أصبح الجلوس متلازمة تصاحبك أينما كنت، تجلس في العمل وفي "الكافيهات" مع أصدقائك، ومع عائلتك في المنزل، تجلس عند الطبيب تنتظر دورك، أينما ذهبت ينتهي بك المطاف للجلوس على مقعد، حتى أصبحت المقاعد منفرة عند البعض وغالبا ما دائما يرددون "ياعم، مانا قاعد طول اليوم"، حالة واحدة يصبح فيها "المقعد" أمنية، عندما تنوي استقلال "المترو"، بخاصة وقت الصباح وفي أوقات الذروة. عشرات البشر يصطفون على أرصفة المحطات، وبمجرد لمحهم لقدوم المترو، تتطلع آمالهم وتزيد خيالاتهم ويحلمون بركن صغير يظفرون به وسط هذا العدد المهول من الركاب، أو حتى وسط هدوء وخلاء بين طرقات عربات المترو، إلا أن جميعها "طموحات وأماني" تتهدم بمجرد فتح المترو لأبوابه، وسط تدافع الركاب لتحقيق حلمهم وكأنهم يلتقطون "بوكيه ورد" العروس في حفل زفاف، ولا يسعك في النهاية سوى الوقوف مغلوبا على أمرك. لا تحزن، ابتسم، فإن وقوفك فرصة تحمل مميزات عديدة إذا تعمقت في الأمر في أحد المرات، بدلا من وقوفك مشغول البال تنتظر بلهفة خلو أحد الأماكن واصطيادها كفريسة من أفواه كثيرين. 1. سترحم من بضاعة باعة المترو، التي تقذف عليك من حيث لا تتوقع، وتضطر في بعض الأحيان للانحناء لالتقطها إذا سقطت سهوا. 2. لن تشعر بأعين الجميع تنظر لك تحسدك على جلوسك، وتنتظر فرصة نزولك لتظفر بمكانك، فوقوفك لن يحملك مشاعر حقد الآخرين. 3. ستغير مكانك بسهولة إذا لم يعجبك وجهتك، أو إذا اشتممت رائحة عرق أحدهم، أو بدأ في تناول طعام أو "طرقعة لبان" أو "قزقزة لب" بطريقة تستفزك، أما الجالس فلن يضحي بمكانه بسهولة، وسيضطر لتحمل كل هذه الضغوط، أما أنت فلا مقعد لديك لتخسره. 4. لن تضطر لتحمّل حركة من يجلس بجانبك باستمرار، بل يمكنك التحرك أينما رغبت تفاديا للاحتكاك بالآخرين. 5. لن تحمل حقائب أو أطفال أو أشياء تخص الآخرين نظير جلوسك، وكأنه واجبا عليك تأديته مادامت جالسا والأخرون يقفون، بل سنحت لك الفرصة الآن لتحملهم ما حملته أياما كثيرة. 6. لن تضطر لسماع "حكاوي" من يتحدث بالهاتف بجانبك طوال الطريق. 7. لن تحمل هم طوال الطريق سرقة هاتفك أو الحقيبة أو مشغولات ذهبية أو شد شعر، نتيجة جلوسك بجوار نافذة المترو، في حين تقف بأمان وسط طرقات المترو. 8. لن تتحمل قلة الهواء إذا كنت تجلس على مقعد منزوٍ، أو وسط حشد من الناس، أما وقوفك يمكنك من الوقوف أمام نافذة أو بالقرب من الباب لاستنشاق الهواء. 9. لن تضطر لتحمل مشاعر الإحباط نتيجة جلوسك أخيرا، ثم قيامك لأحد المسنين أو المرضى، أو لن تشعر بالإحراج عندما يطلب منك أحدهم أن تُجلسه هو أو غيره. 10. عندما تختار الوقوف يكون قرارا باختيارك وإرادتك، لا ترغم عليه نتيجة الزحام والتدافع. 11. لن تضطر للانحناء يمينا ويسارا إذا كنت لا تعرف المحطة المفترض نزولك فيها، وخوفا منك أن تقوم ويجلس آخر مكانك، أما وقوفك فيتيح لك معرفة ذلك بكل سهولة. 12. لن تشعر بالضيق عندما يقتحم من يجلس جوارك مساحتك الشخصية، وينظر بتركيز شديد لهاتفك أو ما تقرأه، بل يمكنك الابتعاد عنه دون إحراجه. 13. الوقوف يجنبك "رغي" بعض الأشخاص الاجتماعيين "بزيادة"، أو كبار السن ممن يريدون "الونس" أو المكتئبين ويريدون "الفضفضة"، بخاصة إذا كنت في حالة لا تسمح لك بسماع الآخرين. 14. وقوفك يسمح لك النزول باسترخاء من المترو، إذا صادفت شخصا لا ترغب مقابلته، أو وجدت مشاجرة أزعجتك، أما إذا كنت جالسا فستتكبد عناء وجود مقعد آخر. 15. رغبتك في عدم الجلوس تجعلك تنتظر المترو دون قلق، وتدع الجميع يتدافعون ويتصادمون ويتشاجرون، ثم تصعد أنت بعدها لا يشغلك سوى الوقوف بأريحية. 16. وقوفك يجنبك الوقوع نتيجة إمساكك بالمقابض العلوية، في حين الجلوس يعرضك لوقوع الآخرين عليك في أي حركة مفاجئة للمترو نتيجة "قصورهم الذاتي". 17. الوقوف يجعلك تقرأ الجرائد وتقلب صفحاتها بحرية دون إزعاج الآخرين، أو دون أن يشعرك من يجلس بجانبك بتأفف. 18. الجلوس يعرضك لتحمل قيء من يجلس بجانبك رغما عنك، في حين يمكنك الابتعاد بسهولة إذا كنت واقفا. 19. الوقوف يجنبك مضايقات الأطفال ممن ينتشلون الهواتف أو الإكسسوارات أو جذب الشعر من الشباك. 20. الوقوف يساعدك على الحفاظ على نشاطك، في حين يكسبك الجلوس الخمول والكسل. سبب يجعلك تفكر كم أنت محظوظ بوقوفك في المترو، وكم ضيعت من الوقت انشغالا ب "هل سيحالفك الحظ وتجد مقعدا"، وإذا جلست يشغلك بالك هل ستكمل لنهاية مشوارك جالسا أم ستضطر للوقوف لأحدهم، ميزات تجعلك تختار قرار الوقوف بإرادتك لا رغما عنك كما يحدث في كل مرة.