وزير السياحة والآثار:: إيرادات القطاع بلغت 4.3 مليار دولار خلال الربع الأول من 2024    شيخ الأزهر يعزي شعب إيران بوفاة رئيسي    اللجنة الأولمبية المصرية: ننافس في 22 لعبة بأولمبياد باريس 2024    تشافي ولابورتا.. تأجيل الاجتماع الحاسم في برشلونة    «التعليم» تتيح خدمة جديدة للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة 2024    جمعهما الموت والاسم والإسكندرية.. مفارقات غريبة في حياة سمير صبري وسمير غانم    «الرعاية الصحية»: لدينا منشآت معتمدة وتطبق معايير الجودة في 18 محافظة    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    جامعة القناة يؤكد على ضرورة الالتزام بضوابط الامتحانات والتواجد ومتابعة سير العملية الامتحانية    اليوم.. مصر تواجه بوروندي في بطولة أمم أفريقيا للساق الواحدة    تنفيذاً لمبادرة "وياك".. حياة كريمة توزع 1228 هدية على طلاب جامعة بني سويف    تأجيل محاكمة «طبيب الإجهاض» بالجيزة    الحبس 3 سنوات لعاطل بتهمة النصب على المواطنين في الأميرية    نائب رئيس نادى السيارات: مسيرات للدراجات النارية ومسابقات سيارات بالعلمين أغسطس 2024    طلب إحاطة بشأن تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    وزير خارجية إيطاليا: حادث تحطم مروحية رئيس إيران لن يزيد التوتر بالشرق الأوسط    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    غرة شهر ذى الحجة الجمعة 7 يونيو ووقفة عرفات 15 / 6 وعيد الأضحى 16/ 6    مصرع شابين في حادث تصادم بالشرقية    تحرير 142 مخالفة ضد مخابز لارتكاب مخالفات إنتاج خبز بأسوان    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    «ست أسطورة».. سمير غانم يتحدث عن دلال عبد العزيز قبل وفاتهما    ستاكس باورز تبيع عملات نادرة ب 23 مليون دولار في مزاد هونج كونج    إكسترا نيوز تعرض تقريرا عن محمد مخبر المكلف بمهام الرئيس الإيرانى.. فيديو    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    محمد ثروت يوجه رسالة رثاء ل سمير غانم في ذكرى وفاته    عمر الشناوي: فخور بالعمل في مسلسل "الاختيار" وهذه علاقتي بالسوشيال ميديا    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    الأربعاء.. انطلاق أعمال الاجتماعات السنوية للهيئات المالية العربية بالعاصمة الإدارية الجديدة    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    مجلس النواب يوافق نهائيًّا على مشروع قانون المنشآت الصحية -تفاصيل    موجة الحر.. اعرف العلامات الشائعة لضربة الشمس وطرق الوقاية منها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    مصرع عامل على يد عاطل أثناء اعتراضه على سرقة منزله في قنا    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    تشاهدون اليوم.. بولونيا يستضيف يوفنتوس والمصري يواجه إنبى    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    السوداني يؤكد تضامن العراق مع إيران بوفاة رئيسها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    أول صورة لحطام مروحية الرئيس الإيراني    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي هامش معركة إغلاق السناتر وتجريم الدروس الخصوصية.. مجانية التعليم ..الحقيقة أم السراب؟
نشر في بوابة الشباب يوم 28 - 01 - 2019

أسعارالسناتر تبدأ من 120 جنيهاً فى الأحياء الراقية .. و60 جنيها في الأحياء الشعبية
السنتر يضم أكثر من 500 طالب وفى المراجعة النهائية تتضاعف الأعداد لتصل إلى 3 آلاف طالب
تواطؤ مديرى المدارس وأمن الإدارات التعليمية مع المدرسين يعرقل مهمة إغلاق مراكز الدروس الخصوصية
خطة بإعادة ترخيص مراكز الدروس الخصوصية أو إلحاقها بالمدرسة
قريبا ..غرامة تبدأ من خمسة آلاف جنيه وتصل إلى خمسين ألف جنيه على كل من يعطى درسا خصوصيا في سنتر تعليمى
النائب فايز بركات: الهدف من محاربة الدروس الخصوصية هو عودة المدرسة لمكانتها الطبيعية
الدكتور عادل عامر: التجريم وحده لا يكفى!
الدكتور حسن شحاتة : التعليم الحالى للامتحان وليس للحياة .. والمنظومة الجديدة هدفها نسف مثلث التخلف !
الصيغ الجديدة من المدارس الحديثة لا يحتاج فيها الطالب لدرس خصوصي .. اليابانية نموذجا !
الأسر المصرية المتوسطة تتحايل على تكاليف الدروس الخصوصية بالجمعيات والقروض والسلف !
التعليم كالماء والهواء .. يظل هذا الشعار، الذي أطلقه طه حسين، خالدا ليؤكد على حق أصيل من حقوق الإنسان، ففي ظل هذا الشعار كان التعليم ولا يزال مجانيا "رسمياً"، لكن "فعلياً" الواقع صادم وكلنا نعيشه..في ضوء ذلك تسعى الدولة لعمل منظومة تعليمية جديدة ينتهي منها كابوس الدروس الخصوصية وإغلاق السناتر الخاصة أو على الأقل إعادة ترخيصها وتأسيسها بمقتضى القانون بحيث يكون للدولة وجود فاعل بها بعد أن أصبحت تقدم تعلميا موازيا بعيدا عن إشراف وزارة التربية والتعليم، ولأول مرة منذ عقود يجري الآن العمل على قدم وساق لإصدار قانون رسمي بتجريم الدروس الخصوصية ووضع عقوبات وغرامات رادعة للمدرسين المخالفين.. وفي ظل التبشير بمنظومة التعليم الجديدة تبرز الكثير من التساؤلات من وحي الأزمة الراهنة، وهي: لماذا قررت الدولة فجأة إغلاق سناتر الدروس الخصوصية وما هو البديل المتاح أمام الطلاب؟ وما هي العقوبات الرادعة التي تضمنها مشروع قانون تجريم الدروس الخصوصية وهل سيصل الأمر للحبس؟ كيف يتم إعادة صياغة مجانية التعليم بحيث يصبح التعليم بالمدارس مجانيا بالفعل؟ ومتى تتوسع الدولة في الصيغ الجديدة من التعليم كالمدارس اليابانية التي لا يحتاج فيها الطالب لدرس خصوصي؟ التفاصيل في سطور الملف التالي:
إغلاق السناتر
فى ظل سعى الدولة الحثيث هذه الأيام للنهوض بالتعليم خاصة المرحلة الثانوية بعد تطبيق نظام "التابلت" كخطوة أولى فى هذا الإطار وللقضاء على جرثومة الدروس الخصوصية التى أصبحت كابوسا مخيفا للأسر المصرية حيث الإنفاق الشديد لحصول أبنائهم على هذا الدواء المر مما يكلفهم أكثر من 30 مليار جنيه سنويا ..
دون أن تستفيد الدولة شيئا من هذه الأموال الطائلة مما جعل القائمين على التعليم يفكرون فى إيجاد طريقة تنهى فيروس الدروس الخصوصية بإصدار قانون يجرم هذه الدروس للأبد وهو ما يناقش الآن تحت قبة البرلمان لإخراجه للنور قريبا و لغلق هذه السناتر التى انتشرت فى القاهرة الكبرى بشكل فظيع وبأسعار خيالية تصل فى بعض المناطق مثل مصر الجديدة من 120 إلى 150 جنيهاً للحصة الواحدة وفى سنتر يسع أكثر من ألف طالب إن لم يكن أكثر فى حصص المراجعة النهائية التى يلجأ فيها بعض المعلمين إلى قاعات المسارح والألعاب الرياضية ومراكز الشباب لاستيعاب آلاف
الطلبة.."الشباب"استطلعت آراء بعض كبار المعلمين الذين لايزالون فى المطبخ التعليمى لمعرفة موقفهم من إغلاق السناتر، يقول سعيد الهوا مدرس بالتعليم الثانوي : غلق السنا تر في أيدي مدير الإدارة التعليمية ومدير المدرسة والمحافظ لأن أكثر من 50% من المدرسين العاملين بالسناتر فى قبضة الإدارة وبالتالي فى استطاعتهم السيطرة عليهم داخل المدارس ومراقبتهم والتبليغ عنهم واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم وهذه مسئولية مدير المدرسة الذى يجب عليه الابلاغ عنهم، والبقية إما قدموا استقالاتهم أو من المحالين للمعاش أو من الذين ينتحلون صفة معلم ..ويقترح "الهوا" أن تصبح السناتر داخل المدارس حتى تصبح تحت اشراف كامل من الوزارة على أن توفر قاعات محترمة للتدريس ليس أقل من السنا ترويمكن أن تنجح فكرة السناتر بالمدرسة اذا شعر المدرس بتحسن كبير فى دخله لانه سيدخل الفصل مستريحا نفسيا ويخلص فى عمله..وبخصوص رجوع الطلبة للمدارس من جديد خاصة طلبة الثانوية العامة والشهادة الاعدادية يقترح ضرورة تفعيل منظومة الغياب والمواد التى لاتضاف للمجموع مثل مادة الإحصاء والاقتصاد والتربية الوطنية..
وعن أسعار السناتر يقول: تتراوح الأسعار من 120 الى 150جنيها فى مناطق مصر الجديدة والمهندسين والزمالك أما فى مناطق ارض اللواء وامبابة وبولاق الدكرور فتتراوح الحصة ما بين 50 و60 جنيها ويضم السنتر أكثر من 500 طالب، وفى المناطق الراقية يقل العدد ليصل مابين 100 الى 200 طالب. و ويؤكد الهوا أن هناك نقطة جوهرية و مهمة جدا تعرقل غلق السناتر الآن وهى تواطؤ مديرى المدارس وأمن الادارات التعليمية مع المدرسين والسماح لهم بالخروج مبكرا من مدارسهم لإعطاء دروس خصوصية بهذه السناتر التى توجد للاسف بالقرب من معظم المدارس والعودة من جديد الى المدرسة ليوقعوا فى دفتر الحضور والانصراف بخلاف الهدايا العينية التى يقدمها المدرسون لمدير المدرسة والادارة.
ويشير جمال شعبان الخبير التربوى بإدارة مصر الجديدة للتعليم الثانوى إلى أن مسألة غلق السناتر هذا العام مسألة صعبة للغاية ونحن فى قلب العام الدراسى لأننا لم نوفر البديل داخل المدرسة بشكل صحيح من حيث القاعات المعدة بشكل جيد وتوفير المدرسين الأكفاء، فنحن نحتاج لشىء من التنظيم ووضع خطة وتصور واضح حتى يمكن أن يقتنع الطالب وولى الأمر بهذا المنظومة الجديدة، بالإضافة لعدم وجود فصول كافية للطلبة وهذا يقودنا إلى المطالبة ببناء فصول أكثر لاستيعاب الطلاب وهذا ما نادى به الرئيس عبد الفتاح السيسى أثناء منتدى الشباب بشرم الشيخ .. وأرى أن غلق السناتر يجب أن يكون من العام المقبل على أن نبدأ بالصف الثالث الثانوى ويتم اعداد المعلمين الاكفاء على ان يكونوا تحت أعين الوزارة والمدرسة والادارة ويتم تقنين النواحى المادية. أما بالنسبة لأسعار السنا تر
فيؤكد شعبان أنها تختلف من مادة لأخرى فالمواد الأدبية مثلا بمنطقة مصر الجديدة تبدأ من 80 إلى 100 جنيه للحصة الواحدة والعلمية من 100 إلى 120 إلي جانب 10 جنيهات رسم دخول، والأعداد تتراوح ما بين 400 إلى 500 طالب للمواد العلمية وطبعا هذه الأرقام تتضاعف فى حصص المراجعة النهائية والتى تصل الى 3 آلاف طالب ويلجأ المدرسون إلى أماكن أوسع مثل مراكز الشباب والقاعات الكبيرة بالنوادي، والحقيقة أن وجود السناتر وانتشارها بهذا الحجم أمر فى غاية الخطورة خاصة أن معظمها يسمح بالاختلاط بين الطلاب والطالبات ومع غياب الاشراف والتوعية بمخاطر ذلك فإنه من الممكن أن تحدث أشياء منافية للدين والأخلاق ..
وبعد ان تتم عملية غلق السناتر يجب أن تضطلع المدرسة بدورها من حيث تحفيز المعلمين ماديا مع تحصيل نسبة من المجموعات لتحسين معاش المعلم وجزء كبير للمدرس وجزء طبعا لتنمية موارد الدولة .. وأخيرا يؤكد شعبان على ضرورة غلق السنا تر بدءا من المرحلة الابتدائية والاعدادية حتى لايتعود الطلاب منذ نعومة أظافرهم على جرثومة الدروس الخصوصية.
إمسك مدرس خصوصى!
أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني أنها انتهت من إعداد مشروع قانون تجريم الدروس الخصوصية، ولأول مرة يتضمن القانون عقوبات وغرامات واضحة، كما اعتبر القانون الدروس الخصوصية جريمة يعقاب عليها من يقوم بارتكابها.. ووفقا لما أعلنته مواقع صحفية عديدة نقلا عن مسئولين بالوزارة، فإن مشروع القانون يتضمن 4 مواد، حيث ذكرت المادة الأولى أنه": يعاقب بالغرامة التى لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه كل من أعطى درسا خصوصيا فى مركز أو سنتر تعليمى أو فى مكان مفتوح للجمهور بصفة عامة وذكرت المادة الثانية أنه فى حالة العودة لتكرار نفس الفعل فإنه يعاقب المدرس المخالف بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات.
كما أكد المشروع على أنه يعاقب بالغرامة التى لا تقل عن 5 آلاف ولا تزيد عن 50 ألفا والحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 3 سنوات، كل من ساهم أواشترك بأية وسيلة فى ارتكاب تلك الجريمة وفى جميع الأحوال يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة محل الجريمة وأوضح مشروع قانون تجريم الدروس الخصوصية أن تلك العقوبات الواردة جاءت بعد الإطلاع على قانون الإجراءات الجنائية وقانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته وقانون التعليم رقم 139 لسنة 1981، وقانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، وقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016.
ومن جانبه قال النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، في بيان صحفي، أن نجاح قانون تجريم الدروس الخصوصية، مرهون بتكاتف الحكومة وأولياء الأمور معا للقضاء علي هذه الظاهرة، وتوفير ميزانية الأسرة التى تنفقها على الدروس الخصوصية وتوجيهها إلى تعليم أبنائهم عن طريق توفير المراجع والأدوات والأجهزة اللازمة لتعلمهم فى المدرسة وإحداث تغيير جذري في المناهج وطرق التدريس والتقويم بالإضافة الي زيادة أجور المعلمين وتحسين مستوي معيشتهم. وأكد النائب أن تطبيق العقوبات القانونية والغرامات بالتوازي مع التعافي الاقتصادي للمعلم ووعي أولياء الأمور بأهمية ذهاب الطلاب للمدرسة وممارسة الأنشطة المدرسية سيقضي علي ظاهرة الدروس الخصوصية تماما، ويعمل علي ارتقاء مستوي التعليم بالمدارس من خلال انتظام حضور الطلاب والمعلمين والحفاظ علي مكانة ودور المعلم وغلق ما يسمي بالسناتر أو مراكز الدروس الخصوصوية مما يعيد للمدرسة مكانتها الحقيقية.
ورغم ما جاء بالقانون من عقوبات إلا أن بعض الخبراء يرون أن التجريم وحده لا يكفي، حيث يقول الدكتور عادل عامر الخبير القانون ورئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، أن المشكلة ليست في المدرسين وحدهم، وإنما في المنظومة التعليمية القائمة ومنظومة المجتمع نفسه، فقد بدأت هذه الظاهرة في الخمسينات والستينات واستفحلت خلال العقود الأخيرة، ولن تزول بالتجريم، فالقانون لن يقضي على الظاهرة لأن المجتمع نفسه هو الذي يدفع بأبنائه لتلقي الدروس الخصوصية نظرا لغياب دور المدرسة الحقيقي، ومن ثم فإن المجتمع نفسه هو الذي يجب أن يرفض ولن يتحقق ذلك إلا إذا رأى البديل الناجح.
ومن جانب آخر فإن اللجوء للدروس الخصوصية يعني عدم وجود مدرسة أو مناخ تدريسي ملائم بالمدارس فيضطر ولي الأمر لإعطاء درس خصوصي لابنه سواء في البيت أو في أحد السناتر، ومن هنا فإذا توافرت المدرسة الحديثة وطرق التدريس الجادة، وإذا التزم المدرس بالحضور للفصل فإنه لن نكون في حاجة للدروس الخصوصية، وبالتالي فعندما يتوفر هذا المناخ يكون القانون قادرا على تحقيق أهدافه، فالتجريم في ظل المنظومة الحالية ربما يقضي على جوانب من الظاهرة، وربما يعاقب بعض المدرسين لكن هناك آخرين سينجحون في الإفلات من الوقوع تحت طائلة العقاب.
وأضاف عامر أنه ربما يكون المقصود أيضا من تجريم الدروس الخصوصية وإغلاق السناتر أن يتم إخضاع هذا النشاط لرقابة وإشراف الدولة، وأن تدفع السناتر في حالة ترخيصها ما عليها من ضرائب مستحقة لدى الدولة، لأنها لا تدفع ضرائب تجارية، أيضا الدولة لا تعلم شيئا عما يدور في هذه السناتر ومن ثم فنحن نتحدث عن تعليم موازى غير خاضع للرقابة.
سراب المجانية
على مدار الأيام الماضية، أثيرت نقاشات عاصفة حول مجانية التعليم، في أعقاب تصريحات الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم حول ضرورة إعادة النظر في شكل المجانية الحالي خاصة وأنها لا تحقق العدالة الاجتماعية، وهي التصريحات التي دفعت الحكومة لنفي الشائعات التي أثيرت حول التفكير في إلغاء التعليم المجاني، لكن الذي يسترعى الانتباه فعلا، أن هناك تخطيطاً حقيقياً لإعادة صياغة مجانية التعليم وليس إلغاؤها باعتبارها حقا دستوريا أصيلا، فكيف ستقوم الدولة بهذه الخطوة ؟
يقول الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي المعروف وأستاذ طرق التدريس والمناهج بكلية التربية، جامعة عين شمس: الدستور ينص على أن التعليم مجاني في جميع مراحله، بصرف النظر عن النوع أو الدين أو العرق، لكن الدولة غير قادرة على إتاحة تعليم جيد لأنها تنفق حوالي 80 مليار جنيه سنويا يذهب90% منها لدفع رواتب وأجور متدنية للمدرسين والإداريين، ومن ثم فإن الوضع الحالي للتعليم يحكمه مثلث التخلف القائم على الحفظ والتلقين واسترجاع المعلومات، أي أن التعليم أصبح للامتحان وليس للحياة، وفي ظل هذا النظام كان من الطبيعي أن تستفحل ظاهرة الدروس الخصوصية وأن ينفق أولياء الأمور ما لا يقل عن 30 مليار جنيه سنويا من جيوبهم لتعليم أبنائهم، ومن ثم فإنه لا توجد مجانية حقيقية في التعليم خاصة وأن النظام الحالي لا يحقق تعليما جيدا.. ومن هنا كانت هناك حاجة ماسة لنسف هذا النظام التعليمي ووضع نظام جديد لرد الاعتبار للمدرسة وتوفير ما يتم إنفاقه على الدروس الخصوصية وإذا ما تحققت هذه المعادلة فإن مجانية التعليم تتحول من سراب إلى واقع حقيقي.
ويضيف شحاتة أن الدولة بصدد البحث عن مصادر لتمويل النظام الجديد من أجل بناء المدارس الكافية، ولهذا فإن هناك اقتراحات لتنويع مصادر الإنفاق على التعليم وألا تتحمل الدولة وحدها هذه التكلفة، وذلك من خلال تدخل رجال الأعمال لبناء المدارس، ومساهمة أهل الخير من المجتمع المدني وتشجيع الأحزاب السياسية أيضا، وهناك بالفعل رجال أعمال قاموا بإنشاء مدارس تكنولوجية حديثة وملحقة بالمصانع، أيضا هناك دور مهم جدا للأوقاف الخيرية التي يوقفها أصحابها للإنفاق الخيري على المدارس.
وأخيرا تأتي السناتر أو مراكز الدروس الخصوصية التي يمكن أن تكون مصدرا تمويليا للعملية التعليمية، علما بأن تجريمها وإغلاقها في هذا التوقيت ليس قرارا صائبا، ذلك أنه علينا أن نقوم بإيجاد البديل أولا، وعلى أي حال يجب أن يكون هناك إشراف تربوي على السناتر من الوزارة ومراجعة العملية التعليمية بها وأن تدفع حق الدولة من الضرائب.
أيضا من الممكن أن تكون هناك دروس تقوية في المدارس تحت إشراف الوزارة وأن يختار الطلاب المدرسين الذين يريدونهم ومن المتوقع أن تدفع السناتر للدولة 20% من دخلها إذا تم ترخيصها، وفي المقابل يجب أن نهتم بالمعلم وأن يأخذ حقه كاملا، وأن نلتفت لمدرسي المدارس الخاصة الذين يتم هضم حقوقهم، حيث يتقاضى المدرس 700 جنيه فقط في الشهر وهو ما يدفعه لتعويض ذلك بالدروس الخصوصية، ومن جانب آخر فإن الصيغ الجديدة من المدارس ليس بها دروس خصوصية، مثل المدارس اليابانية حيث وضعت هذه المدارس البديل الحقيقي للدروس الخصوصية. ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بإنشاء هذه المدارس الحديثة بمقابل مادي معقول.
ميزانية الدروس .. كيف تدبرها الأسرة المصرية؟!
تعاني غالبية الأسر المصرية المتوسطة من المبالغ الطائلة التي ينفقونها يوميا على مأساة الدروس الخصوصية، وفي ظل الأزمات الاقتصادية التي نعيشها، تلجأ الأسرة المصرية لبعض الحلول والطرق لتدبير هذه الفاتورة المرهقة..في هذا الإطار التقت "الشباب" ببعض أولياء الأمور.. حيث يقول الحاج موسى المناعى: أنا لى 4 أبناء كلهم فى التعليم منهما اثنان فى الشهادات: شيماء بالثانوية العامة ومنة بالشهادة الإعدادية، وإثنان من الأولاد محمد وعلى واحد فى كلية التجارة جامعة القاهرة والثانى بطب عين شمس..ونحاول أن نعمل جمعيات لتدبير مصاريف الأولاد بالمدارس والجامعات، وبالنسبة للبنتين فإنهما يأخذان يوميا أكثر من 120 جنيها للدروس بخلاف تذكرة دخول السنتر ومصروف الإيد والمواصلات ونحاول أن ندير حياتنا بقدر المستطاع لأن الظروف المعيشية أصبحت صعبة فى ظل موجة الغلاء التى نعانى منها بعد ارتفاع الدولار.
أما الحاج منصورأبو قرين، موظف بالحكومة، فيقول: الأسر المتوسطة أصبحت تعانى مثلما تعانى الأسر الفقيرة ولكن بنسب متفاوتة والقروض والجمعيات هى الحل لأن المرتبات لم ترتفع بالزيادة التى تسد الفجوة القائمة، وأنا عندي 3 أبناء بالتعليم الإعدادى والثانوى والجامعة، وطبعا المصاريف كبيرة والمرتب لا يكفي، ولذلك يجب أن تبحث الدولة عن حل بديل لضمان تعليم مجاني حقيقي.
أما حنان عبد الله، محاسبة ببنك مصر، فتقول: عندى 4 أبناء منهم بنوتة زوجتها منذ فترة قريبة وكلفتنى أكثر من 200 ألف جنيه دبرتها من القروض والجمعيات، أما أبنائى الثلاثة هدى فى تانية ثانوى وتأخذ دروسا فى جميع المواد من أول يوم فى الدراسة، وأحمد فى ثانية إعدادى نفس الشىء يأخد دروسا خصوصية فى كل المواد، حتى مصطفى وهو بالمرحلة الابتدائية يأخذ دروسا خصوصية هو الآخر.. والست المصرية تقوم بدورها على الوجه الأكمل وتقف فى ضهر زوجها لأن المطالب كثيرة والدخل لم يعد كافيا وبالكاد نكمل الشهر بالعافية.
وتقول عزة أحمد، التي تعمل بإحدى شركات القطاع الخاص: عندي ولدان توأم بالثانوية العامة وأسكن بمصر الجديدة، ورغم ظروفى المادية المعقولة لكن المغالاة الشديدة فى أسعار الدروس أمر صعب ويجب أن تتوقف، فأنا أنفق على تعليم الولدين التوأم أكثرمن 20 ألفا على الدروس الخصوصية وأقوم بإعطائهما الدروس الخصوصية بالمنزل حتى يكونا تحت مراقبتى ومتابعتى لأننى لست مقتنعة بتعليم السناتر لأنها مضيعة للوقت بالاضافة إلى الأعداد الكبيرة بالحصة الواحدة، ولذلك فإن محاولة الوزير الحالى د. طارق شوقى تطوير المنظومة التعليمية يجب أن يلقى تشجيعا لأنه استحالة أن يظل حال التعليم فى مصر بهذا الشكل.
وتضيف سعاد إبراهيم، مدرسة بالتعليم الابتدائى : برغم كونى مدرسة لكننى أعانى الأمرين من الدروس الخصوصية، وممكن زملائى يجاملوننى بحكم الزمالة فى هذه المرحلة الإبتدائية لكن عندى ابن بالمرحلة الثانوية أرهقني ماديا بشكل كبير، بالإضافة لابنتى بالشهادة الإعدادية التى بدأت الدروس منذ شهر أغسطس وأقوم بتدبير حالى إما بالسلف أو بالجمعيات وأحيانا ألجأ للقروض وليس هناك طريق أمامى غير ذلك وأعتقد أن معظم المصريين بهذا الشكل وربنا يكملها بالستر.
التجربة الفنلندية والمناهج المصرية
تحتل مصر ترتيبا متأخرا للغاية في مجال جودة التعليم عالميا، للأسباب المذكورة في هذا التحقيق، وبحسب تقرير القدرة التنافسية العالمية لعام 2018، الذي أصدره المنتدى الاقتصادى العالمى فقد جاءت مصر في المرتبة 98 من بين 140 دولة، في حين جاءت عدة دول في الصدارة، من بينها فنلندا التي تقدم نموذجا فريدا في التعليم، فهي تعد الدولة الأولى فى القياس العالمى لجودة التعليم للأسباب الآتية: 1- احترام التعليم وجعله جزءا من الهوية والثقافة الفنلندية، 2- اختيار المعلمين بعناية فائقة وبشرط حصولهم على درجة الماجستير على أن يتم قبول 11% فقط من المتقدمين لوظيفة معلم وهذا يضمن أن يكون المتقدمون أكثر موهبة وحماسة للعمل بالتدريس،3- ساعات عمل أقل وراحة أكثر والاعتماد بشكل أساسى على العمق فى المضمون، والمدرسون يعملون 4 ساعات يوميا بالفصول، و20 ساعة أسبوعيا..
ونصف هذا الوقت يقوم فيه المعلم بإعداد المناهج الدراسية وتقييم الطلاب وتزداد اوقات الراحة لتصل إلى 75 دقيقة موزعة على اليوم الدراسى، 4- لا يتم الفصل بين الطلاب على أساس مستواهم التعليمى على أن يتم تصعيد المستوى التعليمى للأطفال المتأخرين دراسيا، 5- الارتباط الوثيق بين الطالب والمعلم بحيث يظل الإثنان 5 سنوات دراسية مع بعضهما البعض، 6- المساواة بين الطلاب فى الحصول على جودة تعليم متساوية فلا فرق بين غنى أو فقير كما أنه لا توجد تصنيفات مختلفة بين المدارس والكل يعمل وفقا لأهداف قومية واحدة.
وفي إطار سعيها لتطوير التعليم فقد تخلصت فنلندا من كثافة المواد الدراسية وقللت من كثرة الاختبارات والواجبات كما قضت على الدراسة المنزلية والدروس الخصوصية وتركز المواد التدريسية الفاعلة على تربية الطالب فى الجوانب التالية : التفكير الابداعى والضمير الأخلاقى والمهارات التواصلية والموهبة الخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.