لعل البعض لا يعلم أن تكلفة علاج المواطن المصاب بالتسمم "الممباري" الناتج عن تناول وجبات الفسيخ والرنجة الملوثة، ربع مليون جنية مصري (ما يقرب من 15 ألف دولار أمريكي)، ويُصاب الكثير من المصريين بهذا التسمم كل عام بسبب تناول الفسيخ والرنجة من مصادر مجهولة، خلال احتفالات عيد شم النسيم. والسبب في ارتفاع التكلفة أن علاج هذا التسمم يتم استيراده من دولة ألمانيا وبكميات قليلة، نظراً لتكلفته العالية جداً. وفي كل عام، تصدر وزارة الصحة المصرية تحذيراً للمصريين بالابتعاد عن تناول "الفسيخ الذي هو عبارة عن سمك البوري المجفف والمحفوظ بالملح بالطرق التقليدية التي توراتها المصريون عبر الأجيال منذ آلاف السنين". وحذرت وزارة الصحة من أن السمك المملح الفاسد الذي لم يُعد بطرق آمنة وصحيحة، قد يؤدي إلى نوع خطير من التسمم، يعرف باسم التسمم الوشيقي "البوتيوليني". وخلال هذا العيد يصاب المئات من المصريين بهذه الإصابات نتيجة التسمم الناتج عن الأسماك الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك، وقد يفضي في بعض الحالات إلى الموت. لكن غرفة أزمات الوزارة، أعلنت، الاثنين، أنها لم تسجل حالة تسمم واحدة حتى الآن، خلال هذه الاحتفالات. وأكد الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي للوزارة، أن غرفة الأزمات منعقدة على مدار الساعة لتلقي أي بلاغات والتعامل معها مباشرة، مشيراً إلى انتشار سيارات الإسعاف في الميادين والشوارع الرئيسية لتأمين احتفالات شم النسيم. وأضاف أنه تم رفع درجة الاستعداد القصوى بجميع مستشفيات الجمهورية، مشيراً إلى توفر جميع الأمصال المضادة للسموم في مستشفيات الجمهورية. وبالرغم من التحذيرات التي أطلقتها المؤسسات الصحية المصرية على مدار الأيام الماضية، لتجار الأسماك لمنع بيع الأكلات الفاسدة أو غير الصالحة للاستهلاك الآدمي، أعلنت الوزارة إعدام نحو 27 طن أغذية ما بين فسيخ ورنجة وملوحة وسردين لعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، وذلك خلال استعداداً لموسم شم النسيم. وقالت وزارة الصحة، إن التسمم يظهر بعد 12- 36 ساعة بعد التعرض للعدوى من تناول الفسيخ الملوث، يتبع ظهور التسمم زغللة فى العين وازدواجية فى الرؤية، بالإضافة إلى صعوبة في البلع، وضعف بالعضلات تبدأ بالأكتاف والأطراف العليا وتنتقل إلى باقي الجسم. كما يصاب المريض بجفاف بالحلق وضيق في التنفس وفشل في وظائف التنفس، التي من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة. أما التسمم الناتج عن الفسيخ والبكتيريا المسببة له فيعرف ب"التسمم البتيوليني"، وسعر الزجاجة الواحدة من المصل المضاد للتسمم 70 ألف جنيه، ويتطلب العلاج من 1 : 3 جرعات بتكلفة 210 جنيهات، ويتم استيراد هذا المصل عن طريق وزارة الصحة من ألمانيا. وسعر هذا المصل مرتفع، لأن الكميات المنتجة منه عالمياً قليلة جداً، كما أن حالات الوفيات بالتسمم البتيوليني تحصل لدى كبار السن فوق 60 سنة، لكن معدل الوفيات بالتسمم الممباري لدى البالغين انخفضت من 60: 16%. وقال الدكتور عمرو قنديل، رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة، إن تكلفة المصل الواحد لعلاج مريض مصاب بالتسمم الممباري الناتج عن تناول الفسيخ الملوث 210 آلاف جنيه، مشيراً إلى توفير 132 مصلاً بتكلفة 10 ملايين جنيه، لافتاً إلى أن المصل يتم استيراده من ألمانيا ومرتفع الثمن، لكونه يتم تصنيعه بكميات صغيرة في العالم، ويحتاج المريض الواحد من 1 إلى 3 أمبولات. ونصح عمرو قنديل، المواطنين بالذهاب للمستشفى في حال ظهور أي أعرض مرضية خلال 24 ساعة من تناول الفسيخ، مؤكداً أنه لابد من التوجه إلى أقرب مستشفى أو مركز علاج سموم فوراً لإنقاذ حياته. وأوضح الدكتور شريف وديع، مستشار وزير الصحة لشئون الرعاية الحرجة والعاجلة، أن المريض يستخدم من 1 إلى 3 جرعات، مؤكداً أن المصل المضاد للتسمم الممباري يتم استيراده من الخارج وثمنه مرتفع، لانه يحتاج إلى تكنولوجيا عالية في إنتاجه، لافتاً إلى انه تم توفيره في جميع المستشفيات بالجمهورية بما فيها المستشفيات الجامعية. وقال إن معدل الوفيات بالتسمم لدى البالغين انخفض من 60: 16% من مجموع المصابين خلال العشر سنوات الأخيرة نتيجة للتطور فى تقنيات أجهزة التنفس، لافتاً إلى أن معظم حالات الوفيات بهذا التسمم تحدث لدى كبار السن فوق 60 سنة.