياسة تهويد القدس والاستيطان اليهودي، ويعتبر المستوطنات بؤرا إرهابية يجب على الفلسطينيين محاربتها، ويرفض اعتبار أبو ديس عاصمة للقدس.
أصبح البرغوثي عضوا مستقلا في اللجنة المركزية لمنظمة التحرير، وقد عمل عرفات على عدم وضعه على قائمة المرشحين في المجلس المحلي الفلسطيني، لكنه فاز بمقعد مستقل في رام الله
وهو على علاقة جيدة بالجماعات الإسلامية، كما أنه يعتبر من المنتقدين لمركزية السلطة في شخصية الرئيس عرفات وقضايا الفساد المالي بين مسؤولي عرفات
طالبت السلطات الإسرائيلية بتسليمه وحاولت اغتياله في 4 أغسطس 2001. ويعتبر البرغوثي أي فلسطيني يساوم على حدود 1967 خائنا وأن هذا من شأنه تدمير الشعب الفلسطيني. وهو أحد قياديي انتفاضة الأقصى التي انطلقت شرارتها في سبتمبر2000 ويؤكد من خلالها على ضرورة التوصل إلى حل عادل ونهائي ضمن بنود قرارات الأمم المتحدة
وكان البرغوثي يؤكد حاجة عملية السلام إلى راع آخر غير الولايات المتحدة لانحيازها الكامل طوال عشر سنين إلى جانب إسرائيل
وبعد نجاحه بالاختفاء لمدة ثلاثة أسابيع اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 15 أبريل 2002، وذلك عقب اجتياحها الأخير لرام الله ومناطق السلطة، وما زال يخضع للمحاكمة حيث تتهمه السلطات الإسرائيلية بالتخطيط لهجمات فدائية قام بها فلسطينيون إبان انتفاضة الأقصى كما تتهمه بقيادة كتائب الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، الأمر الذي ينفيه البرغوثي ويقول إنه زعيم سياسي يقاوم الاحتلال الإسرائيلي
قائد غير عادى
مايصعب من مهمة إختيار خلف عرفات أنه كان ولايزال قائدا لواحدة من أهم وأكبر حركات التحرر في التاريخ الحديث، بوصفها تخوض في بحر قضية لعلها الأكثر تعقيدا لكثرة ما تتداخل فيها الأبعاد العربية والإسلامية والإقليمية والدولية، فضلا عما تطرحه من قضايا ذات صلة بالتاريخ والعقائد
هذه القضية المعقدة تصدرها لعقود رجل لا بد من الاعتراف بأنه استثنائي في قدراته،
وتكمن أهمية وخطورة ياسر عرفات أنه ضع يده منذ البداية على أسرار القوة داخل حركته (فتح) ومعها منظمة التحرير، وفي المحيط الذي يلعب فيه، فقد جعل من نفسه نقطة التقاء الفرقاء داخل (فتح) وبالتالي منظمة التحرير، من يسار الحركة مثل (جماعة السوفيات) وسواهم من الألوان الأخرى داخل معسكر اليسار، إلى يمينها بلونه الديني، إلى يمينها الآخر والأقرب إلى الليبرالية والتحاور مع الغرب واليهود في آن معا.
وكان هؤلاء جميعا يتطاحنون فيما بينهم وكان حكمهم ومرجعهم في النهاية هو عرفات، لأنه شيخ القبيلة أولا، ولأنه مالك مفاتيح القوة الأخرى، وعلى رأسها المال والسلاح، فالمال هو الحاجة اليومية للجميع أشخاصا ومجموعات والقوة والسلاح هما الحكم الآخر في النزاعات، وجميع العسكر من قادة المجموعات لا بد لهم من صلة ما معه، كي يواصلوا فعلهم.
بيد أن سر القوة الأكثر أهمية الذي وضع عرفات يده عليه هو ذلك المتصل بالعلاقة مع مصر الدولة العربية الأكبر والأهم، فمنذ اللحظة الأولى وضع عرفات يده في يد القيادة المصرية من عبد الناصر، إلى السادات وصولا إلى حسني مبارك، ولذلك وفرت له القاهرة الحماية من الإسرائيليين، ومن الفرقاء العرب الآخرين سيما قيادة معسكر المعارضة في دمشق. مشيرا إلى أن غياب عرفات سيؤدى إلى إحدى نتيجتان :
إما إحلال شخصية موالية للكيان الصهيوني محل عرفات وتقوم بما يطلب منها بشأن المقاومة مما يؤدي إلى صراع فلسطيني - فلسطيني قد يصل إلى حرب أهلية ، وأما حدوث فوضى في صفوف قيادة منظمة التحرير وحركة فتح وصراع على السلطة تودي إلى انقسام ومع وجود أجهزة أمنية متعددة قد يتطور الصراع إلى اقتتال وامتداده إلى الفصائل المختلفة
الثاني : حدوث فوضى على المستوى الجماهيري ، وفي صفوف المقاومة سواء ليحرص من يخلف عرفات على نزع أسلحة المقاومة ولحدوث فوضى على مستوى السلطة ، وفي حالة مثل ذلك فإنه سيعمل بالضرورة على إضعاف الشعب الفلسطيني وربما حدوث هجرة ولجوء وحينئذ تكون الدعوة للاحتلال ليعود إلى ما كان عليه قبل أوسلو من جهة ومن جهة أخرى التمكن من القيام بحرب إبادة أوسع لا سيما في ظل الفوضى المتوقعة
من الأرشيف القديم لجريدة شباب مصر الإلكترونية
إضغط هنا لقراءة أصل المقال الموجود حتى الآن على الإنترنت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.